الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

"مفاوضات البريكست".. الاختبار الأصعب أمام حكومة تيريزا ماى

 تيريزا ماي
تيريزا ماي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسود أجواء من الترقب والقلق على الساحة البريطانية في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرض لها رئيسة الوزراء تيريزا ماي من أجل إحراز تقدم في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي حول البريكست، حيث تتعرض ماي على الصعيد الداخلي لضغوط من مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مجلس الوزراء، لتوضيح ما تريد المملكة المتحدة الحصول عليه بعد "البريكست"، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة التجارية المستقبلية مع الاتحاد، وذلك قبل الموافقة على دفع فاتورة الانفصال.

وتواجه "ماي" معارك برلمانية مستمرة- بعدما فقدت الغالبية البرلمانية في انتخابات يونيو الماضي- حول مشروع قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي يرمي إلى إنهاء عضوية البلاد رسميا في الاتحاد، وتحويل القوانين الأوروبية إلى بريطانية.

أما خارجيا، فقد أعطى الاتحاد الأوروبي لماي مهلة أسبوعين لتلبية شروط الاتحاد المتعلقة بفاتورة الانفصال وحقوق المواطنين والحدود الأيرلندية، وذلك حتى يمكن بدء التفاوض حول العلاقات المستقبلية بين الجانبين خاصة في مجال التجارة.

وحذرها قادة الاتحاد الأوروبي من أن “الوقت يداهم” لحسم تلك القضايا وأن التأخير في الانتهاء منها يصعب من إحراز تقدما في المحادثات لبلوغ المرحلة التالية في ديسمبر المقبل.

وحتى الآن لم يحقق الجانبان سوى تقدم تدريجي حول حقوق المواطنين حيث قدمت ماي اقتراحات لضمان حقوق الأوروبيين الراغبين في البقاء في المملكة المتحدة بعد بريكست، وأعلنت أن بلادها ستتيح لمواطني الاتحاد الأوروبي البقاء في أراضيها بشكل قانوني عقب خروجها من الاتحاد، ويحق لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يقضون أكثر من 5 سنوات في المملكة المتحدة تقديم طلبات للحصول على إقامات دائمة، وهو ما اعتبره قادة الاتحاد بادرة إيجابية تنذر بإمكانية حسم هذا الملف.

أما فيما يتعلق بالتسوية المالية الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فلا يزال الأمر محل خلاف بين الطرفين حيث يطالب الاتحاد الأوروبي بريطانيا بالتزامات مالية تتجاوز نحو 60 مليار يورو، أي ما يعادل نحو 70 مليار دولار لإتمام عملية الخروج، إلا أن بريطانيا كانت ترفض هذه التقديرات وترى أنها مبالغ فيها.

وفي منتصف الشهر الماضي، صرحت ماي أنها لا تستبعد بشكل تام أن تصل "التزامات بريكست" إلى 60 مليار جنيه استرليني، وهو ما قد يضعها في مأزق حقيقي أمام الحكومة التي تواجه صعوبة في توفير المبالغ الإضافية خاصة في ظل التعهدات الحكومية بزيادة الدعم الاجتماعي للمواطنين لمواجهة الضغوط الاقتصادية وتراجع القوى الشرائية والنمو.

وبالنسبة للحدود الأيرلندية التي تشكل القضية الخلافية الثالثة في المفاوضات، فهي لا تزال محل خلاف حيث يقترح الاتحاد الأوروبي بقاء إقليم أيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي للكتلة الأوروبية بعد البريكست تجنبًا للعودة إلى حدود رسمية مع إيرلندا إلا أن هذا المقترح لم يلق قبولا من قبل بريطانيا لأنّه يفرض حدودا جديدة داخل حدودها.

ولم يتمكن الأوروبيون من إحراز تقدما حول هذه القضايا الخلافية خلال القمة الأوروبية التي عقدت في أكتوبر الماضي وتم إرجاء القرار إلى القمة الأوروبية المقبلة المقررة في منتصف ديسمبر القادم لتحديد ما إذا كانت المفاوضات قد أحرزت تقدما يسمح بالانتقال إلى المرحلة التالية في التفاوض.

والواقع أن مفاوضات البريكست تشكل اختبارا صعبا أمام حكومة تيريزا ماي وما يزيد من هشاشة موقفها الاضطرابات الداخلية التي تعرضت لها الحكومة عقب استقالة وزيرين من أعضائها، الأول وزير الدفاع مايكل فالون الذي استقال في مطلع نوفمبر الجاري بسبب فضيحة تحرش جنسي هزت الطبقة السياسية في البلاد فضلا عن إجراء التحقيق مع مقرب آخر من ماي هو نائبها داميان جرين لحيازته محتوى إباحي، وكذلك وزير الدولة للتجارة الدولية مارك جارنيير. ومما زاد من تفاقم الأوضاع أنه وبعد أسبوع تقدمت بريتي باتيل وزيرة التنمية الدولية البريطانية باستقالتها إثر قيامها بلقاءات غير معلنة مع مسئولين إسرائيليين.

وعكست استطلاعات الرأي الانخفاض الملحوظ في شعبية ماي وحكومتها واهتزاز صورتها أمام الرأي العام، حيث كشف استطلاع الرأي الذي أجرته منظمة "أوروب انترناشيونال" بداية الشهر الجاري انخفاض ثقة البريطانيين في مفاوضات "البريكست"، وكذلك في قدرة رئيسة الوزراء تيريزا ماي على التوصل إلى اتفاق جيد مع الاتحاد الأوروبي، حيث يظهر هذا الاستطلاع أن اثنين من كل ثلاثة أشخاص لا يوافقان على الطريقة التي يتم بها التعامل مع مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

كما كشف استطلاع آخر للرأي أجراه معهد "يوغوف" لقياس مؤشرات الرأي في بريطانيا في نهاية أكتوبر أن مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ارتفعوا بسبب عدم رضاهم على آفاق بريكست، حيث كشف الاستطلاع أن من صوتوا لصالح البقاء، ويدعون الحكومة إلى عدم اعتماد نتائج الاستفتاء، زادوا بما يفوق الضعف إذ انتقلوا من 14 في المئة إلى 30 في المئة.