السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عايدة نصيف أستاذة الفلسفة السياسية بجامعة القاهرة في حوارها لـ"البوابة القبطية": «مسار العائلة المقدسة» دفعة للاقتصاد بشرط الترويج الصحيح.. والسلطتين الدينية والسياسية متعارضتان

عايدة نصيف  في حوارها
عايدة نصيف في حوارها لـ"البوابة القبطية"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طالبت الدكتورة عايدة نصيف، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، بإنهاء العلاقة بين السلطتين الدينية والسياسية، موضحة أنهما سلطتان متعارضتان.
وأضافت نائب رئيس قسم العلوم الإنسانية بالكلية الإكليريكية، وعضو مجلس كنائس مصر، أن مصر تمتلك من المقومات الطبيعية والبشرية أقوى مقومات فى العالم، مطالبة بالتخطيط لمشروع قومى للتثقيف وتنقية العقول والذهنية للشباب من الأفكار والمفاهيم الخاطئة، ويعمل على إحياء الهوية المصرية الممثلة فى الحضارة والثقافة والتاريخ، وأن «مصر العنوان الأكبر».



■ ما تقييمك لدور المرأة فى المجتمعات النامية والمتقدمة؟
- هناك فرق بين دور المرأة فى المجتمعين طبقًا للثقافة السائدة والمستوى الاقتصادى والاجتماعى والتقدم العلمى والتكنولوجي، وكل هذه العوامل تجعل المرأة فى المجتمعات المتقدمة لها دور أساسى وحيوى؛ لأن هناك مساواة بينها وبين الرجل والفيصل بينهما الاجتهاد والعمل؛ فينظر لها على أنها إنسان وفقط دون النظر إلى النوع.
أما فى المجتمعات النامية؛ فإن دور المرأة محصور طبقا للعوامل السابقة وأولها الثقافة والتقدم العلمى والتكنولوجى، وليس معنى ذلك أن المرأة فى تلك المجتمعات غير قادرة على إيجاد دور فاعل لها، ولكن هناك معوقات كثيرة.
ووجب إعادة النظر إلى دورها فى المجتمع وإزالة المعوقات، ولا بد أن ينظر إليها فى إطار التنمية الشاملة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وفى إطار التنمية المستهدفة القائمة على الأصالة والتجديد الحضاري، كى يكون لها دور فاعل فى مجتمعاتنا.
■ وماذا عن الفارق بين دور المرأة فى خدمة المجتمع المسيحى في الشرق والغرب؟
- ما يطبق على المرأة فى الدول المتقدمة بوجه عام يطبق على المرأة المسيحية بين دول الشرق والغرب، كما سبق وذكرت، دور المرأة متعدد فى الخدمة، من خدمة مدارس الأحد من جهة التعليم، وخدمة أخوة الرب «أى الفقراء، وخدمات متنوعة تقوم بها المرأة فى الخدمة الكنسية.


■ ماذا عن دور الثقافة والفلسفة فى الكنيسة وإثراء المجتمع؟
- الثقافة جزء يقع تحت تعريف الفلسفة؛ لأن تعريف الفلسفة هى محبة الحكمة والحكمة هى المعرفة، أى أن الفلسفة هى المعرفة والمعرفة فى الكنيسة وفى التعليم الكنسى أمر مهم وحيوى وضرورى، ويسهم فى بناء العقل ومهارات التفكير لفهم العقيدة فهمًا دقيقًا وصحيحًا، والكنيسة جزء من المجتمع وتسهم بصورة أو أخرى فى ثراء المجتمع الثقافى من خلال التاريخ والثقافة القبطية ومفاهيم التعايش والمحبة والرحمة والسلام، والتى تسهم فى بناء الإنسانية.
■ ما الفرق بين الفلسفة العامة والفلسفة السياسية؟
- الفلسفة السياسية هى فرع من الفلسفة العامة والفلسفة السياسية هى من فروع الفلسفة، كما أنها فى الوقت نفسه فرع من فروع العلوم السياسية، أيضا يصنفها الفلاسفة ضمن العلوم التطبيقية، نظرًا لارتباطها بالممارسة العملية، والفلسفة السياسية هى أحد المحاور الأساسية لموضوعات الفكر السياسي، وأثرت الفلسفة السياسية والفكر السياسى من خلال النظم والمعايير والدساتير على مدار التاريخ فى العالم. 


■ حدثينا عن تجربة إدخال الفلسفة ضمن الدراسات المسيحية بالكلية الإكليريكية، وهل سبقنا جامعات لاهوتية خارجية فى الأمر؟
- أكبر الجامعات اللاهوتية فى العالم تقترن الفلسفة بعنوانها وتسمى فى الغالب كلية اللاهوت والفلسفة أو كلية اللاهوت للعلوم اللاهوتية والفلسفية منذ زمن بعيد، وهذا ليس بأمر جديد، فتضمين العلوم الإنسانية من علم نفس واجتماع وفلسفة أمر مهم للتكوين المعرفى، بجانب التكوين المعرفى اللاهوتى.
■ هل تستطيع الفلسفة إصلاح سلوكيات الفرد والمجتمع.. وكيف يكون فى ظل نسبة أمية عالية جدًا؟
- بالطبع.. تستطيع إذا كانت هناك إرادة، فالفلسفة هى إعمال العقل والفكر فى كل اتجاهات الحياة سواء كانت اقتصاد أو سياسة أو اجتماع أو معرفة دينية، بل الفلسفة تضع الموضوعية الأمر الأهم فى تقييم أى إشكالية أو قضية، وإذا أدرك المثقفون ذلك، بل والمهتمون يصبح هذا الإدراك خطوة مهمة، أولًا فى محو الأمية الثقافية ثم تنتقل إلى محو الأمية العادية، ببساطة الفلسفة هى المعرفة، وهى «أن يشغل الإنسان دماغه وعقله فى مناحى الحياة».


■ فى رأيك ما حدود العلاقة بين السياسة والدين؟
- قضية علاقة السلطة الدينية بالسلطة السياسية قضية لا تنتهى على مر التاريخ، ولذا لحل هذه الإشكالية يجب الفصل بينهما؛ فالقوتان متعارضتان لا يمكن أن تجتمعا معًا، فالواحدة تلغى الأخرى، فإذا سيس الدين فقد القوة الروحية التى فيه، وإذا دينت السياسة اندثرت المفاهيم السياسية، ولذا يجب الفصل بينهما للسلام المجتمعى والديني.
■ هل يمكن تجديد الخطاب الدينى للبسطاء بفلسفة بسيطة شعبية النمط والمعيار؟
- تطوير وتجديد الخطاب الدينى شأن المؤسسات الدينية، ولكن ما تحتاجها مصر بالتوازى مع تجديد الخطاب الدينى هو تجديد الخطاب الثقافى المدرك ثورة ثقافية تُصدّر للجميع ثقافة مضمونها، إن ثروات مصر جبارة من ثروة فى العلم من خلال الباحثين والأساتذة فى الجامعات ومراكز الأبحاث، ونشر ثقافة مصر تمتلك من المقومات الطبيعية والبشرية أقوى مقومات فى العالم، وتمتلك أيضًا التاريخ، وثورة ثقافية ستعيد إحياء الهوية المصرية وشخصية مصر عبقرية بما تحمله من قيم وعادات وتقاليد وفن وثقافة، وهذه مسئولية وزارة الثقافة فى كل ربوع مصر ومسئولية الجامعات، فتجديد الذهن المصرى لن يأتى إلا من خلال الوعى ومناهج التعليم المتطورة والقيادات الجيدة وليس السيئة.


■ بنظرة فلسفية سياسية.. تقييمك للتجربة النيابية الحالية وكيف ترين أداء النواب الأقباط؟
- الأداء البرلمانى ضعيف مع استثناءات بسيطة، إذ يحتاج البرلمان إلى بيت خبرة سياسية للعمل بشكل أكثر وبجودة تليق بالسلطة التشريعية فى مصر، فهو يفتقد إلى الخبرات المتخصصة فى مجالات عديدة، لأن هناك نماذج جيدة فى البرلمان، ولكنها قليلة، ومصر تحتاج الآن إلى برلمان مدرك للتحديات الإقليمية والدولية والمحلية، وأقترح أن يُكون بيت خبرة للبرلمان يقدم له رؤية تساند الدولة، وما ينطبق على الكل بالضرورة ينطبق على الجزء، وأقصد نواب الأقباط.
■ ما رأيك فى مجريات مسار العائلة المقدسة والترويج له ومباركة بابا الفاتيكان للأيقونة؟
- محاولة جيدة للمساهمة فى دفع الاقتصاد المصرى عن طريق السياحة الدينية، ولكنها تفتقد إلى المتخصصين فى إعادة إحياء المسار وكيفية الترويج له بصورة صحيحة.


■ ألا ترين أن دور المرأة منقوص بالكنيسة مقارنة ببعض الدول التى ترسم نساء قسوسًا؟
- دور المرأة غير منقوص، بل بالعكس لها أدوار متعددة فى الخدمة الكنسية، ولا يوجد فى الكنيسة الأرثوذكسية ما يسمى رسامة المرأة لتكون قسًا.
■ كيف نحافظ على الأطفال والنشء من الانخراط فى تيارات قد تصلها للإلحاد؟
- التربية الصحيحة على المفاهيم الصحيحة والإيجابية وتنمية مهارات التفكير السليم فى إطار الأسرة والمؤسسة الدينية والجامعة والمدرسة وفتح باب الحوار والنقاش لتصحيح المفاهيم.


■ هل يحتاج رجال الدين عمومًا لدراسة الفلسفة، لتكون معاونة لهم فى الخدمة؟
- بالفعل هناك دراسات فلسفية تدرس فى الكليات الدينية، سواء إسلامية أو مسيحية، وهو أمر جيد، لأن الفلسفة آلية معاونة لفهم النص الدينى وليس الفلسفة فقط، ولكن تكون معها العلوم الإنسانية كالاجتماع وعلم النفس.
■ كيف يمكننا إعادة إحياء الهوية المصرية؟
- الهوية المصرية تتضمن عدة عناصر، الثقافة والتاريخ والحضارة والتحدى على طول الحقب التاريخية، بداية من العصر الفرعونى ثم القبطى ثم الإسلامى ثم الحديث والمعاصر، لما تحمل من ثقافة وحضارة وتاريخ وتحد، ولذا يجب إعادة إحياء هذه المفاهيم والرؤى من خلال فلترة المناهج.
فهناك العديد من القضايا يجب أن نتوقف عندها ونتصدى لها ولا تحتمل الانتظار كى نستعيد الهوية المصرية، وأهم هذه القضايا هى المعالجة العلمية لمشكلات المجتمع، وأن ننظر إلى تلك المشكلات نظرة علمية عقلية، فنحن فى أمس الحاجة إلى هذه النظرة فى مجتمعاتنا النامية.
لقد حان الوقت أن نودع الخرافات والأسلوب العشوائي، وأن نتخلى عن العاطفة الهوجاء لنعتمد على الأسلوب العلمى فى حل مشكلاتنا الفكرية والفقهية واللاهوتية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وعلينا أن نعترف أن فى مجتمعاتنا هناك من يفسد فيها، سواء فى مجال الفكر أو الاقتصاد والاجتماع. 
ومن ثم يجب أن يُفعَّل دور العلم فى المجتمع، فمسئولية العلم أكبر فيما يتعلق بتغيير طبيعة الأوضاع، وهو التغيير الذى يطمح إليه عصرنا الحاضر، ويجب الربط بين العلم والتقدم التكنولوجى من جهة والأخلاق والسياسة من جهة أخرى.


■ كيف نواجه الإرهاب فى رأيك؟
- المواجهة لها وجهان، الأول المواجهات الأمنية، وهو الدور الذى يعكف عليه رجال الأمن من الجيش والشرطة، وعلينا العمل بالتوازى على فلترة المناهج التى تحض على التمييز والطائفية والتعصب، من رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة.
ولدينا وزارة الثقافة عليها دور مهم وضرورى فى مواجهة التطرف والإرهاب، ولكنها تشهد قصورًا فى كل النجوع والمراكز، ورغم امتلاكها موظفين ودور ثقافة فى كل مكان، ولكنها لم تقم بدورها فى توعية المواطنين وثقيفهم بأن مصر لواء للتعايش والحوار ومبدأ التقدم والتحضر، وعلى الوزارة العمل بصورة قوية للقضاء على الفكر الإرهابي.
نحن حاليًا نطارد الإرهابيين، ونخوض حربًا ضروسًا من خلال القوات المسلحة والشرطة، ولكن محاربة فكرة الإرهاب وتكفير الآخر وازدراء الآخر ورفض الآخر تلك المفاهيم التى حينما تتربى فى الأطفال ينتج عنها وجود الإرهابيين مريقى الدماء والهادمين للمنشآت.
■ وفى رأيك ما الحل؟
- يجب أن يكون هناك مشروع قومى للتثقيف وتنقية العقول والذهنية للشباب من الأفكار والمفاهيم الخاطئة، ويعمل على إحياء الهوية المصرية الممثلة فى الحضارة والثقافة والتاريخ، وأن «مصر العنوان الأكبر».


■ وما دور المجتمع المدنى فى استعادة الهوية المصرية؟
- يجب دعوة الرئاسة لمنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات والجمعيات المعروفة بدورها الواضح والوطنى للتعاون مع المؤسسات الرسمية، إلى جانب المثقفين والباحثين والوطنيين المخلصين المعبرين عن أطراف المجتمع، جموع الأطراف لإعداد مشروع قومى يعمل على إعادة تجديد الثقافة المصرية الأصيلة لتغيير المفاهيم المغلوطة، ويقوم ذلك المجلس بدوره بصورة فعلية.
■ هل ترين أن الفن خلال الفترة الأخيرة قصّر فى دوره للحفاظ على الهوية؟
- الفن دوره مهم للغاية لتجسيد التاريخ وتقديم القيم والأخلاق والنماذج والأمثلة البناءة، ولكننا لا نجده يقوم بدوره المهم والفاعل الآن.
■ وما تصورك لتطوير المناهج التعليمية؟
- التربية والتعليم مخترقان من عناصر تحمل الفكر المتعصب، وتتمثل فى بعض المعلمين، والمناهج نفسها بها ما يدعو للتمييز والتعصب، وهى بذرة للتمييز والتعصب، وعدم تحقيق المواطنة مما يتنافى مع الدستور الذى يلزم بتحقيق المواطنة، وفلترة المناهج ضرورة.
ويجب ألا تقوم المنظومة التعليمية على التلقين وإنما الإنتاج المعرفى، لأن التلقين أنتج لنا عناصر، حينما تسقطب من جماعات تكون أرضًا خصبة للتلقين أيضًا، إنما يجب تربية الأطفال على التمييز والفلترة بين الصالح والطالح.