الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القرضاوي وعلي جمعة.. من كذب على الشعراوي؟ «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول الدكتور القرضاوى فى كتابه: «الرد العلمى على شيخ الأزهر ومفتى العسكر»: «ومما يتلبث به -أى د. على جمعة- الكذب على الأموات، الذين لهم مكانة فى قلوب المصريين، ليصل إلى غايته، فقد ادَّعى أن الشيخ الشعراوى كان يبغض الإخوان جدًا! مع أن قول الشعراوى عنهم معروف: «شجرة مباركة ما أعظم ظلالها، ورضى الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجل ثمرتها».
وهذه الجملة يطير بها القرضاوى الإخوانى فرحًا، ظنًّا منه أن هذا هو رأى الشعراوى فى الإخوان، والحقيقة أن الشيخ القرضاوى لم ينقل كلام الشيخ الشعراوى كاملا، وأن الدكتور على جمعة حالفه التوفيق بقوله: «إن الشعراوى كان يبغض الإخوان جدًا»، وتكملة للمقال السابق، أشير إلى أن القرضاوى أخطأ النقل عن الشعراوي، كما أنه لم يشر للسياق الذى جاء فيه كلامه، فالشعراوى فى حواره مع طارق حبيب بدأ إجابته عن رأيه فى الإخوان بتنهيدة تحمل الحزن والتأسف على ما آلت إليه الجماعة، مبتدئًا كلامه بالفعل الماضي: «كنتم شجرة ما أروع ظلالها.. إلخ»، فهو إذن يتحدث عن وضع الجماعة فى بدايتها قبل تحولها، وقد رأى غيره من علماء الأزهر أن الجماعة فى بدايتها كانت تستحق التأييد قبل انحرافها، بل صدر من جماعة كبار العلماء بالأزهر بيانًا يؤكد أن الأزهر أيد الجماعة حين كانت قضيتها التربية والأخلاق قبل انحرافها، كما أن شيخ الأزهر المراغى كان محبا للبنا، ومع ذلك فالمراغى لما رأى تحولها طالب رئيس الوزراء أحمد ماهر بحلها وحل الجماعات المماثلة، ومطالبة المراغى هذه نشرتها مجلة الإخوان الأسبوعية (الأحد ٨ جمادى الآخرة ١٣٦٧هـ، ١٧ إبريل ١٩٤٨م، السنة السادسة، العدد ١٩٥، ص ١٠).
وأما ما يتعلق بالسياق الذى جاءت فيه عبارة الشيخ الشعراوى؛ فإن الشيخ لم يكن فى موضع التحليل للجماعة وفكرها ومنهجها وتصوراتها، بل كان فى موضع إرسال رسائل نصح وعظات عابرة قصيرة للإخوان وغيرهم، ففى الفيديو نفسه والمقام نفسه أرسل الشيخ الشعراوى رسائل مشابهة للرئيس السابق حسنى مبارك، والحزب الوطني، وأحزاب المعارضة، فقال –رحمه الله- مخاطبا الرئيس مبارك: «ما لم ترضَه فى حكمك فامحُ آثاره من سلفك، وأفرغ إلى حملك، ونحن سنعينك بأن نصلى من أجلك»، ووجه رسالة للحزب الوطنى قائلا: «رجّح ولا تجرّح، ولا تضبط نفسك على (نعم) دون استحقاق، فداوم الوفاق نفاق»، ووجه رسالة للمعارضة قائلا: «المعارضة عرض رأى أمام رأي، فلا هى فرض ولا هى رفض، فلا تضبطوا أنفسكم على (لا) دون إنصاف، فدوام الخلاف من الاعتساف».
وهذا رابط الفيديو كاملا: http://shabab.ahram.org.eg/News/٣١١٢.aspx
إذن فنحن أمام جملة جاءت فى صورة نصيحة سريعة للإخوان ترفض حماسهم واستعجالهم، وفى سياق قيل مثلها لغير الإخوان أيضا، والملاحظ أن أنصار الحزب الوطنى لم يدافعوا عن سياسة الرئيس مبارك وإدارته ومنهجه مستغلين عبارة الشعراوى فيه، إنما فقط الإخوان هم من دافعوا عن أنفسهم مستغلين هذه العبارة من الشيخ الشعراوي، وجعلوها مدخلا روجوا به للجماعة، وضموا بسببها عددا من الشباب، وسوقوا لها حتى إنها تكاد تكون محفوظة لكل شبابهم، مستغلين أن قائلها عالم دين يحظى بمكانة كبيرة فى قلوب المسلمين.
وأما الشعراوى؛ فله عديد العبارات التى يرفض فيها جماعة الإخوان منهجًا وسلوكًا وفكرًا، بخلاف عبارته التى قال فيها: «الإخوان أعدائي؛ لأنهم لا يسمعون الإسلام إلا من حناجرهم»، وهذا ما أتناوله فى القادم إن شاء الله.