الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تكريم المرأة في عيون الأنبياء الثلاثة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن تكريم المرأة واحترامها وتقديرها هو تكريم للمجتمع كله فهي التي أنجبت الرجال الذين قاموا ببناء الدول، وهي التي تحرص كل الحرص على بناء عقول أبنائها مدركة المخاطر، فتحفها بالحب والحنان والدفء، فلا تعرف إلا طريق البناء لا الهدم، والتضحية لا التكاسل، والنجاح لا الفشل، فهي الأم والأخت التي ستظل نورا يهتدي به كل إنسان. 
كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوصينا قائلا: (عليكم بالقوارير) أي الزجاج الرقيق الذي يكسر إذا تم الضغط عليه فقد تربى هو نفسه على تقدير المرأة لأنه حرم من حنان الأم، فكان يقول: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة). ومن ثم عندما تزوج السيدة خديجة كانت له الأم والزوجة والصديقة فهي أول من آمن من النساء أول ما نزل عليه الوحي وآمنت، وكان هذا نبرسا مضيئا له بأن يمضي في دعوته وهي أول من دثرته وشدت من عزمه ليكمل مسيرته، وفي كل مرة يرتد إليها غضبا فتزيل ما به من غضب في سهولة ويسر ومن ثم لم يغضبها يوما، ولم يرض الخوض في سيرتها من نسائه، وعن عائشة أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها فذكرها يوما فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن. قالت: فرأيته غضب غضبا أسقطت في خلدي وقلت في نفسي اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت قال: كيف قلت والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس وآوتني إذ رفضني الناس ورزقت منها الولد. 
وحرمتموه مني. قالت: فغدا وراح علي بها شهرا 
وقد عكفت السيدة مريم على تربية سيدنا عيسى عليه السلام تلقنه التعاليم الحسنة والرحمة والعدل صانعة شخصيته، فقد فكان بارا بها يجلها أيما إجلال منفذا وصية الله بها واحترامها فقال تعالى: (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا). 
ومن الأم ودورها إلى الأخت التي لعبت دورا مهما في نجاة أخيها من الموت فما كاد قلب أم سيدنا موسى عليه السلام واسمها ( يوكابد) ينفطر على ابنها خوفا عليه من فرعون ورجاله حتى تلاحقه أخته (مريم ) بعدما ألقته في البحر محاطا بما يحميه من الغرق واثقة من الله أن سيرده إليها فذلك وعد الله حق وتحاول الدخول إلى قصر فرعون مدفوعة بقلب لا يهاب أحدا مهما علا شأنه في سبيل حماية من يحب، فتدخل قصر فرعون وما به من مخاطر، متخذة وسيلة ذكية كي يرتد أخوها إليها في سلام فقال تعالى: ( إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ ۖ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ). 
فالمرأة هي الحضانة التي أفرغت الأنبياء والعظماء والزعماء والقادة حتى الأدباء فلم يكن نجيب محفوظ بهذه الصورة من الحكي والرواية إلا من خلال قصص أمه التي كانت تحكيها له ليلا مختزنا إياه، وقد عمل على تنميتها حتى حصل على جائزة نوبل، فلم نر زعيما أو قياديا إلا كان متفوها بكلمة أمي (كانت تقول...... كانت تفعل). فالقول والفعل هما حجر الزاوية الذي يمسك جدار الشخصية ويحميها من الهدم، فالمرأة لا تعرف الهدم بل البناء وربما تتحمل المصاعب في سبيل بناء الشخصية، وكيان البيت والوصول إلى الغاية التي تريدها لابنها. 
ومن ثم فصلاح المجتمع لا يأتي إلا باحترام المرأة وتقديرها وإذا كانت الأديان الثلاثة قد كرمتها والحضارات على مر العصور وقدرتها أولتها اهتماما بالغا. فقد قادت المعارك والثورات من عصر الفراعنة إلى 30 يونيو تملك رؤية ثاقبة هدفها المحافظة على البيت بكل ما فيه، وما يحتوى، فجيناتها معجونة بمبدأ الحماية، فمنذ أول نبي إلى آخر نبي كان مده من مصر فهاجر زوجة سيدنا إبراهيم، ومارية القبطية زوجة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأم ابنه إبراهيم. 
فيجب علينا أن نعلي من شأنها فلا تهان، ولا يتحرش بها بالقول والفعل. وتكون هناك قوانين رادعة تحمي كرامتها، وتصونها من كل سوء فهي ليست نصف المجتمع بل هي المجتمع من بدايته إلى نهايته.