السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الابن غير الشرعي لـ"طهران" حزب الله.. دولة داخل دولة في لبنان

عناصر من حزب الله
عناصر من حزب الله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حزب الله فى لبنان هو الابن غير الشرعى للثورة الإيرانية، فهى التى أنشأته ومولته وقدمت له كافة أشكال الدعم السياسى والعسكرى والروحى والمالى والإعلامي، ليكون بمثابة الذراع الإيرانية الضاربة فى المنطقة التى تهدد بها طهران أعداءها وتضمن خضوع مؤيديها، فهو كتيبة إيرانية متقدمة داخل الأراضى العربية، ومجرد مكبر صوت للمرشد الإيرانى وذراع إقليمية بيده، للسيطرة على لبنان ودول الجوار.

وهذا ما اعترف به السفير الإيرانى السابق فى دمشق والأب الروحى لحزب الله محمد حسن اختيري، فى سلسلة حلقات سبق أن نشرت منذ عدة سنوات، مؤكدًا أن إيران دعمت حزب الله ماليًا وسياسيًا ومعنويًا، مشيرًا إلى أن الخمينى أرسل عناصر من الحرس الثورى الإيرانى إلى لبنان لبناء حزب الله عسكريًا، كما كشف عن دور إيران وسورية فى مساعدة حزب الله فى إنشاء قناة المنار، واصفًا علاقة طهران بدمشق بأنها «استراتيجية وعميقة»، وأهمية حديث اختيارى تكمن فى كونه اعترافًا صريحًا من رجل مسئول بتغلغل إيران فى دول المنطقة وتمدد ذراعها فى التأثير على الملفات الشائكة من خلال أدواتها كحزب الله.
وهذا الحزب ليس فقط قوة عسكرية بلبنان، لكون قادته ومقاتلوه الذين يتحدثون اللغة العربية يمكنهم العمل بسهولة فى العالم العربي، وتولوا أدوارًا هامة كانت موكلة مسبقًا للحرس الثورى الإيراني، ففى كل قتال يهم إيران أن يكون الحزب حاضرًا برجاله وسلاحه، والأهم أنه ساعد فى تجنيد وتدريب وتسليح الميليشيات المسلحة الجديدة التى تخدم أيضا الأجندة الإيرانية فى دول المنطقة، ففى سوريا تقع على عاتقه مهمة دعم نظام بشار الأسد حليف إيران، وفى العراق يروج رجاله لمصالح إيران، وفى اليمن يدعمون الحوثيين فى مواجهة السعودية وقوات التحالف، كما أنه يشارك فى أى معركة تصب فى مصلحة طهران حتى لو تعارضت بشكل صريح مع مصالح لبنان أو حتى مصالحه الحزبية الخاصة.

وقد بايعت قيادات الحزب كافة، منذ نشأته حتى الأمين الحالى حسن نصر الله، الولى الفقيه، كوكلاء شرعيين لإيران فى لبنان، يتضح ذلك من قول الناطق باسم الحزب إبراهيم الأمين عام ١٩٨٧: «نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران فى لبنان، ولبنان فى إيران»، بينما قال نصر الله الذى نُشرت له عدة صور يقبِّل فيها يد خامنئى «إننا نرى فى إيران الدولة التى تناصر المسلمين والعرب، وعلاقتنا بالنِّظام عَلاقة تعاون ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما أن المرجعيَّة الدينيَّة هناك تشكِّل الغطاء الدينى والشرعيّ لكفاحنا ونضالنا».
فحزب الله الذى تم تأسيسه بتوجيه من طهران ليعمل - فى الظاهر- كقوة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى لجنوب لبنان، أصبح نموذجًا يحتذى لشكل الميليشيا التى تدعمها إيران فى المنطقة، حيث تطور ليكون ذراعًا للحرس الثورى الإيرانى فأصبح النسيج الذى يربط الشبكة المتنامية من الميليشيات القوية، سواء فى اليمن أو البحرين أو غيرهما من الدول التى توجد فيها أقليات شيعية نشطة تسعى لبناء كيان لها مستلهمة النموذج اللبنانى فى ذلك.
وقد صنّفت الحكومة الأمريكية الحزب على أنه منظمة إرهابية عام ١٩٩٧؛ ووضع على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية لـ«المنظمات الإرهابية الأجنبية» وعلى قائمة وزارة الخزانة للكيانات الإرهابية العالمية، وفى ٢٠١٣ أعادت وزارة الخزانة إدراجه ضمن قائمتها السوداء بسبب دعمه لنظام الأسد وزعزعته للأمن والاستقرار فى سوريا.
وقد استفادت إيران بالفعل من نشأة الحزب، وتمكنَت من تحسين شعبيتها أمام بعض أبناء المجتمع السنِّى تحت مزاعم دفاعه عن أراض عربية ضد إسرائيل، وأظهر الحزب إيران بمظهر الدولة التى تواجه تل أبيب وواشنطن من جهة، خدم الدعم الإيرانى للحزب المشروع الشيعى فى المنطقة من جهة أخرى، كما يمثل الحزب ورقة رابحة بيد إيران تستطيع أن تستخدمها وقتما تشاء فى الضغط على الولايات المتحدة للوصول إلى تسويات أفضل فى الملفات الخلافية بينهما، من جهة ثالثة.

ومنذ اتفاق الطائف الذى أنهى الحرب اللبنانية عام ١٩٩٠، يرفض حزب الله تسليم أسلحته للدولة بالرغم من التزام الأطراف الأخرى بتسليم سلاحها، والأخطر من ذلك استخدام السلاح فى الداخل حيث حوَّل حزب الله بوصلة استخدامه ووجهته إلى الداخل بعد أن كان دوره يقتصر على محاربة إسرائيل كما كان يدعي، وقد ظهر هذا الأمر جليًّا خلال ما عرف بـ«أحداث ٧ أيار» فى عام ٢٠٠٨ فى العاصمة اللبنانية بيروت وبعض مناطق جبل لبنان، ضد معارضيه السياسيين من السنة والدروز والموارنة. وقد أثمرت جهود طهران فى دعم حزب الله الذى أصبح الرقم الأكبر فى المعادلة السياسية اللبنانية، لدرجة أن وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، رفض فى القمة العربية فى مطلع يناير ٢٠١٦ بإيعاز من حزب الله، التصويت على قرار الإجماع العربى ضد التدخل الإيرانى فى الشئون العربيَّة، مما يعكس اختطاف الإيرانيين للقرار اللبنانى بشكل فج.
وروى الأمين العام السابق لحزب الله، الشيخ صبحى الطفيلي، قصة الهيمنة الإيرانية على الطائفة الشيعية فى لبنان، قائلًا: «لا شك أنه جرى استغلال شيعة لبنان ليكونوا فى خدمة إيران سياسيًا وإعلاميًا وعسكريًا، لا يحتاج الشيعة ليتحرروا من هذا إلى أكثر من التوقف عن ذلك، استفدنا من السلطة الإيرانية حين أسسنا المقاومة، ودعمتنا فى محاربة العدو الصهيوني، لكن اختلفنا حين حاولوا أن يستخدموا المقاومة فى ساحات غير فلسطينية، وحين شاركوا فى فتنة حرب المخيمات، وحين قاتلوا فى بيروت فى خدمة عودة الجيش السورى إليها، وحين أشعلوا فتنة شيعية شيعية، وحين جعلوا حزب الله فى خدمة السياسة السورية فى لبنان، وحين اعتمدوا سياسة تجويع الناس، وغير ذلك كثير».
وتابع الطفيلي «أقول لأبناء الشيعة: قيل لكم الموت لأمريكا، وظن البعض أننا حقيقة نريد الموت لأمريكا، لكن نحن فى أفغانستان تحالفنا معها وأردنا حياتها، وفى العراق كنا خدما لها وأردنا لها النصر، وقيل لنا لا نحارب فى سوريا، وبعدها دافعنا عن نظام الممانعة الكاذبة، وبعدها حاربنا فى كل سوريا حتى الأطفال والنساء والبيوت حتى فى الزبدانى ومضايا، واليوم نحن جنود فى العراق فى خدمة طائرات الإدارة الأمريكية وسياستها، وفى سوريا نحن جنود أيضا فى خدمة طائرات الإدارة الروسية وسياستها، وفى اليمن فى خدمة المجال المائى الحيوى للكيان الصهيونى فى باب المندب، وأمريكا وروسيا ومن معهما ليسوا أغبياء ليخدموا مصالح الشيعة ومذهب أهل البيت ويموتوا دفاعا عنا ثم يرحلوا».