الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الصفقات الحرام" في أرض المعارك

داعش- صورة أرشيفية
داعش- صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب- مصطفى حمزة ووليد منصور ومصطفى كامل ونهلة عبدالمنعم
لم تقتصر الحرب الكارثية فى سوريا على إيقاع خسائر بشرية ومادية لا حصر لها، وإنما امتدت تداعياتها أيضا إلى استباحة أراضيها من كافة قوى الشر، وإبرام ما وصفه كثيرون بـ«الصفقات الحرام»، التى تهدد وحدة هذه الدولة العربية المنكوبة، وتمهد لتقسيمها، ما لم تحدث معجزة تنقذها من الخراب. وفى هذا الملف، نستعرض أبرز الصفقات المشبوهة، التى عقدتها الميليشيات والجماعات الإرهابية، وحتى الدول الإقليمية والغربية فى سوريا. ومنذ ظهور تنظيم «داعش» على الساحة، بدأت علامات الاستفهام الكثيرة تدور حوله وعلاقته بمن يدعى أنهم أعداء له، مثل الميليشيات الشيعية المختلفة فى العراق وسوريا ولبنان، والأنظمة التى تحرك هذه الميليشيات فى طهران ودمشق، ولكن مع مرور الوقت، ظهرت فى الأفق دلائل قوية على علاقة هذا التنظيم المشبوه بأنظمة طائفية، تستغل وجوده لتوسيع نطاق نفوذها وترسيخ بقائها وتهديد جيرانها.

«داعش» يستعين بـ«حزب الله» للخروج الآمن
هزائم «تنظيم الدولة» المتتالية أجبرته على مخالفة عقيدته بقبول تبادل الأسرى
250 إرهابيًا انتقلوا إلى «دير الزور» مقابل تحرير عناصر الحرس الإيرانى

رغم أن تنظيم «داعش» الإرهابى عرض عليه منذ نشأته العديد من الصفقات لتحرير الأسرى الذين وقعوا تحت قبضته سواء فى سوريا والعراق، إلا أنه بعد تعرضه للهزائم المتتالية، أجبر على اللجوء لما يخالف عقيدته القتالية التى بنى عليها خلافته الوهمية، وقام بإتمام العديد من الصفقات للخروج من الأماكن، التى يسيطر عليها، فى صفقة عرفت بصفقة «الشيطان»، والتى أجريت بينه وبين حزب الله الشيعى اللبناني، بانتقال أكثر من ٢٥٠ من عناصر داعش، عقب المعارك الضارية مع حزب الله ولاحقًا مع الجيش اللبنانى على الحدود اللبنانية السورية إلى مناطق التنظيم فى دير الزور شرقى سوريا، مقابل تحرير عدد من مسلحى ميليشيا حزب الله وعناصر الحرس الثورى الإيراني.
وتمت الصفقة فى منتصف ٢٠١٧، وسمحت لعناصر التنظيم بركوب حافلات والخروج إلى دير الزور، وشاهدها العالم أجمع فى فيديوهات بثت عبر مواقع «الإنترنت»، بالرغم من أن حزب الله كان من أشد المعارضين للتفاوض مع داعش بحجة رفض الخضوع لمنطق المقايضة والمبادلة، إلا أنه تورط فيما كان رافضا له.
ووصلت القوافل إلى نقطة تبادل فى شرق سوريا؛ حيث انتقلت الحافلات إلى أراض خاضعة لسيطرة التنظيم بموجب الاتفاق مع حزب الله.
وامتدت الصفقات لتشمل الفرقاء والأعداء الآخرين داخل سوريا، وكان هناك أيضا، صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين التى تمت بين «جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة، وحزب الله اللبناني، وجرى على إثرها إطلاق سراح ٢٥ شابًا تابعين للجبهة، و٥ سيدات أخريات مقربين منها، من بينهن العراقية سجى الدليمي، طليقة زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادى وابنتها «هاجر»، مقابل استعادة الحزب١٧ من مقاتليه كان قد تم اختطافهم من قبل «النصرة»، منذ أغسطس ٢٠١٤، جراء العمليات القتالية التى تمت بين الطرفين على الحدود اللبنانية السورية.
وبدأ حزب الله التفاوض مع «جبهة النصرة» منذ منتصف أغسطس ٢٠١٤، وعلى الرغم من أن أبو محمد الجولاني، زعيم «النصرة» كان يتوعد حزب الله كثيرًا لدعمه تحركات إيران فى الشرق الأوسط والدفاع عن مصالحها، إلا أنه وافق على إتمام الصفقة التى كان لقطر دور كبير فيها من خلال الوساطة بين التنظيمين، عبر مسئول كبير، كان رئيسًا لأحد الأجهزة الأمنية القطرية.
وبموجب الصفقة، تم الاتفاق على أن تكون منطقة «عرسال» الواقعة على الحدود، مكان عملية التبادل، التى شملت ٢٥ شابًا سوريًا، فى مقدمتهم حسين الحجيري، ونزار مولوي، وجمانة حميد، وسمر الهندي، وليلى النجار، وعلا العقيلي، زوجة على الشيشاني، الذى كان قائدا فى جبهة النصرة، ثم انضم لاحقا إلى التنظيم، وكان قد تم اعتقالهم جميعًا فى لبنان، مقابل الإفراج عن ١٧ عسكريًا يتبعون النظام اللبنانى وحزب الله، الذى كان يرفض تسليم حسين الحجيري، وسجى الدليمي «طليقة البغدادي».
وقد تمت الصفقة بعد عراقيل عدة، اتهمت «جبهة النصرة»، حزب الله بافتعالها لتعطيل إتمامها، حيث أصر الحزب على إدراج ٣ من عناصره فى صفقة التبادل، كانوا قد وقعوا أسرى بيد «جبهة النصرة» فى ريف حلب الجنوبي، وهم «محمد مهدى شعيب، وموسى قوراني، وحسين نزيه طه»، بالإضافة إلى أن الجبهة شككت فى وجود ضمانات جدية من قبل الطرف اللبنانى للالتزام بالصفقة، وتأمين ممرات آمنة للجرحى.

انتقال مسرح الغنائم الدولية إلى اليمن
أبناء البغدادى أعلنوا إقامة معسكرات تدريب جنوب البلاد
يبدو أن الأسوأ لم يقع بعد، ففى ظل الصفقات الدولية التى تنعقد ما بين الأطراف الفاعلة على كيفية انتقال أو نقل عناصر داعش من سوريا، بعد أن أدت دورها هناك، فقد تفتتت الدولة السورية، وكذلك الحال بالنسبة للعراق، التى نالها نصيب كبير من التخريب.
ومع الشواهد التى تم ذكرها عن قيام القوات الأمريكية بتسليح قوات البيشمركة الكردية بحجة محاربة الإرهاب، إلى أن تنامت شوكة الأكراد وطالبوا بالانفصال، وما بين الصفات والاتفاقات التى تمت على الذهب الأسود وحقول النفط السورية، يتبادر إلى الأذهان سؤال عن مستقبل تنظيم داعش الإرهابى، وما الأرض العربية التى سيدنسها التنظيم فى المستقبل؟
ويظهر الجنوب اليمنى مرشحا بقوة فى هذا الصدد؛ حيث يستحوذ على أغلب الثروة النفطية فى اليمن.
ويأتى هذا السيناريو الذى يلوح فى الأفق، خاصة مع الإعلان الواضح لـ«داعش» عن وجوده فى اليمن وتدريباته القتالية داخل المعسكرات، والصور الترويجية التى يبثها التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتبرهن التفجيرات الأخيرة لداعش فى اليمن، والذى كان يملك وجودا محدودا داخل الأراضى اليمنية فى بداية التناحر اليمنى إلى حدوث تكتيك مشبوه ينم عن زيادة عناصر داعش هناك، مما ينذر بأن المستقبل قد يشهد انتقال مسرح الغنائم الدولية من العراق وسوريا إلى اليمن.
ومما يزيد التوقعات بحدوث ذلك أن اليمن لديها تيار شيعي، يتمثل فى الحركة الحوثية التى تتناحر مع التيارات والفصائل اليمنية الأخرى، مما قد يثير الشهية الإيرانية لضرب استقرار المنطقة، ومع الثروة النفطية التى يمتلكها اليمن إلى وجود التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة، إلى جانب التناحر الطائفى قد تكون اليمن ملعبًا آمنًا للتنظيمات والأطماع الدولية.
وفى ظل التفاهمات الدولية على نقل عناصر داعش من الرقة، وتوفير ممرات لخروجهم من الحصار المفروض عليهم، فهل من الممكن أن ينتقلوا إلى اليمن لاستكمال مهامهم فى تفتيت المنطقة العربية بمساعدة الولايات المتحدة وإيران؟
وهذا السؤال أجاب عنه محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث أعرب عن مخاوفه من ازدياد عدد عناصر داعش فى اليمن لأن من شأن ذلك أن يهدد أمن الخليج العربي. ويعتقد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن قيام الولايات المتحدة بتمرير عناصر داعش من الرقة المحاصرة إلى جنوب اليمن، سيكون فضيحة كبرى، ومن الممكن أن يستغله أعداء الولايات المتحدة كإيران فى تمرير الاتفاق النووي، وذلك بحجة دعم الولايات المتحدة للإرهاب، وستخسر أمريكا علاقتها بأوروبا التى اكتوت بنار العمليات الإرهابية لداعش، لذلك فإقدام الولايات المتحدة على هذه الخطوة سيعد غباء سياسيا.
وأشار «صادق» إلى الصعوبات التى ستواجه تنظيم «داعش» فى حالة انتقاله إلى اليمن؛ لأن الوضع اليمنى شديد الاضطراب، فوجود التحالف العربى وتصارع الحوثيين وميليشيات على عبدالله صالح، قد يصعب من مهمة داعش فى اليمن مع الوضع فى الاعتبار الوجود القوى لتنظيم القاعدة فى اليمن، وأن الولايات المتحدة لن تدخل فى حرب أو تساعد أى طرف إلا بعد أن يسدد هو فاتورة نفقات القتال وذلك طبقا للسياسة التى نهجها الرئيس دونالد ترامب فى تخفيض النفقات الأمريكية.

علاقات مريبة بين «التنظيم الإرهابى» والولايات المتحدة
22 قيادياً إرهابيًا نقلتهم أمريكا من «دير الزور» إلى شمال سوريا
الدواعش يتركون حقل «العمر» النفطى دون قتال لصالح «القوات الديمقراطية»
استطاعت «قوات سوريا الديمقراطية»، السيطرة على حقل «العمر» النفطي، والذى يعتبر أكبر حقول النفط شرقى سوريا، بعد سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابى عليه.
وأثار انسحاب تنظيم «داعش» من الحقل النفطي، الذى سيطر عليه لبعض الوقت، الشكوك حول وجود صفقة مريبة، تمت بين الأطراف اللاعبة على الأراضى السورية، ومما يزيد الشكوك أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت سيطرتها على الحقل النفطي، وذلك دون خسائر، مما أثار التكهنات بوجود اتفاق ما بين الاطراف؛ حيث إن تنظيم داعش الوحشي، والذى ارتكب أفظع الجرائم الإنسانية منذ وجوده على الساحة الدولية، ما كان ليتخلى عن حقل نفطى بهذه الأهمية من دون اشتباكات ومعارك ضارية.
ويذكر أن حقل «العمر» النفطي، الواقع فى مدينة الزور السورية، ينتج حوالى ٣٠ ألف برميل يوميا، ويضم محطة لتوليد الكهرباء ومعملا للغاز.
الاتهامات الروسية
اتهمت السلطات الروسية، على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، أيجور كوناشينكوف، القوات الأمريكية، بأنها لا تعرف مع من أو ضد من تقاتل فى سوريا، وأضاف «كوناشينكوف» أن الصور التى نشرتها الولايات المتحدة عن سيطرتها على مواقع داعش خالية من أى آثار للاشتباكات أو القصف الجوى أو الهجوم المدفعي. كما اتهم السيناتور الروسي، أليكسى بوشكوف، الولايات المتحدة بأنها تستعمل تنظيم «داعش» الإرهابى لمصالحها الخاصة وأهوائها، وبعد أن تصل إلى أهدافها تقوم بالتخلص من أدواتها، واستطرد قائلا: «لم يعط أحد الحق للأمريكيين بالتواجد فى سوريا، فلم يفوضهم السوريون أو الأمم المتحدة»، وجاء ذلك ردًا على تصريحات وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، الذى قال إن الولايات المتحدة تعتزم إبقاء وجودها العسكرى فى سوريا حتى انتهاء مفاوضات جينيف.
وفى شهر نوفمبر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن «الولايات المتحدة تتظاهر بمحاربة الإرهاب فى الشرق الأوسط».
وأضافت الوزارة أن «سلاح الجو الأمريكى حاول عرقلة ضربات جوية روسية على داعش حول البوكمال فى سوريا».
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن «هذه الحقائق دليل دامغ على أن الولايات المتحدة، تتظاهر بمحاربة الإرهاب، ولكنها فى واقع الأمر تقدم غطاء لوحدات داعش».
وفى الرابع من أكتوبر الماضي، شنت وزارة الدفاع الروسية هجوما حادا على الولايات المتحدة الأمريكية واتهمتها بالضلوع فى حماية داعش، وتمكينه من القيام بهجمات إرهابية على القوات الحكومية المتواجدة على الحدود مع الأردن، وتوفير غطاء لها عن طريق القوات العسكرية الأمريكية التى تتمركز فى المنطقة نفسها.
واعتبرت روسيا أن الدعم الأمريكى لداعش فى سوريا هو العائق الرئيس أمام هزيمة تنظيم داعش.
وقالت السلطات الروسية إنها تمتلك الأدلة المصورة عن تحالف قائم بين القوات الأمريكية وتنظيم داعش.
ونشرت وسائل الإعلام الروسية، أن القوات الأمريكية نقلت حوالى ٢٢ قياديًا لداعش من محافظة دير الزور السورية إلى شمال الأراضى السورية. وتم تداول مقطع فيديو فى ٢٠١٥ أظهر مروحيات أمريكية كانت ترافق وتحمى سيارات تابعة لتنظيم داعش فى سوريا.
وأصدر الموقع الرسمى لـ«الحشد الشعبى الشيعى العراقي» بيانًا، أن طائرات أمريكية ألقت لهم سلاحًا حينما رفعوا علم داعش، وهو الأمر الذى لم تنفه أمريكا أو تعلق عليه.
ولعل من الشواهد على أن الولايات المتحدة تسلح الحركات الانفصالية جنبا إلى جنب مع التنظيمات الإرهابية، أن تنظيم داعش كان قد نشر فيديو استعراضيا عن أسلحة سماها التنظيم «غنائم»؛ حيث حصل عليها من القوات الأمريكية، وهو الأمر الذى اعتذرت عنه الولايات المتحدة بأنه خطأ، وادعت أنها كانت تقصد إلقاء هذه الأسلحة للمقاتلين الكرد لمساعدتهم فى حربهم ضد داعش. وكان هناك أيضا تصريح سابق من قائد قوات «البيشمركة» الكردية العراقية فى مدينة سنجار، فيصل خلكاني، قال فيه إن الطائرات الأمريكية كانت تتحاشى ضرب الطريق الدولى الرابط بين موصل العراق والرقة السورية «معقل داعش»، وأن قوات «البيشمركة» الكردية كانت تتابع نقل المؤن العسكرية والأفراد لداعش، لكنهم لا يستطيعون صدهم؛ حيث كانوا ممنوعين من التدخل العسكرى فى هذه المنطقة التى كانت تسيطر عليها داعش.