الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"باول تسيلان".. شاعر منح كلمته للظل

باول تسيلان
"باول تسيلان"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحروب دائمًا تلد أجيالًا مشوهة، وهو ما وضح جليًا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، التي خيمت بظلالها السوداء المدمرة على جميع البلدان على سطح هذا الكوكب؛ لكن في الوقت نفسه خرج من تلك المأساة العالمية أجيالًا ولدوا من رحم اليأس والفقد، ليحولوا معاناتهم إلى إبداع يبقى عبر الأزمنة، من فنون وآداب.
من بين هؤلاء كان باول تسيلان، الذي كانت حياته من البداية إلى النهاية سلسلة من الأزمات العنيفة، كحال مجايليه ومنهم الشاعر الألماني هاينريخ هاينه الذي كان أحد شعرائه المفضلين. 
ولد تسيلان في رومانيا بتاريخ 23 نوفمبر عام 1920، لأسرة يهودية رومانية، تعلم الصبي الألمانية التي اتخذها لغةً لكتاباته، في سنوات شبابه درس الطب في فرنسا، وخلال الحرب العالمية الثانية، قُتِلت والدته برصاصة في الرأس، أما والده فقد قضى نحبه في أحد المعسكرات النازية، وبعد الحرب، أمضى فترة قصيرة في فيينا، ثم هاجر إلى باريس لينقل إلى اللغة الألمانية أعمال شعراء فرنسا الكبار من أمثال رني شار، وهنري ميشو، وأرتور رامبو، وفاليري، وغيرهم.
تأثر تسيلان في مجموعاته الشعرية الأولى بالشعراء راينار ماريا ريلكه، وتراكل، وهولدرلين، والشاعرة لاسكر-شولر؛ ثم نحت لنفسه شخصية شعرية ليصبح أحد أعلام الشعر الألماني في النصف الثاني من القرن العشرين. 
ربطت تسيلان علاقة حب مع إنجيبورج باخمان، والتي لم تدم لوقت طويل، وقد حاول الاثنان العيش معًا من جديد في وقت لاحق، إلا أن محاولتهما باءت بالفشل "لأننا لأسباب شيطانية مجهولة لا نستطيع التنفس ونحن معا" كما كتبت باخمان في رسالة إلى هانس فايجل.
وفي باريس تعرف تسيلان على الفناة جيزيل دو لسترونج، وتزوجها بعد عام واحد وتعاونا معًا في بعض الأعمال، إلى أن جاء جراء هذا الزواج إبنه "إريك"، بعدما فقدت لسترونج ابنا قبل عامين.
وفي عام 1960 ازدادت حدة الاتهامات غير لمبررة من جانب كلير جول أرملة الشاعر إيفان جول، تجاه تسيلان بأنه ينتحل ويسرق قصائد الشاعر الراحل، وكانت قد ربطت بينهما الصداقة وقام تسيلان بترجمة العديد من قصائده، وظلت تلك الاتهامات بالانتحال تلاحق تسيلان حتى آخر أيام حياته، كما أطلق على تلك القضية أيضا "قضية جول".
وقد أدخل تسيلان المشفى أكثر من مرة، لأنه اعتدى وهو في حالة جنون كامل على زوجته لوسترونج وأراد قتلها بالسكين، الأمر الذي أدى إلى الانفصال بينهما، وبعد سلسلة من الانهيارات العصبية، ألقى بنفسه في نهر السين في ليلة من ليالي شهر أبريل 1970، عن عمر ناهز 49 عامًا.