الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عين الأزهر الناظرة على العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على شئونه كافة، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، يتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم». هذا هو نص المادة السابعة من الدستور، تسند إلى الأزهر الشريف أعظم وظيفة على وجه الأرض، وظيفة الأنبياء والمرسلين، وهى تبليغ دعوة الله إلى عباده فى شتى ربوع الأرض، وتعليم لغة القرآن التى يتطلع إلى تعلمها الملايين من المسلمين فى الدول غير العربية. فيا لها من ثقة عظيمة لهذا الشعب العظيم الملهم الواعى مصدر السلطات، والذى يعرف قدر الأزهر الشريف، ويثق به، ويعرف أنه دون غيره هو القادر على القيام بهذه المهمة الثقيلة. وحرصًا من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على تطبيق هذه المادة التى كلفه الشعب بها وحمله مسئوليتها، فقد اتخذ فضيلته عدة خطوات وإجراءات تسهل على المؤسسة القيام بهذه المهمة الثقيلة. هذه الخطوات لا تكفى مقالة واحدة لذكرها، لذلك سيخصص كاتب المقال مقالًا منفردًا لكل إجراء اتخذه فضيلته، ويشرح فى كل مقال طبيعة الإجراء المتخذ وأهميته والغرض من ورائه. وسيبدأ الكاتب بـ «مرصد الأزهر الشريف لمحاربة التطرف»، والذى افتتحه فضيلة الإمام فى يونيو ٢٠١٥م، ليكون أحد أهم الدعائم الحديثة لمؤسسة الأزهر.والمرصد فى مجمله عبارة عن خلية نحل تتكون من مجموعة من شباب الباحثين خريجى كليتى «اللغات والترجمة»، و«الدراسات الإنسانية» بجامعة الأزهر، ومعهم مجموعة أخرى منتدبة من السادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من الكليتين السالفتى الذكر. يواصل هؤلاء الباحثون العمل كل يوم فى المرصد دون كلل أو ملل، يرصدون بدقة كل ما تبثه التنظيمات المتطرفة من إصدارات مكتوبة أو مرئية، باللغة العربية أو باللغات الأجنبية (الإنجليزية- الفرنسية- الألمانية- الإسبانية- الصينية- الفارسية- الأوردية- اللغات الإفريقية- التركية- الإيطالية- اليونانية) ويقومون بترجمة هذه الإصدارات، والرد عليها من خلال لجان متخصصة تُفند ما تستند إليه هذه التنظيمات المتطرفة من فهم خاطئ للنصوص الدينية، وتأويل مريض للأحداث التاريخية، ثم تُنشر هذه الردود باللغة العربية واللغات الأجنبية المذكورة عاليًا، لتعم فائدتها على العالم كله، ومن أجل إيصال صحيح الدين للجميع، وبيان موقف الإسلام من التطرف والإرهاب. وكما يهتم المرصد بتصحيح مفاهيم المسلمين المغلوطة عن دينهم؛ فإنه يهتم أيضًا بتصحيح مفاهيم غير المسلمين عن الإسلام، ويوضح خطورة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التى حذر فضيلة الإمام من خطورتها، حين قال: «الإسلاموفوبيا ظاهرة شديدة الخطورة إذا ما تُركت تتدحرج مثل كرة الثلج ولم تواجه ببيان حقيقة الأديان وفلسفاتها ومقاصدها فى إسعاد الإنسان، والارتقاء به فى مدارج الكمال الروحى والعقلى والخُلقي». كما حذر فضيلته من أن تتطور هذه الظاهرة وتتحول مع الأيام إلى ظاهرة «الدينوفوبيا».ويلعب مرصد الأزهر دورًا رئيسيًا فى مقاومة هذه الظاهرة فكريًا؛ حيث يقوم برصد أى تجاوزات تسببها هذه الظاهرة، ويقوم بتصحيح صورة الإسلام مبينًا وناشرًا باللغة العربية واللغات الأجنبية أن الإسلام دين سلام لا دين حرب، وأن نبى الإسلام صلى الله عليه وسلم كان نبى مرحمة لا نبى ملحمة، نبى حريص على إنقاذ مخاطبيه، لا عسكرى يفرح بقتل معاديه، نبى بخع نفسه من أجل إنقاذ أعدائه من غضب الله، نبى رحمة، يتعامل بالرحمة، ويعلم أصحابه الرحمة فى كل شىء، وكان يطلب منهم ألا يقابلوا إساءة وأذى أحد بمثله، وألا ينجرفوا إلى العنف والقسوة، فعلى سبيل المثال، قوله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر- رضى الله عنه: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» (الترمذي). ولم يقف عفو النبى عند حد القول والتوصية فقط، بل انتقل إلى المرحلة العملية، وكُتب السيرة مليئة بالمواقف التى تثبت ذلك. فرسالة مرصد الأزهر رسالة عظيمة وسامية وثقيلة، وصدق فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر حين وصف المرصد بمقولة شافية وافية لخصت مهمته ورسالته فى خمس كلمات، هى: «عين الأزهر الناظرة على العالم». هذا الوصف بالرغم من بلاغته إلا أنه يُحمل شباب المرصد (بنين وبنات، مشرفين ومنسقين وراصدين) مسئولية كبرى، وما أصعب أن تكون عينًا للدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى ربوع العالم أجمع. فيا شباب المرصد هبوا وانتفضوا وكونوا خير عون لإمامكم، وبرهنوا للعالم أن دينكم دين السلام، وأن نبيكم خير الأنام، وأن بلدكم بلد الأمان. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقكم لما فيه الخير، وأن يحفظ مصرنا وأزهرنا وشيخنا من كل سوء.