رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«منتدى الشباب».. ولا يزال «عواجيز الفرح» يندبون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«عواجيز الفرح: هم طراز من الناس موجود فى كل فرح.. ومن آمالهم أن يتحول الفرح إلى مأتم، وحتى لو تحول إلى مأتم لتحول عواجيز الفرح إلى (عواجيز المأتم)، ولقالوا أيضًا: والتكاليف دى لازمتها إيه؟ إذن هم نوع من الناس لا تعجبهم الأفراح ولا تعجبهم المآتم.. فلا يعجبهم أى شىء، ولا يسألون أنفسهم: ما العمل! ما ضرورة وجودنا؟ ما قيمتنا فى هذه الحياة؟ أى دور لنا؟».
لم أجد أفضل من هذه السطور مقدمة لتوصيفى عواجيز الفرح المصرى الذى بدأ بثورة الثلاثين من يونيو، ولم ينته عند المشروعات القومية العملاقة وعملية إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإلى الجانب منها محاربة الإرهاب، وصولا إلى منتدى الشباب العالمى المنعقد بشرم الشيخ.
تلك السطور كانت مقدمة مقال للكاتب الفيلسوف الراحل أنيس منصور، نشره بصحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ ٢٨ سبتمبر ٢٠٠٧ تحت عنوان: «عواجيز كل فرح وكل مأتم؟!».
ولأنه أنيس منصور فهو قادر على أن يقفز إلينا بأفكاره على مسافة عشر سنوات مضت، ليقدم وصفا تفصيليا لتلك الفئة المندسة التى تسعى بشيوخها وشبابها إلى بث سموم كآباتها وإحباطاتها الشخصية، لتحيل أفراحنا إلى مآتم، بينما هم كانوا جزءا أصيلا من المأتم الذى عشناه طويلا، بسبب انتشار الفساد والجهل وموات الحياة السياسية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك كما كانوا أضلاعا فى فراشة مأتم مصر الكبير التى نصبت أعقاب أحداث يناير ٢٠١١، لتستقطع من عمر الوطن سنة سوداء حكمنا فيها الجاسوس محمد مرسى.
أحد العواجيز الذى غطى الشيب رأسه يستعمل مقاله الأسبوعى، ليهيل التراب على كل إنجاز تحققه الدولة، راح يهاجم منتدى الشباب العالمى، مؤكدا أنه محاولة دعائية فاشلة لتجميل صورة النظام، مرددا عبارات منبوذة يظنها عناوين براقة من قبيل: «هناك أزمة بين الدولة والشباب. الدولة تعتقل آلاف الشباب وتقيد الحريات العامة وتضيق على المجتمع المدنى وتغلق المجال العام».
والواقع أن هذا العجوز كان ولا يزال أحد المنظرين للتيار الناصرى، وكان جزءا من التجربة الحزبية خلال حقبة مبارك، وهى التجربة التى فشلت بكل تنويعاتها السياسية والأيديولوجية فى تقديم مشروع تنموي بديل لمشروع الدولة فى زمن مبارك ولو على المستوى النظرى.
وقد استمر هذا الفشل والعجز حتى بعد يناير ٢٠١١ وإلى وقتنا هذا، لذلك كان من الطبيعى أن تنتصر رؤية الدولة ومؤسساتها فى الواقع العملى، لأنها لم تجد رؤية بديلة يمكن التحاور معها، وإنما الشعارات واللافتات الفارغة من أى مضمون.
وهذا ما يفسر عجز الأحزاب السياسية فى تربية شباب قادر على الفعل السياسى والاجتماعى، لأنه ببساطة يفتقر إلى الحد الأدنى، ألا وهو الأساس النظرى الذى لا تعرقل القيود السياسية مهما بلغت قسوتها إمكانية إبداعه.
على التوازى خرجت «الماشطة السياسية» إسراء عبدالفتاح، لتدشن منتدى شباب مواز على السوشيال ميديا، وتردد ذات الترهات التى كتبها الشيخ العجوز بشأن أن مؤتمر شرم الشيخ خال من أى مضمون وبلا هدف سوى الترويج السياحى للمدينة الشاطئية، وراح كلاهما يتفّه من القضايا والمحاور المطروحة فى المؤتمر على شباب مصر والعالم وفى القلب منها قضية الإرهاب.
القاسم المشترك بين عواجيز الفرح المصرى أنهم جميعا من دعاة التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية تحت ستار قيم التسامح والمواطنة، وأغلبهم ظهر فى اجتماع فندق فيرمونت الشهير الذى شهد أحد مشاهد عهرهم، وهو دعم الجاسوس مرسى وحكم جماعة الإرهاب لمصر، وجميعهم أعضاء بحملة التشكيك فى المشروعات القومية الكبرى، ويرددون نفس عبارات عواجيز كل فرح وكل مأتم كما يقول أستاذنا أنيس منصور: «ليه التكاليف دى؟».
ويصفهم أستاذنا فى مقاله العبقرى أنهم نفاية اجتماعية وهامشيون وقد يكونون شبانا، لكنهم عواجيز الروح والأمل والكفاح، فهم آفة فى مجتمعنا وعاهة فى جسمه الصحيح الشاب، يتفرجون على كل من يعمل، ويشتمونه ويسخرون من أن يكون للمواطن هدف، وأن يكون للوطن كله هدف.
ويختتم أنيس منصور مقاله وكأنه ينصحنا اليوم فى ٢٠١٧، قائلا: «يجب أن نعمل بكل ما لدينا من طاقة ووضوح رؤية على استئصال المتسلقين والمتسللين والمتفرجين والشامتين: عواجيز كل فرح وكل مأتم».