الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إفريقيا الوسطى "مفرخة" الإرهاب "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد يكون من السهولة بمكان تناسى قصة الجنود الأمريكيين الأربعة الذين قتلوا فى النيجر، وهى الدولة ذات المساحة الشاسعة فى إفريقيا الوسطى. وقد يعود سبب ذلك لأن المكان شديد البعد عن أمريكا أو لأن ظروف مقتلهم ما زالت غامضة.
وهذا خطأ كبير؛ لأن حادث النيجر يمكن أن يكشف عن مشكلة أخطر تعبر عن ظاهرة عدم الاكتراث التى تطبع سلوك الإدارة الأمريكية الحالية.
ويمكن وصف ترامب بأنه شخص لا يعرف كيف يربط بين الخطط التى يتبناها حتى لو كانت ضخمة ومهمة وتحتاج إلى عملية ربط فيما بينها لا يمكن التغافل عنها. وهو يبدو بدلًا من ذلك، وكأنه يقوقع تفكيره أو يحصره فى علب صغيرة الأبعاد استوحاها من ميله الشخصى لتبسيط القضايا المعقدة. وهذه الميول الشخصية تؤدى بنا إلى الوقوع فى شبكة من المتناقضات أثناء إدارة سياستنا الخارجية. وليس حادث النيجر إلا مثالًا منفردًا بالغ الوضوح عن هذه المشكلة.
وأنا أعرف الكثير عن دولة النيجر لأننى أنتجت فيها فيلمًا وثائقيًا العام الماضى لصالح الجمعية الجغرافية الأمريكية «ناشونال جيوجرافيك» تحت عنوان «سنوات من العيش تحت الرعب»، تناولت فيه قضية التغير المناخى وتأثيرها فى أحوال السكان. وكتبت أيضًا العديد من الأعمدة الصحفية عن ذلك البلد فى صحيفة «نيويورك تايمز».
وحتى نفهم سبب ازدهار الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمى «داعش» و«القاعدة» فى منطقة إفريقيا الوسطى، يكون علينا أن نجرى عملية ربط بين عدد من المشكلات ذات العلاقة بالموضوع، بدلًا من أن نكتفى بالقول إن هناك رهطًا من الشبّان الأشرار يمارسون نشاطاتهم الإرهابية هناك. وأنا أحذّر جنرالاتنا وأقول لهم: «هؤلاء الأشرار سيقتلونكم، وأنا ملتزم بقولي».
فما الذى يدفعنى لإطلاق هذا التحذير؟ يعود سبب ذلك لعدم الاستقرار الذى يسود تلك البلاد الواقعة فى منطقة الساحل الإفريقي، والتى أصبحت «تفرّخ» الجماعات الإرهابية الجديدة، وتبعث بها فى كل الاتجاهات. ويمكن أن يُعزى عدم الاستقرار لظواهر طبيعية، من أهمها التغير المناخى والتصحّر بعد أن أصبحت الصحراء الكبرى تتقدم نحو الجنوب من دون انقطاع على حساب الأراضى الزراعية والمراعي، وأيضًا بسبب الانفجار الديموجرافى وضعف الحوكمة السياسة والإدارية.
ويشكل التصحّر العامل الأكثر أهمية بسبب تأثيره المباشر فى حياة السكان. وتعمل ظاهرتا التغير المناخى والانفجار السكانى على تضخيمه بمرور الوقت من خلال استنزاف ما تبقى من أراضٍ صالحة للزراعة. وتكمن النتائج فى انهيار متسارع للقطاع الزراعى المتواضع، والذى تعتاش منه معظم المجتمعات التى تسكن قارة إفريقيا. ويكون هذا الانهيار أيضًا سببًا فى تفاقم ظاهرة «الهجرة الاقتصادية»، وتأجيج الصراعات الإثنية فى أرجاء كل بلد وتشجيع التطرف. وأنا أنقل هذه المحاذير والأخطار عن الباحثة المغربية «مونيكا بربوط»، التى ترأس لجان تنفيذ «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر» UNCCD، وهى التى كانت دليلى أثناء تصوير الشريط الوثائقى فى النيجر.
نقلا عن «الاتحاد» الإماراتية