الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مدارس النيل.. الأزمة والحل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل ثمانى سنوات ظهر مشروع مدارس النيل ليكون نواة لتطوير التعليم فى مصر، وحتى يتحرر القائمون عليه من اللوائح المعمول بها فى وزارة التربية والتعليم.. انتقلت تبعية المشروع إلى صندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء، كانت البداية بخمس مدارس فى خمس محافظات على أن يتزايد العدد بعد أن يحقق المشروع النجاح المنتظر، يخضع الطفل الذى يلتحق بهذه المدارس لاختبارات مختلفة عن تلك المعمول بها فى المدارس الأخرى إذا تحقق شرط السن، كما يخضع أولياء الأمور لاختبارات فى اللغة والثقافة العامة وطرق التربية حتى تطمئن الإدارة للبيئة التى ينشأ فيها الطفل، تلك شروط وضعتها جامعة كمبريدج التى تعاقد معها الصندوق على مناهج معينة يتم تدريسها للطلاب على أن يحصل الطالب على شهادة مصرية بمعايير دولية تؤهله للالتحاق بأى جامعة فى مصر أو خارجها.
الذين يعملون فى هذه المدارس أيضًا سواء إداريين أو معلمين يخضعون لاختبارات ثم لتدريب أنفق عليه الصندوق ملايين الجنيهات.
بدأت الدراسة بالفعل فى مدارس النيل وشعر جميع من ألحقوا أبناءهم بها من الطبقة المتوسطة - التى من أجلها أنشئت المدارس- بأنهم أمام تعليم جديد من حيث المناهج وطرق التدريس والأنشطة والتعامل مع الطلاب، تعليم يحترم عقلية الطالب وينهض بمستواه ويثرى فكره ويصنع شخصيته ويوفر له المناخ الأمثل للإبداع، واستمرت الآليات التى تعمل بها إدارة المشروع مستمرة يحترمها الجميع، لما لا وهى الإدارة التى حذرت أولياء الأمور من مخاطر الدروس الخصوصية لأنها لا تتناسب وطريقة التعليم فى مدارس النيل، خاصة أن كل القائمين على تعليم التلاميذ خضعوا لدورات تدريبية أهلتهم دون غيرهم للعمل فى هذه المدارس.
وواضح أن الرئيس السيسى كان على دراية بمشروع مدارس النيل ووقف على كل تفاصيله، لذلك طالب أكثر من مرة بتعميم المشروع على كل المحافظات حتى يستفيد منه أكبر عدد من التلاميذ، وكان آخر مطلب للرئيس إنشاء ٢٥ مدرسة بنفس المواصفات وهو ما أسعد الملايين الذين تذوقوا طعم التعليم فى هذه المدارس وآخرون تطلعوا لإلحاق أبنائهم بها. 
الذين قدموا نموذج مدارس النيل للرئيس كان عليهم أن يقدموا السلبيات التى طالت هذا المشروع المثالى فى السنوات الأخيرة، فلم تعد هذه المدارس مطمعًا للمعلمين بعد أن كان العمل بها حلمًا لهم، كما أن العدد الكبير من المعلمين والإداريين الذين أنفق على تدريبهم صندوق تطوير التعليم لم يعد لهم وجود فى هذه المدارس، فقد استفادوا من الدورات ومعسكرات التدريب ثم انتقلوا بعد ذلك للعمل فى مدارس دولية برواتب أكبر ضاربين بتعاقداتهم مع الصندوق عرض الحائط.. هذا إذا كان هناك تعاقد من الأساس، أما الدروس الخصوصية فأصبحت القاسم المشترك بين جميع الطلاب، حيث اضطر إليها أولياء الأمور بعد تفشى ظاهرة عدم الاستعانة بمعلمين متخصصين، كما أن اللوائح التى كان من المفترض العمل بها لم تعد موجودة، ومجلس الأمناء اختفى لأسباب غير معلومة، والشركات التى تتعاقد معها إدارات المدارس لنقل الطلاب أصبحت لغزًا محيرًا، حتى إن إدارة إحدى المدارس عطلت التدريس عدة أيام لعدم وجود أتوبيسات رغم أن أولياء الأمور دفعوا المبالغ المطلوبة منهم.
السلبيات الكثيرة التى تسللت إلى مشروع مدارس النيل بقصد أو بدون قصد.. أخشى أن تُقصيه عن الهدف الذى أنشئ من أجله، وهو أن يكون نواة لتطوير التعليم فى مصر، هذا المشروع بإمكانه أن يغنينا عن كل المشاريع المزمع تجريبها حتى نصل إلى الصيغة المثلى للعملية التعليمية، والرئيس نفسه يدرك أهميته لذلك بادر بالاهتمام به وطالب بتعميمه ليمتد إلى كل المحافظات، لذلك كانت صرخات أولياء الأمور موجهة إلى الرئيس بعد أن فشلوا فى أن يستمع إليهم القائمون على المشروع.
الفرصة ما زالت موجودة أمام القائمين على مدارس النيل للنهوض بها وإعادتها إلى الهدف الذى أنشئت من أجله، وأنا أعلم أن هناك من يريدون ذلك بالفعل، لكن أصبح جليًا أن تضارب الاختصاصات وصراعات جانبية أصبحت معوقًا يحول دون ذلك، وهو ما جعل الأنظار كالعادة تتجه إلى الرئيس ليعطى تعليماته بسرعة إنقاذ مشروع يراه الجميع القاطرة التى تقود تطوير التعليم فى مصر.
basher_hassan@hotmail.com