الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الحرس الثوري الإيراني.. بين التنظيم الإرهابي الأخطر والذراع اليمنى للمرشد الأعلى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعرف عن الحرس الثوري الإيراني أنه التنظيم الأقوى في إيران، ويعتبر المسئول عن كثير من مفاصل الدولة الإيرانية، حيث وصفت وسائل الإعلام الغربية، ومنها وكالة أنباء رويترز، ومجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أن الحرس الثوري عبارة عن "تنظيم غامض" يتورط في "أنشطة سرية" في الشرق الأوسط.
ويقال أن الحرس الثوري من التنظيمات الأكثر غموضا في العالم، بالإضافة إلى أن دوره يعتبر الأهم في السياسات الإيرانية.
تشكل الحرس الثوري في 5 مايو 1979 في أعقاب الثورة الإسلامية، لتوحيد مختلف القوات شبه العسكرية التي كانت موجودة في إيران ما بعد الثورة، لتشكيل قوة واحدة، موالية للحكومة الثورية، وتعمل كقوة مضادة لتأثير وقوة الجيش النظامي (أرتش) الذي اعتبر غير جدير بالثقة، بسبب ولائه التقليدي للشاه محمد رضا بهلوي.
ويقول بروس ريدل، وهو زميل بارز في معهد بروكنجز ومحلل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لـ"فورين أفيرز"، إن الحرس الثوري تم إنشاؤه على أنه ثقل موازن للجيش النظامي، ولحماية الثورة من انقلاب محتمل، حيث كان الخميني يسعى لتجنب تكرار انقلاب 1953 الناجح، لكن أنشطة الحرس في السنوات الأخيرة كانت تهدف إلى حماية المصالح الإيرانية إلى ما هو أبعد من طهران.
ويقول المحللون العسكريون: "إن الحرس بدأ نشر مقاتلين في الخارج خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، والعمل على تصدير المثل العليا للثورة في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
وعندما تم إنشاء الحرس أو كما يقال عنهم "الباسدران" بمرسوم من آية الله الخميني في مايو 1979، كان أعضائها الأصليون يتألفون من حوالي 6000 من رجال الميليشيا الذين قاتلوا النظام البهلوي حتى قبل عام 1978، وكثير منهم تلقى تدريب عصابات مع الجماعات الفلسطينية واللبنانية، وعلى الأخص ميليشيا في لبنان.
إن وجود العديد من الجماعات المسلحة المستقلة يمثل بالتأكيد تهديدا محتملا لأي فصيل سياسي يحاول فرض سلطته على الدولة الإيرانية ما بعد الثورة، وعلى الرغم من أن "الباسدران" قد تزايد عدده في نهاية المطاف ليصبح أهم المنظمات شبه العسكرية في إيران، فقد واجه نصيبه العادل من المنافسين في تطبيق المثل الثورية.
كان هناك تحد خاص لسلطة باسدران من قبل عدد كبير من اللجان، ومن هنا بدأت سلطة نظام بهلوي في الانهيار، وانتصر الباسدران على هذه المنظمات ومراكز السلطة الأخرى، وأصبح الباسدران الحرس الأمين للمرشد.
نظرة عميقة على المؤسسة الإيرانية الأقوى:
كان الحرس الثوري منذ بدايته قوة مدفوعة أيديولوجيا، جندت بشكل كبير عدد من المؤيدين المؤمنين بالزعيم الروحي للثورة آية الله روح الله الخميني، وباعتباره واحدًا من أوائل المؤسسات الثورية، قام الباسدران بإضفاء الشرعية على الثورة، وأعطى الحكومة أساسا مسلحا للدفاع عن نفسها، وعلى الرغم من هذه الخطوة لمواجهة الجيش النظامي من إيران، قرر آية الله الخوميني بعدم حل الجيش تماما، وأراد الخميني ألا ينظر الجيش الإيراني وباسدران إلى بعضهما البعض على أنهما منافسان، وإنما كفرعين من القوات المسلحة يعملان على تحقيق هدف مشترك.
الحرب الإيرانية العراقية ودور الباسدران
ونتيجة لمحاولة الحكومة الثورية تحييد التهديد المحتمل للجيش الذي كان بمثابة قوة معادية للثورة، انخفض الجيش من 285 ألفا إلى حوالي 150 ألف جندي، على خلفية اندلاع الحرب بين إيران والعراق، وأبعد حوالي 12 ألفا من الضباط الماهرين والمدربين، الذين يشكلون ما بين 30 و50 % من سلاح الضباط الإيراني، على الرغم من هذه الصعوبات على الجانب الإيراني، إلا أن اعتقاد صدام حسين بأن الوقت قد حان لضرب إيران كان خطأ كبيرًا، فبالنسبة للحكومة الثورية، تم التعامل مع الحرب على أنها فرصة مثالية لإظهار مرونة وحيوية الثورة الإيرانية للعالم، ومن هنا أصبح الحرس الثوري التنظيم الأقوى في إيران عندما وقف ضد الجيش العراقي.
وبعد الحرب، دعت الحكومة الثورية إلى زيادة وتوسع الباسدران في إجراء وعمليات قتالية عسكرية واسعة النطاق، غير راغبة في ترك مصير إيران في أيدي بقايا لا يزالون موالين للشاه بلهوي.
وهكذا أصبحت الحرب المعروفة في إيران كحرب مقدسة لحظة حاسمة بالنسبة لباسدران، مما وسع نطاق مسئولياتها وأهميتها بشكل كبير داخل هيكل الدولة الإيراني الثوري الناشئ، وظلت العلاقات بين الباسدران والجيش النظامي طوال الحرب متوترة، بسبب الشكوك المتبادلة والتظلمات التاريخية والاستياء والخلافات السياسية وعدم اليقين، وثمة نقطة خلاف متكررة بشكل خاص بين المنظمتين تتعلق بالاعتماد على تكتيكات عسكرية مختلفة، مع إصرار الجيش المهني على عمليات جيدة التنظيم ومنظمة تنظيما جيدا، في حين دفعت باسدران المدفوعة أيديولوجيا أن الحماس الديني والقومي والتصميم والتفوق في القوى العاملة كانت كافية.
جاء الباسدران ليعتبر نفسه تجسيدا لروح الثورة الإيرانية، حيث انتصرت إرادة الشعب الإيراني وتفانيه على المنظمات الأمنية المحترفة والمحدثة و"الملوثة ثقافيا" لنظام الشاه بهلوي، ومن هنا بدأت تظهر قوة الحرس الثوري.
الباسدران بعد الحرب ومرحلة البناء
ومثله مثل آية الله الخميني، عارض باسدران إنهاء الصراع مع صدام حسين، وواصل تكريس نفسه لشعار "الحرب حتى النصر"، مشيرا إلى أن الإطاحة بنظام البعثيين وصدام حسين، وتصدير الثورة الإسلامية إلى الأغلبية الشيعية في العراق، وبحلول عام 1988، كان هناك توافقا سياسيا واسعا في البلاد حول الحاجة لإنهاء الحرب بسبب الهجمات العراقية، والاعتداءات الأمريكية في الخليج، والاستنفاد الناجم عن مرحلة ما يسمى "حرب المدن"، ومن هنا بدأ الزعماء السياسيون مثل خامنئي التأكيد على أن قدرة إيران على التحمل والتضحيات والتضامن الوطني طوال الحرب الطويلة أثبتت أن إيران قد أنجزت مهمتها الإلهية بالفعل بغض النظر عن حصولها على نصر نهائي، وبالتالي لم تعد هناك حاجة إلى مزيد من الأعمال القتالية.
وخلال الحرب، نما الحرس الثوري ليصبح فاعلا وطنيا، يدافع عن البلد كله ضد الغزاة، فالإيرانيين الذين كانوا في البداية لا يميلون إيجابيا نحو باسداران أو أيديولوجيتهم بدأوا يجدون أنفسهم يقاتلون من أجل نفس القيم الأساسية للاستقلال الإيراني في مواجهة الخطر الخارجي، وكان عليهم أن يعترفوا بدور باسداران الحاسم في الدفاع عن الأمة الإيرانية، وبحلول نهاية الحرب، أصبح باسداران رمزا للمقاومة الوطنية ومثل الشعب الإيراني إلى درجة أكبر بكثير مما كان عليه قبل الحرب، مما يضيف إلى شرعيته باعتبارها واحدة من أقوى مؤسسات الدولة الإيرانية.
منذ بداياتها الأولى، شارك باسداران في النضال من أجل السيطرة على نتائج الثورة الإسلامية، بعد الحرب، أصبح باسداران يمارس نفوذا سياسيا كبيرا.
ومع التوسع الكبير في الحرس في أعقاب الحرب الإيرانية العراقية، زاد الباسدران من أهميته وقوته، مما جعله قادرا على تحديد وتأثير تعيين المسئولين في العديد من المؤسسات الأخرى، بما في ذلك القيادة المدنية وحتى الجيش الإيراني النظامي، كما ارتفع العديد من أعضاء باسداران السابقين والحاليين إلى مناصب بارزة داخل الحكومة الإيرانية بعد الثورة، وتشمل الأمثلة الأولى حسن عابدي الجعفري، وهو عضو سابق في المجلس الأعلى لباسداران الذي شغل منصب وزير التجارة حتى عام 1988.
"فيلق القدس" جناح الحرس الثوري الخارجي
كما قام باسداران بتطوير جناح خارجي له يدعى "فيلق القدس"، وهو مخصص لنشر أيديولوجية الثورة خارج البلاد ومنطقة الشرق الأوسط، فخلال الحرب الإيرانية العراقية، قدم فيلق القدس الدعم للأكراد في العراق الذين كانوا يحاربون صدام حسين، لكنه كان نشطا أيضا في أجزاء أخرى من العالم، وعلاوة على ذلك، أشرف فيلق القدس على تشكيل وتسليح منظمة بدر، الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب سياسي عراقي شيعي، ومعارض قوي للنظام البعثي في العراق.
وقد ظهر فيلق القدس، الذراع شبه العسكرية للحرس الثوري التي تضم عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألفا، كفرع للشئون الخارجية بحكم الأمر الواقع أثناء توسع الباسدران.
وكانت مهمتها القيام ببعثات السياسة الخارجية بدءا من المنطقة الكردية في العراق وإقامة علاقات مع الجماعات الشيعية والكردية. 
ومنذ ذلك الحين، دعم فيلق القدس الأنشطة الإرهابية والجماعات المسلحة الموالية لإيران في أنحاء الشرق الأوسط وخارجها، بما في ذلك في لبنان والأراضي الفلسطينية والعراق وأفغانستان ودول الخليج وغيرها الكثير، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية.
وكان فيلق القدس مسئولا عن الاتصالات مع المنظمات والميليشيات الأجنبية بهدف تصدير الثورة الإسلامية، سمة مميزة للفيلق الذي كان له دورا أساسيا في خلق حركة المقاومة اللبنانية حزب الله في خضم الحرب الأهلية في لبنان.
ولا يزال هذا التعاون جاريا، ويعتمد حزب الله بشدة على باسداران على الأسلحة والتأثيرات الأيديولوجية، وتتجه هذه الوحدة الخاصة من أعضاء باسداران إلى القائد العام الشهير قاسم سليماني.
وفي النهاية يمكن القول، إن الحرس الثوري، إو "سيباه باسداران" ظهر كميليشيا صغيرة في خضم الفوضى الثورية الإيرانية في عام 1979، والآن أصبح العمود الفقري للهيكل السياسي الإيراني ولاعب رئيسي في الاقتصاد الإيراني.