رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فساتين تيريزا ماي.. البلفورية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تيريزا ماى تستعد لإقامة الأفراح والليالى الملاح فى عاصمة الضباب احتفالًا بمئوية وعد جدها آرثر جيمس بلفور، الذى أطلقه يوم ٢ نوفمبر منذ مائة عام الذى دعا إلى إقامة وطن قومى لإسرائيل.
وتيريزا ماى رئيس وزراء بريطانيا خليفة ونستون تشرشل وصناع السياسة التى أدت إلى أن تصبح بريطانيا العظمى الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس والتى بذرت على أرض الشرق كل ما توصل إليه العلم من بذور الفتنة والتفرقة والشتات، كانت رسالتهم هى تدمير الأمة العربية وزراعة دولة تخليقية وقبل ذلك زرع بذور الأحقاد التى عانى منه الأجداد والأحفاد.
ماما تيريزا رئيسة الوزراء الباهتة فى الحضور السياسى والدور الملموس فى سياسة الحكومة خارجيًا وداخليًا، وأداؤها المضحك مثل «أبوحلموس».. لجأت إلى أسلوب دعائى لمحاولة صنع تاريخ سياسى لها، كانت تستطيع أن تحقق هذا الأمل إذا طرقت أبواب البهلوانات.. لكن لأنها أصبحت لا تجيد مهنة بهلوانات السيرك.
أرادت أن توزع الشربات على هدم الحرمات وتدمير المقدسات وتقديم شعب بأكمله وجبة طازجة لأسنان أعداء الإنسانية، أرادت أن يكون هذا الشربات الذى ستوزعه من دماء الشهداء ودموع الثكالى وأنين الجرحى وتستمتع بغناء الغربان على الخراب، والسيوف الحادة التى قطعت الرقاب، ومعاملة الآدميين والإنسان بأقل من معاملة الكلاب!
نعم وبحق إنك يا لندن أصبحت عاصمة الضباب، سوف تسلط الميديا أضواءها على فساتين تيريزا ماى وهى تتمخطر فى الفرح، وتقف فى الكوشة، وتتباهى فى مراقصة ضيوفها من زعماء الصهيونية فى العالم، وينتظر العالم الرقصة مع بنيامين نتنياهو وتزهو ماى وتفخر وهى تحتضنه لتقول فى تصريحاتها إننا فخورون بدورنا فى تأسيس دولة إسرائيل.. جاءت عزرائيل!
نعم تيريزا أنت فخورة عندما تشاهدين اللاجئين يعيشون عيشة القطيع وتطالبين الضحايا والشهداء أن يرضخوا على بطونهم يتسولون التطبيع!
جريمة العصر.. وكل عصر
تحول إلى فخر.. تحول إلى نصر.. ثم إلى فخر!
استمتعى يا تيريزا.. بالوقوف على الأشلاء
فهذا رمز الفخر والكبرياء.. لتدخلى عالم الزعماء
افخرى يا تيريزا.. بهدم الكنائس وأنهار الدماء
زغردى ياتيريزا.. بانتهاك الحرمات والمقدسات وإنزال البلاء
تحالفى مع إسرائيل لكى تغرس الخناجر فى الصدور.. وقدمى التهانى لهم على دفنهم الناس أحياء فى القبور.. وصفقى للذين سرقوا مقدرات الناس فى عز النور.. وشجعى واهدمى كل بيت عربى واقتلعى الزهور.
يبدو أنك تريدين أن تخوضى مع الحق مغامرة وتستمتعين بالدمار ونظرية المؤامرة، سوف تفشل سياستك فى تقديم تحديث لوعد بلفور، فلم يستطع هذا الوعد أن يوفر لإسرائيل الأمان، مهما كان الدعم لأنك تسبحين ضد التيار وثوابت الزمان، ولن تكون الأمة العربية ساحة للأحزان، ولكن مضى الوقت الذى كان لبريطانيا كلمة تحكم الشعوب والمكان، وكل عربى على استعداد أن يضحى من أجل الأقصى ولو داسوا بالمجنزرات على الأبدان.
يا تيريزا.. أيامك فى الحكم معدودة ومكانك فى سجل رؤساء وزراء بريطانيا سيكون بالقطع خارج التاريخ.
وأستعيد لكم بهذه المناسبة واقعة فى أوائل حكم الرئيس السادات وكان لورد كارادون وزير خارجية بريطانيا وصاحب القرار ٢٤٢ الشهير يقوم بزيارة للإسكندرية ممثلًا لمنظمة الطفولة بعد اعتزاله السياسة حيث اتخذ من منظمة الصحة العالمية مقرًا لنشاطه الاجتماعى والمعروف أن الساسة الإنجليز لا يتحدثون فى السياسة بعد اعتزالها وهو تقليد جدير بالاحترام لهذا الجيل وقبل الزيارة قمت بالزيارة الأسبوعية المعتادة لمدير المنظمة وقتها وهو الدكتور عبدالحسين طابا، وزير الصحة الإيرانى، الذى تولى هذه المسئولية بإجماع دول الإقليم، وكنت أحظى بثقة الرجل المهنية ووقتها كانت المسئولة الإعلامية الأستاذة عائشة حتاتة، التى شاركت معى تزكية رجائى أن تتاح لى فرصة لدقائق أن أوجه لهذا الدبلوماسى سؤالًا واحدًا، وتردد الرجل كثيرًا فهذه المنظمة لا دخل لها بالأسئلة السياسية، وطلب منى أن أكتب سؤالا فذكرت له ما هو تفسيرك لقرار مجلس الأمن، هل تقصد أراضى.. أم لا راضى حول تفعيل الانسحاب.. وكان الدكتور عبدالحسين طابا يتوقع أن يرفض الرجل هذه الصيغة، ولكنه عرضها عليه واشترط أن يتم تسجيل الإجابة حتى تحتمل التأويل وفعلًا تم إحضار جهاز جروندنج الكبير والعجلات والشريط البدائى لأنه لم يكن وقتها استخدام الكاسيت وأجهزة التسجيل الحديثة وقال الرجل بالضبط ما نصه:
لقد قمت بصياغة مشروع القرار.. لكن القرار هو قرار مجلس الأمن الذى يملكه حاليًا وهو وحده يملك تفسيره «أما إذا أردتم تفسيره فهذا قراراكم» وأرسلت هذا التصريح لأستاذى الكبير موسى صبرى الذى ظل يتأكد منى أكثر من مرة على هذه الصياغة ودقتها وتصورت أمام هذا الاهتمام سيكون مانشيت «الأخبار» وفوجئت بعدم نشره ولم أعلن لأن هذا قرار رئيس التحرير لكن الذى أرضانى هو لحظات القلق التى مرت على الدكتور عبد الحسين طابا.. وبعد شهور كنت فى زيارة لأستاذنا موسى صبرى، وفوجئت به يقول إن الرئيس السادات هو الذى طلب منه عدم نشر الخبر لأنه يحمل بين سطوره ما يتصادم مع رؤيته لإيقاع الأحداث وقتها ودعوة إلى القيام بعمل عسكرى مصرى على الطبيعة وهذا الخبر سيؤدى إلى نتائج سلبية، وكان الأستاذ موسى صبرى يردد فى لقاءاته بالإسكندرية تلك الرواية.
وأننى أهدى هذه القصة إلى الأمة العربية، فليس الوقت للمظاهرات، والغارات، أو التحليلات أو التفسيرات لكن هذه مناسبة لكى نرد على تيريزا ماى واحتفالاتها بأسلوب آخر، ليس بأفكار اللعنات عليها وعلى جدها البلفورى.. لكن نقول لها على أرض الواقع إن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وشمس الحق سوف تسطع بنورها، فهى تراه بعيدًا ونحن نراه قريبًا وما ضوء الصبح ببعيد.
أما جدها بلفور فإننا يجب ألا نلاحقه فقط بالصيحات والاستنكارات والاجتماعات ولكن نتحرك بكل شجاعة رافعين الرءوس والهامات، هذا هو دور الشعوب والقيادات لرفع الظلم التاريخى بالفدائية وبالتضحيات، ولن أعيد العبارة المستهلكة المتوراثة «أعطى من لايملك لمن لا يستحق» فليس لدينا ترف لبحث من هو المخطئ ومن المحق، دفعنا الدماء والأرض ولن يعيد فقط الحق والثراء والبسطاء.
أما أنتم يا جماهير العرب فعليكم أن تلاحقوه صباح مساء بالدعوات.. ادعو له.. ادعو له.. والباقى معروف.