الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

لماذا تحمي قطر "شيخ الإرهاب"؟

حمد بن خليفة والقرضاوي
حمد بن خليفة والقرضاوي وتميم بن حمد وأردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب: وليد منصور و محمد رجب سلامة ومصطفى كامل ونهلة عبدالمنعم ورحمة محمود 

قديمًا كنا نتحدث عن علاقة مصالح بين الشيخ يوسف القرضاوي، المنظر الأول لجماعة الإخوان الإرهابية، مع النظام القطرى فى الدوحة، ولكن اليوم نتحدث عن علاقة نسب وقرابة بالدم، لتأخذ العلاقات أبعادا جديدة، ففى نفس الوقت الذى تدعو فيه دول المقاطعة العربية لدويلة قطر بتسليم داعية الإرهاب يوسف القرضاوي، لجهات التحقيق لتنفيذ أحكام قضائية ضده، نراهما يزيدان من توسيع دائرة قرابتهما، مرة بتولى ابن الشيخ منصب نائب رئيس جهاز أمن الدولة القطري، بزواج حفيده من شقيقة زوجة تميم بن حمد، ونجلة الشيخ حمد بن سحيم آل ثانى فى حفل زفاف حضره رموز وقيادات الإرهاب فى قطر وتركيا.
«البوابة» فى هذا الملف تفتح تاريخ علاقة شيخ الإرهاب العالمى مع نظام الحمدين، التى بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، كمدرس مساعد معار إلى الدوحة وتنتهى به كأحد رموز الدولة الكبار وأخيرًا نسب وقرابة.

المُنظر الأول للجماعة الإرهابية

دعا المصريين للاحتشاد فى الشوارع دفاعًا عن «المعزول»

يعتبر يوسف عبدالله القرضاوى أبرز المنظرين والمدافعين عن جماعة الإخوان فى العالم، بل هو المنظر الأول للجماعة على مدار تاريخها، والمفتى الشرعى للتنظيم الدولى للإخوان، انتمى إلى الجماعة منذ نعومة أظافره وأصبح من قياداتها المعروفين، وعرض عليه تولى منصب المرشد عدة مرات لكنه رفض، من مواليد ٩ سبتمبر ١٩٢٦ فى قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية فى مصر.

قام بتكريس جهوده من أجل نصرة جماعة الإخوان باعتبار مشروع مؤسسها حسن البنا، هو المشروع السنى الذى يحتاج إلى تفعيل بحسب زعمه، وألف من أجل ذلك كتابه الإخوان سبعون عاما من الدعوة والتربية والجهاد يتناول فيه تاريخ الجماعة منذ التأسيس ودورها فى مصر وباقى دول العام سواء الثقافى أو الاجتماعى أو السياسي.

لا يدع القرضاوى أى فرصة إلا ويحاول فيها نصرة الجماعة، لذلك ألقى القبض عليه عدة مرات، فدخل السجن أول مرة عام ١٩٤٩، واعتقل ثلاث مرات فى عهد جمال عبدالناصر فى يناير سنة ١٩٥٤، وفى نوفمبر من نفس السنة واستمر اعتقاله نحو عشرين شهرًا، ثم فى سنة ١٩٦٣، قبل أن يفر إلى قطر ويعمل مديرا للمعهد الدينى الثانوي، ويحصل على الجنسية القطرية.

كان من أشد المحرضين على ما يسمى بالربيع العربى فى المنطقة، وأفتى بالكثير من الفتاوى التى تطالب الشباب بالخروج فى الثورات من أجل القضاء على الحكام العرب، والتى تسببت فى انهيار دول وشعوب الآن، فكان يستغل برنامجه فى قناة الجزيرة القطرية من أجل حث الشباب والرجال على الخروج ضد حكامهم من أجل إيصال الجماعة إلى الحكم، ففور اندلاع ثورة يناير أخذ القرضاوى فى التحريض على عزل مبارك بكل الطرق، وعندما نجحت ٣٠ يونيو فى عزل محمد مرسى من الحكم، حاول القرضاوى بشتى الطرق مناصرة الجماعة من قطر عبر بثه للخطب والفتاوى لحشد المصريين مرة أخرى للوقوف بميدان رابعة العدوية والنهضة.


فتاويه التكفيرية تصب فى صالح الإخوان

شبه أردوغان بنبى الله «موسى» وقال إن الملائكة تدعمه

لا تستغنى جماعة الإخوان «الإرهابية» عن شيخ الإخوان، الأب الروحى لها «يوسف القرضاوي» كتاباته وفتاويه تعود إليها الجماعة الإرهابية، لإصدار حكمها فيما يخصها، سواء من الناحية العملية داخل الجماعة، سواء أكانت السياسية أم غيرها، والتى بلورت وأعطت الضوء الأخضر للعمل المسلح المتنوع الذى ارتكزت عليه الحركات النوعية التابعة لهم عقب ثورة ٣٠ يونيو، والإطاحة بهم من سدة الحكم.

بدأ «القرضاوي» فى إصدار فتاويه التى تنوعت ما بين سياسية وتكفيرية على حد سواء، ولكنها امتزجت معًا لصالح الجماعة الإرهابية التى بدأت فى الأخذ بها باعتبارها وسخّر كتبه ومواقعه الإلكترونية، وحسابه الرسمى عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» و«تويتر»، مسخرًا إياها لنشر العديد من فتاويه التكفيرية التى أتى فى مقدمتها فتواه التى أطلقها عبر مقابلة له على قناة «الجزيرة» القطرية، بقتل العقيد معمر القذافى إبان الثورة الليبية، قائلًا: «وأنا هنا أفتي.. من يستطيع من الجيش الليبى أن يطلق رصاصة على القذافى أن يقتله ويريح الناس من شرّه، داعيًا السفراء الليبيين فى الخارج إلى التنصّل من نظام القذافى».

الفتاوى توالت واحدة تلو الأخرى، حيث أفتى بجواز الاستعانة بقوات تحالف الناتو للتدخل فى ليبيا، وطالب السوريين بأن يدعوا الدول الأجنبية أن تتدخل فى بلادهم للوقوف فى وجه النظام السوري، بالإضافة إلى تقديمه الشكر الخاص خلال إحدى خطبه فى صلاة الجمعة، للولايات المتحدة الأمريكية على دعمها لميليشيا «الجيش الحر» فى سوريا مطالبًا إياها بضرب العاصمة السورية دمشق، قائلًا: «نشكر أمريكا على تقديمها السلاح للمقاتلين بقيمة ٦٠ مليون دولار، ونطلب المزيد».

تطرق «القرضاوي»، فى فتاويه إلى الشيعة، حيث قال إن الشيعة يتهمون أهل السنة والجماعة بتكفير المسلمين، قائلًا: «فى هذه الأيام حينما انتهت جماعة التكفير ظهرت جماعات أخرى معظمها من التى تنتسب إلى التشيع، تتهم الآخرين بأنهم مكفرون ويسمون أمثالنا بأننا تكفيريين، فنحن لا نكفر الشيعة كلهم، وبالذات مسلما دخل فى السلام إلا بما يخرجه حقيقة من الإسلام»، واصفًا حزب الله اللبنانى بأنه «حزب الشيطان والطغيان».

الأمر الجلل الذى لم يقر فيه شيخ الإخوان للعزوف عنه فى فتاويه «مصر»، التى خصها بالعديد من فتاويه التكفيرية والتحريضية، حيث دعا الجامعة العربية عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، بأن يكون لها موقف من هذا الذى يجرى فى مصر، قائلًا: «أدعو منظمة التعاون الإسلامى والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى ومجلس الأمن والشرفاء فى أنحاء العالم، أدعو هؤلاء جميعا أن يأتوا إلى مصر ويروا ما يحدث فى مصر».

ولعل الفتاوى الأشهر للقرضاوي، كانت خلال الانتخابات الرئاسية التركية الماضية، عندما دعا أنصاره إلى المشاركة فى الانتخابات ودعم رجب طيب أردوغان، حيث زعم حينها أن من لم يشارك فى تلك الانتخابات يعد آثمًا، فقد وصلت إلى قوله إن جبريل والملائكة يدعمون «أردوغان»، مشبهًا إياه برسول الله موسى، بالإضافة لدعوته للشعب التركى بمساندة أردوغان فى تلك الانتخابات.


«ترزى فتاوى» أمراء الدوحة

قال إن الشرع يجيز انقلاب الشيخ حمد بن خليفة على والده.. عام 1995

العلاقة بين يوسف القرضاوى والنظام الحاكم فى قطر، هى فى الغالب مسألة حياة وبقاء، فالأمير القطرى يرى فى القرضاوى مفتيه ومشرعه الدينى فى كل ما يصبو إليه، والقرضاوى نفسه يرى الأمير وأسرته أصحاب الفضل عليه طيلة حياته، ومصدر حمايته رغم إدراج اسمه فى قوائم الإرهاب الأمريكية، ورفضهم تسليمه لمصر كى تنفذ ضده أحكام بالإعدام بسبب فتاويه المحرضة على العنف والقتل والدم.

قصة القرضاوى مع قطر بدأت منذ عام ١٩٦١، عندما تمت إعارته للعمل هناك كمدرس مساعد، ورفض تجديد جواز سفره المصرى بحجه أنه معارض لنظام عبدالناصر ويخشى من اعتقاله لو عاد لمصر، الأمر الذى دفع بالسلطات القطرية لإيوائه ومنحه الجنسية.

وفى عام ١٩٩٥ بات الرجل من المقربين للعائلة الحاكمة يقدم لها الفتاوى التى تعزز سلطتها ومكانتها ونفوذها، بل كان يقدم الفتاوى التى تجعل كل أعضاء جماعة الإخوان والتنظيمات التى تفرعت منها مجرد أداة فى يد النظام القطري.

ففى منتصف هذا العام، انقلب ولى العهد الشيخ حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة، وهنا كان دور القرضاوى الذى حفظه له الأمير الجديد، فقد أفتى القرضاوى صراحة بأن الشرع يجيز انقلاب حمد على والده، وقال نصًا إن مصلحة الأمة تجيز ما فعله الشيخ حمد، وكان مبرره أن ما حدث كان استجابة لإرادة الأمة والشعب القطري، فالقطريون هم الذين طلبوا من حمد أن ينقلب على أبيه.

وحول هذه الفتوى، أكد المراقبون أنها جاءت انتقامًا من الأمير السابق الشيخ خليفة، الذى كاد يطرده من قطر، بسبب المفكر والكاتب رجاء النقاش الذى تولى رئاسة تحرير مجلة «الدوحة»، وكانت من أشهر المجلات فى ذلك الوقت، وتولى أيضا منصب مدير تحرير صحيفة «الراية» اليومية المقربة من الأمير، وكان من أبرز مستشاريه، فأفتى القرضاوى بتكفير رجاء النقاش بسبب بعض آرائه ومقالاته، وأثارت الفتوى ضجة هائلة وخشى الأمير من ردة فعل الإسلاميين الذين أيدوا فتوى القرضاوى لذا أغلق مجلة «الدوحة» لوأد نار الفتنة، كما قام بتجميد نشاط القرضاوي.


علاقته بإسرائيل

فى ٢٠٠٨ التقى يوسف القرضاوى صاحب الـ٩١ عاما ورئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين بوفد من الحاخامات اليهود، وضم الوفد كلا من دوفد شلومو فيلدمان، وأهارون كوهين، وإسرائيل دوفيدويس، وهم من مدرسى التوراة الذين يمثلون حركة «نوتورا كارتي»، وادعى القرضاوى أن هذا اللقاء للتقارب بين الأديان وتم اللقاء الشهير فى منزل القرضاوى فى العاصمة القطرية الدوحة، تلك الدولة التى تكن العداء الواضح للدولة المصرية العريقة. ولقد وصف القرضاوى الحاخامات بأبناء العمومة، ذلك الشيخ الذى لم يتوان عن إطلاق الدعوات للشعوب وحثهم على التمرد على أنظمة الحكم لم يسمع له صوت يحرض فيه على قتال الدولة الإسرائيلية.

ولم يرد يوسف القرضاوى على الاتهامات التى وجهتها له «طليقته» والتى قالت فيها إن يوسف القرضاوى على علاقة بجهاز المخابرات الاسرائيلى «الموساد»، فيما ادعت طليقته أنه قد توجه إلى زيارة إسرائيل فى عام ٢٠١٠، فضلا عن فصاحته فى اللغة العبرية. وفى فتوى شهيرة للقرضاوي، قام الشيخ المتقلب الآراء بتجريم وتحريم العمليات الاستشهادية ضد إسرائيل، وهو الأمر الذى أشادت به وسائل الإعلام الإسرائيلية. ودعا القرضاوى إلى أن الجهاد ضد إسرائيل ليس هو الأولوية، ولكن الأولوية هى الجهاد ضد بشار الأسد والقيادة المصرية.


 

تحريض على العنف

ممنوع من دخول أوروبا.. ويتصدر قوائم الإرهاب فى الدول العربية

أثار الشيخ يوسف القرضاوى الجدل، بسب آرائه الفقهية المتشددة وتأييده للعمليات الإرهابية، والتى اعتبرها «أعمالا بطولية» على الرغم من أنها حصدت أرواح آلاف المدنيين، كما ذكر فى كتابه «فقة الجهاد»: «إن قتال المعتدين يعد لزاما على جموع المسلمين»، وهذا ما جعله يحتل مكانة خاصة فى قائمة الدعاة غير المرحب بهم فى العديد من الدول الأوروبية، كان أبرزها بريطانيا والتى أصدرت فى ٧ فبراير عام ٢٠٠٨، أنها رفضت منح الداعية الإسلامى يوسف القرضاوى تأشيرة دخول إلى أراضيها، وأرجعت السبب فى هذا الموقف إلى تبريره للعمليات «الإرهابية»، وجاء فى بيان للداخلية البريطانية: «إنها لن تتسامح مع وجود شخص مثل القرضاوى على أراضيها بسبب آرائه المتطرفة ودعمه للأعمال الإرهابية، ووجوده فيها سيؤدى إلى انقسامات فى المجتمع».

وانتهجت فرنسا نفس سياسات بريطانيا، ورفضت دخول القرضاوى إلى أراضيها للمشاركة فى الدعوة التى قدمتها جمعية إسلامية فرنسية لمشاركته فى التجمع السنوى لاتحاد الجمعيات الإسلامية فى فرنسا، كما أصدر الإنتربول الدولى مذكرة توقيف بحق القرضاوى يتهمه فيها بالتحريض على العنف والتشجيع على القتل ومساعدة المسجونين على الهرب، والحرق، والتخريب، والسرقة، كما أعلنت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين اسم شيخ الفتنة يوسف عبدالله القرضاوى على ضمن قائمة الإرهاب