الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعويذة الدينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت أيام قليلة على انتهاء منتدى شباب العالم ولكنى لازلت أذكر رئيس دولتى نٌصب أعينى فى أول جلسات المنتدى وهو يقول أن باستعلاء الشيطان سقط من مكانته وكأنه يؤم الناس خلفه داعيًا للتواضع الحقيقى والروحى.
ولم تكن تلك الكلمات بمنأى عن الأهداف السياسية والتنموية والاصلاحية المنوطة برأس الدولة ولكن لعلمه اليقينى بمدى علاقتها القوية بكل ذلك  فاستعلاء الشخص وانفصاله عن الآخر فى دائرة الأنا استعلاء المسئول وخلق الفجوة بينه وبين مرؤوسيه ما هو إلا فشلا فى كل عجلات الإنتاج والنمو والتنمية والعمل الجماعى والإصلاح الوطنى الذى يتطلب تجميع كل أنا فردية فى أنا الوطن.
ولكنى وقتها تذكرت سلوك المواطن المصرى مسيحيًا أو مسلمًا - بصفة عامة المواطن الشرقى الذى يأخذ من قرانه وانجليه كلمات بغبغانية يرددها وكأنها تعويذة أو حجاب بنكهة دينية تحرسه من الطريق والحسد وربما تعطيه مكانة أعلى من غيره الذى لا يحفظها بلسانه ويرددها بصوت عال 
وتجعل منه إمامًا وقسيسًا ينتقد الآخر فى سلوكه الدينى ويوبخه إذا لم يؤد الفرائض.
فبمجرد حفظه لكلام الله العظيم الذى أراد منا أن نفهمه وندركه ونمتصه روحيًا لنحيا سويًا دون خلاف ولا حروب ونتقبل بعضنا البعض تجعل منه فردًا فى جماعة النهى عن المنكر والأمر بالمعروف وهى كناية عن المعنى وليست الجماعة بصفتها وشخصها بالطبع.
لم يكن أبدًا فى أصول الدين الإسلامى أو المسيحي أن الحفظ وترديد الكلمات والآيات والتقليل من شأنهم -حاشا لله- هو الغاية من الأديان السماوية بل كان الحفظ فى الصدور والعقول والأرواح والأنفس هو الغاية.
ولأنه ليس درسًا دينيًا ننقده نحن وننٌصب أنفسنا دعاة أديان فهو دعوة بسيطة جدا لتغيير المفهوم حول السلوك الدينى المرتبط بقوة بكل التغييرات السياسية والاقتصادية .
فلا يمكن مثلا أن نجد فى الغرب مواطن عادى يقوم سلوك الآخر دينيًا ويحاسبه ويمطره بالهجاء إذا ترك صلاة الفجر أو قداس الأحد،   ولعل ذلك هو النضوج الدينى الذى وصل له الغرب ويُمدحون فى تلك النقطة لعلمهم أن ذلك ليس من مسئولية الأشخاص بل هو عمل الإله لا غيره.
وربما هو السر فى نجاحهم فى العمل والتقدم عن الشرق الأوسط وعدم تعطيل العلاقات البشرية التى يترتب عليها تعطيل العمل نظرا للضغائن التى تحدث نتيجة المهاترات الدينية حتى بين أبناء الدين الواحد واستماتة الطرف الآخر فى تقويم سلوكك ومحاسبتك والتدخل فى شئون دينية لا شأن له بها .
ماذا لو حفظنا كلام الله فى أدياننا فى قلوبنا وبدل من أن نجعل منه تعويذة صوتية عالية نتفاخر بها أمام الآخرون.. أن ندرك فحوى ذلك الكلام المقدس ونجعله تعويذة عملية ربما نلحق بقطار الدول المتقدمة.