الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مفتي الجمهورية في حواره لـ"البوابة نيوز": الإجهاض حرام شرعًا.. وزواج القاصرات "جريمة".. وليس كل ما في "التراث" صالحًا لعصرنا.. ولا كل "أزهري" مؤهلاً للإفتاء

مفتى الجمهورية في
مفتى الجمهورية في حواره لـالبوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توحيد الفتاوى «غير منطقى».. والقانون الرادع ضرورة لضبطها
الصوفية تدافع عن الدولة.. والتنظيمات الإرهابية هدفها الوحيد هدم السلطة
استخدام وسائل تنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة «جائز»
الفهم الخاطئ لقول الله «ومن لم يحكم بما أنزل الله» وسع دائرة الكفر

أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أنه ليس كل أزهرى يصلح للعمل فى مجال الفتوي، ويشترط خضوعه لدورات تأهله لهذه المهمة، مشددًا على أن توحيد الفتوى لا يمكن تحقيقه بقدر ما يمكن التوصل إلى فتاوى كبرى تهم الأمة جمعاء. وقال علام فى حواره لـ«البوابة»، إن دعوات الإجهاض الآمن غير جائزة شرعًا، كما أن زواج القاصرات، يعد من الجرائم التى يجب أن تواجه بكل حزم.. وإلى نص الحوار.

■ فى البداية.. البعض يطرح التصوف بقوة كفكرٍ قادرٍ على مواجهة الإرهاب.. فما رأيكم؟
- التصوف الصحيح المبنى على العلم والشرع لديه إمكانات كبيرة فى المعركة ضد الإرهاب والتطرف دفاعًا عن صحيح الدين وصورته الحقيقية، وعن الدولة ككيان جامع لآمال مواطنيها وحامية لأمنهم ومستقبلهم، وكذلك عن المجتمع وسلمه الأهلى وتعايشه السلمى.
والصوفية تعد ساحة كبيرة وممتدة لجذب الشباب الطامح لبذل الجهد والطاقة فى سبيل خدمة دينه ووطنه، بعد أن أدرك خواء التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التى لا همَّ لها سواء الاستيلاء على السلطة والحكم فى العديد من البلاد العربية والإسلامية، خاصة أن علوم التصوف تحمل خطابًا روحيًا وتربويًا أساسيًا فى مواجهة الإرهاب والتطرف، فهى ترقق القلوب وتشغل الفراغ الروحى وتمثل مجالًا لاجتذاب طاقات الشباب العطشى إلى تجارب روحية لاستثمار ميل بعضهم لهذه التجارب بعد أن ملّوا ثقل الحياة المادية سواء أصابوا حظا منها أو لم يصيبوا.
■ ما موقع المواجهة الفكرية من عمليات استهداف رجال الجيش والشرطة؟
- الحرب الفكرية مع الإرهاب والتطرف لا تقل ضراوة عن المواجهات الميدانية بالجبهات العسكرية مع أولئك المتطرفين، الذين يلوون عنق الأدلة ليصدروا فتاوى تبرر لهم أعمالهم الإجرامية، ونحن فى دار الإفتاء وعبر مرصد الفتاوى التكفيرية، الذى يعمل على مدار الساعة فى رصد وتحليل وتفنيد كل الدعاوى والأباطيل التى تطلقها الجماعات المتطرفة، حماية للأمة من الانسياق خلف هذه الأفكار الهدامة، ومنها الفتاوى التى تدعو إلى قتل رجال الأمن والعمليات التفجيرية الانتحارية التى يبررها المتطرفون بنصوص دينهم يفسرونها تفسيرًا منحرفًا، فكان لزامًا علينا أن نبين انحرافهم.

■ ماذا عن دوركم فى تحصين الشباب؟
- للأسف كل المجموعات والتنظيمات الإرهابية ترتدى عباءة الدين، وتقوم بإغراء الشباب بتأويلات فاسدة، وتقنع الناس بأسلوب أو بآخر أن التفسيرات التى انتهوا إليها فى النص الشرعى تفسيرات صحيحة، لذا فإننا نطالب الشباب أن يدركوا أن العلم له قواعد وأصول، فينبغى أن يؤخذ هذا العلم من أصحابه لا من أولئك الذين تبنوا مثل هذه الأفكار ولا من الذين يعيثون فى الأرض فسادًا.
كما أننى أحذر من الفهم الخاطئ لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ}، والتى يستند إليها المتطرفون فى قضية الحاكمية، بأن ذلك الفهم عمل على توسيع دائرة الكفر، فقال: «وبطبيعة الحال؛ فإن هؤلاء الحكام يحكمون أُناسا وشعوبًا، ومن يرتضى من الشعوب بهؤلاء الحكام فهو داخل فى الدائرة، إلى أن ينتهى الأمر بنتيجة حتمية، وهى مواجهة هؤلاء الحكام والشعوب ومواجهة كل من رضى بحكم هؤلاء لأنه داخل فى الدائرة أو هذه البؤرة، مما يؤدى فى النهاية إلى حالة من الصراع الحقيقي، ومن خلال تتبعنا لهؤلاء؛ فإن مفهوم الخلافة، من أكثر المفاهيم الإسلامية التى تعرضت إلى التشويه والابتذال فى وقتنا الحاضر، حتى أضحى المفهوم سيئ السمعة لدى أوساط غير المسلمين، بل وبين المسلمين أنفسهم، وفى الدول ذات الأغلبية المسلمة، وأقول إن الدين الإسلامى لا يشترط ولا يحدد نظامًا واحدًا للحكم، والعبرة فى اختيار نظام حكم دون غيره هى تحقيق المصلحة العليا للبلاد والعباد.
■ كيف تتم المواجهة الفكرية للمناطق المستردة مؤخرا من قبضة داعش؟
- على العلماء فى هذه البلاد أن يوجدوا فى هذه المجتمعات خطابًا وسطيًّا لا يسمح بالتطرف ويسعى للبناء ويعزز اندماج المسلمين فى مجتمعاتهم؛ ليكونوا أعضاءً نافعين لوطنهم وليحققوا غاية الله من استخلاف الإنسان فى الأرض بعمارة الكون، فالسبيل الأمثل لمواجهة التطرف والإرهاب هو المعالجة الفكرية؛ لأن «داعش» وغيرها من الجماعات المتطرفة تقوم على تفسيرات منحرفة للنصوص الدينية.
كما أنهم سيكونون فى حاجة ماسة إلى دراسة مستفيضة لأسباب انتشار ظاهرة التطرف والانضمام إلى الجماعات الإرهابية بين الشباب حتى يمكنهم التعامل معها بشكل منهجى وعلمي.

■ وماذا عن دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم؟
- الأمانة العامة هى أول هيئة علمية متخصصة تضم ما يزيد على ٣٠ مفتيًا وعالمًا من مختلف دول وقارات العالم، تمثل المنهج الوسطى المعتدل وتم الإعلان عنها فى ١٥ من ديسمبر ٢٠١٥، وعضوية الأمانة متاحة لكل الدول الإسلامية حول العالم طبقًا للائحة الأمانة، بهدف ترسيخ منهج الوسطية فى الفتوى، وتبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، وتقديم الاستشارات العلمية والعملية لدُور وهيئات الإفتاء لتنمية وتطوير أدائها الإفتائي، وتقليل فجوة الاختلاف بين جهات الإفتاء من خلال التشاور العلمى بصوره المختلفة، والتصدى لظاهرة الفوضى والتطرف فى الفتوى.
■ وما الهدف من إنشائها؟
- هدف الأمانة هو التنسيق بين دور وهيئات الإفتاء والقرارات والتوصيات يتم الاتفاق والتصويت عليها من قبل الأعضاء قبل إصدارها، وبعدها يتم تشكيل لجان لمتابعة تنفيذ هذه القرارات والتوصيات على أرض الواقع، وكذلك وضع الجدول الزمنى والآليات لتنفيذها.
■ أعلنتم خلال المؤتمر الأخير أنكم سائرون على طريق التجديد.. فكيف ذلك؟
- الفتوى فى الآونة الأخيرة أصبحت بمثابة سيفٍ مسلط فى وجه المجتمعات، تسهم بشكل كبير فى إحداث الاضطرابات، نتيجة لاستغلالها من قِبل المتشددين أو المتطفلين على الإفتاء، وبالتالى حرصت الأمانة على عقد هذا المؤتمر لعلاج تلك الظاهرة، استكمالًا لجهودها فى تقديم الاستشارات والحلول العلمية والعملية، وتطوير الأداء الإفتائي، والتصدى لظاهرة الفوضى والتطرف فى الفتوى، ووضع المعايير الصحيحة لتمييز الفتاوى الشاذة من التجديد الصحيح والاجتهاد الرشيد، وعمل مدونة كبرى لخبرات المؤسسات والدول المشاركة وتجاربهم فى التصدى للظاهرة، ووضع الخطوط الأولى لمقترحات تقنين التصدر للإفتاء فى الدول المشاركة، والخروج بمبادرات قانونية وإجرائية وقائية وردعية للتعامل مع المشكلة.

■ توصيات المؤتمر الأخير بتفعيل مادة أصول الفقوى فى مجال ضبط الفتوى بناء على اقتراح شيخ الأزهر.. فكيف تنظرون إليها؟
- أصول الفقوى من العلوم التى لا غنى عنها للمشتغلين بالإفتاء؛ لأن هذا العلم يضبط أصول الاستدلال، وذلك ببيان الأدلة الصحيحة من الزائفة، ويحدد منهجية علمية للاجتهاد خاصة فى المسائل المستحدثة، وكذلك يمكن من إدراك الواقع والتطور الحادث فى المجتمعات، وأن يكون المفتى صاحب عقلية إفتائية، كما يغلق الباب على أصحاب الفكر المتطرف وأصحاب الفتاوى الشاذة من الإفتاء بغير علم.
■ خلق بعض علماء الأزهر أزمة بآرائهم وفتواهم الشاذة.. فكيف يتم التعامل معهم؟
- دائمًا ما نؤكد ونكرر أن ليس كل من تخرج فى جامعة الأزهر مؤهلًا للإفتاء، ولكن يتم تدريب وتأهيل من يتصدر للإفتاء على علوم ومهارات خاصة، حتى يستطيع التعامل مع الواقع وإنزال الحكم الشرعى بشكل صحيح وغيرها من الأمور، وإلى أن يصدر القانون نحن وضعنا فى دار الإفتاء آليات نتبعها لمواجهة فوضى الفتاوى؛ وذلك يتم عن طريق إجراءين، أحدهما وقائى والآخر إصلاحي، فالوقائى يتمثّل فى نشر الوعى بمفاهيم الإفتاء الصحيحة، وحثّ الناس على ألا يسألوا غير المتخصّص، بينما الإصلاحي، معنىّ بنشر تصحيح للفتاوى المغلوطة والرد عليها.
■ ما السبب فى ظهور الفتاوى الشاذة مؤخرًا؟
- السبب تصدر غير المتخصصين للفتوى، واستغلال بعض وسائل الإعلام من أجل الإثارة، وهذه إشكالية كبيرة يجب حلها ومواجهتها؛ لأنه للأسف أصبح غير المتخصصين ضيوفًا دائمين فى بعض القنوات الفضائية التى تسعى للإثارة من أجل مزيد من المشاهدات، مع أنها تسبب الاضطراب فى المجتمع.
هذا بالإضافة إلى بعض الثقافات الواردة إلينا بفكر متشدد بعيد كل البعد عن وسطية الإسلام ومنهجية الأزهر الشريف التى تحافظ على هذه الوسطية من موجات التشدد وموجات التسيب والإلحاد.

■ ماذا عن الفتاوى المسيسة؟
- لا شك أن الفتوى كانت حاضرة فى جميع ما يجرى فى المجتمعات الإسلامية اليوم من عدم استقرار واضطراب للأمن، فكل ما يجرى اليوم يجد من يبرره بفتوى تؤيد فكره واتجاهه، حتى ما يجرى من إراقة الدماء؛ جاءت فتاوى لتأييده وتبريره، وهى كذلك يمكن أن تكون عاملا من عوامل الاستقرار إذا وضعت فى إطارها الصحيح، ووجدت من يُقَدِّمها للعامة بعيدًا عن الأهواء والشهوات ومحاباة الاتجاهات الفكرية والسياسية.
وأخطر ما يواجه استقرار المجتمعات اليوم أن تصبح الأفكار والاتجاهات هى التى تقود الفتوى، بل إن الفتوى أصبحت تُكَيَّف لتحقيق غايات هدفها تأييد اتجاهات أكثرها تصب فى مصالح سياسية، ولو أدَّى ذلك إلى ليِّ أعناق النصوص وتأويلها تأويلًا بعيدًا لا تحتمله لغة، ولا يقبله عقل.
يقول ابن القيم: «لا يجوز العمل والإفتاء فى دين الله بالتشهى والتحيز وموافقة الغرض، فيُطيل القول الذى يوافق غرضه وغرض من يُحابيه؛ فيعمل به، ويفتى به، ويحكم به، ويحكم على عدوه ويفتيه بضده، وهذا من أفسق الفسوق وأكبر الكبائر».
■ يرى البعض أننا بحاجة إلى توحيد الفتوي.. فما تعقيبكم؟
- ليس المقصود بتوحيد الفتوى هو وضع فتاوى ثابتة لكل البلدان، فهذا غير منطقى ولا علمي؛ لأن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، ولكن من الممكن أن نتكلم عن توحيد الفتاوى التى تعم الأمة جميعا أو الفتاوى المجتمعية، والتى يحتاج لها الناس فى كل مكان، أما توحيد الفتوى فى كل مكان فى العالم أمر فى غاية الصعوبة، فكل دولة لها عادات وتقاليد. ولكن يمكن فقط توحيد ما نسميه بـ«الفتاوى الكبري» التى تهم كل الأمة، والتى يمكن فيها أن يحدث اتفاق وتنسيق، بين هيئات ودور الإفتاء فى العالم.
■ هل تأخر البرلمان كثيرًا فى إطلاق القانون؟
- لا شك.. فإصدار هذا القانون أمر مهم للغاية لضبط عملية الفتوى فى مصر، ووضع الضوابط القانونية لمن يتصدرون للفتوى لمنع غير المتخصصين من اقتحام الفتوى وإثارة البلبلة فى المجتمع، فنحن بحاجة إلى جانب هذا القانون أن ننشر ثقافة الاستفتاء الصحيحة، والتى تؤكد ضرورة عدم أخذ الفتاوى من غير المتخصصين، وأن يكون هناك نبذ مجتمعى لكل من يتعرض للفتوى بغير علم أو تأهيل، وكذلك على وسائل الإعلام ألا تستضيف إلا العلماء الثقات المؤهلين للإفتاء، لمواجهة الفتاوى الشاذة فى مجتمعاتنا. وبالطبع القانون سينظم الفتوى وهو أمر ضروري، وسيسهم بشكل كبير فى مواجهة فوضى الفتاوى وظهور الفتاوى الشاذة.

■ هل نحن بحاجة إلى منع الفتوى عبر الفضائيات.. أم يمكن تقنينها؟
- ليس المنع.. ولكن اللجوء لأهل التخصص والعمل على الإنارة، وليس الإثارة وعدم الانجراف وراء موجات الفتاوى العجيبة التى تصدر من حين لآخر، باستضافة بعض القنوات لغير المتخصصين.
■ وهل التصدى للفتوى مسئولية المؤسسات الدينية وحدها؟
- بالطبع لا.. مواجهة فوضى الفتاوى وكذلك تجديد الخطاب الدينى ليس مسئولية المؤسسة الدينية وحدها، ولكنه مسئولية مشتركة لجميع مؤسسات الدولة المعنية ببناء الإنسان فكريا ومعنويا وثقافيا.
■ البعض يصف كُتب التراث بأنها عائق أمام حركة التجديد والتنوير.. فما تعقيبكم؟
- التراث الإسلامى يحتاج إلى عقل رشيد، يتعامل مع هذا التراث، فهو فخر للأمة الإسلامية والمسلمين؛ لأنه نتاج عقول مختلفة رشيدة ومدركة، لأن كثيرًا من الأحكام والمسائل التى وُجدت فى التراث تختلف فى عهدها عن الوضع الحالى، وتحتاج إلى إنسان مدرك للواقع الذى يعيش فيه ويستخرج المنهج من التراث كى يُطبّق هذا المنهج لتعامله مع القضايا المعاصرة.
وليس كل ما فى كتب التراث يصلح لعصرنا الحالي؛ لأن بعضها كانت قضايا تتعلق بزمان وظروف وأشخاص معينين، ولا تنطبق على واقعنا المعاصر، لذا يجب على من يصدر الفتاوى أن ينظر إلى واقع المجتمع وأحوال الناس ومآلات ما سيصدره من فتاوى حتى لا يحدث بلبلة واضطرابًا فى المجتمع.

■ كيف تنظر دار الإفتاء إلى شبكات التواصل الاجتماعى وخطورته؟
- نحن أمام إشكالية تحتم علينا التعامل بذكاء مع شبكات التواصل الاجتماعي، فهناك صفحات إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعى تسعى إلى نشر الأفكار الهدامة التى تثبط الهمم وتنشر الفوضى فى المجتمع وتحاول تجنيد الشباب لتنفيذ مخططاتهم، ومصر تتعرض لهذه الإشكالية فى قيمها الاجتماعية وحتى فى قيمها العلمية. لذا كان على دار الإفتاء أن تقتحم الفضاء الإلكترونى فى حربها على التطرف والإرهاب لتحصين الشباب من الوقوع فى براثن التطرف، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس بلغات مختلفة، وبخاصة فئة الشباب الأكثر استهدافًا من قِبل جماعات التطرُّف والإرهاب.
وقدمنا كذلك خدمة البث المباشر لمزيد من التواصل عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على «فيس بوك»؛ حيث تتلقى الأسئلة والاستفسارات من المتابعين وبخاصة الشباب ويقوم علماء الدار بالرد عليها مباشرة.
كما أن الدار حريصة أيضًا على التواصل المباشر مع الشباب فى مراكز الشباب والجامعات والمساجد، فى مختلف محافظات مصر، وعقد مجالس إفتائية بشكل دورى بالتعاون مع وزارة الشباب، فضلًا عن الوجود الكبير لعلماء الدار فى وسائل الإعلام المختلفة؛ المقروءة والمسموعة والمرئية.
■ كيف يمكن الحد من خطورة التواصل الاجتماعى والفضائيات المروجة للفتاوى الشاذة؟
- يجب أن يكون هناك قانون رادع يمنع غير المتخصصين من إصدار الفتاوى، وفى الوقت نفسه، أن يكون هناك ميثاق شرف يلتزم به الجميع، وقبل كل هذا يجب توعية الناس بضرورة أخذ الفتوى من أهل العلم الثقات ومن المؤسسات المعتمدة المخول لها الفتوى، حتى لا يكونوا فى حيرة من أمرهم.
■ هل ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فى تزايد؟
- نعم.. للأسف الشديد، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل من أهمها العمليات الإرهابية التى أصبحت تقع من حين لآخر فى الدول الغربية، مما زاد من موجات الخوف والعداء تجاه الإسلام والمسلمين، فأصبحت الإسلاموفوبيا تجتاح العالم، وذلك يحتاج إلى عقول مدركة لكيفية توصيل رسالة الإسلام السمحة على الوجه الصحيح ومراعاة خصوصية هذه المجتمعات، ومن الضرورى أن يكون هناك التقاء بين المسلمين وغيرهم، مما يعطى تقاربًا وتبادلًا للرؤى ويفسح المجال لإظهار الوجه الحقيقى للإسلام، وهى ضرورة ملحة على المستويات كافة، وفى كل المجالات، بل هى خطوة ينبغى أن تستمر ويظهر من خلالها الدور الحضارى للإسلام.

■ وما الخطوات التى تمارسها الدار للتقليل منها؟
- دار الإفتاء أدركت كل هذه التحديات، فسعت إلى التواصل مع دول العالم بوسائل وطرق عدة، منها الجولات التى يقوم بها علماء الدار فى قارات العالم أجمع لتصحيح صورة الإسلام، وكذلك التواصل مع الجاليات المسلمة وتدريب أئمة مساجد الجاليات المسلمة فى الخارج، وإنشاء مرصد للإسلاموفوبيا لتحليل هذه الظاهرة ومحاولة مواجهتها بطريقة فكرية منظمة.
وسعت الدار للاستفادة بشكل كبير من الثورة التكنولوجية الهائلة والفضاء الإلكترونى فى التواصل مع العالم، فأنشأت صفحات بلغات مختلفة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، فضلًا عن الموقع الرسمى لدار الإفتاء الذى يتلقى الفتاوى ويعرض الأحكام الشرعية بوسائل حديثة وبأكثر من ١١ لغة، وكذلك الجولات الخارجية لعلماء الدار فى الخارج من أجل التواصل وتصحيح صورة الإسلام.
■ هل نحن بحاجة إلى تنظيم النسل أم تحديده؟
- تنظيم الإنجاب جائز شرعًا، ولا يتعارض مع حديث الرسول الذى ذكرته؛ لأن الكثرة مع الضعف تكون عبئا على الأمة وليست ميزة، بل القلة القوية خير من الكثرة الضعيفة التى لا تنتج ولا تنفع وطنها، بل تكون عبئًا عليه يعوق تنميته ورقيه.
■ وماذا عن وسائل منع الإنجاب؟
- يجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة، إلى أن تتهيأ لهما الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى فى ظروف ملائمة، ودار الإفتاء استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعا، وهذه المنظومة التى نسير عليها، متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة، وهناك اتساق بين جميع النصوص الشرعية فى هذا الشأن التى تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ونحن أمام قضية مهمة تستحق تكاتف جميع الجهات للتعامل معها بما يصب فى صالح الوطن ويحقق التنمية المنشودة.

■ كيف تنظر دار الإفتاء إلى أزمة زواج القاصرات والمشاريع المقدمة لمنعه؟
- زواج القاصرات يُعد جريمة، ولا يجب على الأهالى أن يتحايلوا على القانون من أجل زواج بناتهم، وما يحدث من زواج القاصرات فهو أمر خطير يجب التصدى له بالتوعية من قبل جميع الهيئات والمؤسسات المعنية، وكذلك بسن القوانين الرادعة التى تحفظ حقوق الأطفال والفتيات من الوقوع فى هذا الخطر. فحينما قال الرسول للشباب: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، ليس معنى هذا القدرة الجسدية أو البلوغ فقط، لكنه يتضمن الوصول إلى سن الرشد والمسئولية.
■ بعض المنظمات الحقوقية تطالب بالإجهاض الآمن.. وما حكم الشرع فى تقنين تلك الأمور التى تحدث فى أماكن «بير سلم»؟
- الإجهاض حرام شرعًا، ما لم يكن هناك سببٌ طبيٌّ معتبرٌ، أو يمثل استمرار هذا الحمل خطرًا على حياة الأم، وهنا نحن نكون أمام حالتين، الأولى أن يكون عمر الجنين أقل من مائة وعشرين يومًا، ففى هذه الحالة إذا كان رأى الأطباء والمختصين أن استمرار الحمل قد يودى بحياة الأم أو يسبب لها ضررًا بالغًا؛ فإنه يجوز. أما الحالة الثانية فتكون إذا بلغ عمر الجنين ١٢٠ يومًا؛ فإنه لا يجوز الإجهاض، إلا إذا كان فى استمرار الحمل خطر على حياة الأم أو صحتها، وذلك ارتكابًا لأخف الضررين لدفع أعلاهما، وتقديمًا لحياة الأم المستقرة على حياة الجنين غير المستقرة، أما غير ذلك فلا يجوز شرعًا ويحرم الإجهاض.