السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" تسلط الضوء على العلاقات الفرنسية المصرية.. عبدالرحيم علي: باريس بوابة مصر للثقافة الغربية.. أحمد يوسف: تاريخ مصر وفرنسا متشابه.. ومركز دراسات الشرق الأوسط بباريس عمل عظيم

ندوة العلاقات المصرية
ندوة العلاقات المصرية الفرنسية وأسرار ملف تمثال الحرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نظمت مؤسسة "البوابة نيوز"، مساء أمس الثلاثاء، ندوة تحت عنوان "العلاقات المصرية الفرنسية وأسرار ملف تمثال الحرية"، تحت رعاية الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مؤسسة "البوابة نيوز".

حضر الندوة كل من الدكتور أحمد يوسف، المدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، الدكتورة غادة عبدالرحيم مدير مؤسسة "البوابة نيوز"، الشاعر الكبير جمال بخيت، والعديد من أساتذة التاريخ المصري والفرنسي، إلى جانب مجموعة من المهتمين بالتاريخ والعلاقات بين البلدين.
وقال الدكتور عبدالرحيم علي، رئيس مجلس إدارة وتحرير مؤسسة "البوابة نيوز"، ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، إن المركز مع تبعيته لمؤسسة البوابة، هو في الوقت نفسه مؤسسة مستقلة طبقًا للقانون الفرنسي.
وأضاف خلال كلمته في افتتاح الندوة أن الدكتور أحمد يوسف، المدير التنفيذي للمركز، يتمتع بمعرفة موسوعية لتاريخ العاصمة الفرنسية، ولديه ميزة فريدة وهي الحكي الشيق باقتدار، ليضع في ذهن مستمعه المعلومة التاريخية بحيث لا ينساها أبدًا، حسب تعبيره.
وأكد أنه استغل وجود يوسف بالقاهرة ودعاه لإقامة هذه الندوة التي تتناول العلاقات المصرية الفرنسية، باعتبارها بوابة مصر إلى الغرب، مشيرًا إلى أنه لم يحدث تطور حقيقي في التاريخ الحديث إلا بانفتاح مصر على الغرب عن طريق فرنسا، التي أسهمت في الكثير من المعرفة الثقافية لدى المصريين حتى خلال الحملة الفرنسية، وكذلك عندما أرسل محمد علي البعثات العلمية من أجل نهضة مصر الحديثة.
وأشار على إلى أن "الانفتاح الحقيقي على الثقافة الأوروبية يبدأ من معرفة الثقافة الفرنسية"، مؤكدًا أن هذه الندوة هي بداية لسلسلة من المحاضرات الشيقة التي سيقدمها الدكتور أحمد يوسف.

فيما أعرب الدكتور أحمد يوسف، المدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس عن سعادته وفخره بمؤسسة "البوابة" التي وصفها بـ"الفتية والعريقة"، مُشيرًا إلى أن الدكتور عبدالرحيم علي "رجل عاشق للتاريخ، والسارد ليس له قيمة بدون المستمع "فهو الذي يعطي له الاهتمام.
وأشار إلى أن العلاقات المصرية الفرنسية متينة وتشمل الكثير من الجوانب "منها التفاهم السياسي والعلاقات العسكرية الممتازة، وهناك كذلك مستويات أخرى؛ مؤكدًا أن نظريته في التاريخ تقول إن التاريخ بين البلدين يكاد يكون واحدًا، وأن "التقاطعات بينهما أكثر من المتوازيات".
وأضاف الباحث المتخصص في دراسات الشرق الأوسط إلى أنه يُمكن دراسة تاريخ مصر في المائتي عام الأخيرين عن طريق دراسة تاريخ فرنسا، والعكس صحيح، موضحًا أن هناك ملفات كثيرة منها تمثال الحرية، وقناة السويس، والعلاقة بين الزعيمين عبدالناصر وديجول، كما أن هناك ملفًا كبيرًا اسمه جاك شيراك ومصر، والملف الأكبر هو السياحة الفرنسية في مصر.
وتابع: "اقترحت على الدكتورة غادة عبدالرحيم مديرة المؤسسة أن يكون في "البوابة" صالونًا ثقافيًا مصريًا، لاسيما أن مصر كانت تشهد ظاهرة الصالون الثقافي حتى حقبة الخمسينيات، وهناك أساتذة كبار من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وغيرهم يُمكنهم التحدث في هذه الموضوعات وغيرها".

وأشار يوسف إلى أن حديثه عن تاريخ تمثال الحرية كان موضوع ندوة أخرى حاضر فيها عام 2013 في شركة قناة السويس العالمية الفرنسية التي صارت واحدة من أكبر شركات قطاع الغاز والمياه والطاقة النووية في العالم، وبدأت بالتعويضات بالمبالغ التي دفعها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لمساهمي الشركة، وتعمدت أن تكون على الصورة الأساسية للندوة صورة التمثال الأصلي الذي يُمثّل الفلاحة المصرية.
بدأ يوسف حكايته عن تمثال الحرية بالحديث عن النحات الفرنسي أوجست بارتولدي، الذي قام بتصميم التمثال، لافتًا إلى أنه جاء إلى مصر مرتين، وفي كلاهما قام بتغيير تاريخ الفن في فرنسا، وكذلك تاريخ الفن الفرنسي في مصر.
وأضاف أن بارتولدي زار القاهرة للمرة الأولى عام 1855، ثم عاد ليزورها ثانية في نفس المركب التي حملت جوستاف إيفل مُصمم البرج الشهير في العاصمة الفرنسية، ورسام يدعى نرسيس برشان، وهو الذي قام برسم قناة السويس أثناء الحفر، وكافة الرسوم عن قناة السويس في وقت الحفر من أعماله، وكان معهم كذلك ليون بيلي وهو أيضًا رسام قام برسم مجموعة من الفلاحات المصريات، وفي إحدى لوحاته الكثير من العناصر التي ظهرت فيما بعد في تصميم تمثال الحرية.
وأشار يوسف إلى أن بارتولدي كذلك هو أول من قام بالتقاط صورة فوتوغرافية لمعبد الكرنك عام 1855 "وكانت أول صدمة حدثت له بسبب ضخامة أعمدة المعابد المصرية القديمة، ورغم وجود الأعمدة في الحضارات اليونانية والرومانية إلا أن هذا الحجم الضخم الذي صنعته الحضارة المصرية لم يكن قد رآه قبلًا "وهذا ما سيلعب فيما بعد دورًا هامًا في تمثال الحرية".
وتابع: "بارتولدي عاد لبلاده حاملًا أكثر من 300 صورة فوتوغرافية ورسم، لعبوا فيما بعد دورًا مهمًا لأعماله؛ وبعد عودته قرر ارتولدي أن يقوم بإنشاء تمثال يُمثّل الحضارة المصرية القديمة في فرنسا، كجزء من ولع الفرنسيين بتلك الحضارة بعد أن أهدت مصر إلى فرنسا المسلة الشهيرة الموجودة في ميدان الكونكورد في العاصمة باريس، وكان قد تم اكتشاف وفك رموز حجر رشيد بواسطة العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون، فأراد النحات الفرنسي وضع تمثال بحجم ضخامة أعمدة معبد الكرنك بجوار المسلة ".
وأضاف يوسف: "ظهر مشروع قناة السويس الذي دفعه للعودة إلى مصر في مارس من عام 1869، وهو العام الذي افتتحت في شهر نوفمبر منه القناة التي جعلت شهرة مواطنه ديليسبس تتخطى الآفاق، وكانت هناك أحاديث لوضع تمثال له عند مدخل القناة في بورسعيد".

وأشار إلى أن المصمم والنحات الفرنسي فكّر في وضع تمثال آخر عند مدخل القناة في مدينة السويس، وأن يقوم بعمله في مصر "وعرض بارتولدي المشروع بالفعل على ديليسبس، إلا أن الأخير رفض اقتراحه بدافع الغيرة، أو ربما لم يكن يريد لأحد مزاحمته في حب الخديو إسماعيل، ومن قام بمساعدته بالفعل هو مارييت باشا مؤسس المتحف المصري، الذي قدّم خدمات عديدة لمصر جعلت الخديو يُنعم عليه بلقب الباشاوية".
وأشار إلى أن الإمبراطور نابليون الثالث كان واحدًا من حُماة فرديناند دليسبس في مصر، لأن المهندس الفرنسي هو ابن خالة الإمبراطورة أوجيني زوجته "لكن في الوقت نفسه كان بارتولدي مصمم تمثال الحرية ذهب إلى الإمبراطور وطلب منه مساعدته في الحصول على موافقة الخديو إسماعيل لوضع التمثال في المدخل الجنوبي لقناة السويس، بعد أن دفع مهندس القناة والي مصر للرفض"؛ وأن الإمبراطور وافق على مساعدته، وهو ما جعله يُسافر إلى مصر قبيل أشهر من افتتاح القناة للحصول على موافقة الخديو".
وتابع: "هكذا استطاع النحات الفرنسي مقابلة الخديو ليعرض عليه ثلاثة مشاريع، أولها إقامة نافورة عملاقة في ميدان الإسماعيلية، الذي يُعرف الآن باسم ميدان التحرير، والثاني إقامة ضريح ضخم لتخليد محمد علي باشا جد الخديو، وكان من المقرر أن يكون في المنطقة الموجود بها حاليًا ضريح الزعيم الراحل سعد زغلول، أما الثالث فهو التمثال الذي اعتزم وضعه في مدخل القناة الجنوبي".
وأكمل: "طلب منه الخديو أن يكون التمثال بملابس فلاحة مصرية"؛ ليُقيم بارتولدي في منزل مارييت باشا في بولاق، وصنع ثلاث ماكيتات من الصلصال لعرضهم على الخديو، أولهم لفلاحة تحمل جرة، وأخرى تحمل شعلة، والثالثة كانت التصميم النهائي الذي وافق عليه الخديو، الذي كان مشهورًا بكرمه مع الفرنسيين تحديدًا، وشكّل لجنة ووضع لها ميزانية للإشراف على النماذج الأولية للتمثال "والنموذج الذي وافق عليه الخديو موجود الآن في متحف بارتولدي في منطقة الألزاس في فرنسا".

وأكد يوسف في ختام محاضرته أن الآثار المصرية في فرنسا هي سفراء لمصر في الخارج "فكل من يرى هذه الآثار المصرية بمتحف اللوفر يريد الذهاب إلى مصر"؛ ولفت إلى أننا كمصريين "لم نستطع أن نستغل سياسيًا الولع الفرنسي بمصر"، مؤكدًا أن الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي "قام بعمل عظيم بإنشاء مركز دراسات الشرق الأوسط في موقع متميز بجانب الشانزلزيه في العاصمة الفرنسية.
وشدد على أهمية العمل الذي يقوم به المركز، والذي تتسم إصداراته بالتنوع اللغوي بالفرنسية والإنجليزية.
فيما أكد الشاعر الكبير جمال بخيت في حديثه خلال الندوة أن مصر تمتلك آثار لو امتلكها أي بلد حول العالم لأصبح أغنى بلد في التاريخ، مضيفًا أنه لدينا ستة آلاف عام من الحضارة فرعونية لم نعلم عنها الكثير بعد "فهي تكشف المزيد من أسرارها حتى الآن.
وتساءل بخيت "هل طوال هذه السنوات لم تكن هناك فكرة مميزة أو شاعر بليغ؟"، مُشيرًا إلى أنه تم التركيز على ألف وأربعمائة عام فقط من تلك الحضارة العظيمة؛ مُشيرًا إلى أن عدم معرفة الشباب بتاريخهم "أنتج أجيالا لا تحترم التاريخ".
وأضاف: "شعرت بارتكاب جريمة عند دخولي مع أولادي عرض الصوت والضوء باللغة العربية بسبب سوء سلوك الشباب خلال العرض من استخدام فلاش الهواتف المحمولة وارتفاع أصواتهم خلال العرض، ما حرمنا من الاستمتاع بجمال العرض"؛ وأبدى أسفه لعدم وجود بعض الآثار المصرية المهمة في بلدها "فكيف يكون حجر رشيد أو القبة السماوية أو رأس نفرتيتي لا توجد عندنا في مصر وتحفظ في متاحف العالم، فهذه القطع الوحيدة والنادرة، والتي تعتبر جزءًا من تاريخنا وتاريخ الإنسانية، لا يجب أن تكون في متاحف أجنبية".
وأضاف: "شعرت بالحزن عند زيارتي لقناة السويس، ورأيت متحف ديليسبس يُعامل بمنتهى الفقر بالرغم من أنه شديد الأهمية لدرجة تؤهله لأن يصبح مزارًا للعالم كله، فكيف نعامل التاريخ بهذه الإهانة وهذا الإهمال؟".