الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

في ضوء اعترافات "المسماري".. لماذا ينجح الإرهابيون في استقطاب الشباب؟

الإرهابى الليبى عبدالرحيم
الإرهابى الليبى عبدالرحيم المسماري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحاكمية من «الفتنة الكبرى» إلى حرب الإرهاربيين.. و«دفع الصائل» لتبرير الهجوم على الجيش والشرطة
التنظيمات تسعى إلى استدراج الشباب بجميع الطرق وإغوائهم بدعاوى ضالة
تضمنت الاعترافات، التى أدلى بها الإرهابى الليبى عبد الرحيم المسماري، الذى أقر بمشاركته فى حادث الواحات، إشارة إلى نجاح مجموعته الإرهابية فى استقطاب مجموعة مصرية، كانت تقيم فى الواحات، وعملت لأشهر على توفير الدعم اللوجستى للإرهابيين القادمين من ليبيا.
وكان هذا الدعم عاملا رئيسا فى نجاح الجماعة الإرهابية الليبية فى العيش داخل منطقة الواحات لما يقرب من عشرة أشهر، قبل حادث الواحات نهاية أكتوبر الماضي، الذى أسفر عن استشهاد 16 ضابطا ومجندا، إضافة إلى الدليل البدوي.

الاعترافات التي أدلى بها المسمارى تطرح عدة أسئلة أهمها التساؤل التالي: لماذا ينجح الإرهابيون فى الاستقطاب؟
المراقب لخطاب الإرهابيين بشكل عام بمن فيهم «المسماري» نفسه يلتقط استنادهم الكامل على الآيات القرآنية والمصطلحات الدينية حتى لو كانوا يوظفونها بصورة خاطئة، إلا أن هذه المصطلحات يبقى لها دور مهم فى استقطاب الحالمين بدولة الخلافة والساعين لتحقيقها. ومن خلال اللقاء الإعلامى الذى ظهر فيه «المسماري» مع الإعلامى عماد الدين أديب على فضائية «الحياة»، ردد الإرهابى الليبى بعض المصطلحات مثل دفع الصائل والحاكمية، القانون الوضعي، الشهادة فى سبيل الله، لاسيما مصطلحات الحاضنة الشعبية والخوارج.
■ ما هو الصائل وماذا عن دفعه؟
لغويًا الصائل هو الاعتداء على الآخر (ماله عرضه أو نفسه) وفى هذه الحالة يجوز رد هذه الاعتداء ليعرف بـ«دفع الصائل». وتستخدم الجماعات الإرهابية هذا المصطلح لتبرير عملياتها الإرهابية إذ تزعم اعتداء الحكومات عليها ومن ثم يجوز دفع اعتدائها.
ويستشهد الإرهابيون فى ذلك بالآية القرآنية من سورة البقرة: «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِين)، ومن السنة قولُه - صلى الله عليه وسلم – «مَن قُتل دون دِينه فهو شهيد، ومَن قُتل دون أهله فهو شهيد».
ومن باب فرض الوصاية على المجتمع وسعت التنظيمات الإرهابية هذا المصطلح ليكون رد أى اعتداء بما فيه الذى يقع على غيرها وليس عليها هى نفسها، بحيث ينفذون عملياتهم الإرهابية ويبررون منطقها بأن ظلم ما وقع على مجموعة ما تطلب التدخل منهم، متغاضين عن هل من حقهم التدخل أم لا وهل وقع ظلم فعلًا أم هذا الظلم لا يوجد إلا فى فهمهم فقط؟. واستندوا فى ذلك إلى الحديث النبوي: «انصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قيل: يا رسول الله، انصره إذا كان مظلومًا، أفرأيتَ إن كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه عن الظلم، فإن ذلك نصره، وقال أيضًا: مَن أُذِل عنده مؤمن فلم ينصُرْه وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله على رءوس الأشهاد يوم القيامة».
وراج هذا المصطلح مع إعلان تنظيم «داعش» عن دولته المزعومة فى يونيو ٢٠١٤، إذ كان القائمون على التنظيم يتعمدون الإفصاح عن منهجهم بغرض استقطاب مزيد من المتطرفين، فظهرت مصطلحات من بينها «دفع الصائل». واستفاض التنظيم وقتها فى التعريف بهذه المصطلحات إذ خصص قنوات ومنابر إعلامية كاملة تابعة له لشرحها وتوضيح أسانيدها الشرعية.

الحاكمية

يعتبر هذا المصطلح أحد أهم موضوعات الجدال الذى تعانى منها الأمة الإسلامية، إذ يمثل مصدر إزعاج فى ظل تعدد الطوائف الدينية ومعها تعددت تعريفات الحاكمية. لكنها فى المجمل تعتبر أساس إقامة أى تنظيم حالم بدولة إسلامية ويرفع راية «تحكيم شرع الله». ويعتمد المعتقدون فيها على الآيات القرآنية: «إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون» وقوله: «والله يحكم لا معقب لحكمه»، وقوله «إن الله يحكم ما يريد» وقوله «ولا يُشرك فى حكمه أحدًا» وقوله «أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون»، «وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله»، لاسيما الآية القرآنية: «وإن أطعتموهم إنكم لمشركون».

وظهر مصطلح الحاكمية فى الخلاف بين على بن أبى طالب ومعاوية ابن أبى سفيان، وتحديدا عقب واقعة رفع جيش معاوية المصاحف على أسنة الرماح، إذ رأى على فى الواقعة خدعة لكسب الوقت من قبل معاوية، فيما رأى جزء من جيش على أن الواقعة غرضها الاحتكام لكتاب الله. ووقع الخلاف بينهم فى تفسير الواقعة لينطق وقتها على بعبارته الشهيرة «هذا كتاب الله بين دفتى المصحف صامت لا ينطق ولكن يتكلم به الرجالأى أنه يخضع لتفسيرات البشر.

القانون الوضعي
خلال لقاء المسمارى تطرق إلى مصطلحات منها القانون الوضعى فى إشارة إلى القوانين التى تحكم بها مصر ويراها الإرهابيون متناقضة مع شرع الله. والقانون الوضعى هو المقابل لمفهوم الحاكمية ويشير إلى كافة الدساتير والقوانين بما فيها التى تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الأول للتشريع. والمتبنيين لهذا الرأى يرون أن هذه القوانين الوضعية إلى الزوال والبقاء سيكون للنصوص القرآنية فى حالتها الأولى دون تفسير أو معالجة عقلية.

الحاضنة الشعبية
يقصد بها التعاطف الشعبى مع التنظيم الإرهابى أو الجماعة، بحيث يكون سكان المنطقة التى خرج منها التنظيم ويعيش فيها متضامنين معه ويستقبلهم على أرضه. ويصعّب هذا الوضع القضاء على أى كيان إرهابى إذ سيتحول المدنيون العاديون إلى إرهابيين يحملون السلاح ويدافعون عن تنظيمهم.
وتوافرت هذه الحالة لتنظيم «داعش» الإرهابى فى أول ظهوره، إذ استغل التنظيم الحالة المتردية التى يمر بها سنة العراق ليستخدم مظلوميتهم ويعدهم بدولة تقام على رفات الشيعة وهو ما وافق عليه أغلب السنة قبل أن يكتشفوا أن الدولة المزعومة ما هى إلا ظالمة تصفى حتى أنصارها إذا ما أعلنوا عن انتقادات لها.
الحاضنة الشعبية أيضًا توافرت للكيانات الإرهابية فى ليبيا وسوريا إذ يقوم أغلبها على مظلوميات القوميات أو التجمعات، ولهذا السبب تخوف المراقبون من تحول بورما إلى حاضنة شعبية جديدة للإرهاب بعد اضطهاد مسلمى الروهنجا.
الخوارج
هو مصطلح قديم لكنه تم تجديده مع الجماعات الإرهابية التى ترى أن كل مختلف معها خوارج وهو المصطلح الذى يعنى مفهوم تكفير الغير وإخراجه من الدين ومن ثم يحل دمه.
والخوارج هم من يشقون صف الأمة ويختلفون معها على غير حق، كما حدث فى واقعة الفتنة الكبرى، ويبرر الإرهابيون تصنيفهم للمختلفين معهم بالخوارج بأنهم من يملكون الحق وأى مختلف معهم يعنى اختلاف مع الحق والصواب، ومن ثم قتلهم يعنى تخليص الأمة من خطرهم.
ويرتبط مصطلح الخوارج بكل التنظيمات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة، إذ استخدمه تنظيم القاعدة و«داعش» لاسيما باقى التنظيمات الصغيرة، التى حلمت بدولة إسلامية، وصدمت بواقع أمنى محكم.