الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الوجه الآخر لماليزيا" يروى أسرار النهضة الماليزية

كتاب الوجه الآخر
كتاب الوجه الآخر لماليزيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«البيت المفتوح».. ولائم تقيمها الأسر المسلمة فى عيد الفطر وتفتح بابها للزائرين
الشعب عبارة عن طوائف لا يجمع بينها دين ولا جنس ولا لون ولا لغة ولا شكل ولا ثقافة مشتركة



يستعرض الكاتب الصحفى إسلام المنسي، فى كتابه «الوجه الآخر لماليزيا» الجوانب المختلفة للدولة الماليزية. واعتمد الكاتب على الوصف والمشاهدة فى عدد من الفصول، إلا أنه لا يلبث أن ينقل عن الكتب والصحف الماليزية، ويسهب فى وصف واقع الدولة بأسلوب أقرب للعلوم السياسية منه إلى أدب الرحلات فى الفصول الأخيرة منه، ويشرح الكتاب طبيعة الحياة السياسية فى ماليزيا وهو مهم للقراء والباحثين والمهتمين بالشئون الآسيوية والتعرف على طبيعة الشعوب الأخرى. 
تتميز لغة الكاتب بالبساطة والانسيابية، ويتضمن الكتاب معلومات غزيرة، وجزء منه مشاهدات شخصية، وغرابة وطرافة بعض معلوماته والتنوع الشديد لموضوعاته التى تلبى مختلف أذواق القراء.
ويحكى "المنسى" فى مقدمة الكتاب أنه تعلم اللغة الماليزية بعد رحلته، وأضاف لمادة كتابه مواد مترجمة ساهمت فى إضفاء مزيد من الأهمية لعمله، خاصة وأنه سافر بنفسه إلى هناك وبذل مجهودا كبيرا خلال هذه الرحلة لإنتاج عمل قيم يستحق القراءة، وتتوزع موضوعاته على ١١ فصلا:
الأول يحكى عن ماليزيا كدولة، حيث يقول الكاتب «إن ماليزيا.. تلك المملكة الآسيوية الساحرة التى جمعت حضارات أكبر قارات الدنيا ووضعتها فى إناء واحد، تجد فيه عبق زهورها، وتوابلها، وألوانها، وأشكالها، وألسنتها، وثقافاتها؛ لم يمتزج أحدها بالآخر بل احتفظ كل منها بطبيعته، فتجد ناطحات السحاب التى تطل على الغابات الاستوائية الكثيفة، وبداخل الغابات يعيش سكان الأكواخ البدائيون، ستجد السلاطين فى قصورهم يستعدون لانتخابات اختيار الملك الجديد، وأتباع التصوف الغزالى يسيرون فى ركب السلفيين، وتأكل الآيس كريم بالفلفل الحار، وتنزل إلى المياه على ظهر الأفيال، وترى أحدث المطارات ومصانع السيارات، وتتذوق فواكه لا شبيه لها ولا نظير فى بلاد العرب، لا تستطيع أن تصفها بدقة لأصدقائك، وحيوانات ليس أغربها القرد -أبو زلومة- أو الأسد الأبيض».
ويحكى الفصل الثانى عن عادات الطعام والمطبخ الماليزي، وقد اختار الكاتب اسم «البيت المفتوح» عنوانا له، والبيت المفتوح اسم تقليد شعبى فى عيد الفطر المبارك وهو عبارة عن ولائم تقيمها الأسر المسلمة فى بيوتها وتفتح بابها لكل الزائرين، وحتى الغرباء يستطيعون أن يدخلوا فيأكلوا بدون دعوة من صاحب البيت، وحتى الهنود والصينيون فإنهم ضيوف مرحب بهم ومحتف بهم على موائد البيت المفتوح، حيث تستمر بعض الأسر فى فتح بيتها للزائرين أسبوعًا أو أسبوعين بشكل يومى وتستضيف مئات الزائرين وتقدم لهم أفضل الأطعمة والمشروبات والحلويات، ويحكى الكاتب أنه من الطبيعى أن تجد أن رئيس الوزراء نفسه يفتح بيته للمواطنين فى موعد يتم الإعلان عنه، ويخصص حافلات مجانية لتوصيل المواطنين إلى بيته فى العيد.
ويتحدث الفصل الثالث عن الشخصية الماليزية، ولعل هذا الفصل هو أهم الفصول على الإطلاق، فقد سرد الكاتب عددا من المواقف التى تعرض لها وأورد ملاحظاته واستعان بعدد من القصص التاريخية التى تؤكد صحة تلك الملاحظات، وقد اهتم بزيارة المدارس والبيوت والاختلاط بالسكان حتى يستطيع تكوين صورة واضحة.
ويقول: «المدرس يتعامل مع الطالب بروح أبوية تمامًا لا مجال فيها للقهر ولا للعسف، لدرجة قد نحسبها نحن تسيبًا وضعفًا فى الشخصية، وليس عيبًا أن يُسأل الطالب سؤال فيستعين بصديق لمعرفة الإجابة ولا يعتبرون ذلك غشًا بل يكفى أنه قد عرف المعلومة وهو المهم، فالطالب قد يتكلم أو يضحك أثناء شرح المعلم أو يجلس وظهره للمعلم، ولا أحد ينكر عليه ما يفعل» فلما تكلمت معهم عن هذه الملاحظة قال لى أحد الأساتذة: «وهل يطيق الطفل أن يجلس طوال مدة اليوم الدراسى حبيسًا فى مقعده ووجهه فى السبورة منصتًا لشرح المعلم؟!! هذه حياة عسكرية»، فالطالب يجب أن يأخذ حريته كى يستطيع أن يتحمل ثقل الدراسة، ويشعر بأريحية وكأنه فى بيته، فتصبح المدرسة هى بيته الثانى حقيقةً لا مجازًا، فالطالب لا يشعر بالكبت والتأفف والإذلال أثناء وجوده فى الحصة، ولا ينتظر فترة الخمس دقائق بين كل حصة وأخرى كى يفرغ طاقته المكبوتة فى اللعب والصخب، فمدرس الحصة يدخل فى وقته بالضبط، ويخرج فى وقته بالضبط»!
ويتحدث الفصل الرابع عن الحياة السياسية الماليزية، ويستعرض مسيرة زعماء البلاد من الاستقلال وحتى وقت كتابة الكتاب ويقول فى بداية الفصل: «الحالة الماليزية حالة فريدة وجديرة بالدراسة ففى هذه الدولة كل الأسباب التى يمكن أن تسبب النزاعات وتفجر الصراعات فالشعب عبارة عن طوائف لا يجمع بينها دين ولا جنس ولا لون ولا لغة ولا شكل ولا ثقافة مشتركة، وعندها تفاوت طبقى ولديها نظام اجتماعى طبقى فهناك الملوك والأمراء والسلاطين ولديها سكان الغابات ولديها مشكلة مهاجرين، ولديها أحزاب إسلام سياسى تسعى لفرض الشريعة وتطبيق الحدود ولديها أحزاب شيوعية وعلمانية وليبرالية ولديها تكدس للثروة فى أيدى أقلية من رجال الأعمال ولديها نزاعات حدودية ولديها احتجاجية شعبية تدعو علنا لرحيل رئيس الوزراء ولديها إقليم يهدد كل فترة بالانفصال ولديها جوار مضطرب؛ فعلى حدودها دولتان تشهدان نزاعات مسلحة دموية».
ويفتتح الفصل الخامس بقوله «لا يتخيل المصريون كم هم حاضرون ومؤثرون فى الحياة اليومية الماليزية، بالرغم من المسافة بين البلدين؛ -إذ يسبق توقيت ماليزيا توقيت القاهرة بست ساعات- ومع ذلك فالحضور المصرى لا تخطئه العين ولا يمكن تجاوزه أو تجاهله، والعديد من القادة والمسئولين الماليزيين درسوا فى الأزهر الشريف ويكنون مشاعر حب واحترام شديدين للعرب وللمصريين، فالعرب هم أساس الإسلام».
ويتحدث الفصل السادس عن التيار الاسلامي، ويشرح طبيعة تكوينه واختلافاته وأماكن تواجده والانشقاقات والمشاكل التى تعرض لها عبر تاريخه بطريقة شيقة ومختصرة ويلقى الضوء فيها على المحطات الفكرية الهامة التى مرت بها الحركة الاسلامية هناك وكيف توصلت الدولة لتفاهمات مع الإسلاميين؟.
أما الفصل السابع فيركز على الأقلية الصينية هناك، ويلقى الضوء على المجموعات العرقية المختلفة كالصينيين والهنود وأبناء القبائل ويقول فى مستهل الفصل: «لا يستطيع الزائر لماليزيا تجاهل النفوذ الصينى الطاغي، فالصينيون يهيمنون على النسبة الأكبر من الاقتصاد، وحتى الشركات التى تبدو مالاوية الطابع قد تجد الصينيين يملكون معظمها، حتى المدارس الإسلامية ذاتها فإن الصينيين هم من يورد لها الكتب والمستلزمات».
ويتحدث الفصل الثامن عن المذاهب الاسلامية هناك، ويركز على الوجود الشيعى والأزمة المصاحبة له وأنواع الفرق الشيعية المتواجدة فى البلاد.
ويتحدث الفصل التاسع عن اللغات المحلية وعلاقتها باللغة العربية واللهجات المختفة للغة الإنجليزية المستخدمة هناك، وقد اختار عنوانا مثيرا لهذا الفصل وهو: «هل تصبح ماليزيا دولة عربية؟» ويقول «هذا السؤال وجهته لعدد من الأكاديميين الماليزيين المتخصصين فى تدريس اللغة وعلوم الشرع، وكان كلٌ منهم ينفجر ضاحكًا بمجرد سماع السؤال، فهم يعتقدون أنها أصعب لغة فى العالم، فأحد الأكاديميين شكا لى من صعوبة فهمهم لبنية الكلمة فى اللغة العربية، فالفعل الواحد يتشكل بأكثر من عشرة أشكال؛ فالفعل «يفعل» مثلا يأتى فى صور متعددة هي: فعل، فعلت، يفعل، تفعل، نفعل، أفعل، يفعلون، يفعلن، يفعلان، تفعلان، فعلوا، فعلن، فعلا، فعلتا، افعلوا...إلخ بينما فى اللغة المالاوية شكل الفعل لا يتغير بتغير الزمن أو الفاعل، بل عندهم كلمة معينة عندما توضع أمام الفعل تدل على زمنه بدون تغيير شكل الفعل نفسه، ولا يؤنث الفعل ولا يذكر».
ويتحدث الفصل العاشر عن التاريخ الماليزى الذى يختزله فى تاريخ مدينة مالاقا التى يصفها بأنها «مدينة التاريخ والحضارة فى ماليزيا، فمنها دخل التجار الأجانب للبلاد ومنها دخل الإسلام ومنها دخل الاستعمار بكل ألوانه وأشكاله، لذلك تجد المدينة تعج بالمزارات التاريخية التى تنتمى لكل العصور، وعدد كبير من المتاحف يحتاج إلى مرشد خبير ووقت طويل لتلم بها وبكنوزها، وهى تلخص التاريخ الماليزى كله، وكل شىء له متحف هناك حتى أننى رأيت متحفًا عن «حزب الأمنو» يعرض تاريخ الحزب وتاريخ رموزه».
ويتحدث الفصل الحادى عشر عن علاقتها بالدول المجاورة ومشاكلها مع كل دولة والتمدد الصينى فى المنطقة، ويقول: «ولا تستطيع ماليزيا إعلان حرب على الصين مهما انتهكت حدودها، إذ إنها تعتمد عليها فى تسليح جيشها، وتعد الصين أكبر شريك تجارى لها، ولها مصالح كبيرة لديها، وصلت لدرجة «الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين فى أكتوبر ٢٠١٣، إلى جانب أن أكثر من خمس المواطنين الماليزيين أصلًا صينيون أقحاح، لذا تطمئن الصين تمامًا لضعف الموقف الماليزى وتتجاهل الرد على وزارة الخارجية الماليزية التى ترسل كل أسبوع احتجاجات على تواجد سفن خفر السواحل الصينية فى مياهها الإقليمية أمام ولاية ساراواك بشرق البلاد، ويتجنب الصينيون مجرد التعليق أو الرد على المطالبات الماليزية المتكررة».
وتحتوى فصول الكتاب الأحد عشر على عدد من الصور بعضها التقطها بنفسه من المدن والأماكن التى زارها ويذكر مناسبة تلك الصور ويبين علاقتها بالسياق العام للمواضيع المختلفة التى يستعرضها فى هذا الكتاب.