الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مرض يهُدر حقوق الإنسان الطبيعي.. "المثلية" ظاهرة تهدد المجتمعات "ملف"

أحمد موسى بدوي رئيس
أحمد موسى بدوي رئيس وحدة البحوث الاجتماعية بالمركز العربى لل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
د. أحمد موسى بدوي رئيس وحدة البحوث الاجتماعية بالمركز العربى للبحوث والدراسات
كارثة تنتظر أوروبا بسبب توقف الإنجاب.. وتوقعات بخسارتها 50 مليون نسمة فى 2050
بريطانيا وأمريكا اعتبرتا الشذوذ الجنسى مرضا عضويا ونفسيا فى القرن الماضى

استمرارا لسياسة التعاون بين جريدة «البوابة» والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة للدكتور أحمد موسى بدوى رئيس وحدة البحوث الاجتماعية بالمركز حول ظاهرة المثلية الجنسية فى مصر وأوروبا.
منذ عدة أسابيع، رفع بعض الشباب شعارات وأعلام المثليين جنسيا فى إطار حفل غنائى تم الترويج له على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعى، ومنذ ذلك الحين والمجتمع بكل فئاته منشغل بهذه الممارسة الجديدة على الساحة.
وجاء الانشغال بين كثرة معارضة مستهجنة تستند إلى الدليل الدينى ومركزه النص المقدس، وقلة مؤيدة تأييدا مباشرا أو غير مباشر تستند إلى الدليل الحقوقى ومركزه قيم الحرية والمساواة.
فهل الممارسات المثلية الجنسية، ظاهرة مستجدة على المجتمعات العربية، أم كانت محدودة النطاق سرية الطابع، وجاء الحدث إطلاقا للظاهرة من محبس المسكوت عنه؟ وهل تمثل الممارسة الجنسية المثلية انتهاكا لحقوق الإنسان أم العكس؟ هل تمثل تكريسا للمرض النفس اجتماعى أو النفس عضوي، أم أنها تمثل انحرافًا سلوكيا يخالف الأعراف والقوانين؟ وسنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة بالتركيز على تحليل ونقد مغالطة إخراج هذه الممارسة من دائرة المرض أو الانحراف، ومغالطة إدراجها ضمن دائرة حق الإنسان فى الحرية والمساواة، ولن يستند المقال إلى حجية الدليل الدينى رغم إيمان الكاتب بهذه الحجية.

التحول من مفهوم الشذوذ إلى المثلية
بداية نود أن ننطلق من تعريف للشذوذ أو المثلية الجنسية، بأنه إشباع شخص لغريزته الجنسية من خلال الانجذاب النفسى والعاطفى نحو شخص من نفس نوعه، يمكن أن يتطور إلى درجة الاتصال والعلاقات الجنسية الكاملة، شريطة أن تتسم هذه العلاقات بالاستمرار.
هذه الظاهرة كما تشير الدراسات وثيقة الصلة، ظاهرة قديمة قدم المجتمعات، ولكنها ظلت على الدوام محدودة النطاق سرية الطابع، تظهر بين العامة والمهمشين بقدر ما تظهر بين الفلاسفة والأدباء والفنانين والمفكرين ورجال الحكم والنبلاء وبعض رجال الدين.
وتؤكد هذه الدراسات على أن هذه الممارسة ظلت فعلا آثمًا من الناحية الدينية ومجرمًا من الناحية العرفية والقانونية، تشيع وتنتشر فى فترات الضعف والتحولات الكبيرة التى تصيب المجتمعات الإنسانية منذ أقدم العصور، ولن نستطرد كثيرا فى الجانب التاريخي، حتى نستطيع إلقاء الضوء على اللحظة الراهنة.
ظل مفهوم الشذوذ الجنسى هو المفهوم المتداول لدى غالبية المجتمعات الإنسانية، لوصف الأفعال الجنسية الغريبة عن الطبيعة الإنسانية، والتى يقوم به أفراد مخالفين للأوامر والنواهى الدينية، ومنتهكين للعادات والتقاليد والأعراف السائدة فى المجتمع، ومن الملفت أن المجتمعات اتفقت على هذا المعنى للشذوذ، سواء كانت مجتمعات تدين بديانات سماوية أو وضعية، وسواء كانت مجتمعات حضرية أو زراعية أو صحراوية.
فالجميع حتى وقت قريب يعتبر المغايرة الجنسية هى العلاقة الجنسية الوحيدة المقبولة اجتماعيًا، وأن العلاقات الجنسية الشرعية أو القانونية هى القائمة على الزواج بين رجل وامرأة.
كانت بداية التحول من مفهوم الشذوذ إلى مفهوم المثلية الجنسية فى عام ١٩٦٧ حين أجرت بريطانيا تعديلا فى قوانينها، يسمح بممارسة العلاقات الجنسية المثلية، ولا يعتبرها شذوذًا أو فعلا إجراميا ما دامت تقوم بين طرفين راشدين، بالغين، ومتفقين على ممارسة هذا الفعل.
وفى العام التالى مباشرة، انعقد أول اجتماع علنى لحركة المثليين فى الولايات المتحدة الأمريكية فى فندق ستون وول فى نيويورك، وأعقب هذا الاجتماع اندلاع أعمال شغب استمرت ثلاثة أيام متواصلة، نادى فيها الشواذ بسقوط الرجعية الجنسية.
بعد تعديل القانون البريطانى، والإعلان عن الحركة فى أمريكا تزايدت قوة ضغط الجماعات المثلية فى مناطق مختلفة من العالم الغربى، فاكتسبت حركة المثليين أرضا فى كل من أسكتلندا، وشمال أيرلندا، وكندا، ونيوزيلندا، وأكثر من نصف الولايات المتحدة الأمريكية، وقائمة الدول المعترفة بحركات المثليين فى ارتفاع مستمر، فى حين أن بعض الدول كالنرويج، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، كندا، وبعض الولايات الأمريكية، أخذت الخطوة الأكبر بمنح حق توثيق الزواج بين المثليين.

التوطين الاجتماعى للظاهرة
من المعلوم أن المجتمعات الأوروبية شهدت العديد من التحولات منذ القرن السادس عشر، وبدخولها مرحلة الحداثة وما بعدها، بدأت هذه التحولات تصيب كيان الأسرة الغربية، فتغير مفهوم الزواج ومفهوم العلاقات الجنسية، البعض يؤرخ لهذا التحول، باندلاع ثورة الشباب الأوروبى فى نهاية الستينيات من القرن الماضي، معتبرًا إياها الشرارة التى أطلقت الأفعال والممارسات الجنسية المسكوت عنها، فأصبحت هذه الأفعال بعد التاريخ المذكور أفعالا اجتماعية مقبولة بقوة الأمر الواقع. وفيما يتعلق بالعلاقات الجنسية المثلية أسهمت هذه التحولات فيما يلى:
(١) خروج الفعل الجنسى الشاذ من دائرة العقاب القانونى:
يذهب أنتونى جيدنز عالم الاجتماع البريطانى إلى أن نشأة الظواهر الجديدة المتعلقة بالأسرة فى المجتمعات الغربية ارتبطت بنمو الهوية الذاتية أو الفردية، وتكريسها كأسلوب حياة فى المجتمعات الغربية، وصار من حق الفرد ممارسة الحب الخالص pure love، دون الالتزام بالقواعد الاجتماعية التى تنظم العلاقات الجنسية، الأمر الذى يجعل من العلاقات الحميمية عملية إشباع ذاتي، واتفاقًا حرًا بين طرفى هذه الممارسة. وبناء على ذلك يمكن تفسير الممارسات الجنسية المثلية، وغيرها من أشكال العلاقات الجنسية غير الزواجية.
إن تسويغ علاقات المغايرة الجنسية غير الزواجية، أو علاقات المثلية الجنسية على أساس الحرية والمساواة واحترام الحقوق الفردية والهوية الذاتية، ينطوى على مغالطة كبيرة، فكل الحقوق والقيم الإنسانية لا بد أن تصب فى حق الحقوق، أو الحق المركزى، وهو البقاء وحفظ النوع. وهذه العلاقات الجنسية الجديدة، سواء غير الزواجية التى تقوم بين الرجل والمرأة، أو العلاقات الجنسية المثلية التى تقوم بين الرجل والرجل أو المرأة والمرأة، تنفى حق الإنسان فى البقاء، ويترتب على هذه العلاقات على المدى الطويل فناء الجنس البشرى، فالزواج المثلى من الناحية البيولوجية، والعلاقات الجنسية غير الزواجية الدائمة التى لا يترتب عليها إنجاب. جميعها علاقات تتناقض مع الحق المركزى فى ضمان الأمن الوجودى للبشر، وتعتبر انتحارًا رمزيًا لفاعلين مكبلين بقيود الحياة الفردية التى روجت لها الرأسمالية المتوحشة.
وحتى لا يكون الكلام مرسلا فى هذه النقطة المهمة، فإن القارئ المتابع لمعدلات النمو السكانى فى أوروبا يكتشف أنها تعانى الآن من فقر سكانى نتيجة هذه العلاقات الجنسية، وبعض هذه الدول يواجه الآن عجزًا سنويا فى النمو السكانى، ما يعنى أنها على المدى الطويل إذا لم تغير من أوضاعها، يمكن أن تتحول إلى تجمعات سكانية صغيرة لا حول لها ولا قوة. وتشير بعض التقديرات الديموجرافية إلى أن عدد السكان فى أوروبا سنة ٢٠٥٠ سوف يقل بمقدار٥٠ مليون نسمة عن عدد السكان الحالي، وأن التركيبة السكانية الأوروبية سوف تصاب بالشيخوخة، ولولا وجود جاليات وافدة على أوروبا من بقاع العالم، وخاصة العربى والإسلامي، لأصبحت الظاهرة الديموجرافية الأوروبية مشكلة خطيرة من سنوات خلت.
ولأن معظم الدول الأوروبية لا ترغب حاليا فى استقبال لاجئين جدد بعد انتشار ظواهر الإرهاب العابر للقارات، فإنها تعمل الآن على تشجيع مواطنيها على الزواج والإنجاب، وتمنح مميزات اقتصادية عديدة للأسر المنجبة، نستخلص من ذلك قاعدة مهمة وهى أن الحق فى البقاء والحفاظ على النوع البشرى، يسمو ويعلو فوق أى حق آخر من الحقوق، وخلاف هذه القاعدة هو من قبيل المغالطات.
(٢) خروج المثلية الجنسية من دائرة المرض النفسى:
قبل السبعينيات أو بالأحرى قبل تغيير القوانين فى بريطانيا عام ١٩٦٧، كانت كل الدوائر العلمية والطبية فى الغرب تعتبر الشذوذ الجنسى مرضا نفسيا - اجتماعى أو نفس- عضوي، ثم حدث تحول حاسم عام ١٩٧٣ حين ألغت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين تصنيف المثلية الجنسية كاضطراب نفسي، وتبعها فى ذلك مجلس ممثلى جمعية علم النفس الأمريكية عام ١٩٧٥. ثم حدث جدل عالمى كبير حول هذا التحول، انتهى لصالح الرؤية العلمية الغربية، فترتب على ذلك أن ألغت مؤسسات الصحة النفسية الكبرى حول العالم تصنيف المثلية كاضطراب نفسى بما فى ذلك منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عام ١٩٩٠.
وبطبيعة الحال هناك طائفة كبيرة من علماء النفس والأطباء النفسيين الغربيين لا يتفقون مع وجهة نظر هذه الجمعيات والمنظمات، ويتساءل هؤلاء كيف يمكن اعتبار هذه الممارسة غير مرضية، والبحوث الميدانية تشير إلى أن الغالبية العظمى من المثليين تعرضوا فى بداية حياتهم لانتهاكات جنسية. ويذهب هؤلاء الأطباء إلى أن الأطفال بعد سن السادسة حين يتعرضون لهذه الانتهاكات، يصابون بإضرابات نفسية أكيدة، كما أن الكبار الذين قاموا بفعل الانتهاك الجنسي، هم فى الأساس يعانون من هذه الاضطرابات.
وكرد فعل على هذا التيار العلمى المعارض، ظهرت بعض الدراسات التى تثبت دور العوامل الوراثية فى توجيه الميول الجنسية. وهى دراسات تذكرنا بنظرية الإجرام لدى الطبيب الإيطالى سيزار لومبروزو فى نهاية القرن التاسع عشر، والذى انطلق فيها من فروض خاطئة تزعم أن سمات الوجه والجسم تحدد ميول الإنسان الإجرامية، على معنى حتمية وجود ميول إجرامية لدى بعض الجماعات العرقية دون غيرها. وبالمثل تحاول الدراسات الحديثة عن المثلية إثبات وجود عوامل وراثية تعمل على توجيه الميول الجنسية، إما نحو المغايرة الجنسية (انجذاب الرجل للمرأة أو العكس)، أو نحو المماثلة الجنسية (انجذاب الرجل للرجل والمرأة للمرأة). أى أن هذه النظريات تعفى الإنسان المثلى من الإحساس بالذنب طالما أن ميوله الشاذة ناتجة عن عوامل وراثية لا دخل له فيها.
ولا يمكن الاستسلام لهذه النظريات، فمثلما أظهر البحث العلمى تهافت نظرية الإجرام بالوراثة لدى لومبروزو، بعد إثبات أن الميل لارتكاب الجريمة يكتسب من خلال البيئة الاجتماعية والثقافية ويرتبط بالظروف السياسية والاقتصادية. فإن النظريات التى تربط المثلية الجنسية بالعوامل الوراثية سوف تتهافت بنفس الطريقة، كيف ذلك؟
الأصل فى العلاقات الجنسية بأنواعها، هو إشباع الغريزة الجنسية، ولا تتم هذه العلاقة إلا فى وجود شرطين: دوافع داخلية للقيام بالممارسة، وبواعث من البيئة الخارجية لإتمام هذه العلاقة. وقد فطر الإنسان منذ ولادته على الإحساس باللذة حين يتم إشباع غريزته الجنسية، أى أن جميع البشر يشتركون فى الدافع الجنسى الداخلي، بينما الاختلاف يكون فى طبيعة ونوع الباعث الخارجي، وهو أمر يرتبط بالبيئة الاجتماعية التى يتربى فيها الطفل، هذه البيئة تكسب الطفل قواعد إشباع هذه الغريزة وتدربه على طرق التحكم فيها.
لكن فى بعض الأحيان، تتدخل أطراف فى محيط الطفل، فتنتهك براءته وتقدم له أهدافًا وبواعث جنسية غير سوية، والطفل بطبيعة الحال، لا يميز ولا يدرك إن كانت هذه البواعث سوية أو غير سوية، ومع تكرار البواعث غير السوية التى يتعرض لها الطفل تتولد لديه ميول جنسية غير طبيعية. المهم هنا أن يتأكد القارئ أن هذه المحيط الاجتماعى هو المسئول عن تنمية الميول الجنسية غير الطبيعية، ولا علاقة للعوامل الوراثية بهذا التغير.

حقوق الإنسان المثلي
الممارسون للعلاقات المثلية المستمرة والمتكررة نوعان: الأول أشخاص يشعرون دائما بالذنب، ويسكنهم إحساس بكراهية الذات، ومشاعر بتعذيب الذات تبلغ حد احتقار النفس وهذا النوع لديه رغبة دائما فى العلاج، وله حقوق لا بد من أن يضمنها المجتمع، فى العلاج وحفظ الكرامة الإنسانية وإعادته إلى الحياة الاجتماعية السوية مرة أخرى.
أما النوع الثانى فهم أشخاص يعتبرون الممارسة المثلية من الحتميات المرغوب فيها، وأن الاستمتاع بالمثلية الجنسية مساو للاستمتاع بالمغايرة الجنسية، ولكل إنسان مطلق الحرية فى الاختيار بين الطريقين. هذا النوع من المثليين لا يشترط أن يكون قد تعرض للانتهاك الجنسى فى طفولته، فربما يكون السبب فى العالم الافتراضى بما فيه من مواد إباحية محفزة للدوافع الجنسية غير السوية، أو انتشار مجموعات المثليين داخل وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى جماعة الأقران البالغين. وهذه الفئة تحاول الانتظام داخل حركة ضغط، بالتشبيك مع حركات المثليين فى العالم، والارتباط بالمنظمات الدولية المهتمة بحقوق المثليين، وظهورها فى الحفل المذكور منذ أسابيع، دليل على بداية هذا الانتظام بهدف إخراج الممارسة المثلية إلى حيز العلن، بالضغط على المجتمعات من أجل الاعتراف بحقوقهم المزعومة.

حقوق الطفل
تذكر الدراسات الطبية النفسية أن أكثر حالات اغتصاب الأطفال تتم فى محيط العائلة الممتدة وداخل دائرة الأقارب، أو فى محيط الحى السكنى أو فى المدارس، وتقع جريمة اغتصاب براءة الطفل نتيجة إهمال من الوالدين، أو عدم فهم لمكامن الخطر التى يمكن أن يتعرض لها الطفل، وفى بعض الحالات تكون عملية التنشئة الاجتماعية غير سوية، متلبسة بعنف التربية، فيكتسب الأطفال السلوك العدائى نتيجة هذه التنشئة، وهذه الطائفة من الأطفال حين تتعرض للانتهاك الجنسى المثلى تتحول إلى الشذوذ. ومعظم الحالات التى تبلغ هذه المرحلة، لا تتلقى أى شكل من أشكال الرعاية والعلاج والتدعيم النفسى لتخطى المشكلة، بل على العكس، يكون العقاب الشديد والوصمة الاجتماعية فى انتظار هذا الطفل، كأن المجتمع أو الأسرة تقدمه قربانا لحركات المثليين.
لقد آن الأوان أن نعترف بأن أساليب التنشئة الاجتماعية العفوية التى تتم داخل الأسرة، أو المنظمة التى تتم داخل المدارس لا تزال حتى اللحظة الراهنة تنشئة تقليدية متخلفة منتجة للأمراض والاضطرابات النفسية لدى النشء. ونحن دائما ننتظر وقوع الكارثة تلو الكارثة ثم نبدأ التفكير فى الحلول، إن القضية التى نعرضها هنا تحتاج تحركًا سريعا من قبل الدولة ومؤسسات التربية ومؤسسات رعاية الشباب، بحيث يشمل هذا التحرك نشر المعرفة العلمية الاجتماعية والنفسية الخاصة بعمليات التنشئة بين جموع الشعب، وتقديم برامج لتوعية الأسرة المصرية بالأسباب التى تُعَرِّضُ الطفل للاغتصاب الجنسي، وكيفية تجنبها وطرق العلاج بعد اكتشافها.
ويمكن استغلال وسائل الإعلام بكفاءة لنشر هذه المعرفة، كما يمكن استغلال النوادى الاجتماعية والجمعيات الأهلية لتحقيق هذا الهدف. ولا يظن أحد من المسئولين أن الأسر المصرية تستطيع القيام بهذه المهمة دون مساعدة من مؤسسات الدولة، فهذا هو الوهم بعينه. فكم من الأسر المصرية التى يتمتع فيها الوالدان برأسمال علمى ومكانة اجتماعية عالية، ولكنهما عاجزان عن تربية أبنائهما، لأنهما ببساطة لا يعرفان الطرق الصحيحة للتربية. ويختزلان عملية التنشئة فى تلبية مطالب الطفل المادية دون الوعى بأن مطالبه النفسية والاجتماعية أكبر وأهم.
إن الثقافة السائدة فى مصر وفى سائر أرجاء الوطن العربى لا تهتم بالطفل ولا تعترف بحقوقه على أرض الواقع وإن ادعت ذلك، فضلا عن أن هذه الثقافة لا تزال تعتبر الحديث فى الأمور الجنسية قلة أدب، ولا مفر من تغيير هذه الثقافة، بحيث تتولى مؤسسات التربية ورعاية الشباب مهمة نشر الثقافة الجنسية الصحيحة، وفى هذا السياق نأمل أن تنهض الجامعة المصرية بدورها فى إنتاج الثقافة العلمية وثيقة الصلة، خاصة أقسام العلوم الاجتماعية، من خلال الانشغال العلمى الذى يقدم حلولا ناجزة للمشكلات التى تواجه الناس فى حياتهم، بدلا من الانشغال التقليدى والسطحى المتداول فى أروقة هذه الأقسام.

مرض
مما سبق يتضح للقارئ أن المثلية الجنسية، هى تكريس للمرض، وإخراج هذه العلاقة إلى حيز العلن، يمنع فئة عريضة من الشواذ من العودة إلى حياتهم الطبيعية، وهذه الفئة تحتاج إلى الرعاية الصحية والدعم النفسي. كما أن المثلية تكرس الانحراف لدى فئات أخرى من الشواذ ويجب على المجتمع التصدى لهم دون الالتفات إلى أى ضغط خارجى يمارس على الدولة فى هذا الخصوص.
وقد أوضحنا كذلك أن الممارسة الجنسية المثلية لا تعد حقا من حقوق الإنسان، لأنها تتناقض مع الحق الإنسانى المركزى، وهو ضمان الأمن الوجودى والبقاء وحفظ النوع، ودون تهويل أو تهوين فإن رفع أعلام وشعارات المثليين فى مصر منذ أسابيع يمثل ناقوس خطر وتنبيه للمجتمع بأفراده ومؤسساته المختلفة، فهل ننتبه ونسرع الخطى فى نشر طرق التربية والتنشئة الصحيحة داخل البيوت والمدارس المصرية لحماية مجتمع تركيبته السكانية الأساسية من الشباب، أم ننتظر حتى يصاب العصب بالمرض، وحينها لن يستقيم البدن.