رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

صانع البهجة.. بعد ثلاثين عامًا فى بيتها.. الحاجة فاطمة فى نزهة مع حفيدها

صانع البهجة
صانع البهجة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقولون إن السعادة نسبية، لأنها مطلب ورغبة وحاجة أساسية، وكل إنسان له مذاقه الخاص، فمنا من يجدها فى المال، والبعض يراها فى حبيب يشاركه الحياة، أو ربما فى جمع العلم والتدرج إلى أعلى مراتبه، وربما تكون أبسط من ذلك بكثير، لكن اختلافها يعطيها تميزا يشعر به القلب، سعادة أحمد محمد تلك التى تنبع من القلب، سعادة قائمة على رؤية ضحكة على وجه شخص حرم منها لثلاثين عاما.
الفتى الصعيدى ابن المنيا، طالب قسم الإنجليزية بكلية الآداب، رأى أن جدته أعطت الحب والسعادة لكل من حولها دون أن تنتظر المقابل، ظلت ثلاثين عاما فى دارها لا ترى الشارع حتى سكن الخوف قلبها، فقرر أن يكون سببا فى سعادتها، دعاها أكثر من مرة لتخرج معه، وبرغم إلحاحه المستمر ومحاولات إقناعها بشتى الطرق، إلا أنها كانت ترفض، حلم أحمد أن يكون سببا فى سعادة جدته لم يفتر ولم يمل الفتى الجامعى من تكرار عرضه، لكن فى هذه المرة قرر أن يفاجئها، فاتفق مع مصور فوتوغرافى فى الحديقة الدولية بالمنيا ليلتقط له ألبوما تذكاريا مع جدته، ومسرعا عاد إلى الدار ينادى: «يا جدة فاطمة يالا علشان نخرج نتفسح»، ردت: «أنت عارف إنى مش هخرج يا ضنايا»، فقال لها: «يرضيكى يا جدة الفلوس اللى دفعتها للمصور تروح عليا»، ولأن الجدة تعرف أن حفيدها المتفوق دراسيا يعمل فى مطعم لينفق على نفسه ودراسته، فزعت من جلستها وبقلبها الطيب خافت على نقود حفيدها، فاستندت على ذراعه، وهى تغمره بابتسامة رضا، خرجت معه تجر ثمانين عاما خلفها، وقفت عند باب الدار تلتقط أنفاسها وتتأبط ذراع حفيدها، تشعر بأنها تحلم، سعادة أحمد أن حلمه بإسعاد جدته بدأ يتحقق جعله على الفور يشير إلى «تاكسى»، فهمهمت له «العربية دى ممكن تخطفنا يا ضنايا»، تبسم وقال لها: «ما تخافيش يا جدة أنا معاكى»، حوار التعارف بين الحاجة فاطمة والشارع والناس استمر بعض الوقت تنظر إلى كل شىء بتأمل.. تعيد ترتيب ذاكرتها.. العمارات.. الطرقات.. الناس كل شىء اختلف يا حاجة فاطمة، إلا قلبك الطيب المحب لمن حولك.. قلبك الصبور الذى آن له أن يفرح على يد حفيدك النبيل.. تسللت السعادة إلى قلبها، فأكلت وشربت ولم يغب عن ذهن أحمد أن سلوان جدته فى سنواته الماضية كانت «لعبة الكوتشينة»، ولأنه يعرف أنه يوم طالعها انهزم لها لتزداد سعادتها.. أخرجت زفير الصمت والحزن فى «البلالين» التى أحضرها لها أحمد، والتقط الصور معها ليخلد ذلك اليوم الذى يقول عنه صاحب السعادة الطالب المتفوق أحمد: «كان نفسى أسعد حد محروم من السعادة ولقيت فى جدتي الحد ده».
أما الحاجة فاطمة فقد عادت إلى بيتها حاملة معها ذكريات يوم أعادها إلى شبابها، لتجلس مع الجيران والعائلة تحكى لهم قائلة: «عشت يوم النهاردة أبوكو وأمكو ما شافهوش».