الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

التفاصيل الكاملة لتقرير آفاق الاستقرار الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط

أوبك
أوبك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم زيادة التعافي العالمي، فلا تزال آفاق الاقتصاد ضعيفة نسبيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان نظرًا لإجراءات التكيف مع أسعار النفط المنخفضة وتأثير الصراعات الإقليمية الدائرة، ففي البلدان المصدرة للنفط في المنطقة، لا تزال تداعيات أسعار النفط المنخفضة وإجراءات الضبط المالي تشكل عبئًا على النمو غير النفطي، بينما يظل النمو الكلي مكبوحًا أيضًا على أثر اتفاق خفض الإنتاج النفطي الذي تقوده منظمة أوبك.
وفي البلدان المستوردة للنفط، تشير التوقعات إلى ارتفاع النمو مدعومًا بزيادة الطلب المحلي والتعافي الدوري في الاقتصاد العالمي غير أن معدل النمو في المنطقة يتوقع أن يبلغ 2.6% في عام 2017 دون تغيير عما ورد من تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أي حوالي نصف المعدل المحقق في عام 2016، مما يرجع في الأساس إلى التطورات التي تشهدها البلدان المصدرة للنفط، ومن المتوقع أن يتسارع النمو بالتدريج على المدى المتوسط في معظم اقتصادات المنطقة، ولكنه سيظل في كثير من الحالات دون المستوى الذي يحقق معالجة فعالة لتحديات البطالة فيها، وينبغي التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لاغتنام الفرصة التي يتيحها تحسن الاقتصاد العالمي ولضمان الوصول إلى نمو أعلى وأكثر احتوائية وصلابة.
واستمر ضعف أسعار النفط رغم تمديد العمل بقرار خفض الإنتاج الذي اتخذته منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وتواصل البلدان المصدرة للنفط التكيف مع هذه الأسعار المنخفضة التي أضعفت النمو وساهمت في حدوث عجز كبير في المالية العامة والحساب الخارجي، ومن المتوقع في عام 2017 أن يصل النمو الكلي في منطقة مجلس التعاون الخليجي إلى أدنى مستوياته مسجلًا 0.5%، مع تخفيض الإنتاج النفطي طبقًا للاتفاق الذي تقوده منظمة أوبك، وفي المقابل يتوقع أن يتعافى النمو غير النفطي ليصل إلى حوالي 2.6% في 2017 و2.4% في 2018 نتيجة لتباطؤ وتيرة الضبط المالي بوجه عام، وقد تم تخفيض توقعات النمو النفطي وغير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة بتوقعات عدد مايو 2017 من تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ففي الجزائر، يتوقع أن يتباطأ النمو إلى 1.5% في 2017 ثم يبلغ أدني مستوياته مسجلًا 0.8% في عام 2018 بسبب تخفيضات الإنفاق المتوخاة، قبل أن يتعافى مجددًا على المدى المتوسط.
وفي إيران من المتوقع أن يهبط النمو إلى حوالي 3.5% هذا العام مع انحسار الدفعة التي تلقاها الإنتاج النفطي بعد رفع العقوبات، ومن ناحية أخرى لا تزال الأوضاع الأمنية وطاقة إنتاج النفط تسيطر على الآفاق في العراق وليبيا واليمن.
وإزاء انخفاض أسعار النفط، اشتدت حاجة البلدان المصدرة للنفط في المنطقة للحد من تركيزها على إعادة توزيع الإيرادات النفطية من خلال الإنفاق على القطاع العام ودعم الطاقة ولتحقيق هذا الهدف، وضعت هذه البلدان استراتيجيات طموحة لتنويع النشاط الاقتصادي ولكن آفاق النمو متوسطة الأجل لا تزال دون المتوسطات التاريخية نظرًا لإجراءات الضبط المالي الجارية، وهذه الآفاق الضعيفة للنمو تلقي مزيدًا من الضوء على ضرورة التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية أيضًا.
وينبغي أن تواصل البلدان المصدرة للنفط تنفيذ خطط لخفض العجز حتى تحافظ على استمرارية ماليتها العامة، ودعم نظم أسعار الصرف المربوطة بعملة أخرى، حيثما كان ذلك ملائمًا، وقد ساهم تراجع أسعار النفط في حدوث عجز كبير في المالية العامة عبر البلدان المصدرة للنفط في المنطقة، حيث سجل ارتفاعًا حادًا من 1.1% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2014 إلى 10.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016، ولكنه من المتوقع أن يتراجع إلى 5.2% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام بفضل التحسن المحدود في أسعار النفط والجهود الكبيرة المبذولة لتخفيض العجز، ومع ذلك فقد كان التقدم متفاوتًا بين البلدان، وسيحتاج بعضها إلى تحديد إجراءات إضافية للضبط المالي، مع حماية الإنفاق الاجتماعي والموجه إلى النمو، وسيكون من المفيد لكل البلدان أن تحقق تقدمًا أكبر في تحسين ما لديها من مؤسسات وأطر للمالية العامة.
ولا تزال الكفة السلبية هي الأرجح في ميزان المخاطر التي يتعرض لها النمو في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، فهناك عدم يقين كبير يحيط بآفاق أسعار النفط، ولكن المخاطر الناشئة عن تقلب هذه الأسعار تبدو أكثر ترجيحًا للجانب السلبي بوجه عام، ولا تزال مخاطر التطورات السلبية الناشئة عن الصراعات الإقليمية والتطورات الجغرافية السياسية قائمة أيضًا.
وهناك مخاطر أخرى أكثر عالمية قد تؤثر بدورها على المنطقة، مثل عودة السياسة النقدية العادية بأسرع من المتوقع في الولايات المتحدة الأمريكية، وتطبيق سياسات انغلاقية في الاقتصادات المتقدمة.
وفي المقابل، هناك احتمالات بتجاوز التوقعات العالمية بما في ذلك حدوث تعافي عالمي أقوى وأكثر استمرارية وهو ما يمكن أن يساهم في تحقيق نمو أعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان.
من المتوقع لعام 2017 تحقيق ارتفاع بمعدل 4.3% في النشاط الاقتصادي في البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، وهو أعلى بكثير من معدل النمو الاقتصادي الذي بلغ 3.6% في عام 2016، ويزيد هذا التحسن المتوقع بدرجة طفيفة عن النمو البالغ 4% الذي توقعه عدد مايو 2017 من تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ومن المنتظر أن يشمل نطاقًا واسعًا من البلدان حيث تشير التنبؤات إلى تسارع معدل النمو في معظم البلدان المستوردة للنفط بدعم من الطلب المحلي والصادرات، وعلى المدى المتوسط، يتوقع استمرار تحسن معدلات النمو بالتدريج في البلدان المستوردة للنفط، حيث تصل إلى 4.4% في عام 2018 و5.3% في المتوسط للفترة 2019-2022، إلا أن معدلات النمو تلك لن تكفي لتوفير فرص العمل المطلوبة لاحتواء أعداد العاطلين الحاليين وملايين الباحثين عن وظائف الذين سيدخلون سوق العمل في الفترة المذكورة.
ومن المتوقع أن تشهد البلدان المستوردة للنفط في المنطقة تراجعًا طفيفًا في متوسط عجز المالية العامة من 6.8% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 إلى 6.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2017، ثم إلى 5.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2018، غير أن كثيرًا من مواطن الضعف لا تزال قائمة بسبب الآثار التي خلَّفها ضعف تعبئة الإيرادات المحلية وارتفاع المصروفات الجارية "الدعم والأجور" والتي أدت في معظم البلدان إلى تجاوز الدين العام 50% من إجمالي الناتج المحلي، وقد تفاقم هذا الاتجاه بسبب تغيرات التقييم الناجمة عن انخفاض قيم العملات وتصاعد أسعار الفائدة وضعف النمو.
ويتعين مواصلة الضبط المالي وإجراء الإصلاحات اللازمة لمعالجة مواطن الانكشاف لمخاطر الديون، ومن المتوقع لمعظم البلدان أن تنخفض مستويات الدين في عام 2022 نتيجة للضبط المالي المرتقب، والذي يتوقع أن يشمل توجيه المصروفات الجارية توجيهًا دقيقًا لحماية الإنفاق الاجتماعي وتحسين كفاءة الاستثمارات العامة بغية تخفيف الأثر الانكماشي على النمو.
وبالرغم من تحسن النمو المتوقع، ينبغي التعجيل بتنفيذ إصلاحات هيكلية جريئة لتشجيع نشاط القطاع الخاص والعمل على إقامة اقتصاد أكثر ديناميكية وتنافسية واحتواء للجميع، وسيكون من الضروري تحسين بيئة الأعمال، وهو ما يشمل تحسين جودة البنية التحتية ويتيح "الميثاق العالمي مع إفريقيا" الصادر مؤخرًا فرصة للتغلب على هذه المعوقات ومما سيساعد في هذا الصدد أيضًا تنفيذ الإصلاحات اللازمة في سوق العمل وقطاع التعليم، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز فرص الحصول على التمويل.
ولا تزال كفة التطورات السلبية هي الأرجح في ميزان المخاطر التي تشمل الصراعات والمخاطر الأمنية الإقليمية، وخطر القلاقل الاجتماعية والإرهاق الناتج عن الإصلاح، واستمرار تعرض النشاط الزراعي لمخاطر التطورات الجوية والسعرية، ومن المخاطر التي تهدد البيئة العالمية وتؤثر على المنطقة خطر تشديد الأوضاع المالية العالمية بسرعة أكبر واتباع سياسات انغلاقية في الاقتصادات المتقدمة، وبالنسبة لاحتمالات تجاوز التوقعات، قد يكون تحسن النشاط الاقتصادي أقوى من المتوقع في منطقة اليورو وبلدان أخرى من الشركاء التجاريين، مما يمكن أن يحقق ارتفاعًا في النمو الإقليمي.
وتواصل البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان التكيف مع أسعار النفط المنخفضة التي أضعفت النمو وساهمت في حدوث عجز كبير في المالية العامة والحساب الخارجي، فقد تراجعت أسعار النفط مؤخرًا، رغم تمديد العمل بقرار خفض الإنتاج الذي تقوده منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وازدياد قوة التعافي العالمي، وبالرغم أن النمو غير النفطي آخذ في التعافي بوجه عام، فإن تراجع آفاق النمو على المدى المتوسط يبرز ضرورة مضي البلدان في إجراءات تنويع الاقتصاد وتنمية القطاع الخاص.
وحددت معظم البلدان استراتيجيات طموحة لتنويع النشاط الاقتصادي، وهي بصدد وضع خطط تفصيلية للإصلاح، لكن ينبغي التعجيل بتنفيذها، ولاسيما لاستغلال التحسن في زخم النمو العالمي، وينبغي أن تواصل البلدان المصدرة للنفط تنفيذ خطط لخفض العجز حتى تحافظ على استمرارية ماليتها العامة، ودعم نظم أسعار الصرف المربوطة بعملة أخرى، حيثما كان ذلك ملائمًا وسوف يتعين على بعض البلدان تحديد إجراءات إضافية للضبط المالي، مع حماية الإنفاق الاجتماعي والموجه إلى النمو، وتبدو المخاطر المحيطة بالاستقرار المالي منخفضة، رغم أن مكامن الضعف لا تزال قائمة، ولا تزال الآفاق في بلدان الصراع محاطة بدرجة عالية من عدم اليقين، حيث يتوقف النمو على طبيعة الأوضاع الأمنية.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى 4.3% في عام 2017، مدعومًا بارتفاع الطلب المحلي والتعافي الدوري للاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم الإيجابي على المدى المتوسط، مما يؤدي إلى استمرار تحسن معدلات النمو لتصل إلى 4.4% في عام 2018 و5.3% خلال الفترة 2019-2022.
ولكن حتى بهذه الوتيرة، سيظل النمو دون المستوى المطلوب للتصدي بفعالية لمشكلة البطالة التي تواجه المنطقة ولا يزال ميزان المخاطر المحيطة بالتوقعات في المنطقة مائلا نحو الجانب السلبي وللاستفادة من الانتعاش العالمي وضمان صلابة الاقتصاد، لا تزال أولويات السياسة تشمل اتخاذ إجراءات الضبط المالي الداعمة للنمو وتعزيز أطر السياسة النقدية في البلدان الآخذة في التحول نحو اعتماد أسعار صرف أكثر مرونة، وينبغي التعجيل بتنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال، وتوفير فرص العمل، والاستفادة الكاملة من زخم النمو العالمي، وتعزيز النمو الاحتوائي.
ويوفر التعافي الاقتصادي العالمي فرصة كبيرة لزيادة الصادرات وتعزيز النمو في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى إذ تشير الحسابات التوضيحية إلى إمكانية رفع مستوى الدخل بحوالي 5% إلى 10% خلال الخمس إلى عشر سنوات التالية في حالة زيادة الانفتاح التجاري المقترن بتعزيز المشاركة في سلاسل القيمة العالمية أو زيادة تنويع الصادرات أو تحسين جودة المنتجات.
وتعد البلدان المستوردة للنفط أقدر من البلدان الأخرى في المنطقة على الاستفادة من تحسن آفاق التجارة العالمية نظرًا لأنها أكثر اندماجًا في سلاسل القيمة العالمية وأكثر تنويعًا لقواعدها التصديرية، وإن كان لا يزال بإمكانها تحسين جودة صادراتها.
وفي المقابل، ينبغي أن تركز البلدان المصدرة للنفط على التنويع الاقتصادي بهدف إنتاج وتصدير مجموعة أكبر من السلع والخدمات وسيكون من المفيد لمعظم البلدان أن تعزز قدرتها على النفاذ إلى أسواق الصادرات من خلال المشاركة في اتفاقيات التجارة والاستفادة من فرص الاندماج الجديدة، مثل مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ومبادرة "الميثاق مع إفريقيا".
وربما يلزم تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الاستثمار وزيادة فرص العمل، إلى جانب اعتماد سياسات مالية عامة موجهة بغية الحد من تكاليف التصحيح، وذلك لمعالجة أي تداعيات سلبية قد تنشأ عن زيادة الانفتاح وضمان أن تكون زيادة النمو الناتجة عن هذا التعافي شاملة للجميع قدر الإمكان.
ورغم بدايتها المتأخرة، تكتسب التكنولوجيا المالية في الوقت الحالي زخما في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، كما تظهر في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى ومن شأن التكنولوجيا المالية في كلا المنطقتين التصدي للتحديات الحرجة أمام تعزيز الاحتواء المالي والنمو الاحتوائي وتنويع النشاط الاقتصادي من خلال الابتكارات التي تساعد على تقديم الخدمات المالية للشريحة الكبيرة من السكان التي لا تتعامل مع الجهاز المصرفي، وتسهل إتاحة مصادر التمويل البديلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتستطيع التكنولوجيا المالية أيضًا أن تسهم مساهمة كبيرة في تحقيق الاستقرار المالي من خلال استخدام التكنولوجيا في ضمان الامتثال للقواعد التنظيمية وإدارة المخاطر، ويمكنها تيسير التجارة الخارجية وتحويلات العاملين في الخارج بتوفير آليات تتسم بالكفاءة وفعالية التكلفة للمدفوعات العابرة للحدود، كما يمكن أن يؤدي استخدام وسائل الدفع الإلكترونية إلى رفع كفاءة عمليات الحكومة ولإطلاق هذه الإمكانات، ينبغي إجراء مزيد من الإصلاحات لسد الفجوات في الأطر المعنية بالقواعد التنظيمية وحماية المستهلك والأمن المعلوماتي فضلًا على تحسين بيئة الأعمال، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتوعية المالية.