الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مستقبل سوريا يتم الإعداد له في شرق البلاد.. جهة الصحراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يخطئ كل من توقع أن السيطرة على ما يطلق عليه "سوريا المفيدة"، أي المدن الكبرى في البلاد والساحل الغربي، وحدها هي التي يسعى لها بشار الأسد.
بدعم من حلفائه الإيرانيين وحزب الله الشيعي اللبناني، يستعيد الجيش السوري الأراضي الشرقية في الصحراء، على طول نهر الفرات. وقد استعادت قوات التحالف مدينة "ميادين"، وتستعد للقيام بنفس الشيء قبل شن هجوم على مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور. هذه المدينة التي تقع على الحدود مع العراق، واحدة من آخر معاقل داعش في سوريا. وكما هو الحال في العراق، فإن الجهاديين يتراجعون في الصحراء السورية، حتى وإن كانوا يزالون قادرين على شن هجمات مميتة.
وبدعم من القوات الجوية الأمريكية، استعاد الأكراد الرقة بعد أن انضم إليهم العرب في قوات سوريا الديمقراطية. لكن تم تدمير أكثر من 80٪ من هذه المدينة.
ولكن هل تستطيع قوات سوريا الديمقراطية أن تحكم هذه المدينة العربية؟ ليس من المؤكد. فلقد تم أبادتها، وسيحكم على سكانها بالعيش في مخيمات لفترة طويلة قادمة، مما يشعل مشاعر الاستياء لديهم.
تقاتل قوات سوريا الديمقراطية والقوات الموالية للحكومة السورية في هذه الصحراء السورية التي تعتبر منطقة حيوية لكل المخيمات حيث توجد بها آبار النفط الرئيسية في سوريا. ومعظمها تم نقله إلى أيدي قوات سوريا الديمقراطية، بعد أن انتزعتها من أيدي تنظيم داعش. ولكن فيما يتعلق بدمشق، فإن إعادة استيطانها هو أمر في غاية الأهمية.
وبدون هذه الآبار، ستستمر هذه الحالة من الجفاف المالي في سوريا، فكيف يمكن استعادة هذه الآبار؟ هل بالقوة أو ربما من خلال التحالف مع الروس اللذين يعتبرون لاعبين رئيسيين في اللعبة الدبلوماسية في سوريا. وبالفعل فإن موسكو تحمي - من خلال شركات القطاع الخاص - منشآت النفط والغاز بالقرب من حمص.
بالإضافة إلى السيطرة على حقول النفط، فإن المعركة الجارية حاليا لها أهمية مزدوجة: ما هو مستقبل القوات الكردية وقوات الدعم الأمريكي إلى جانب الروس في شمال شرق سوريا؟
على عكس الأكراد في العراق، فإن الأكراد في سوريا ليسوا أغلبية في مناطقهم. ولا يتجاوز عدد هؤلاء أكثر من 50 في المائة من السكان. فى ظل هذه الظروف كيف يمكن لهذه الأقلية فرض نموذجا "ديموقراطيا"؟ حتى لو من ناحية الشكل.
إن هذا الوضع يكاد يكون الرهان عليه مستحيلا. ولا سيما فإنه منذ إدارتها الحكم الذاتي للمنطقة المسماة "روجافا" قبل ثلاث سنوات، فإن منظمات غير حكومية مثل هيومن رايتس واتش قد استنكرت الانتهاكات التي ارتكبت بحق السكان العرب. في ظل كل هذه الأحداث دعونا لا ننسى أن الأكراد حافظوا على علاقاتهم مع دمشق.
وتسعى روسيا لتوسيع إطار الحكم الذاتي للأكراد السوريين، وكما تبين من التصريحات، أنه كان على النظام السوري أن يمتثل لهذا الطلب - وهذا ما أدلت به سلطة البعث المركزية بشكل مفاجئ على لسان وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، الذي أعلن إنه مستعد للتفاوض على الحكم الذاتي.
يجب على الأمريكيين مساندة الأكراد، حتى وإن كان هذا على المدى القصير. فقد تكون هذه هي الوسيلة الوحيدة التي بحوزتهم لكي يتمكنوا من مقاومة تقدم القوات الموالية لإيران في هذه المنطقة.
ولكن هناك معركة أخرى، تدبر حاليا في الخفاء، وفي صمت، وهي السعي للتودد من قبائل الصحراء، فعلى الرغم من أن تأثيرها قد تضاءل، فإنها لا تزال لاعبا رئيسيا.
في بداية الثورة انحاز كثيرون إلى جانب المتمردين المعتدلين ومن بعدها إلى داعش. لكنهم قد يعودون إلى صفوف الحكومة السورية، إذا شعروا أن الحظ قد يكون حليفها. 
يقول دبلوماسي عربي: "إن القبائل تريد الحفاظ على مصالحها، وبالتالي فهي دائما تختار الجانب الأقوى". وباختصار، لم يحدث أي شيء حتى الآن في هذه المناطق الصحراوية الشاسعة، لكن استعادة الدولة المركزية لم تعد الآن أمرا مستبعدا.