الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أبطال الداخلية.. والوصاية الإعلامية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عشنا ليلة قاسية بعد أن سمعنا أنباء العملية التى قام بها أبطال الشرطة المصرية فى الواحات، والتى استقبلوا فيها بصدورهم رصاص الخسة من الأسلحة الثقيلة التى يملكها الإرهابيون.. افتدونا بقلوبهم ودمائهم الطاهرة التى سالت فى ظلمة الليل فى الصحراء..كانت قلوبنا يعتصرها الألم ونحن نعلم أن الاشتباكات العنيفة ما زالت مستمرة، ففى نفس اللحظة التى نمارس فيها حياتنا الطبيعية فى الشوارع والمنازل، هناك من خيرة أبطالنا من ينزفون ويضحون بشبابهم وأنفسهم.. 
هناك من يحملون أرواحهم على أيديهم ويقدمونها فداءً لهذا البلد، ويواجهون ببسالة فى سواد الليل الإرهابيين الذين جندتهم وربتهم ودربتهم أجهزة مخابرات عالمية، عدو شرس تسانده دول كبرى وصغرى، ويمدونهم بأحدث الأسلحة والمعلومات.. كنا ننتظر الأخبار حتى يسكن الألم وتطمئن القلوب، ولكن بكل أسف لم نجد الإعلام الرسمى حاضرًا.
ترك مكانه فارغًا لتستثمر هذا الفراغ الوكالات الإخبارية والقنوات والمواقع الأجنبية والخاصة، وتملأه بالشائعات والأضاليل. 
أخفق الإعلام المصرى مرة أخرى ليثبت أنه يحتاج إلى وقفة حقيقية ومواجهة. فلم نجد إعلامًا حقيقيًا واعيًا، لم نجد سوى العشوائية ومحاولة البحث عن السبق من بعض القنوات التى تناولت الخبر، فلم تقدم معلومة صحيحة أو دقيقة، وفى المقابل وجدنا إعلامًا آخر يلقى اللوم على الشعب، ويفرض الوصاية عليه وينفى حقه فى المعرفة، ويتهمه بعدم المسئولية. فاتهام الناس التى كانت تنتظر بيانًا من الدولة فى غير محله، لأنهم لا يريدون أن يسمعوا من القنوات والمواقع الخاصة أو الأجنبية، يريدون أن يأخذوا المعلومة الصحيحة من مصادرها، ولا يمكن أن تكون الطريقة هى لوم الناس التى تبحث عن المعلومة فى ظل سماع تلك الأخبار الموجعة التى أدمت قلوبنا جميعًا، فطبيعى أن يحاول الناس البحث عن المعلومات طالما لم يجدوها فى مصدرها الرسمى، وليس من المقبول أن نسمع أخبارًا كتلك من قنوات خاصة أو أجنبية، وحين نأتى بالقنوات الرسمية المصرية لا نجد أى أثر لتلك المعلومة وكأن شيئا لم يكن.
ما السيناريو الآخر الذى يطالبنا به إعلاميونا النبهاء؟ والذين يظنون أنهم المدرسون والجمهور فى المنازل هم التلاميذ؟ فيمسكون «الخزرانة» فى أيديهم وكأنهم سيجعلوننا نقف ووجوهنا فى الحائط، أو نمد أيدينا ليضربونا عليها حتى نتعلم، هل المطلوب من الشعب حين يسمع تلك الأنباء المؤسفة أن يستمر فى مشاهدة المسلسلات والبرامج التافهة التى تقدمها قنواتنا ولا نبحث عن المعلومة أو نحاول معرفة ما يحدث لأبنائنا؟ هل هذه هى المسئولية الاجتماعية التى يطالبوننا بها؟ ليس المطلوب أن تقدم وزارة الداخلية بيانا دقيقا يتضمن جميع المعلومات، ولكن المطلوب ألا نستشعر أن الإعلام الرسمى فى وادٍ آخر، فعلى الأقل يغطى الحدث ولو بمعلومات مقتضبة. 
حتى وإن كان سيُكذب مصادر الأخبار الأخرى أو ينفيها، أو يعلن فقط أن العمليات لا تزال مستمرة ولا يوجد حصر لأعداد الشهداء والمصابين.. اجعلوا هناك قناة إخبارية واحدة نذهب إليها حين نريد أن نستقى المعلومات، لا تتركونا للفراغ فيملؤه المغرضون بالشائعات والمعلومات المضللة، فالبديل الوحيد هو أن يكون لدينا إعلام واعٍ ومسئول يتمتع بالمهنية والمصداقية، ويقدم المعلومة الصحيحة والسريعة، حتى لا يترك الشعب فريسة سهلة فى أيدى الأعداء.. ولا تتركونا لهواة الإعلام الذين لم يتعلموا أبجديات هذا العلم.. أعطوا الخبز لخبازه كما يقول المثل الشعبى، كفانا أن يكون الإعلام مهنة من لا مهنة له، فالإعلام علم ولدينا الكثير من علمائه وخبرائه، استعينوا بهم يرحمكم الله.. فيجب ألا ننسى أننا فى حالة حرب حقيقية، والإعلام جزء مهم وخطير فيها.. ولن يكون الحل هو حجب المعلومات، فنحن فى زمن السماوات المفتوحة، ولا يمكن لأحد أن يحتكر المعلومة أو يحبسها.. أما الإعلاميون فلستم أوصياء علينا لا تجلسونا فى موقع التلميذ الذين تجودون عليه بالمعلومات، وتمنحون أنفسكم سلطة التقييم والتوبيخ والثواب والعقاب، دوركم تقديم الخدمة الإخبارية والتحليلية، دون أن تفرضوا علينا الوصاية، ونحن حقنا أن نعرف، ولكن فى نفس الوقت ليس دورنا أن نجلس وننظر ونحلل ونحاسب الأجهزة الأمنية، ونحن مسترخون فى منازلنا نتنقل بالريموت كنترول من قناة لأخرى، ونتصفح مواقع التواصل الاجتماعى، ولكن دورنا هو أن يتقن كل منا عمله، وندعو من قلوبنا لهؤلاء الأبطال وأسرهم وندعمهم وهم يفدوننا بصدورهم، فهناك من يودعون أبناءهم وأسرهم دون رجعة، وهناك قلوب أنهكها ألم الفقدان والفراق.. ولنترك التحليل والنقد لخبراء تلك الأجهزة، والذين هم بالتأكيد أكثر منا خبرة وقدرة على التقييم.