السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السينما بين أدبية النص والهكص

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما خلد الإنسان إلى نفسه هربا من صخب الحياة وضجيجها ارتمى في حضن فيلم قديم أبيض وأسود ليرتقى بمشاعرها، فالعالم في الخارج معتوه قد جن فعربد، فقد تربينا على اختيار الكلمة التي تؤثر في النفس والعاطفة وبها نهض الفنان والمفكر وعمل عليه خياله. فالأدب مثل البحر يعطي ويؤثر ويطرح قضايا حياتية مهمة وتجسدها السينما في ثوب جديد راق فمن ينسى حوارات ماجدة وفاتن حمامة وشكري سرحان وبطولات فريد شوقي، فكانت الأفلام بها قليلا من العنف بما يسمى عنف الموقف بمقارنته الآن في الحوار عنف يصاحبه السكاكين الأسلحة يقلدها الأطفال فكان مثلهم عبده موته واللمبي ومشاهد العري والإسفاف.
إن الناس في مصر يشتاقون الآن إلى الأفلام الرومانسية واختيار الكلمة حتى في تتر المسلسلات فمن أول وهلة ننطق اسم المسلسل ونردد تتره وموسيقاه، وهذا من أثر استحسان الكلمة واللحن التي أثرت في النفوس وتشبعنها الشرايين وتغلغلت في في المواقف الحياتية، مثل "مسلسل ليالي الحليمة" وكلمات الشاعر الراحل سيد حجاب أما الآن نسمع مفردات الكشري والباذنجان والملوخية في وسط الكلمات وهذا ناتج من مفردات الحياة التي طفت على هذا السطح وما تحمل من خضراوات وبقوليات كلغة للبطون فترجمت لها العقول. 
أنا أعتقد أن الخروج من هذا المأزق هو الحائر هو العودة إلى معيشة الزمن الجميل بصورة عصرية، فلا يخرج عمل إلا من خلال نقابة التمثيل ولا يخرج لحن إلا من خلال نقابة الموسيقيين وهذا اقتراح مني فيحكمهما معيار الذوق وعدم الإسفاف وأعتقد أن القائمين عليهما فنانين لهم باع طويل مثل سامح الصريطي وأشرف ذكي وهاني شاكر من خلال هذا المثلث يمكن أن نفعل شيئا تجاه هذا التيار الجارف. ويلغي كل ما هو هابط ومتردي من خلال النص واللحن والأداء التمثيلي. 
إن الجرح دفين وغائر في تناول الشخصية المصرية من خلال السينما الحالية وما تقدمه فأول ما يفكر المنتج فيه يفكر بحضور راقصة تتعرى أو فنانة تجسد حرفيا كيف تشرب المخدرات كما حدث في مسلسل يدخل كل البيوت الآن هو (سابع جار) فكيف مر على المصنفات هذا. إن المخرج والمنتج يحفر اسمه على عمل رديء أو متميز ولكم في المنتجين المتميزين أسوة طيبة مثل ( آسيا – صفوت غطاس – عزالدين ذو الفقار).
ماذا لو حدث لمنتج أو مخرج حاليا أن يقدم قصة (زقاق المدق) لنجيب محفوظ ليصور لنا تلك البنت (حميدة) الحالمة والرافضة لحياة الزقاق وتتطلع للسينما، وكانت تتصرف بأدب مع التطلع، فقد يصورها المنتج والمخرج الحاليين أنها بنت لعوب متعرية تضرب البانجو شمامة (بتضرب ماكس) ألفاظها كريهة وعلى علاقة غيرشرعية مع شباب المنطقة كلها لينالوا من جسدها حتى تصل إلى الشهرة وترتمي في أحضان ممثل يظهر لنا طاقته الجنسية وسط التأوهات، والنظرات بالهمسات والنظرات والصمت الرهيب صوته النسائي وشعر المسدول على كتفه فلا يعرف أيهما حامد أو حميدة، لقد عرفنا وحفظنا خطوط الفيلم ،وكرهنا سماع الأغاني الهابطة وتشبعنا وصمت أذننا منها ناهيك عن شكل الملابس لكل من هب ودب فتقطعت أذواقهم لذلك تقطعت ملابسهم فكانت سمة لهم ولعصرهم.
ألا من عوده للذوق فأولادنا يتربون على ما يشاهدون ويسمعون سواء منا أو من غيرنا وهذه ليست دعوة إلى الوراء ولكن دعوة إلى الرقي في الثوب المصري التي عرفتنا الدنيا من خلاله، ومن ثم تفعيل دور النقابات الفنية هو بداية السلم الحقيقي ومساندة الدولة لها، بدلا من النفخ في القرب المقطوعة.