الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"جند الإسلام".. آخر بقايا تنظيم "القاعدة" فى سيناء (ملف)

جماعة جند الإسلام
جماعة جند الإسلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تأسست فى العراق.. ورفضت مبايعة «أبوبكر البغدادى».. و«داعش» أعلنت تكفيرها
عناصرها من «السلفية الجهادية».. وأول عملياتها تفجير مبنى عسكرى فى 2013

تواريخ

2000 اندمج التنظيم مع جماعة «التوحيد» فى كردستان، بزعامة على بابير وشكلا ما يسمى بـ«جبهة التوحيد الإسلامية» 
1997 تشكلت نواة جماعة «جند الإسلام» عام ١٩٩٧م، فى العراق؛ حيث أطلقت على نفسها فى ذلك الوقت اسم تنظيم «حماس- الإسلامى فى كردستان العراق» بزعامة الملا عمر بازياني
2003 تعرضت الجماعة للاستهداف فى العراق من قبل القصف الأمريكى
2013 نفذ تنظيم «جند الإسلام» في سيناء عملية تفجير مبنى المخابرات الحربية فى رفح
2015 انضمت جماعة «جند الإسلام» في سيناء لجماعة «أنصار بيت المقدس» المنضمة لداعش، بعد اتفاقهما على السماح للجماعة بتنفيذ عمليات داخل سيناء بعد التنسيق مع عناصر التنظيم
2017 تبني التنظيم عملية اغتيال عناصر من تنظيم «داعش»، وملاحقة من هرب منهم، وطالبهم بتسليم أنفسهم

أثار البيان، الذى أصدرته جماعة «جند الإسلام» الإرهابية، فى سيناء، قبل أيام، تساؤلات عدة حول علاقة التنظيمات الإرهابية ببعضها البعض، والانشقاقات فيما بينها، وآليات تنفيذ عملياتها، ومستقبلها، وتأثير صراعاتها الداخلية فى وجودها واستمراريتها.
البيان الذى حمل عنوان «براءة جماعة جند الإسلام من مجزرة السائقين المسلمين بوسط سيناء» عكس الوجه القبيح للتنظيم، وإن كان يختلف عن تنظيم «داعش» الإرهابى الذين يطلقون على أنفسهم «ولاية سيناء»؛ حيث تضمن العنوان وصف السائقين بـ«المسلمين» مع ما يستلزم ذلك من عصمة دمائهم دون سواهم، خلافًا لما يقوم به «داعش» من الاستحلال العشوائى للدماء، وهو ما أكده البيان مرة أخرى فى مقدمته بوصفه للسائقين بـ«المسلمين العزل»، ليدلل على أنهم مدنيون غير محاربين أو عسكريين.
ونفذت «جند الإسلام» التى تصف نفسها بـ«الجماعة» جرائم إرهابية كان فى مقدمتها تفجير مبنى المخابرات الحربية فى رفح ١١ سبتمبر ٢٠١٣، والخلاف بين التنظيمين كان مبنيًا على مبايعة أبوبكر البغدادي، مع رفض «جند الإسلام» لكل مسميات «الولاية» أو «التنظيم» أو «الخلافة» أو «الدولة» لتبعث رسالة إلى المجتمع السيناوي، والفصائل الإرهابية هناك، مفادها بأنها جماعة من المسلمين وليست جماعة المسلمين.
وتعمد البيان فى مقدمته انتقاد كل الفصائل الإرهابية فى سيناء بشكل ضمنى، حينما أشار إلى فقه الدماء الذى يحكم «كافة الأطراف»، كبداية للعودة إلى العمل المسلح، بهيئة أخرى، خاصة بعد فشل «داعش» الذريع فى شمال سيناء وليبيا وسوريا والعراق.
وتراهن الجماعة على كسب تعاطف أهل سيناء الذين عانوا من ويلات الدواعش خلال السنوات الماضية، ممن وصفتهم ثانية بـ«الغلاة الخوارج أتباع البغدادي»، لذلك بدأت الجماعة بيانها بتقديم واجب العزاء والمواساة لأهالى الضحايا من السائقين فقط، رغم تفجيرها لمبنى المخابرات الحربية فى رفح عام ٢٠١٣، إضافة إلى إصدارها بيانا عسكريا صوتيا منذ أيام أعلنت فيه تبنيها لعملية اغتيال عناصر من تنظيم «داعش» فى ١١ أكتوبر الماضي، وملاحقة من هرب منهم، ومطالبتهم بتسليم أنفسهم.
كما أعلنت فى البيان نفسه، الحرب على التنظيم وعناصره، ما يؤكد أن براءتها من سفك الدماء المحرمة هو مجرد حبر على ورق، ويكشف عن أنها تشترك مع مثيلاتها فى إصدارات البيانات الإعلامية الكاذبة، كجزء من استراتيجيتها، واللافت هنا أنها تجاهلت دعم وتأييد جموع أبناء المجتمع السيناوى للجيش المصري، الذى تدعو لاستهداف ضباطه وقادته. 
ويعد هذ البيان الخامس لـ«جند الإسلام»، بعد ٤ بيانات أخرى صدرت قبل ذلك، كان من بينها بيان تبنى عملية اغتيال عناصر «داعش» فى سيناء، وكان أول الأسبوع الماضي، بعد شهر من تنفيذ العملية.
كما كان هناك بيان صدر نهاية أكتوبر ٢٠١٣، أعلنت فيه تبنيها تفجيرات مبنى المخابرات الحربية فى رفح، بتاريخ ١١ سبتمبر ٢٠١٣، والذى أسفر عن استشهاد ٦ جنود وإصابة ١٧ آخرين، ووصفت الجماعة جريمتها بـ«غزوة رد الاعتداء على مسلمى رابعة وسيناء»، مما يكشف علاقتها أيضًا بجماعة الإخوان الإرهابية، التى تعد الجماعة الأم لكل هذه التنظيمات.
ولا يمكن قراءة البيان الأخير للجماعة بمعزل عن البيانات السابقة، حيث تكشف هذه البيانات مجتمعة عن عقيدتها ومنهجها واستراتيجيتها الإرهابية، فحينما نعيد قراءة بيان ٢٠١٣، نجد أن الجماعة تقوم بالتحريض المباشر على القوات المسلحة بعد تكفيرها والحكم عليها بالردة عن الإسلام- حسب زعمها.
والبيان الآخر صدر فى أكتوبر ٢٠١٥، بعنوان: «وأعدوا»، وتضمن تسجيلًا صوتيًا للضابط المفصول هشام عشماوى من كلمة سابقة له بعنوان: (لا تهنوا)، للتأكيد على انتماءات الجماعة للقاعدة، وكان البيان الثالث للجماعة فى أكتوبر الماضى، أعلنت فيه تأييدها لمبادرة «الصلح بين المجاهدين» من أبناء الفصائل الإرهابية فى سوريا، والتى طرحها عدد من قيادات السلفية الجهادية، من بينهم أبو محمد المقدسى وأبو قتادة الفلسطيني.
تشكلت نواة جماعة «جند الإسلام» عام ١٩٩٧م، فى العراق؛ حيث أطلقت على نفسها فى ذلك الوقت اسم تنظيم «حماس- الإسلامى فى كردستان العراق» بزعامة الملا عمر بازياني، ثم توحد التنظيم مع جماعة «التوحيد» فى كردستان، بزعامة على بابير، والتى انشقت عن الحركة الإسلامية الكردستانية عام ٢٠٠٠م، وشكلا ما يسمى بـ«جبهة التوحيد الإسلامية».
يذكر أن أول ظهور للجماعة فى ديسمبر من العام ٢٠٠١، عندما أعلنت تنظيمات مسلحة فى العراق اتحادها لتشكل ما سمى بجماعة «أنصار الإسلام فى كردستان»، والتى تشكلت من جماعة «جند الإسلام» بزعامة جعفر حسن قوتة المكنى بـ«أبو عبدالله الشافعي»، و«جمعية الإصلاح» بزعامة نجم الدين فرج أحمد، بعد انفصالهما عن الحركة الإسلامية الكردستانية، ليرتبطا بتنظيم القاعدة منذ ذلك التاريخ.
وبدأت جماعة «جند الإسلام» كخليط بين أفكار الإخوان والسلفيين الجهاديين، وقد تعرضت للاستهداف فى العراق من قبل القصف الأمريكى عام ٢٠٠٣، وكانت وقتها لا تزال جزءًا من جماعة «أنصار الإسلام» قبل انفصالها عنها بعد مارس ٢٠٠٣.
وبعد الإعلان عن جماعة التوحيد والجهاد فى سيناء انضوت تحت لوائها عناصر السلفية الجهادية، لتحول أفكارها إلى واقع إرهابي، ومع تطور ظهور التنظيمات الإرهابية ومبايعة بعضها لتنظيم القاعدة، اعتنق عدد من العناصر السلفية الجهادية أفكار القاعدة، ولكن قرروا أن يطلقوا على أنفسهم «جند الإسلام» كإحدى الخلايا العنقودية التى سعت القاعدة لتشكيلها، حتى لا يعرف بعضها البعض، بحيث تعمل كل مجموعة منفردة باسمها بعيدًا عن المجموعات الأخرى.
واستمر العمل على ذلك مع تراجع العمليات بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حتى جاءت ثورة يناير التى فتحت الباب لعودة هذه التنظيمات المسلحة لواجهة المشهد وتنفيذ العمليات الإرهابية، وإعادة تنظيم نفسها من جديد، مستغلة حالة الفوضى والفراغ الأمنى الذى عم البلاد بعد سقوط حكم مبارك.
ويكشف هذا أن «جند الإسلام» سبقت «داعش» فى الظهور داخل سيناء، على الرغم من قلة عملياتها وتراجع نشاطها مقارنة بالعناصر الأخرى التابعة للتنظيم، إلا أنه بعد مبايعة جماعة «أنصار بيت المقدس» لأبى بكر البغدادي، أواخر ٢٠١٤م، انضوت «جند الإسلام» تحت لوائها فى فبراير ٢٠١٥م، بعد اتفاقهما على السماح للجماعة بتنفيذ عمليات داخل سيناء بعد التنسيق مع عناصر التنظيم.
لكن اللافت أن ما يسمى بـ«ولاية نينوى»، هى التى أصدرت الإصدار المرئى المعنون بـ«رسالة من جند الإسلام إلى المرابطين على ثغر الإعلام»، فى مارس ٢٠١٥م، والذى يعتبر أول ظهور إعلامى لهذه الجماعة فى سيناء، ولم تعلن عنه ولاية سيناء بسبب حداثة تكوينها وقلة خبراتها، كما لم يعلن الإصدار عن أسماء العناصر المشاركة فيه على غير عادته، بالإضافة إلى إصدار آخر بعنوان «قنوت النوازل» فى مايو من العام نفسه تضمن دعاءً لعناصر التنظيم، والدعاء على أمريكا وإيران واليهود والحكام العرب.
وبعد شهور قليلة وقعت الخلافات بين التنظيم والجماعة بسبب استهداف المدنيين، وبلغت هذه الخلافات ذروتها حينما احتجز «بيت المقدس» عناصر تابعة لـ«جند الإسلام» من بينهم قادة بالجماعة، فى مطلع عام ٢٠١٦.
وفيما بعد ترددت أنباء عن توصل «بيت المقدس» و«جند الاسلام» إلى اتفاق يمنح الجماعة الفرصة للعودة إلى العمل المسلح داخل سيناء، وعدم الصدام بينهما بشرط التنسيق فى العمليات قبل تنفيذها، حتى لا يؤثر كل منهما فى الآخر، إلا أن هذا الاتفاق لم يتحقق على أرض الواقع، بسبب ضعف القدرات العسكرية لجماعة «جند الإسلام» من ناحية، وقلة عدد مقاتليها من ناحية أخرى، ولجوء تنظيم «داعش» لتكفير الجماعة من ناحية ثالثة، ووصفها بأنها من «يهود الجهاد»، فى إشارة إلى «تنظيم القاعدة»، وهو ما دفعها لإعلان الحرب على عناصر التنظيم فى بيانها الصوتى السبت الماضي.
واعتمد التنسيق بين «بيت المقدس» التابع لـ«داعش» وجماعة «جند الإسلام» التابع للقاعدة، على مشروعية التنسيق بين من يسمون أنفسهم بـ«الجهاديين»، وهو ما أشار إليه القيادى الداعشى أبو بكر الناجي، فى كتابه «إدارة التوحش»، حيث قال: «الجهاد فى هذه المرحلة جهاد أمة، وليس جهاد تنظيمات أو مجموعات، فيجوز لكل فرد أو مجموعة، أو جماعات ثبت لها حكم الإسلام، ودخلت فى الجهاد، وتبادلت معنا الولاء على أساس الدم الدم، والهدم الهدم، فهى جزء من الحركة المجاهدة حتى لو خالفت المنهج الصواب فى أمور علمية أو عملية، ما دامت هذه المخالفة عن تأول لا عن تعمد، مع عدم إقرارهم على أى مخالفة يقومون بالمجاهرة بها»، شريطة عدم تلبسهم ببدعة من البدع حال مباشرتهم «الجهاد» المزعوم، وينبع ذلك فى الأساس من رغبة هذه التنظيمات إلى توحيد جهودها، من أجل تقليل ضربات القوات المسلحة ضدها.
وليس للجماعة إصدارات مرئية توضح عملياتها باستثناء ٤ إصدارات، ٢ منها خلال تعاونها مع «داعش»، وإصداران أثناء تبعيتها للقاعدة، صدر أحدهما فى أغسطس ٢٠١٥م، ليتضمن استعراضًا لمجموعة من التدريبات داخل سيناء، كما استعان خلال الإصدار بمقطع صوتى لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، لتأكيد استمرار بيعته للقاعدة، مقابل مبايعة «بيت المقدس» لـ«داعش»، والآخر فى أكتوبر بعنوان: «وأعدوا»، تضمن تسجيلًا صوتيًا للضابط المفصول هشام عشماوى من كلمة سابقة له بعنوان: (لا تهنوا)، لتأكيد انتماءات الجماعة للقاعدة.
وقد جمعت «جند الإسلام» بين عقيدة تنظيم القاعدة وخبرة داعش العسكرية، ما يعنى أنها تتبنى مقتل قادة الجيوش، وعدم قتل الجنود وصغار الضباط، لاحتمالية وقوعهم تحت الإكراه، أو الجهل، كما أنها لا تكفر عوام أهل سيناء وتحرّم قتلهم، على عكس «داعش»، فى حين تستفيد الجماعة التنظيم فى تطوير قدراتها العسكرية، واستراتيجيتها الإعلامية، وإعادة تشكيل هيكلها التنظيمي.
ربما لن تكون «جند الإسلام» هى آخر التنظيمات المسلحة التى تعلن الانشقاق عن «داعش» وقتال عناصرها، وإنما قد تفتح الباب لتنظيمات أخرى داخل ما يسمى بـ«ولاية سيناء» للانشقاق عن التنظيم ومحاربته.