الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجهاد بين التقليدية والحداثة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولد الجهاد قديما على شكل تنظيم هرمى له مستويات تنظيمية محددة معلنة للكافة، وانحصرت عمليات النشء الأولى فى استهداف محال بيع شرائط الفيديو والخمور، وتطورت إلى استهداف الخدمات الأمنية بالتخدير للحصول على السلاح، واستمر على ذلك المنوال حتى اغتيال الريس الراحل أنور السادات، فتغيرت استراتيجية التنظيم، وشكل التنظيم إلى الشكل العنقودى، فضلا عن استهداف رموز النظام متمثلة فى رئيس الوزراء ووزيرى الإعلام والداخلية وضباط أمن الدولة.
تركزت عمليات التنظيم على ضرب الاقتصاد من خلال استهداف السائحين، وسهل ذلك هروب الكثير من العناصر الراغبة فى الجهاد إلى باكستان عبر السودان، ولوحظ أن تطور التنظيم ظهر جليا أبان الحرب الأفغانية الروسية، والتى كانت نذير شؤم على البلاد، فهناك تم تأسيس معسكرات للتدريب ومعسكرات شريعة لتعليم استراتيجيات الإرهاب، إضافة لمعسكرات التثقيف والأمنيات.
وساهمت أفغانستان فى خلق جيل جهادى جديد، مدرب بشكل جيد متعدد الثقافات لتعدد مخالطته للأجناس، فضلا عن جيل ملم بالتكنولوجيا الحديثة لتطويعها فى الإرهاب، وعقب الانتهاء من عمليات التدريب، كان يتم تصنيف العنصر وفق مهارته سواء فى تصنيع العبوات أو استخدام الأسلحة، ويعاد دفعه إلى مصر لتنفيذ عمليات إرهابية، ومن عاد منهم إلى البلاد جاء بطموح وحلم جديد، وليس القديم المتمثل فى محاربة الطواغيت وتمثل الحلم الجديد فى إعادة دولة الخلافة.
عقب الحرب الأفغانية وطرد المهاجرين أو المجاهدين العرب، انتقلت تلك العناصر إلى محطات وبلدان ملتهبة، مثل العراق أو مستهدفة مثل مصر، ولما كان الحلم صعب المنال؛ فقد سعى الجهاديون إلى تشكيل تنظيمات أو مجموعات عنقودية يتخذ كل عنصر من عناصرها اسما حركيا، وبسبب تجارب سابقة من تواجد العناصر الجهادية بمحطات وبلدان تنظيمية بالخارج، مما سهل مهمة مخابرات دول عدة فى استقطاب بعض منهم وتوجيههم إلى تنفيذ عمليات بعينها بتوقيتات مدروسة، فضلا عن قيام تلك الأجهزة المخابراتية بتوفير الدعم المادى اللازم للتنظيم، فضلا عن ربط التنظيم بوسطاء بيع السلاح والمتفجرات، وهو الأمر الذى يلقى الضوء على كفاءة التدريب والتسليح والتمويل، ولذلك يظهر جليا للمتابع للعمليات العدائية شراستها ونوعية السلاح المستخدم عالى الجودة والكفاءة.
ومما لا شك فيه أن الجهاديين بمصر سعوا إلى احتلال رقعة من الأرض والسيطرة الكاملة عليها للإعلان عن أنفسهم بشكل فج، إلا أن دماء الشهداء من الشرطة والجيش وتضحياتهم حالت دون تحقيق هذا الحلم المزعج الكئيب الذى أصاب بلدانًا مجاورة.
العناصر التنظيمية الجهادية الحالية بكل إمكانياتها المادية واللوجستية والمعلوماتية والإعلامية لم يتعد نجاحها مجرد ترديد مسمى الكيان التابع له التنظيم الإرهابي، منفذ العملية داخل مصر، دون سيطرة حقيقية كحال كيانات الإرهاب فى دول مثل: العراق وسوريا وليبيا. حاول تنظيم القاعدة امتلاك سلاح نووي، مستغلا فى ذلك إعلان سقوط الاتحاد السوفيتى ووجود أفغانستان إلى جوار دول كانت تابعة للإمبراطورية السوفيتية، التى انحلت وتفككت فى بدايات التسعينيات، والغريب أن مهندس تلك العملية هو جهادى مصرى معروف وقطع شوطا كبيرا فى ذلك، الأمر الذى كان سيكون له أثر قوى وتطور كبير فى الحرب على الإرهاب، ذلك الخطر الذى حذر منه الغرب واستشعره ونجحت الأجهزة الأمنية المصرية فى القضاء عليه ومنع تنظيم القاعدة من امتلاك سلاح نووي.. للحديث بقية..