الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"قادمون يا عتيق".. كتاب يفضح جرائم "داعش" (ملف)

من القتل والذبح إلى تجارة الآثار

كتاب قادمون يا عتيق
كتاب قادمون يا عتيق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جلد ثلاثة عازفين.. وقطع رأس شاب صغير قُبض عليه متلبسًا بسماع الأغانى



يعتبر كتاب «قادمون يا عتيق» لمؤلفه «نوزت شمدين»، من أهم الكتب التى دافعت عن مدينة الموصل العراقية، معقل تنظيم «داعش» الإرهابي؛ حيث كشف أكذوبة «دولة العراق الإسلامية» التى يعتبرها التنظيم دولة «الخلافة» المزعومة، موضحًا حقيقة هذه العصابة التى قامت على أخذ إتاوات من قيادات أمنية فى عدد من المناطق، لا سيما الغربية منها ثمنا لعدم التعرض لوحداتها، وكان القادة يستعيدون ما يدفعونه من التجار بالاعتقال وإطلاق السراح، أو التهديد بالاعتقال.
كما أنهم كانوا يتقاضون نصف رواتب المنتسبين لديهم مقابل عدم التحاقهم بالخدمة، فضلًا عن تكتمهم على نسب الغياب، حتى وصلت نسبته إلى ٨٠٪، بالإضافة إلى حصولهم على نسبة لا تقل عن ٢٠٪ من كل مقاولة من أعمال المقاولات فى أى دائرة من الدوائر الحكومية، حتى قررت عدم تنفيذ أى مشروع فى «نينوى»، باستثناء المؤسسات الصحية والمدارس.
واستعرض الكتاب عددًا من الجرائم التى ارتكبها التنظيم فى الموصل، مثل تفجير المنازل، وتصفية أصحابها، خاصة بين أوقات صلاتى الفجر والمغرب، وعلى مقربة من نقاط التفتيش، وكان من بين الفئات التى استهدفها التنظيم التجار والقضاة والمحامين والصحفيين والعناصر الأمنية، والمواطنين الذين لا يملكون سوى شهادات ميلادهم، وكانوا يعتذرون عن ذلك بأن القتل تم عن طريق الخطأ، ثم تقيد كل جرائمهم ضد مجهول.
وأجاب فى مطلع كتابه عن سبب عدم تعاون أهل الموصل مع الأجهزة الأمنية؛ حيث قال إن القوات الأمنية عمدت إلى اتباع سياسة سحب الأسلحة الشخصية والمنزلية منذ العاشر من مارس ٢٠٠٨، واعتبروا من يحوز سلاحًا إرهابيًا، ويزج به فى السجن بحكم لا يحضره محام، بعد أن يتم انتزاع اعتراف تليفزيونى منه، مؤكدًا أن هذه الأجهزة كانت مخترقة، مما أدى إلى استهداف عناصرها وضباطها بشكل دائم.
ونقل عن الموسيقى أسعد عزيز -٦٠عامًا- أن الدواعش بدأوا حكمهم بحرب ضد الفن وتحريمه بمختلف أشكاله، فدمروا تمثال أشهر موسيقى عرفته الموصل، وهو الملا عثمان الموصلى، الذى كان منتصبًا منذ سنوات بعيدة أمام محطة القطار فى جانب المدينة الأيمن، وهو تمثال برونزى ضخم، بملامح مبتسمة بارزة، يقبض فى يده اليمنى على عصاه، وفى الأخرى على أسطوانة موسيقية، كما ألغوا دراسة الفنون الجميلة موسيقى وغنًاء ومسرحًا وتشكيلًا ونحتًا، مبقين على رسم الخط، وأقفلوا مكاتب الموسيقى والاستوديوهات والتسجيلات، ومنعوا إذاعة الأغانى والموسيقى فى المقاهى والسيارات والمنازل.
كما حدد التنظيم عقوبات للمدخنين والمتهمين بالزنى والسرقة والتجسس وغيرها من القضايا التى تنظرها محاكمه الشرعية، محددًا لكل منها عقوبة منصوص عليها، لكنه ترك أمر عقوبة الموسيقيين بيد القاضى الشرعي، فهو من يحدد عدد الجلدات تزيد أو تقل عن ١٠٠ حسب قناعته، وقد يتمادى ليصل بالعقوبة إلى أبعد من ذلك.
ورصد «عزيز» ٤ حالات من بينهم عازفان وصاحب تسجيلات صوتية وشاب صغير؛ حيث تم جلد الثلاثة أمام الناس فى أوقات متباعدة ومناطق مختلفة من الموصل بحجة قيامهم بأفعال الكفار، بينما تم قطع رأس شاب صغير بسبب القبض عليه متلبسًا بسماع الأغاني، وهذه التهمة ذاتها التى أدت إلى اعتقال خمسة آخرين خلال العام المنصرم لا يعرف عن مصيرهم شيء، بالإضافة إلى تدمير الآلاف من الآلات الموسيقية الوترية.
أما الاعتداء على الآثار فقد دمروها بالتفجيرات، وسرقوها من مئات المواقع الأثرية بدءًا من سور نينوى حتى تلة ريمة شمالًا، وسرقوا آلاف القطع وباعوها حول العالم.
وفضح المؤلف فى إحدى مقالات كتابه منهج «داعش» فى خيانة الأمانة، بعد أن تعهد أحد العناصر بتهريب شاب من حدود مناطق سيطرة التنظيم مقابل مبلغ من الدولارات لإنقاذ حياته، إلا أنه نقض وعده وسلم الشاب لتنظيمه، ليسجن ويجبر على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها، بعد أن ارتدى الزى البرتقالى الخاص بالتنظيم.
وتحدث عن الموصل التى فى خاطره؛ حيث كانت فى مقدمة المدن العراقية عقودًا طويلة لتتحول على يد «داعش» وبفعل الحروب العبثية المتلاحقة لنظام البعث إلى مدينة خنقها الإرهاب بوحشيته، فتراجع التعليم وتوقفت حركة الاقتصاد، وأحيلت دور السينما والمسارح إلى التقاعد، واعتقلت المرأة فى سجن المنزل، وصار الموت عقوبةً لأبسط مخالفة أو مجرد فكرة تغيير تخطر فى البال.
وهذا ما دعا لطرح سؤال فى مقال مستقل «هل ستعود إلى الموصل إن حل فيها السلام ذات يوم؟»، ليطرح العديد من السيناريوهات المتوقعة للموصل فى مرحلة «ما بعد داعش»، والتى كان من بينها دعوات انفصالها عن العراق بعد تجاهل بغداد للملفات الأمنية والاقتصادية فيها، ويتم التخطيط لمحافظة «نينوى» التاريخية لتنقسم إلى محافظات عدة على أساس عرقى وطائفي، إلا أنه عاد ليؤكد أنه سيعود إلى «الموصل» إن حل السلام بها.