الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الأسماء المستعارة" و"الكُنية".. هوس العظمة عند التكفيريين

خالد الاسلامبولي
خالد الاسلامبولي واسامة بن لادن وابو بكر البغدادي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يجعل نظام التسمية فى «داعش» من الصعب على جهات إنفاذ القانون تعقب مقاتلين أجانب معينين، فبالنظر فى الألقاب التى يطلقها الإرهابيون على أنفسهم، فإنهم ينقسمون إلى نوعين، منهم من يكون له مرجع ديني، ملتمسين فى ذلك ما نقله ابن مالك عن الرسول: «سمّوا باسمى ولا تكنوا بكنيتي»، إضافة إلى أن هذه النماذج تقتدى ببعض قيادات المسلمين فى عصر الإسلام، وهناك ما هو حركى وتلجأ إليه التيارات والجماعات الإسلامية للتمويه والتخفى عن أعين أجهزة الأمن.

ومن أبرز الكنيات فى جماعات الجهاد إطلاق اسم ظافر على قاتل السادات فى ١٩٨١، خالد الإسلامبولي. إذ يكن لهم مدلول للكنية التى يطلقونها على أنفسهم، فمن الممكن أن تشير الكنية إلى الشجاعة والبسالة فى القتال، أو البُشرى والتفاؤل بصاحب الاسم الأصلي، أو مشهود لصاحبها بالإقدام ودحر الأعداء كأسماء «أبوسليمان» كنية خالد بن الوليد وأبوالقعقاع «القعقاع بن عمرو التميمى الذى قيل إن سيفه بلغ ٤.٨٠ سم وشهد معركة القادسية واليرموك وغيرهما من معارك المسلمين فى عصر الفتوحات الإسلامية».
وقد يستخدم الإرهابيون كنية ترتبط بحدث معين أو نسبة إلى أكبر أبنائه مثلما كان يفعل الصحابة ومنهم سيدنا عمر الذى يكنى بـ«أبو حفص»، وأبو قحافة، وكأبوسفيان وأبوالحسن وغيرهم. كما تلجأ جماعات الإخوان وغالبية التيارات الإسلامية إلى الكنية كالقيادى فى الجماعات الإسلامية ناجح إبراهيم الذى يكنى بـ«ناجح أبوالفضل»، وأسامة حافظ «أبوالعباس» تيمنًا بصحابى رسول الله، والقيادى رفاعة طه «أبوياسر»، رئيس مجلس الشورى السابق للجماعات الإسلامية الذى لقى حتفه فى سوريا خلال مهمة توحيد جبهتى النصرة وأحرار الشام فى سوريا.
فيما يرى بعض الباحثين أن الكنية ما هى إلاّ عادة لجأ إليها التكفيريون، ينتسبون فيها إلى المسلمين الأوائل أو مشاهير الصحابة، أو حتى إلى البقاع والبلدان التى جاءوا وانحدروا منها، فمثلا استخدام لقب «الكناني» من قبل بعض التكفيريين فى مصر، هو تعبير يشير إلى أرض مصر التى تسمى بكنانة الله فى الأرض.
وبحسب إدارة الجودة العلمية والتطوير بمركز أبحاث مكافحة الجريمة السعودي، فإن التنظيمات الإرهابية تسعى إلى استدراج الشباب بجميع الطرق وإغوائهم بدعاوى ضالة ومنحهم مكانات ومراكز وألقابا مفخمة تشعرهم بأهميتهم، وأن الشباب يصدقون ذلك ويصبحون أدوات بأيدى المتطرفين يوجهونهم للتدمير والتفجير. إذ يساعد غياب الدعاة فى الأسرة والمدرسة على سهولة إغواء الشاب بألقاب ومسميات تشعره بالعودة إلى عهد الصحابة ومدى أهمية دوره كجهادي.

ويميل الإرهابيون إلى الابتكار فى اختيار ألقابهم. أحيانًا ما يختارون أسماء الصحابة التى تحمل قوة روحانية. لهذا هناك أسماء مثل أبوعمر وأبوحمزة، وأشهرها كنية زعيم التنظيم أبوبكر. كذلك يستخدم المقاتلون أسماء جهاديين بارزين مثل أسامة بن لادن (أبوأسامة) أو مقاتلين قتلوا فى الشيشان، كما يلجأ آخرون إلى الكنية طمعًا فى الترقية؛ إذ يقدمون على اختيار أسماء تعتمد على أكثر أسماء الحرب الإسلامية التى تُعبّر عنهم ليصبح هناك أبوجهاد وأبوشهيد وأبومجاهد، ومنهم من لقب نفسه بـ«أبوالبغدادي»؛ نسبة إلى زعيم تنظيم داعش «أبوبكر البغدادي»، ومثل تلك الأسماء غالبًا ما يتخذها قادة الصفوف الوسطى فى التنظيمات الإرهابية.
لم يقتصر الأمر على أسماء مستعارة يطلقها الإرهابيون على أنفسهم، بل تخطى ذلك أن سجلوا أبناءهم الذكور فى شهادات الميلاد بهذه الأسماء. فروى أحد سكان مدينة الموصل، أن طفلًا عمره ١٢ عامًا واسمه «أبوعبدالله»، وكان نجل أحد العناصر الإرهابية بالمدينة وأطلق عليه أبوه هذا الاسم.
وبالنسبة لكثير من المقاتلين الأجانب، فإن الجزء الثانى من اسمهم يحدد المنطقة أو السكان الذين يرتبطون بهم، لذا أحيانا ما يتخذون أسماء ترجع إلى بلدهم الأصلي.
على سبيل المثال، اتخذ ألمانى من أصل إفريقى اسم أبوطلحة الألماني، واختار مهاجر بوسنى حصل على الجنسية الأمريكية قبل مغادرته إلى سوريا باثنى عشر يومًا أن يحمل لقب الأمريكي.
فيما يفضل مقاتلون آخرون إبراز هويتهم العرقية على اسم الدولة التى يحملون جنسيتها. على سبيل المثال، أبوصفية البوسنى هو مواطن صربى من أصل بوسني، وأبو قاسم البرازيلى هو مواطن بلجيكى فلامندى هاجرت والدته من البرازيل. واختار بعض مواطنى كوسوفو أن يحملوا لقب الألبانى بدلا من كوسوفى، ليعكسوا الخلافات العميقة حول الهوية فى البلقان.

وتعد اللغة أيضًا من العوامل المتغيرة، إذ يفضل كثير من المقاتلين الأجانب من دول شمال إفريقيا مثل تونس والجزائر أن يُنسبوا إلى اللغة التى يتحدثون بها، الفرنسي، لتمييز أنفسهم عن العرب الآخرين.
ويمكن أن يستخدم الجزء الثالث من الاسم للإشارة إلى الانتماء القبلى ولكن لأسباب مختلفة. إذا كان المقاتل الداعشى منحدر من قبيلة تناهض «داعش» فى الأغلب، قد يستخدم اسم قبيلته، مثل قبيلة شمر فى دير الزور والحسكة، إما لإظهار تفرده أو لمضايقة قبيلته. وإذا انحدر المقاتل من قبيلة منتشرة فى عدة دول شرق أوسطية، قد يستخدم اسمها فى لقبه ليشير إلى انتمائه لها.
ونظرا لأن المقاتلين يختارون الأسماء بأنفسهم، يمكنهم تزييف هوياتهم عمدًا. على سبيل المثال، أطلق مقاتلون غير شيشانيين يتحدثون الروسية على أنفسهم لقب الشيشاني. وظنوا أن ذلك سيحقق لهم احترامًا أكبر بسبب اشتهار المقاتلين الشيشان بالقوة فى سوريا.
تُلقى مثل تلك المسميات الإقليمية أيضًا بثقلها على المقاتلين المحليين، فى سوريا، يستخدم مقاتلو «داعش» المحليون ألقابًا عامة مثل الشامي.
ويتسم أفراد هيئة تحرير الشام فى سوريا ومقاتلو «داعش» المحليون فى العراق بميلهم للتحديد واستخدام ألقاب تشير إلى بلداتهم ومناطقهم، مثل الفالوجى والأنباري.
وحتى فى قتالهم من أجل الخلافة، التى من المفترض أن يكون فيها الجميع سواسية وفقًا لموقف التنظيم الرسمي، لا يزال المقاتلون يتمسكون بهوياتهم الأصلية وانحيازاتهم السياسية.
ويعد اختيار اسم حرب مستعار فريد فى سوريا مهمة ليست سهلة. ينتشر اسم أبوبكر إلى درجة أن هناك الكثير من حاملى كنية أبوبكر يقاتلون فى جميع أنحاء الجبهة.
وإذا كان أفراد هيئة تحرير الشام يستخدمون، أحيانًا على الأقل، أسماءهم الحقيقية أو أسماء أبنائهم فى كُنياتهم، فإن أفراد «داعش» يسعون إلى إخفاء هوياتهم باستخدام أسماء مستعارة ويغيرونها عندما يتنقلون بين البلدات أو يغيرون الوحدات.
يزيد ذلك من صعوبة اختيار الاسم. ووفقًا لمقاتل أجنبى سابق فى «داعش»، عندما هرب من التنظيم كانوا يبحثون عنه بكنيته.