السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

المفكر وعالم الاقتصاد جلال أمين في حواره لـ"البوابة نيوز": قطر بوابة المشروعات المريبة بالمنطقة.. ومصر مستهدفة لثقلها الحضاري.. وأمامها فرصة لتنويع علاقاتها دون الوقوع في خطر يهددها

أكد رفضه دعوة الشيخة موزة

عالم الاقتصاد جلال
عالم الاقتصاد جلال أمين مع محررة البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الغرب يجهز إسرائيل لقيادة المنطقة.. والقومية العربية ضرورة وليست رفاهية
عبدالناصر كان طاهر اليد وذا خلق.. وسعى لجعل حاشيته مثله
التدهور زاد بعد ثورات الربيع العربى رغم نبل الشعارات.. ولولا تكاتف الجيش مع الشعب لما نجحت الثورات
الإعلام أخطر من الهيمنة العسكرية.. ومشكلة نمط الاستهلاك ارتباطه باستثمارات ربحية لا تفيد البلد
دخلنا عصر الاستهلاك مع السادات ورفعت الدولة يدها عن خدمات كثيرة
أبحث عن مثقفين فاعلين اليوم فلا أجد إلا نادرًا.. ونعيش امتدادًا للانتكاسة الثقافية التى سادت عصر مبارك
الأزهر لا يزال يحوى بين جنباته عقولًا مستنيرة مبهرة.. والمنابر أفقدت الناس الثقة بكثير من الخطباء


المفكر وعالم الاقتصاد جلال أمين، مثقف موسوعي، يلتقط كادرات بصرية عميقة لوجوه مصر على مر العصور، يفتش بترابها وتراثها عما يعيد الأمل، يلعن الفساد سرا وجهرا وكل متلازمات القبح، لا تفتنه مسلمات التاريخ البراقة، ولا تلهيه عن كشف من يدير عجلة الأحداث، تجلى ذلك فى «التنوير الزائف» و«خرافة التقدم» وصولًا لكتبه عن الثورة.
هو سليل بيت ثقافى رفيع، فوالده المفكر أحمد أمين، وانعكس ذلك على رؤيته التى مزجت بمحبة بين التدين والثقافة، ولغة الأرقام والسياسة.

وبمناسبة كتابه الأحدث «تجديد جورج أورويل»، والذى يرتبط بتنبؤاته السابقة فى «العالم عام 2050».. حاورناه، ففتح أمامنا ما خفى من أوراقه، وظلت إجاباته بعيدة تماما عن الأفكار الجاهزة وتحمل فى طياتها أسئلة أعمق.

■ ما الذى تحتاجه مصر حتى تحقق النهضة؟
- نحتاج لوقت حتى نصل لتلك اللحظة لسببين، الأول: خارجي، والآخر: داخلي؛ فالعالم يعيش اليوم حالة فوضى، وأمريكا مركزها النسبى يتراجع بشدة والدول الصاعدة بشرق آسيا لم تصل لمنافسة حقيقية، ثم إنه حتى هذه الدول لا نعرف رسالتها تحديدا؛ فقد كان العالم الثالث يحمل فكرة الحياد الإيجابى بالخمسينيات، واليوم نرى تحالفات مختلفة تماما عن النظرة القديمة، ونحتاج لأن نفهم إلى أى اتجاه تسير آسيا، لكن المفيد أنه لم يعد الصراع بين القطبين الشرقى والغربى على أشده كما كان قبل عقود؛ وأحيانا لا يكون هناك صراع من الأساس، ولهذا فمصر أمامها فرصة لتنويع علاقاتها دون الوقوع فى خطر يهددها.
وعالمنا العربى مستهدف دائما لأسباب كثيرة، منها مصادر الطاقة، ومصر مستهدفة بشكل أخص لثقلها الحضاري، ولا يمكن تحييد المطامع الغربية فى معادلة النهضة؛ وقد دعم الغرب محمد على للقضاء على النفوذ العثماني، ثم وأد تجربته فى النهضة مع أواسط القرن التاسع عشر، وكانت بوادر النهضة بالعشرينيات مصاحبة لأزمة مالية عالمية، وساعدت أمريكا على نجاح ثورة يوليو بمنتصف القرن العشرين، لإبعاد الهيمنة الإنجليزية بعد الحرب العالمية الثانية، ثم جاء الوفاق الغربى مع السوفييت تمهيدا للنكسة وسيطرة أمريكا على نتائج حرب ١٩٧٣ لصالح إسرائيل، رغم كفاح المصريين الأصيل للتخلص من الاستعمار. 
وبرغم كل ذلك، وفى مطلع القرن الماضي، تمكن المصريون من تمصير اقتصادهم ونشر التنوير ووضع الدستور برغم قيود القصر والمحتل الإنجليزي، وهو ما يقود لدور العامل الذاتى بالنهضة، وأعتقد أننا كنا نبحث عن المستقبل، بعكس فترة نكسة يونيو التى رحنا فيها نفتش عن الماضي. 

■ كتابك يبرز أشكالا جديدة لغسيل الأدمغة وخداع الجماهير غير التى ذكرها أورويل فى روايته الشهيرة ١٩٨١؟
- نعم؛ فقد تخطينا هيمنة القوى العسكرية والاقتصادية والسياسية، وأصبح خطر هيمنة الإعلام هو الأعظم فى ظني، وهى مسألة شهدناها بالقرن العشرين فى إعلام جوبلز الألمانى الذى جيّش الجماهير لهتلر، لكن الإعلام اليوم يوجه الجماهير نحو قيم استهلاكية بحتة تخدم الشركات الكبرى، وأصبح المعلنون يطرحون خدمات بعينها تحقق الربحية بغض النظر عن القيمة، ومن هنا فنحن لسنا إزاء مؤامرة مكتوبة من القوى الدولية بقدر ما هو عصر استهلاكي، أصبح فيه المال هو القيمة الوحيدة بغض النظر عن الوسيلة، والدول تقدم السياسات التى تسهل الربحية، والجماهير أصبحت تتلقى رسائل التليفزيون بغير وعى لتأثيرها فى حياتها، وقد ارتفعت التطلعات وأصبح تقييم الإنسان بما يمتلكه من سلع، فأصبح الإنسان أكثر حزنًا رغم التقدم التكنولوجي، لأن فقدانه للسلع يعنى فقدان مكانته بين الناس، وهى مسألة حذر منها مفكرون عالميون وليس فى عالمنا الثالث وحده. 
وسنرى أنه فى الفترة من ١٩٤٥ حتى ١٩٧٠ كان العالم الغربى يعيد بناء نفسه بعد الحرب، فحدث ازدهار ووصلوا لمعدلات جيدة من العمالة والاقتصاد والرخاء، ثم بدأ ما يمكن تسميته بعصر الاستهلاك ومجتمعه، بعدما زاد الرخاء علي الحد.
وفى مصر بدأنا ندخل بعصر الاستهلاك مع حكم الرئيس الأسبق أنور السادات، وكان العالم كله يتجه لهذا الاتجاه الرأسمالى وظهرت برامج الإصلاح الهيكلى، ورفعت الدولة يدها عن خدمات كثيرة، ويبدو أنه كان من الصعب على أى حاكم أن يواجه هذا الزحف.
ومشكلة نمط الاستهلاك أنه ارتبط باستثمارات كثيرة ربحية لا تفيد البلد، ولا علاقة لها بالصناعة والزراعة والإنتاج، وإنما منتجعات ومطاعم وهكذا.

■ إسرائيل هى البديل إذا ما غابت الوحدة العربية، أليس كذلك؟ 
- فى الحقيقة أن إسرائيل يجهزها الغرب لتكون هى قيادة المنطقة الشرق أوسطية فى المستقبل، وكلما ضعفت الوحدة العربية، كان هذا المخطط سهل التنفيذ، ومن هنا قلت إن القومية العربية ليست رفاهية وإنما ضرورة؛ وقلت إن هذه الوحدة لن تتحقق إلا من خلال مجتمع مدنى قوي، وطبقة متوسطة مستنيرة، ومصالح اقتصادية مشتركة بين الشعوب العربية وتواصل تكنولوجيا العصر. 
والحقيقة أن الشعور القومى ما زال طاغيًا عند الجماهير مهما كانت أغلب الحكومات لا تؤمن بالعروبة، وقد لمست ذلك بزياراتى للعالم العربى فى الثمانينيات والتسعينيات وبعدها، وكان الحديث دائما عما يجب أن تفعله مصر لدورها المركزى تاريخيا للم شمل العرب، وهذا أمر يحتاج لتفكير طويل.
وعلى الجانب الآخر يحزننى أن أجيالا جديدة لم تعد تؤمن بفكرة القومية العربية، وأتذكر أنه إبان أزمة مصر والجزائر الكروية الأخيرة تحدثت عن الشعور العربى لطلابى بالجامعة الأمريكية، وكان رد فعل بعضهم يشى باستفهام عن قيمة وجدوى تلك القومية.


■ تحدثت فى كتابك عن المعونة الأمريكية وأهميتها لمصر؟
- نعم قلت ذلك بكتابي، لكنى اليوم أتحفظ قليلا؛ فالمعونة لم تعد بنفس أهميتها مقارنة باحتياجاتنا، وقد صار اقتصاد أمريكا أضعف مما كان عليه، وما يقال عن المعونة يقال أيضا عن الصندوق، لكنى اليوم أجد أن أهمية الصندوق نفسها تتراجع وكذلك البنك الدولي، والحكومات لدينا تنصاع لتلك الهيئات بإرادتها برأيى وليس نتيجة ضغوط تمارس عليها، ومن ذلك قرارات الخصخصة وغيرها. 
■ قلت فى كتابك إن ثمة تراجعا فى الخدمات المقدمة للمواطنين؟
- أعتقد أن الكلمة المهمة فى هذا الشأن هى الفساد، فأى مسئول حكومى يريد أن ينهب تركة لنفسه، وهذا ينعكس على كل أوضاعنا، والفساد دائما موجود بالطبع لكنه درجات، ففى الستينيات مثلا كان المفسد «يختشي»، وفى العهد الملكى رغم الفساد الكبير بالقصر، لكن كانت تجرى محاسبة «النقراشي»، لأن ابن عمه وصل الدرجة السادسة بالواسطة، وكان عبدالناصر طاهر اليد وذا خلق بلا جدال، وسعى لأن يكون من حوله هكذا، برغم كل ما قيل عن الاستيلاء على القصور الملكية، لكنك كنت ترى أنه يحاسب على صبرى على ما أنفقه بتشيكوسلوفاكيا وما يرتديه الوزراء.
وما قلته لا يقاس أبدا بتدهور أوضاعنا لاحقا، ووصولا لعصر مبارك، والذى حكم المحيطون به من خلاله وزاد نفوذهم وبالتالى فسادهم، ولم يبذل هو مجهودا لمنع التدهور، وهو امتداد للسادات الذى كان مثلا يعتقد أن من اشترى شقة وتضاعف ثمنها يعنى ذلك أن الشعب أصبح ميسورا، وتغافل عن أن هذه الشريحة لم تتعد الـ٢٠٪ من الشعب والباقى يعيش تحت الفقر وفوقه قليلا.

■ ألا يمكننا الاقتداء بالدول الآسيوية والاستفادة من تجاربها؟ 
- إذا كنتِ تتحدثين عن اليابان وماليزيا، فأعتقد أنهما استثناءان، ولكن يجب علينا أن نتأمل تراجع هذا الالتزام بالاستقلالية عن الغرب حاليا، من قبل دول آسيوية عملاقة كالصين واليابان وربما ماليزيا بدرجة ما، كما أن معدلات الفقر متزايدة بدول آسيوية ناهضة مثل الهند، والتفاوت الطبقى كبير فى الصين، فأرقام الصناديق الدولية كما اتفقنا لا تعبر عن كل شيء؛ وفكرة أن مصر تستطيع فعل ذلك، نعم لكن متى لا أعرف، والتفاؤل مطلوب لكنه يحتاج لتوفير أسبابه، لا أرى قوى مجتمعية تقوم بمشروعات للنهضة ببلادنا.
وأنا أرى العالم العربى مصيبته دائما كانت فى قربه من أوروبا جغرافيًا، فالدول الأبعد عنها استطاعت أن تقيم تجربة مستقلة نوعا ما، وأوروبا لا تترك لنا فرصة نهضة كبرى، ولا تجعلنا نسقط أيضا، لأننا سوق لمنتجات واستثمارات ورؤوس أموال وثقافات أيضا، وكنا نمر بحالة تدهور وزادت بعد ثورات الربيع فى ٢٠١١ وتداعياتها المخيفة حاليا، برغم نبل الشعارات التى رفعتها من عدالة وحرية اجتماعية وكرامة وغيره. 
■ ظللت تردد أن دوافع الثورات الحقيقية مختلفة عن شعاراتها؟ 
- نعم، الشعوب دائما تخرج طلبا لعدالة توزيع الثروة والحصول على الكرامة والعيش والحرية، وهذه حقوق، وقد اعترفت بثورة يناير وأصدرت كتابا عن المصريين فى عهد مبارك، وقلت كل ما كنت أراه من مظاهر فساد متفشية بعصره، لكن ينبغى أن نفرق بين خروج الجماهير، وبين أن هناك ترتيبات محلية وخارجية كانت تدعم نجاح الثورة فى مهدها، ومنها مثلا أن الغرب بات يراقب انحراف العرب عموما عن تطبيق نظام السوق الذى رسموه لنا، بالكفاءة المطلوبة، وكان نظام المحاسيب والرشاوى والفساد من معوقات التطبيق، ولهذا فإن مخطط الفوضى الشاملة كانت الثورات جزءًا مهمًا لتحقيقها، ومحليا أعتقد أننا شاهدنا جميعا تكاتف الجيش مع الثوار فى الميدان، ولولا ذلك كان من الصعب بل من المستحيل تقريبا أن تشهد ثورتنا أي نجاح.
ولو رجعنا لثورات القرن العشرين وما قبلها، سنرى هذا متحققا بقوة؛ فالثورة الفرنسية كانت صراع البرجوازية مع الإقطاع، وليس صحيحا أنها فقط ثورة حريات ومساواة، والثورة الروسية تزامنت مع الحاجة لدعم قيم التصنيع الجديدة، وثورة يوليو فى مصر حظيت بدعم أمريكى كبير، وهو لا ينفى نزاهتها، وإنما يفسر نجاحها، فدائما هناك ظروف دولية يجب أن تكون مواتية. 


■ أين المثقفون الذين قاموا طيلة تاريخ مصر بحمل مشاعل النور فى الأوقات العصيبة؟ 
- أبحث عن مثقفين فاعلين اليوم فلا أجد إلا نادرا، وقد كانت بمصر قامات ثقافية كبرى، حتى تحول الأمر وأصبح غرام الناس بالسلع لا الأفكار، وللأسف فإننى أعيد التدهور دائما لفترة هجرة العقول لدول النفط، وكنا نرى مثقفًا مثل أحمد بهاء الدين يترك رئاسة الأهرام ليصبح مستشارا بالكويت، وقد فعلت الشيء نفسه فى فترة ما، والمسيرى أيضا هاجر لدول خليجية، وهذه سمات عصر السوق والتى زادت فداحة.
والحقيقة أنه حتى فى ظل وقوع مصر تحت سيطرة القصر والمحتل الإنجليزى فى العشرينيات، ظلت الحركة الثقافية قوية، لأن الإنجليز لم يكن يغضبهم نهوض الفكر طالما لا يؤثر على استفادتهم من خيرات مصر، واليوم أشعر أننا نعيش امتدادا للانتكاسة الثقافية التى سادت عصر مبارك. 

■ انتكاسة ثقافية؟
- نعم؛ كتبت مقالا مؤخرا أنه لم يصعد فى عهد مبارك عمل موسيقى أو غنائى أو شعرى واحد فتن به الناس، كما فتنوا بأغانى عبدالحليم حافظ وأشعار جاهين والأبنودي، وما أصاب مجلاتنا الثقافية من الضعف الشديد، ويكفى أن ننظر لمعرض القاهرة للكتاب، الذى صار يلخص تحولات المجتمع المصرى وشيوع الكتب السلفية، وكتب تعليم الإنجليزية والكمبيوتر، وعلو صوت الميكروفونات التى تعلن عن الندوات والمأكولات، وغياب مثقفين كبار عن لقاءات المعرض، وأوضاع اللغة العربية المتدهورة وشيوع استخدام العامية والألفاظ الأجنبية وتعمق الروح التجارية، وسيطرة الإعلان والتسويق على الإعلام، وظلت هناك ندرة للروايات الجميلة التى تستوحى أفكارها من الواقع، كأعمال بهاء طاهر وعلاء الأسوانى وأفلام يوسف شاهين. 
■ لكن هناك حركة كتابة أدبية قوية، ألا تعكس برأيك صحوة؟ 
- بالطبع، الأدب خير ما يعبر عن الواقع والماضى بعمق، لكن أن تقتصر القراءة على الروايات وحدها فهذه مشكلة، فلا فلسفة ولا فكر ولا تاريخ ولا علم، هذا خلل، ومن جهة أخرى أشعر أن الروايات التى تحتك بالواقع أصبحت تتلاشى مع الوقت.
■ تقول ذلك وأنت كنت عضوا بلجنة تحكيم جائزة البوكر؟ 
- نعم؛ أنا أحترم الإبداع الأدبى ودوره، لكنى أنظر لما يمكن أن يحمل معنى مغايرًا يساهم بتنوير أو نهضة، ويحمل كتابة حقيقية محكمة أيضا، وليس ما يروج من أعمال أدبية متهافتة.
■ ما رأيك فى المبادرات الثقافية التى تطلقها الإمارات ولبنان والمغرب، وهل ترى تراجعها فى مصر؟ 
- أؤمن بالتكامل فى أى عمل وليس الثقافة وحدها، ومصر بالفعل لها ريادتها الثقافية وإن كانت متراجعة كثيرا عما مضى فى القرن العشرين، أما الإمارات فأشعر بسعادة لنشاطاتها بالتراث والكتاب واللغة العربية، وقد حصلت على جائزة العويس الثقافية الإماراتية، ويهمنى أن تنشط الثقافة العربية بغض النظر عن الحاضنة التى تطلق المبادرات. 


■ كيف استقبلت دعوة الشيخة «موزة» لزيارتها بقصرها قبل عام؟ 
- برفض قاطع؛ لأننى لا أذهب للحكام بقصورهم، وكانت تريد أن أصبح مستشارا بشئون الثقافة والتعليم على ما أذكر، ولم تتحدث إلى وإنما حدثنى مكتبها، والحقيقة أن المفكر لا يحمل أمتعته إلا للمحافل الثقافية والفكرية الحقيقية.
■ كيف تنظر للدور الذى تلعبه قطر بالمنطقة؟ 
- أعتقد أن قطر بوابة لمشروعات أخرى بالمنطقة، أنظر إليها بكثير من الريبة، وإن كان حديثى لا يعنى بالطبع إلا الحاكم وليس الشعب.
■ ألا ترى أن معركة تجديد الخطاب الدينى قد تحولت لموسم هجوم على الأزهر؟
- للأسف، أنا رجل تربيت ببيت عاشق للتراث الديني، وظللت أحترم الأزهر الشريف لأدواره المتعددة التى لعبها فى تاريخ مصر، وأعتقد أن الأزهر لا يزال يحوى بين جنباته عقولًا مستنيرة مبهرة.
■ تقول إن علاج التطرف ليس بإضعاف الانتماء، وإنما بإشاعة روح التعقل، كيف ترى مواجهتنا للإرهاب بهذا الصدد؟
- مواجهة التطرف التى أعرفها تأتى بشكل عفوي، وليس خطة تطلقها وسائل الإعلام والأوقاف، ولا مجرد مواجهة أمنية، بل لا بد أن نتعامل مع المتطرف كشخص مريض، ونتأمل ما الذى يجعله يذهب لشيخ متطرف يتلقى منه الأفكار المتطرفة، علينا أن نوفر كتبًا جيدة للطلاب، وأتذكر بالمناسبة أن كتاب أبى كان مقررا للمدارس الثانوية، عن زعماء الإصلاح فى العصر الحديث.
ثم أخيرا علينا أن نفكر فى استعادة الخطيب لمكانته عند الناس، فما يقال على المنابر جعل الناس يفقدون الثقة تدريجيًا بكثير من الخطباء.