الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأسد والجمل ورد الجميل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أن تشرعوا في القراءة، دعونا نعقد اتفاقا أن هذه القصة ليست فيها شبهة إسقاطات لكن مؤكدا بها إسقاطات، لكن ليس على أحد بعينه، أردتها حرة ليأخذها كل شخص حسبما يشاء، فالكلمة لا يقيد أوابدها، وإن حدث تكون بلا معنى، أما وقد سبق وقولت لكم إن الثقافة في الشارع وإن كل إنسان هو كتاب إما أن تقرأ عنوانه وتكتفي وإما أن تقلب صفحاته سريعا فلا تجد فيها جديدا، وإما أن يروقك الكتاب فتقرأه عدة مرات وتحتفظ به لنفسك.. كتابنا اليوم عن رجل قابلني ذات يوم يقرع بيده على علبة صفيح.. يضحك تارة ويبكي تارة.. ويصيح: "الجمل العبيط قاله كلني يا أسد.. عبيط.. جمل عبيط"، ثم يتمتم بجمل غير مفهومة ويعاود نفس الجملة ثم يزيد: «الجمل العبيط فكر إنه كده بيرد الجميل».. بعد مداولات وتودد وقفشات استخلصت من هذا الرجل أصل الحكاية، وهى أن هذا الجمل كان بعيرا صغيرا فقد أمه وأباه.. قافلته.. وحاديه.. وفي أغلب الظن أن الأسد كان جائعا فالتهمهم.. لكن هذا البعير لم يكن حينها ليدرك ذلك.. نظر السد إلى عينيه فوجدها تمتلئ بالدموع، كان قد شبع واستكبر أن يأكله فقرر أن يتبناه، أخذه معه سار به أمام الحيوانات، وأصدر فرمانا أن لا مساس بهذا البعير فإنه كابنه هو أبوه واللبؤة أمه، انصاع الحيوانات للأمر فمن ذا الذي يستطيع مجرد التفكير في مخالفة قرار الملك، كبر البعير وصار جملا كبيرا، يسير بين الحيوانات في الغابة كأسد فهو ابن الملك.
ذات يوم مرض الملك، فهرعت الحيوانات بالزيارة، وقال الثعلب في دهاء لقد اجتمع قول الأطباء إن الملك مريض بداء عضال يصعب منه الشفاء، إلا إذا أكل الأسد صيدا ثمينا، ولكن لا وقت للخروج إلى الصيد فالحالة خطيرة، ولا بد من تضحية من أجل ملكنا ملك الغابة، اذبحوني أنا وقدموني قربانا لسيدي الأسد، هاجت الحيوانات ترفض عرض الثعلب، لا..لا.. الغابة في حاجة إلى دهائك وذكائك، تقدم الفيل وكرر العرض.. فرفضوا وقالوا لا يصح أيها الوزير.. ثم كررت العرض الزرافة، فقالوا هناك خطورة على الغابة فأنتِ لنا بمثابة الاستطلاع، أنت لنا كزرقاء اليمامة، لا غنى عنك انت ولا الغزالة، حتى إنهم رفضوا عرض الحمار، وقالوا نحتاجك في حمل الأشياء وفي الرفس مع الأعداء وفي إعلان النهيق حالة الخطر، وأمام هذا الرفض انخدع الجمل وظنوا أنهم سيتمسكون به لأنه ابن الأسد، نسى أنه ابنه بالتبني وليس ولدا خالصا منه، غفل عن الحقيقة، وطول المدة التي قضاها ظن أنها من الممكن أن تغير الطباع، تقدم وقال أنا فداك يا أبي.. كلني أيها الملك.. قالوا في صوت خفيض لا لا فهو يحبك يا جمل.. كررها فصاحوا في صوت واحد ما دامت تلك رغبتك فلنعرضها على الملك، فدخل الثعلب حيث يرقد الأسد، وقال له: "يا سيدي الأطباء مجتمعون وأكدوا أنه لا بد من أن تأكل صيدا ثمينا يرد لك عافيتك وإلا ستموت ونحن لن نقف مكتوفي الأيدي أنا وكل الحيوانات عرضنا أنفسنا للذبح فداك لكن الجمل أصر على أن يرد لك الجميل وصمم على أن يكون هو السبب في شفائك، أومأ الأسد بالموافقة، وضحك الثعب في قرارة نفسه، وخرج يغمز لبقية الحيوانات بأن الأمر سيتم كما خططوا.
صاح الرجل في أذني وقرع على الصفيحة ذبحوا الجمل وقدموا لحمه للأسد.. أخطأ الجمل حينما جهل أن الممالك لا تحكمها العاطفة.. دنوت في ريبة أنت مجنون، ضحك وقال أنا بعير صغير في عير يُذبح فيه كل لحظة جمل، ثم صاح مجنون من يعتقد أن الأسد تردد في لحظة من ذبح وأكل لحم الجمل.. أو أنه حتى ندم.. إنما تركه بعيرا ليأكله كبيرا حتى لا يقال إن الأسد تعافى على لحم بعير صغير.