الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

العلاقات القطرية الإيرانية وتهديد الأمن الإقليمي العربي

روحاني وتميم
روحاني وتميم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قطر تصر على دعم الإخوان .. والتنظيمات المسلحة المعادية للدول الخليجية تدخلت للإفراج عن زوجة زعيم تنظيم داعش فى سوريا

تضمن العدد الثانى من الطبعة الدولية لجريدة «البوابة» ملفًا كاملًا عن العلاقات القطرية الإيرانية، وننشر أجزاء منه على هذه الصفحة حول تنفيذ الدوحة لمخططات طهران على مدى نصف قرن وتهديدها للأمن الإقليمى العربى. بدأت العلاقات السياسية بين إيران وقطر فى 20 سبتمبر 1969 باتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وعام 1992 انحازت طهران للدوحة فى خلافها مع الرياض على ترسيم الحدود، ليبدأ أمراء الدوحة فى خدمة نظام الملالى، وتطورت إلى زيارة الرئيس الإيرانى الأسبق محمد خاتمى للدوحة فى عام 1999. عام 2010 زار أمير قطر السابق، حمد بن خليفة، طهران والتقى المرشد على خامنئى، وشهدت الزيارة اتفاقية بين الحرس الثورى الإيرانى وقيادات عسكرية قطرية.
تطورت العلاقات وتعقدت أكثر عام 2015 بتوقيع اتفاقية تعاون عسكرى بين البلدين تحت مسمى «مكافحة الإرهاب والتصدى للعناصر المخلة بالأمن فى المنطقة».

العلاقات السياسية
فى ٢٠ سبتمبر ١٩٦٩ تم إبرام اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، وتقسيم الجرف القارى بين إيران وقطر، وفى عام ١٩٧١، حصلت قطر على استقلالها السياسي، وكانت علاقتها السياسية مع شاه إيران جيدة، مثلها مثل باقى الدول الخليجية. ولكن بعد اندلاع الثورة فى إيران والإطاحة بالشاه وإقرار نظام الحكم الإسلامى فى إيران، عام ١٩٧٩، بدأت حالة من العداء الصريح ما بين إيران من جهة وحكام الخليج من جهة أخرى، واعتاد آية الله الخمينى انتقاد الحكام العرب ووصفهم بالخيانة والتآمر والخضوع لأمريكا. وأثناء حرب الخليج الأولى (١٩٨٠-١٩٨٨)، وقفت قطر مع دول مجلس التعاون الخليجى فى موقفها المساند للجارة العربية، ودعمت العراق ووقفت فى صف رئيسه الأسبق صدام حسين فى حربه ضد إيران، وتُرجم ذلك الدعم فى تقديم الكثير من القروض والمنح للنظام العراقي. 
ولكن بدأ التقارب بين قطر وإيران، عام ١٩٩٢، حين ساهم الخلاف الحدودى بين السعودية وقطر على منطقة الخفوس، فى تطبيع العلاقات الثنائية بين طهران والدوحة، بعدما استغل الرئيس الإيرانى الأسبق هاشمى رفسنجانى ذلك الخلاف وأعلن مساندة إيران لقطر، ما حدا الأمير القطرى خليفة بن حمد آل ثاني، جد الأمير الحالي، إلى إرسال رسالة شكر له لموقفه الداعم لقطر. وفى بداية عام ١٩٩٩، قام الرئيس الإيرانى محمد خاتمى بزيارة إلى الدوحة، شهدت «توقيع عدد من الاتفاقيات فى مجالات مختلفة، أهمها التفاهم حول عدد من القضايا السياسية الإقليمية والدولية، وإدانة الدولتين لظاهرة الإرهاب، وضرورة التمييز بين العمليات الإرهابية والمقاومة المشروعة».
فى عام ٢٠٠٠، قام أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، بزيارة إلى طهران، وكانت تلك الزيارة هى الأولى التى يقوم بها حاكم دولة خليجية إلى الجمهورية الإيرانية منذ اندلاع الثورة الإسلامية والإطاحة بحكم الشاه. 

حزب الله وقطر 
لا يمكن نسيان كلمة رئيس البرلمان اللبنانى الحليف الأبرز لجماعة «حزب الله» نبيه برى فى عام ٢٠٠٨ بعد اتفاق الدوحة الذى توصلت إليه الفصائل اللبنانية لإنهاء ١٨ شهرًا من الأزمة السياسية فى لبنان شهدت بعض الفترات منها أحداثًا دامية.
كان واضحًا خلال الدعم القطرى لحزب الله وحلفائه (فريق الثامن من آذار) مقابل تيار المستقبل وحلفائه (فريق الرابع عشر من آذار)، ولكن حينها لم يكن سبيلًا سوى الاتفاق، إذ إن الأزمة كانت قد أصابت حياة المواطن اللبنانى بالشلل بعد أن قامت ميليشيات حزب الله بإغلاق أهم مراكز بيروت الاقتصادية والسياسية.
وبعد الاتفاق توجه نبيه برى بالشكر لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى قائلا: «أول الغيث قطرة.. فكيف إذا كان قطر».
وبعدها كانت المحطة الأبرز التى جعلت حزب الله يستقوى على سائر الفرقاء اللبنانيين، هى الزيارة التى قام بها أمير قطر السابق للبنان عام ٢٠١٠، حيث حلّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى ضيفًا على جنوب لبنان معقل حزب الله، وقام بجولة على القرى التى أسهمت قطر فى إعمارها بعد الحرب مع إسرائيل فى العام ٢٠٠٦. وقد استُقبل أمير قطر وقتها بترحاب كبير فى البلدات التى مر فيها، وامتلأت الشوارع اللبنانية المختلفة بإعلانات تحمل عبارة «شكرًا قطر»، كما نظّم له «حزب الله» استقبالًا شعبيًا.

العلاقات الاقتصادية
ترتبط قطر وإيران بعلاقات اقتصادية، وخاصة فى صناعتى النفط والغاز، حيث يأتى جزء كبير من غاز قطر من حقل غاز الشمال المرتبط بإيران، والذى تصفه تقارير الوكالة الدولية للطاقة بأكبر حقل غاز فى العالم، وتبلغ مساحته نحو ٩،٧٠٠ كيلومتر مربع منها ٦،٠٠٠ فى مياه قطر الإقليمية و٣،٧٠٠ فى المياه الإيرانية. وبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين عام ٢٠١٥، نحو ٥ مليارات دولار، وهناك مساع جدية بين قطر وإيران لزيادة التبادل التجارى بين الطرفين، خاصةً بعد رفع العقوبات عن طهران، وعقب المقاطعة العربية الأخيرة لقطر من المرجح أن يزداد حجم التعاون التجاري.

قطر والحوثيون
العلاقة بين جماعة الحوثيين اليمنية ظهرت للعلن أول مرة أثناء مواجهات صعدة الرابعة، والتى حدثت فى الفترة بين (يناير – يونيو) ٢٠٠٨، وبدأت فى ٢٨ يناير ٢٠٠٧، عندما اشتبكت عناصر من الحوثيين مع القوات اليمنية وقتلت ٦ جنود وأصابت ٢٠ آخرين، وبعدها حدثت مواجهات أخرى خلفت عشرة قتلى وأكثر من عشرين جريحا، وفى شهر فبراير شنت القوات اليمنية حملة على صعدة قتل خلالها ما يزيد على ١٦٠ من الحوثيين، وتقدمت نحو منطقة مطرة الجبلية، آخر معاقل المتمردين شمال محافظة صعدة.
ولكن تدخلت قطر بالوساطة، وتم الاتفاق على هدنة فى ١٦ يونيو تقضى بوقف تقدم الجيش اليمنى نحو منطقة مطرة، والإفراج عن مساجين حوثيين فى السجون اليمنية، مقابل تسليم سلاح المتمردين وأن يتم إبعاد عبدالملك الحوثى وعدد من القيادات الأخرى إلى الدوحة، على أن تتولى قطر دفع مساعدات وتعويضات وإعادة الإعمار.
العلاقات الإعلامية
تعتمد قطر بشكل كبير على أدواتها الإعلامية ومؤسساتها الثقافية، كنقاط للتأثير فى محيطها العربى والإقليمي، والنظر إلى الطريقة التى غطت بها قناة الجزيرة الانتخابات الإيرانية الأخيرة مثلا، يوضح التوجه القطرى نحو إظهار إيران كدولة ديمقراطية تتجاوز ديمقراطية الغرب، متناسية ديكتاتورية نظام الملالى وقمعه للشعوب، وعقب قرار مقاطعة قطر، تغيرت لهجة الإعلام القطرى تجاه إيران وأذرعها، حيث استخدم موقع الجزيرة على الانترنت مصطلح «الجيش العربى السوري» بدلا من مصطلح «قوات النظام» الذى استخدمته منذ العام ٢٠١١، وقامت الجزيرة أيضا بتغطية خطاب حسن نصر الله الذى هاجم فيه قمم الرياض الثلاثة التى عقدت مؤخرا. وحتى ثقافيا، تعمقت العلاقات بين البلدين، لدرجة قيام قطر بتمويل بعض الأفلام الإيرانية بشكل مباشر، إذ قامت «مؤسسة الدوحة للأفلام» التى تملكها «المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني» شقيقة أمير قطر بتمويل فيلم «البائع» الإيرانى الحاصل على أوسكار ٢٠١٧، وعلى إثر ذلك تصاعدت احتجاجات داخل الأوساط الثقافية فى طهران، ونشرت وقتها عددا من المقالات بالصحف الإيرانية تهاجم تمويل قطر لأفلام إيرانية، بسبب دعم قطر للإرهاب التكفيرى فى المنطقة، كما حذرت الدوائر السياسية المخرج الإيرانى «فرهادي» من التعامل مع قطر.

التنسيق الإقليمى 
انعكست العلاقات العسكرية بين البلدين على التنسيق والتعاون بين وكلائهما فى الإقليم وظهر هذا جليًا عقب ثورات الربيع العربي ٢٠١١، وما تلاها من أحداث انخرط فيها الوكلاء الإقليميون للدولتين، فرغم الاختلاف الاستراتيجى بين رؤى قطر وإيران بخصوص مستقبل الصراع فى سوريا وفى اليمن، إلا أنهما استطاعا الحفاظ على حدٍ أدنى من التنسيق، ولم ينجرا إلى الدخول فى صراع مباشر.
ومن أبرز الأمثلة على هذا التنسيق، الدور القطرى الذى لعبته الدوحة فى الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين الذين احتجزتهم قوات المعارضة السورية عام ٢٠١٢ فى محافظة حلب، وكذلك دورها فى صفقة راهبات صيدنايا مقابل معتقلات سوريات من ضمنهم كانت زوجة البغدادى زعيم تنظين داعش، وكذلك دور قطر فى صفقة جبهة النصرة الإرهابية مع حزب الله الإرهابى فى عرسال اللبنانية عام ٢٠١٣، حيث كانت جبهة النصرة قد أسرت بعض عناصر الجيش اللبنانى وعناصر من حزب الله.
يوميا عناصر السجن يبدأون من منتصف الليل مهاجمة المعتقلين فى القسم السادس الذى يضم ٣ غرف، اثنان منها للمدمنين والمتهمين فى قضايا قتل.

العلاقات العسكرية 
بالتوازى مع تطور العلاقات السياسية بين البلدين بدأت العلاقة فى المجال العسكرى تتطور وتظهر أكثر فأكثر، ففى عام ٢٠١٠، زار حمد بن خليفة، أمير قطر السابق، طهران، والتقى بالمرشد خامنئى، وخلال الزيارة وقع البلدين اتفاقية أمنية بين ممثلين عن الحرس الثورى وقيادات عسكرية قطرية.
وفى عام ٢٠١٣ تم الكشف عن لجوء الدوحة إلى القوات الإيرانية، لتدريب خفر السواحل القطرية فى مجال مكافحة المخدرات، فضلا عن قيام الدولتين بمناورات مشتركة بين قوات خفر السواحل الإيرانية ونظيرتها القطرية.
التعاون العسكرى بين الدولتين بلغ ذروته عام ٢٠١٥، وشهد هذا العام توقيع اتفاقية أمنية وعسكرية بين الجانبين تحت مسمى «مكافحة الإرهاب والتصدى للعناصر المخلة بالأمن فى المنطقة».

مستقبل العلاقات 
الآن، وعقب المستجدات الأخيرة وإصرار الدول الخليجية على معاقبة قطر، وإصرار الدوحة على دعم جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات المسلحة المعادية للدول الخليجية، فمن المتوقع أن يحدث تقارب أكثر علانية بين قطر وايران، وهو ما سينعكس بالطبع على العلاقات بين دول الخليج.
عقب الأزمة العربية مع قطر والتى بدأت فى ٢٣ مايو عقب نشر تصريحات صحفية بوكالة الأنباء القطرية على لسان أمير قطر أعرب فيها عن تأييده لإيران، وحماس، وحزب الله. تلقى أمير قطر فى ٢٧ مايو اتصالا هاتفيا من الرئيس الإيرانى حسن روحاني، أكد فيه روحانى أن بلاده تسعى لتعزيز علاقاتها مع دول الجوار وخاصة قطر.