الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

بلفور.. مفوض الوعد المشئوم

 آرثر جيمس بلفور
آرثر جيمس بلفور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لقد أعطى من لا يملك، وعدًا لمن لا يستحق، فيما استطاع الاثنان من لا يملك ومن لا يستحق بالقوة وبالخديعة، أن يسلبا صاحب الحق الشرعي حقه، فيما يملكه وفيما يستحقه"، كلمات راسخة قالها الزعيم جمال عبدالناصر لتوصف الوعد المشئوم الذي عرف فيما بعد بـ"وعد بلفور"، والذي كتبه رأس الدبلوماسية البريطانية آرثر جيمس بلفور، ليفتح الباب أمام الحركة الصهيونية العالمية لإقامة كيان لهم على أرض فلسطين.
ولد بلفور في 25 يوليو 1848 قرب مدينة أدنبرة من عائلة أسكتلندية ثرية فكان والده عضوا في مجلس العموم وخاله هو اللورد سالزبري وورث عنه هذا اللقب بعد وفاته.
وفي 2 نوفمبر 1917، كتب بلفور لرئيس وزراء بريطانيا: "حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”، وهي الكلمات التي خطها السياسي البريطاني الذي حمل حقيبة الدبلوماسية في حكومة ديفيد لويد جورج وكانت بمثابة الشرارة التي انطلقت منها نيران الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين بتفويض إنجليزي رسمه وزير الخارجية البريطاني. 
وقبل 100 عام لم يكن لبلفور أي ذكر في التاريخ المعاصر إلى أن قرر أن يربط اسمه بهذا التصريح أو الوعد الذي أطلق العنان لإقامة دولة الاحتلال المزعومة على أرض عربية خالصة، فلم يكن لبلفور أي اهتمامات سياسية في بداية حياته، فقد درس في مدرسة ايتون العريقة والمعروفة بـ"معقل النخبة والأثرياء" في بريطانيا والتحق بجامعة كامبرديج لاحقا.
وارتكز بلفور في بداياته على هواية الشعر والموسيقى، وذاع صيته في البداية باعتباره فيلسوفًا مهما بعد ما كتب العديد من الإصدارات وكان أشهرها "دفاعا عن فلسفة الشك" و"أسس الإيمان" و"التوحيد والإنسانية".
وفي 1874 أصبح بلفور نائبا عن حزب المحافظين في مجلس العموم، وبعد أربع سنوات أصبح السكرتير الشخصي لخاله اللورد سالزبري وبعدها تولى منصب وزير الخارجية في حكومة بنيامين دزرائيلي.
وكان بلفور "ضعيفا" واستهان به قادة الحكم في بريطانيا، حيث ساد اعتقاد في أروقة الحكم أن بلفور يمارس العمل السياسي من باب "الهواية والتسلية"، إلا أنه في عام 1891 أصبح رئيسا لمجلس العموم والمسئول الأول عن الخزانة واحتفظ بنفس المنصب في الانتخابات التي جرت عام 1895.
وبعد تقاعد اللورد سالزبري تولى بلفور منصب رئيس الحكومة عام 1902، إلا أنه فشل في هذا المنصب واضطر إلى الاستقالة من منصبه عام 1905، بسبب الانقسامات حول مسألة حرية التجارة وسوء علاقة بلفور بالملك. 
ورغم استقالته من قيادة الحزب لكن مسيرته السياسية كانت أبعد ما تكون عن النهاية، فقد تولى منصب كبير اللوردات لشئون البحرية العسكرية لدول الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها استلم منصب وزير الخارجية.
ولم يعرف الدافع بعد إلا أن مراقبين يرون أن بلفور أراد أن يصنع مجدا شخصيا في حياته المليئة بالفشل والانتكاسات عندما أصدر "وعد بلفور"، بالتعاون مع "المهووس بالحيوانات" المصرفي البريطاني وأكبر زعماء اليهود في بريطانيا اللورد ليونيل والتر روتشيلد، حيث تعهد بلفور لروتشيلد بوقوف بريطانيا إلى جانب الحركة الصهيونية في سعيها لإقامة وطن لليهود في فلسطين. 
وبعد 100 عام لا تزال بريطانيا تأبى أن تعتذر عن هذا الوعد المشئوم، فقد رفضت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي الاعتراف بسقطة بلفور، وقالت إن بلادها "فخورة بدورها في إقامة إسرائيل"، تحت مزاعم إحلال سلام دائم في العالم.