رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القرضاوي وعلي جمعة.. من كذب على الشعراوي؟ «1»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الدكتور على جمعة إن الشيخ الشعراوى - رحمه الله - كان يبغض جماعة الإخوان، مما جعل الدكتور القرضاوى يرد عليه فى كتابه: «الرد العلمى على شيخ الأزهر»، تضمن الرد إهانات بالغة للإمام الأكبر وللشيخ على جمعة، لكن يعنينا هنا قول القرضاوي: «ومما يتلبث به - أى د. على جمعة- الكذب على الأموات، الذين لهم مكانة فى قلوب المصريين، ليصل إلى غايته، فقد ادَّعى أن الشيخ الشعراوى كان يبغض الإخوان جدا!، مع أن قول الشعراوى عنهم معروف: «شجرة مباركة ما أعظم ظلالها، ورضى الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجل ثمرتها».
والحقيقة أن الشعراوى كان يبغض الإخوان ويرفضهم رفضا شديدا، ولكن قبل بيان ذلك ألفت النظر إلى أن القرضاوي- وجماعة الإخوان- دلسوا فى النقل عن الشعراوى من حيث إنه لم ينقل نص كلامه، ولا السياق الذى جاء فيه.
فالشعراوى فى حواره مع الإعلامى طارق حبيب بدأ إجابته عن رأيه فى الإخوان بتنهيدة تحمل الحزن والأسى على ما آلت إليه الجماعة، فقال مبتدئا كلامه بالفعل الماضي»: (كنتم) شجرة ما أروع ظلالها..إلخ، الأمر الثانى متعلق بالسياق، فلم يكن الشعراوى فى موضع التحليل للجماعة وفكرها ومنهجها، بل كان فى موضع إرسال رسائل نصح سريعة، وإلا فالشعراوى فى نفس الفيديو قال عن حسنى مبارك: «نحن سنعينك بأن نصلى من أجلك»، فهل يمكن لأنصار مبارك أن يأخذوا هذه العبارة ويعتبرونها هى رأى الشعراوى فى سياسة الرئيس وتوجهاته وحزبه؟! 
أما عن موقف الشعراوى من الإخوان فيقول: «بداية علاقتى بالإخوان عندما حضر البنا إلى القاهرة، وكان يعجبنى فيه أنه كان قمة فى الدعوة إلى الله، وحافظا للسيرة النبوية، وكتبت أول منشور للإخوان بخط يدي، وكان مضمونه: «إن الإسلام منهج الله، وإن الله -عز وجل- هو الذى خلق الإنسان، وهو ألى بأن يمنهج للإنسان غايته، وإننا نريد أن ننشئ شبابا مسلما حقا، وأن نعطى له مناعة ضد وافدات الحضارة المزيفة التى تريد أن تعزل الأرض عن السماء.. فالجأ إلى هذه الجماعة لتأخذ هذه المناعة».
وفى عام ١٩٣٨م أردنا الاحتفال بذكرى سعد باشا، وألقيت قصيدة امتدحت فيها زعماء الوفد، فغضب البنا، وبعدها وفى جلسة مع مجموعة من الإخوان فيهم البنا، لاحظت أن الحاضرين يتحاملون على النحاس باشا، فاعترضت على ذلك وقلت: إذا كان من ينتسبون إلى الدين يريدون أن يهادنوا أحد الزعماء السياسيين فليس هناك سوى النحاس باشا، لأنه رجل طيب تقي، والحكمة ألا نعاديه، ولكنى فوجئت بأحد الحاضرين يقول: إن النحاس باشا هو عدونا الحقيقي.. وأعدى أعدائنا، لأنه زعيم الأغلبية، وهذه الأغلبية هى التى تضايقنا فى شعبيتنا، أما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنحن «نبصق» عليها جميعًا فتنطفئ وتنتهي! كان هذا الكلام جديدًا ومفاجئا لي، ولم أكن أتوقعه، وعرفت أن المسألة (مسألة الإخوان) ليست مسألة دعوة، وجماعة دينية، وإنما سياسية، وأغلبية وأقلية، وطموح إلى الحكم، وفى تلك الليلة اتخذت قرارى وهو الابتعاد عن الإخوان، وقلت: «سلام عليكم، ماليش دعوة بالكلام ده».
إذن قضية جماعة الإخوان من وجهة نظر الشعراوى (ليست قضية دين ودعوة وإنما قضية سياسية ومطامح إلى الحكم).. وللحديث بقية..
انظر (سعيد أبوالعينين، الشعراوى الذى لا نعرفه، ص٦٨، ٦٩، ومحمد يس جرز، الشعراوى فى عيون معاصريه، ص١٣٧ وحوار الشعراوى مع مجلة المصور).