الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الضريبة الدينية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مختلف العصور والبلدان وجدت أنواع غريبة جدًا من الضرائب التى فٌرضت على الشعوب منها على سبيل المثال:- ضريبة الأسنان فى الإمبراطورية العثمانية وضريبة الظل فى مدينة البندقية- أى للذين يستخدمون مظلات فى محلاتهم وضريبة الحرية وغيرها الكثير .
أما هنا فى مصر فلم تٌفرض -قانونًا- ضرائب سوى الضرائب الاقتصادية التى هى فى حدود القانون ولكن  لأن المصريين سباقين فى ابتداع كل ما هو جديد ابتدعوا الضريبة الدينية شأنهم شأن ذاتهم، لقد جاءت الأديان السماوية لرفع الحظر عن الروح البشرية وتذليل الطريق بينها وبين الخالق الأعظم، لم تأت لتقيد وتكبل تلك العلاقة وتجعل منها برنامج نقاطى أو تصور الإله –جل جلاله– بصورة شخصية تحصر وتحاسب العبد بطريقة كمية عددية.
ولكن انحرف فكر المواطن فى العصر الأخير عن هذا المبدأ الدينى المشترك بين جميع الأديان 
ربما نتيجه الأمور الاقتصادية الصعبة وتحويل كل الأشياء إلى منظومة رقمية بحتة .لذا نجد المسيحى والمسلم كلاهما فى المجتمع تطبع بلغة الصكوك الدينية لا فرق بينهما وكأنه ثوب ارتداه المواطن الشرقى الواحد على اختلاف ديانته.
أنتج المصرى سلوكًا غريبًا فى المناحى الدينية وكأنه يؤدى فرائض دينه فى دور العبادة أو فى المنزل أو يقتطع من أمواله أو يفعل خيرًا ويتناحر مع غيره فى المشاحانات الدينية وكأن الأديان التى جاءت لتهدى فى احتياج للدفاع من العباد، وذلك ليس توددًا للصلاح النفسى والتهذب الروحى الذى قصد به الله الارتقاء بالروح البشرية واستقرار السلام بين البشر عن طريق الأديان السماوية كلها، ولكن توددًا لاكتمال وتأدية تلك الضريبة التى بات يدفعها وكأنها كأى ضريبة أخرى يدفعها بالإجبار لشراء ود الآخرة.
أن الفروض الدينية كلها ليست بضريبة مضافة على السلع –حاشا لله- ولاهى ضريبة مفروضة تجمعها الدولة لتحسن من الشوارع والأحياء والخدمات الوطنية.. كلا.
ولأن تلك الكلمات هى خارج نطاق العظة فى الكنيسة وخارج الخطبة فى الجامع كان من اللازم استيضاح الشعرة الفاصلة بين مبدأ الصك الذى يجٌبر الفرض على دفعه والفعل الذى أقره الله على الإنسان لا من أجل الفعل فى حد ذاته ولكن الهدف هو ما وراء الفعل نفسه.
ولذلك أثرًا على المجتمع بأسره فإذا أديت الصكوك والضرائب على أكمل وجه بشكل فردى مقتنعًا أنك بذلك أديت فروض الله والدين على أكمل وجه فلن يكون للمجتمع نصيبًا من تلك الأعمال الخيرية لأنها مشخصنة يؤديها الإنسان لله وكأن الله ينتظر منا شيئًا بعينه. 
ولكن أذا نمى لإدراك الفرد أن تلك الفروض والأمور الدينية ما هى إلا طريقًا جعله الله لكى يتقارب الناس من بعضهم البعض ويتراحم الآخر على أخيه ويتقبله، وأن الأديان جميعًا ما هى لغات مختلفة تكلم بيها الله لعباده فى مختلف العصور ليتوافقوا ويتحدوا ويشتركوا فى إرساء السلام والتكاتف والتوحيد البشرى ليرتقى المجتمع فكريًا وروحيًا ونفسيًا واختفت (الضرائب الدينية) المدمرة للروابط البشرية د. ماريان جرجس.