الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منتدى شباب العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن مجرد مؤتمر تستوقفنا فعالياته ثم نطوى صفحاته، لكنه الحدث الأهم الذى أصبح استثماره ضرورة تقتضيها الظروف الاستثنائية التى تعيشها مصر، تابعت ما سبق من مؤتمرات، التف فيها الشباب حول الرئيس والمسئولين وتبادلوا معهم الحوار، لكنى أزعم أن منتدى «شباب العالم» الذى انتهت فعالياته أمس، هو الأبرز من حيث الشكل والمضمون، صورة لم يتوقعها الكثير بدأت تظهر معالمها فى حفل الافتتاح؛ حيث الإبهار وانسيابية الفقرات واستخدام تقنيات حالت دون تسرب الملل للحضور والمشاهدين، وجعلت المتواجدين داخل القاعة فى حالة تواصل مع ذويهم فى أنحاء العالم منذ اللحظة الأولى، أعلام الدول ترفرف من شرم الشيخ لتزف الحدث إلى العالم، ووجوه انسجمت رغم تباين ملامحها وبشرتها، ولغات ذابت الفوارق بينها بفعل الرغبة فى التعارف والتحاور، ومستقبل أفضل كان الهدف الذى التف حوله الجميع.
أهمية منتدى «شباب العالم» لم تكمن فقط فى الرسائل التى حملها بين طيات محاوره الكثيرة، والتى شارك فيها المتخصصون والشباب.. لكنها بدأت من حفل الافتتاح الذى أراد القائمون على المؤتمر أن يقولوا للعالم من خلاله.. هنا مصر الآمنة مدنها وشوارعها ومطاراتها، هنا شرم الشيخ مدينة السلام، هنا الحضارة والطبيعة التى تأخذ العقول والقلوب، ثم كانت الرسالة الأهم التى حملتها أغنية حفل الافتتاح، والتى لخصت العنوان الرئيسى للمنتدى وهو «عالم دون إرهاب»، وجاء الفيلم التسجيلى ليؤكد المعنى نفسه، وبعده فيلم آخر يبحث عن اللغة المشتركة التى تتحدث بها كل شعوب العالم، فى محاولة لإيجاد قواسم مشتركة تجعلنا نقترب لنتحاور، فكانت الموسيقى، متوالية كانت بمثابة سيمفونية تطربنا وتبهرنا رغم ما تحويه من ألم.
أما الرسالة الأبرز فى المنتدى؛ فكانت تلك الصرخة من الفتاة الأزيدية التى أبكت الجميع، رسالة كفيلة بأن يعيد العالم حساباته فى أحداث دموية كانت الفتاة الأزيدية واحدة من ضحاياها، رسالة تدمى ضمير العالم إذا كان موجودًا، وقلوب من صنعوا الإرهاب ومولوه إذا كانت لديهم قلوب ما زالت تنبض، وتتوالى رسائل المنتدى البعيدة عن محاور فعالياته لتمتد إلى ارتجالات الحضور من الشباب، فها هو الشاب النيجيرى دفعته عفويته إلى المطالبة بأن يعقد المنتدى مرتين أو ثلاث فى العام الواحد، عفوية أضحكت الجميع لكنها كانت بمثابة صرخة أخرى ورسالة إلى زعماء إفريقيا تحثهم على ضرورة التعاون والتكامل، وقد استشعر الرئيس السيسى مرارة الرسالة فأكد أهمية الوحدة الإفريقية، ولو من خلال شبكة للسكة الحديد تربط بين مدن القارة السمراء، ولو تم تفعيل هذه الفكرة لأعادتنا إلى حضن إفريقيا الذى ابتعدنا عنه فاقترب منه الآخرون، الذين سارعوا بالاستثمار فى ربوعه الخضراء، وما يحدث فى إثيوبيا من سد النهضة وغيره.. كان نتيجة طبيعية لغض الطرف عن إفريقيا، وهو ما يحرص السيسى على تلاشيه، وجاءت كلمة الرئيس التشادى لتؤكد رسالة الشاب النيجيري نفسها؛ حيث أشار إلى ما تتمتع به دولته من ثروة حيوانية، ليلتقط السيسى الخيط مرة أخرى ويشير إلى أهمية التعاون بين الدول الإفريقية.
كثيرة هى الرسائل التى أرسلها منتدى «شباب العالم»، وما زلت معنيًا بالبعيد منها عن المحاور التى طُرحت للنقاش، والتى رصدت بعضًا من حالات الارتجال التى طغت على سلوكيات الشباب، فما طالب به الشاب الكفيف من ضرورة تغيير نظرة المجتمع له وأمثاله من خلال أنشطة وزارة الثقافة.. كان رسالة مهمة دفعت الرئيس السيسى إلى الاعتذار له وإبدائه الاهتمام بكل ما قاله، أما الرسائل الأهم؛ فكانت من الشباب المختلفة جنسياته حول انطباعاتهم عن مصر، بعضهم قال فى لقاءات تليفزيونية إن صورة مصر التى شاهدناها.. تختلف عن تلك التى نشاهدها فى وسائل الإعلام، فلم نلمس وجودًا للإرهاب ولا تعاملًا جافًا مع السياح أو المواطنين، هذا شاب آخر مصرى الأصل ومولود فى أستراليا، أصر على إجادة اللغة العربية ليؤسس موقعًا إخباريًا ينشر من خلاله كل الأخبار المتعلقة بمصر باللغة العربية للجاليتين المصرية والعربية، بعد أن استشعر تزييف الإعلام الأجنبى لما يحدث وليّه للحقائق، الشاب أكد أنه بمجرد عودته إلى أستراليا سوف يبحث إمكانية تعظيم هذا الموقع.
كثيرة هى الرسائل التى تضمنتها فعاليات منتدى «شباب العالم»، ورائعة تلك الصورة التى أضفت إلى الفعاليات رونقًا يليق بمصر، لكن ذلك كان ينقصه التسويق، ليس فى الداخل ولكن فى الخارج، وتلك عادتنا.. ننجح فى صناعة الحدث ونفشل فى تسويقه، وكم من أحداث كبيرة فشلنا فى لفت أنظار العالم لها، وصرنا نتحدث مع بعضنا البعض، كنت أتوقع أن توجه الدعوة إلى إعلاميين من أنحاء العالم، وربما حدث ذلك بالفعل لكننى لم ألمس ما يبرهن عليه، وكنت أتوقع أن أرى إعلانات ولو مدفوعة فى محطات التليفزيون والصحف العالمية وفى الميادين الأشهر، فما شاهدناه فى المنتدى من صورة ومضمون كان يستحق منا أن نبذل مجهودًا موازيًا فى تسويق هذا المنتج الذى أراه الأهم والأبرز محليًا وعالميًا.
basher_hassan@hotmail.com