الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تصحيح الفكر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بادرت المملكة العربية السعودية بخطوات واسعة لتجديد الفكر الدينى، والتخلص من كل الأسانيد الضعيفة التى طالما غذت الفكر الأصولى، واتخذتها التنظيمات الإرهابية التى تتمسح فى ثوب الإسلام سندا لها، وقد قصدت هنا مصطلح تجديد الفكر الدينى، لا المصطلح الدارج " تجديد الخطاب الدينى "، فالخطوة التى اتخذها ولى عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان هى خطوة ثورية، تصب فى صميم المعركة التى يخوضها العالم أجمع ضد الإرهاب، وتستحق الثناء والدعم.
وعلى الرغم من ما أثارته تصريحات ولى العهد من جدل داخل المجتمع السعودى ونقلت حالة من الصدام مع بعض المؤسسات الرجعية، لكنها وضعت أمام العالم أجمع أيضا انحيازا جديدا للقيادة السياسية وإصرارا على التخلص من كل أثار ما سمى وهما بـ " الصحوة الإسلامية " والتى انبثق عنها الفكر الجهادي، وقد استبشرت بها كل دول الجوار، والمنطقة العربية التى دفعت ثمنا باهظا جراء الجرائم الإرهابية والقتل والتدمير تحت ستار الدين.
كنت أتمنى أن يستبقها الأزهر، وهو أحد أعمدة الإسلام الوسطى فى العالم أجمع، والأهم من ذلك أن جمهورية مصر العربية هى الدرع الواقى الذى طالما ما تصدت لجماعات الإرهاب الأسود، وما زالت تخوض حربا شرسة بالنيابة عن العالم ضده، وقد طال انتظار اتخاذ مثل هذه الإجراءات البديهية من مؤسسة الأزهر الشريف، كتنقية ومراجعة الأحاديث الضعيفة والمدسوسة والتى لا سند لها، ومراجعة المناهج التى تدرس فى معاهد وجامعة الأزهر، والتى يصعب أن يستوعبها شباب فى مقتبل العمر، ويسهل أن يسيئ المغرضون ويستغلوها لتحريضهم على العنف والقتل!
دارت المعارك حول كثير من كتب التراث التى كتبت فى نطاق معرفة أصحابها وحدود علوم زمنهم، لكن أصر البعض على تقديس هذه الكتب، وعاملوا نصوصها رغم ما يشوبها من العوار، باعتبارها نصوص مقدسة.
كان الأولى أن تكون الدولة المصرية التى لازالت تبذل أرواح خيرة شبابها وأبناءها فى مواجهة هذه القوى الغاشمة التى تتربص بالمنطقة العربية كلها، والعالم أجمع، كان الأولى بها أن تكون رائدة تجديد الخطاب الدينى، والمبادرة بتوسيع أفاق فهم النصوص القرآنية والأحاديث.
بكل أسف معظم مؤسساتنا الدينية مشغولة بنقاشات تجاوزها الزمن، تواجه أى دعوة وجهت لها بتطوير ذاتها، بحالة من الرفض والإنكار، وكثيرا تم تقزيم مطالب مراجعة وتجديد الفكر الدينى، واستعاضت عنه القوى المحافظة داخل أروقة الأزهر بمصطلح " تجديد الخطاب "، وكأن مراجعة الفكر قد تنتقص من أهمية أو دور المؤسسات الدينية.
فى تقديرى أننا عجزنا طوال الفترة الماضية عن أن نخطو خطوة مماثلة لأننا لم ندرك بعد أن التطرف والعنف والفهم المغلوط للدين هم نتاج حالة مجتمعية كاملة صارت بكل أسف متفشية، وتحتاج إلى علاج سريع وقوى، وأن مراجعة الكتب التراثية والأحاديث المغلوطة صارت ضرورة ملحة، لا يمكن تأجيلها، فكما قلنا مرارا أن معركتنا ضد الإرهاب، ليست معركة أمنية فقط، بل معركة فكرية بالأساس تحتاج إلى شحذ القوى واستنارة العقول.