الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«أم الدنيا».. يليق بها رد الجميل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تملك مصر سوى حضن دافئ تقدمه وجملة «أنت فى بلدك» التى تنزل بردا وسلاما على قلب كل عربى اختارها واحة آمنة للإقامة.. فى المقابل، لا نملك إلا كلمة حق ترد لها الجميل، خصوصا حين تكون الكلمة مجردة من أى دوافع أو مكاسب شخصية.
كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية، تكثر التحليلات.. التكهنات..الترشيحات، للأسف القليل منها يضع صالح مصر والمنطقة العربية كأولوية تحديدا فى توقيت هو الأكثر عدم استقرار وخطورة فى تاريخ المنطقة المعاصر، وهو ما يضاعف أهمية دور مصر القيادى وبناء تحالفات تعيد إلى المنطقة تماسكها السياسى والأمنى بعدما نخر (سوس) الفوضى والإرهاب فى عظامها أعوامًا طويلة. خلال الأربعة أعوام الماضية نجحت القيادة المصرية، رغم تحملها تبعات عقود من التداعيات السلبية على الصعيد الداخلي، فى بناء تحالف عربى أكسب خطابه تأثيرا أقوى على الصعيد الدولى الذى تعود فى الماضى السماع إلى رؤى مختلفة من كل دولة عربية.
«مشير العرب» عبد الفتاح السيسى لم ينجح فقط فى إعادة صياغة علاقات مصر مع دول أوروبا التى هبت متحفزة ضد إرادة شعبها بعد ثورة ٣٠ يونيو، إنما أدار بمهارة خلق جبهة تدعو الغرب إلى إعادة التفكير فى الكثير من المفاهيم التى تبناها مسبقا عن التنظيمات الإرهابية وخطورتها، بعد اعتماد الثانية على (الماكياج) السياسى لمغازلة القناعات الغربية، حتى أصبحت آفة الإرهاب ملفًا مطروحًا أمام العالم، القيادة المصرية نجحت مؤخرا فى إعادة الحياة إلى قضية فلسطين التى ظلت لعقود بركة راكدة لا يراود مياهها التى أصبحت آسنة أي تغير، نتيجة تراكم تصريحات عديمة المعنى والجدوى. فى سوريا، أثبت الموقف المصرى أنه الأقرب منطقيا بالتركيز على إخراج سوريا من جحيم الإرهاب والفوضى، متجاوزا محاولات ساذجة لإخراج الموقف المصرى عن سياقه السياسي، بالعمل أولا على وقف إطلاق النار تمهيدا لتوفير أجواء بناء عملية سياسية قائمة على اختيار الشعب السورى دون المساس بمؤسساته الأمنية.. لعل التاريخ القريب يذكر الكارثة التى ارتكبها الحاكم المدنى فى العراق بول بريمر عام ٢٠٠٣ حين أصدر قرار حل الجيش العراقى، ما أشعل فتيل الحرب الأهلية الطائفية.
خطورة الملف الليبى لا تقتصر على حتمية حق شعبها فى العيش داخل وطن مستقر، امتداد حدودها الغربية يفرض تحديًا أمنيًا اتفقت الآراء على تصاعد خطورته مع توافد الفارين من التنظيمات الإرهابية من العراق وسوريا إلى ليبيا، حالة التأهب العسكرى المصرى على الحدود الغربية تتسق تماما مع جهود مصر نحو تحقيق توافق سياسى ليبى يضمنه وحدة جيشها لمواجهة هذه التنظيمات، رغم «نعيق البوم» الصادر عن عصابة حسن البنا محاولين التشكيك فى كل ما يمس صالح مصر والمنطقة العربية. 
القيادة المصرية أيضا نسقت مع السعودية ودول منطقة الخليج العربى للعمل تدريجيا على إصلاح توابع أخطر الآفات التى تهدد العراق منذ ٢٠٠٣.. حين تم سلخ هذا البلد المحورى فى المنطقة عن جذوره العربية وتمكنت إيران عبر سنوات من نفث سمومها فى الشارع العراقى، وتأليبه ضد الدول العربية، كى تملك هى وحدها الكلمة العليا على أى عملية سياسية فى العراق، فيما يواجه العراق تحديًا لا يقل عن انتصاراته العسكرية لبناء عملية سياسية صلبة قائمة على إرادة مستقلة تعيده إلى دوره التاريخى الطبيعى بين الدول العربية.
صلابة التقارب المصري السعودى الإماراتى من المؤكد ستدعم الموقف العربى عبر عدة مسارات، أهمها دوليا، تنسيق جبهة موحدة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، وولى العهد الشيخ محمد بن زايد، تشترك فى امتلاك قدرة الانفتاح على العالم، ورؤية موحدة فى وضع الملفات الاقتصادية على رأس أولوياتها، سواء على الصعيد الداخلى أو على نطاق المنطقة العربية.
نجاح القيادة المصرية فى إدارة سياساتها عربيا ودوليا، بالتأكيد أصاب بالهلع (دكاكين القمامة) التى تنطلق عبر شاشات تركيا وقطر، لتبدأ نعيقها المبكر عن الانتخابات الرئاسية دون أن يسلم أى تحالف أو كيان داخل مصر يعبر عن رأيه فى الانتخابات من بذاءة التهم، كما انطلقت منذ أربعة أعوام -وتستمر حتى الآن- محاولاتهم تلويث حركة (تمرد)، وتنشط أكاذيبهم القبيحة لإطلاق كل القمامة من صناديقهم تجاه مبادرات مثل «عشان تبنيها»، «بكره لينا» وغيرهما.. الأغرب أنها حتى لم تبذل مجهودًا -كعادتها- فى ابتكار مزاعم خداع جديدة، وظلت تدور داخل أكاذيب وجود جهة خلف هذه المبادرات، دون أن يكشف لنا «عباقرتها» كيف تنجح أى جهة فى توجيه إرادة اختيار شعب بأكمله؟!
أخيرا.. هى كلمة حق من كل عربى مهموم بصالح مصر والمنطقة.. مصر لا بد أن تؤتمن تحت ظل قيادة سياسية حكيمة وقوية.. الرئيس السيسى أثبت أنه خير من يحمل هذه الأمانة الثقيلة.