الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فصل المقال فيما بين حسن البنا والخميني من الاتصال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أضافت الوثائق التى نشرتها المخابرات الأمريكية مؤخرًا دليلًا جديدًا يؤكد العلاقة الوثقي التى تربط بين تنظيمات الإسلام السياسى السنية والشيعية. 
وثائق «أبوت آباد» أظهرت كيف حرص أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة- السنى - على عدم القيام بأى أعمال إرهابية ضد النظام الإيرانى- الشيعى- بينما حرض ضد المملكة العربية السعودية ذات المذهب السنى الحنبلى.
قبل الكشف عن وثائق «أبوت آباد»- تحديدا فى أغسطس الماضى- شاهد الجميع كيف قام «بلطجى طهران القاطن فى جنوب لبنان»، الشهير بحسن نصر الله، بتهريب عناصر داعش من سوريا بباصات مكيفة بعد صفقة بين الملالى و«داعش». رغم أنه صدعنا طوال السنوات الماضية بأسطورة حربه ضد المشروع التكفيري - داعش - حليف أمريكا. 
فى إبريل الماضى تمكنت أجهزة الأمن المصرية من ضبط أسلحة إيرانية فى مزرعة بمحافظة البحيرة يمتلكها رجل أعمال إخوانى وهو ما أعاد إلى الأذهان التحالف بين الإخوان وحزب الله، أثناء أحداث ٢٥ يناير وما نتج عنه من اقتحام السجون المصرية وتهريب شخصيات إرهابية أُدينت أمام القضاء المصرى.
كما كشف حسن نصر الله فى خطاب قديم له أن الحزب أرسل مقاتلين له ليحاربوا مع مقاتلى القاعدة فى الشيشان، أعتقد أن تعليل الوقائع السابقة بأنها مجرد تحالفات سياسية وقتية يعد أمرا غير دقيق لأن هذه العلاقة الوثقي نتاج تطابق عقائدى بين الفريقين. فالإسلام السياسى كله ملة واحدة.. لا فرق بين سنى وشيعى فهما رفقاء وليسوا فرقاء.
ويمكن تفصيل ما سبق علي النحو التالي: يقوم الإسلام السياسى فى أزمنتنا الحديثة والمعاصرة على رفض أنظمة الحكم القائمة والسعى إلى إنشاء أنظمة بديلة لذا فالتناقض بين تنظيمات الإسلام السياسى كافة وبقية العالم هو تناقض رئيسى وإذا اختفي هذا التناقض الرئيسى تصبح الخلافات المذهبية واللغوية والجغرافية.. إلخ تناقضا ثانويا، وطبيعى أن مواجهة التناقض الرئيسى مقدم على الثانوى كما يقال فى الأدبيات الماركسية.
فيما يلى بعض الملاحظات والأمثلة التى تؤكد أنه لا فرق بين أسامة بن لادن وحسن نصر الله وأن الأصل هو تعاون حسن البنا، زعيم الإسلام السياسى السنى، والخمينى، زعيم الإسلام السياسى الشيعى، لأن الخلاف بينهما فى الفروع لا فى الأصول وفى الهوامش لا فى المتون: 
أولًا: عندما يقول حسن البنا: «الإسلام الذى يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه، والحكم معدود فى كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع». فنحن أمام «اعتراف كتابى» من الرجل أنه على مذهب الشيعة الإمامية وخارج على مذهب أهل السنة لأن كل كتب السنة اتفقت على أن الحكم والإمامة من الفروع وليس من العقائد.
ثانيًا: تتطابق نصوص البنا، الداعية إلى قلب الأنظمة القائمة مع نصوص الخمينى.. فإذا قال البنا فى الرسائل: «قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لأن الإخوان المسلمين لم يروا فى حكومة من الحكومات التى عاصروها ولا الحكومة القائمة ولا الحكومة السابقة، ولا غيرها من الحكومات الحزبية من يبدى الاستعداد الصحيح لمناصرة الفكرة الإسلامية». فإن الخمينى يقول: «الشرع والعقل يفرضان علينا ألا نترك الحكومات وشأنها والدلائل على ذلك واضحة فإن تمادى هذه الحكومات فى غيها يعنى تعطيل نظام الإسلام وأحكامه ونحن مسئولون عن إزالة آثار هذا الشرك».. وإذا كان الخمينى يقول: «نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلامية لأنه عند إمعان النظر فى ماهية أحكام الشرع يثبت لنا أنه لا سبيل إلى وضعها موضع التنفيذ إلا بواسطة حكومة لأن الحكومة هى وسيلة لتنفيذ الأحكام وإقرار النظام الإسلامى العادل»، فالبنا يقول: «هدفنا أن تقوم فى هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعى وتعلن مبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة الناس، وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعًا آثمون مسئولون بين يدى الله العلى الكبير».
ثالثا: عقب نجاح الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩م، زار وفد من الإخوان بقيادة يوسف ندا طهران لتهنئة الخمينى وعرض ندا مبايعة الإخوان له كإمام للمسلمين فطلب الخمينى، مهلة للتفكير ثم أعلن الدستور الإيرانى الذى نص على أن المذهب الجعفرى الإثنى عشرى هو مذهب الدولة مما يعنى رفض مبايعة الإخوان لكن اتضح فيما بعد أن الخمينى كان حريصا على «فارسية النظام» ودخول الإخوان يعنى غلبة العنصر العربى بدليل أنه قبل بيعة «إخوان إيران» له بايعوا المرشد الحالى خامنئى.. جدير بالملاحظة أيضاً أن خالد مشعل زعيم «حماس» السابق عندما ذهب إلى طهران عام ٢٠٠٩، عقب حرب غزة ليلقى كلمة فى البرلمان الإيرانى وصف خامنئى بولى أمر المسلمين.
رابعًا: كشف إبراهيم البيومى غانم، فى كتابه «الفكر السياسى للإمام حسن البنا» أنه عندما دخل المكتبة الخاصة للبنا ووجد أن الرجل نقل فكرة الهيكل التنظيمى للإخوان من الميليشيات الشيعية التى شاعت فى أواخر الدولة العباسية وأشار إلى أن النصوص التى وضع البنا تحتها خطوطا فى كتب التراث تكشف أن هيكل الجماعة التنظيمى مماثل لتنظيمات الشيعة الأوائل.
خامسًا: كان الزعيم الشيعى العراقى الراحل محمد باقر الصدر، يدرس فى حوزة النجف كتب سيد قطب المتأخرة مثل: معالم فى الطريق والظلال وغيرهما وكذا كتب محمد قطب كما وضعت طهران صورة سيد قطب على طوابع بريد إيرانية.
سادسًا: عندما أعلن خيرت الشاطر ترشحه لانتخابات الرئاسة وأثناء تحركاته الانتخابية –قبل أن يتم استبعاده- جلس مع ياسر برهامى زعيم حزب النور السلفى ووعده بتأسيس هيئة من شيوخ وفقهاء لمراجعة القوانين قبل إصدارها على غرار «مجلس صيانة الدستور» الموجود فى إيران.. وطبيعى فإن تطابق الفكرة ينتج تطابق فى تركيب المؤسسات.