الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

هنري بريجسون.. رجل الضحك

كتاب  الضحك
كتاب " الضحك "
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في كتابه "الضحك"، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ترجمة سامي الدروبي وعبدالله عبدالدايم، فسّر هنري بريجسون ظاهرة الضحك، في الفن والمجتمع، ووقف على وظيفته، مبينًا الطبيعة الخاصة لفن الهزل، التي تميّزه عن أشكال الفنون الأخرى، ويعتبر هنري برجسون من أهم ممثلي فلسفة الحياة الجديدة وأكثرهم جدة وأصالة، وهو الذي قدم أكمل صورة لتلك الفلسفة.
أظهر برغسون منذ بداية حياته الأكاديمية اهتمامًا بعلم الحياة، "البيولوجيا"، لذا قدّم مشكلة المعرفة من خلال مفردات بيولوجية، فكانت أطروحته للدكتوراه بعنوان "رسالة في معطيات الشعور المباشرة 1889"، وفي كتابه المادة والذاكرة 1896، أوضح "بريجسون" أن الإدراك يتجه عادة نحو العمل، لا نحو المعرفة الخالصة، ولذا أمن بأن الطابع "البراجماتي" هو الذي يقود عملية المعرفة، معللًا بأن العمل هو المعيار الوحيد للحقيقة.
وأظهر برجسون تأملاته في كتاباته التي تدل على منحى تطوره الروحي، فكان كتابه الأول "رسالة في المعطيات المباشرة للوعي" الذي يحتوي على نظريته في المعرفة، بينما كتابه المادة والذاكرة احتوى على نظريته في علم النفس، وقدم خلاله التطور الخالق ميتافيزيقاه المؤسسة على البيولوجيا التأملية، ولاقت هذه الأعمال نجاحا ليس له مثيل ويعود هذا النجاح ليس إلى أن برجسون قد عرض فيها فلسفة جديدة بالفعل وتقابل أعمق الاحتياجات الروحية لعصرها فحسب،بل وكذلك إلى أن برجسون يعرض فيها أفكاره في لغة ذات جمال نادر. 
ومن خلال مذهبه في تفسير المعرفة بناء على معطيات البيولوجيا، يُناقش الملكة المعرفية التي امتاز بها الإنسان، وهي العقل في مقابل الغريزة عند الحيوان، حيث وقف على الطبيعة "الراجماتية" لعمل العقل، موضحًا أنه يدرك بناءًا على الحركة التي تمثل الواقع بالنسبة له، إلا أنها تُكرس لفكرة أن العقل غير مهيأ للتأمل الخالص. أو المعرفة الخالصة، بل هو آلة نافعة في خدمة الديناميكية.
بينما يرى بريجسون –وهي مفارقة- أن الفنانين هم أفراد شذّوا عن هذه القاعدة العامة، ومالوا إلى نمط من المعرفة المقصودة لذاتها لا لغرض نفعي، فالحالة العادية للإدراك تجعلنا نعيش في منطقة وسيطة بين الأشياء وبيننا، لا في الأشياء ولا في أنفسنا، ولكن الطبيعة تذهل من حين إلى حين فتخلق نفوسًا أكثر انصرافًا عن الحياة، وهؤلاء هم الفنانون سواء في إدراكهم للأشياء أو في إدراكهم لأنفسهم.