اعتادت الحاجة بدرية على سماع صوته، صباح كل يوم، وتحضير الفطور معه على المنضدة، وملامح البهجة لا تفارقهما، دائم الحديث عن حياته العملية والتفكير فى المستقبل، وكانت تخشى كثيرًا من اللحظة التى يفارق فيها الحياة، ويتركها وحيدة فى مواجهة صعوبات الدنيا، خاصة أنها لم تشعر بالأمراض التى عانت منها فى الحياة معه، ولكن عقب رحيله عن الدنيا، شعرت بقسوة الوحدة.
فبعد أن كانت تستيقظ يوميًا والبهجة على وجهها، تبدل الوضع وظهرت تجاعيد الوجه، وسكنت الدموع جفونها، ومنها تحولت إلى امرأة عجوز، تعيش وحدها فى منزل إيجار جديد بمنطقة حلوان، وتدفع شهريا ٤٠٠ جنيه، وإذا لم تتمكن من الدفع، ستشرد فى الشوارع وتعيش وسط ذئاب الليل، وتأوى مع الكلاب والقطط، تلك المرأة التى تبلغ من العمر ٦٣ عامًا، لديها معاش ٧٤٩ جنيها، لا يكفيها حياتها المعيشية وسد احتياجاتها، وكل ما تتمناه هو الحصول على شقة من الوحدات السكنية التى أعلنت محافظة القاهرة ووزارة الإسكان عن توفيرها للأرامل.
تقول الحاجة بدرية شحاتة: إن حياتها تحولت إلى ضباب يعتم الرؤية عن متعتها بالحياة، فلم تكن تتوقع أن يكون فراق زوجها أقوى من الأمراض التى تسكن داخلها، وفى نبرات حزن كادت تسيل منها الدموع، تستكمل: «عندى السكر والضغط ومعاشِى مش بيكفيني، يدوب بجيب العلاج، وبدفع الإيجار.. ومليش حد يقف جنبي.. كل اللى عاوزاه شقة من شقق وزارة الإسكان، أعيش فيها وماحدش يضايقني»، هكذا تحول حال الست الستينية من حالة الترفيه والتمتع بلذة الدنيا مع زوجها إلى حالة الغربة وحيدة وسط قسوة وصعوبات الحياة.
