وصل جثمان الفنان التشكيلي الجزائري شكري مسلي، الذي رحل عن عالمنا الإثنين الماضي، عن عمر ناهز 86 عامًا، من العاصمة الفرنسية باريس، ليوارى الثرى بمقبرة سيدي سنوسي بمدينة تلمسان الجزائرية.
ويعد الراحل واحدًا من المثقّفين الجزائريين والفنانين متعددي الثقافات، حيث نبع فنه من هويته الأمازيغية الممزوجة بالعربية، وواحدًا ممن شاركوا في ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وابتكروا طرقًا عديدة لمقاومته، كما كان مؤمنًا بضرورة التحديث في بناء الدولة والمؤسسات.
ولد مسلي في مدينة تلمسان التي عاش فيها طفولته قبل أن تنتقل أسرته إلى الجزائر العاصمة عام 1947، وتعلم الرسم مبكرًا هناك في مدرسة الفنون الجميلة على يد فنان المنمات محمد راسم، كما شارك في تلك الفترة في تأسيس مجلة "شمس" اليسارية الطابع والتوجّهات.
أسّس مسلي تنظيم "فوج 51" الذي حمل هذا الاسم نسبة إلى العام الذي أنشئ فيه، وضمّ أبرز الكتاب والمثقّفين في الجزائر، منهم الروائي كاتب ياسين، والفنان التشكيلي محمد ايسياخم؛ وانتقل إلى باريس ملتحقًا بـمدرسة الفنون التشكيلية فيها، وأقام أول معرض له عام 1956، لكنه انقطع مثل العديد من التشكيليين الجزائرين عن ممارسة الفن وانضم إلى صفوف "جبهة التحرير الوطني".
دخلت رموز الأمازيع وأساطيرهم في معظم أعمال مسلي، التي قدّمت تجريدًا حروفيًا ولونيًا يقترب من التعبيرية، وقد بدا ذلك انعكاسًا لموقف ثقافي وسياسي معًا، حيث أعلن مع الفنانيْن علي سيلام ومصطفى عدّان عن حركة فنية هدفها تكريس الهوية الأمازيغية.
استخدم مسلي تقنيات متعددة مثل الأكريلك والغواش والطباشير والحبر وغيرها، وتحاكي لوحاته طقوسًا من الحضارات الجزائرية القديمة مثل نداءات الحب وتعويذات الحظ، وتظهر تلك الرسومات والأيقونات المجرّدة بأشكال أنثوية في الغالب، في سياقه بحثه الدائم عن العلاقة بين المرأة والوشم وما تخبئ من دلالات وإشارات، ومنها لوحاته "أربعة في حمام"، و"حلم أحمر"، و"النهر"، و"ترقصن من أجلي".
هاجر الفنان إلى باريس في 1994، ومنذ ذلك التاريخ نظّم العديد من المعارض في الولايات المتحدة وإيطاليا وهولندا وفرنسا والمغرب إضافة إلى الجزائر.
