الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

زيادة أسعار توريد المحاصيل الزراعية بين "ارتفاع تكاليف مُدخلات الإنتاج" وانخفاض أسعار السلع في البورصات العالمية".. خبير: المزارعون يتخوفون من تنصل الدولة من دورها في استلام الإنتاج

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال الأيام القليلة الماضية، كررت لجنة الزراعة بمجلس النواب مطالبها بضرورة زيادة أسعار توريد المحاصيل الزراعية بالموسم الحالي بعد ارتفاع مدخلات الإنتاج وعلى رأسها أسعار الأسمدة، حيث دعمت أعضاء لجنة الزراعة بمجلس النواب مطال الفلاحين بضرورة زيادة سعر البنجر إلى 700 جنيه للطن وأيضًا زيادة سعر محصول قصب السُكر إلى 1000 جنيه، وهي نفس مطالب التعاونيات وجمعيات مُنتجي المحاصيل السكرية، حيث طالبت التعاونيات بضرورة رفع أسعار القمح الذي يتم توريده إلى الحكومة إلى 650 جنيهًا للأردب في المتوسط بدلًا من 565 جنيهًا الموسم الماضي، بزيادة قدرها 90 جنيهًا.
في المقابل خرجت تصريحات وزير الزراعة، عبدالمنعم البنا، لتؤكد أن الوزارة تدرس زيادة أسعار محصول القصب وفقًا لتكاليف الانتاج وأيضًا توريد القمح المحلي وفقًا للأسعار العالمية، وأنه سيتم الإعلان عن الأسعار الجديدة خلال الفترة المُقبلة، مُشيرًا إلى نية الزراعة في عدم رفع أسعار توريد محصول البنجر بعد الزيادة التي أقرتها الحكومة في أغسطس من العام الماضي، بزيادة قدرها 100 جنيه، حيث وصل سعر البنجر إلى 500 جنيه للطن مُقابل 400 جنيه في الموسم السابق.

الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة والمستشار الأسبق لوزير التموين، قال إن هناك تخوفًا من المزارعين بسبب تأخر إعلان وزارة الزراعة أسعار استلام القمح من المزارعين حتى الآن، موضحًا أن الحكومة لم تضع تسعيرة لمحصول الأرز، خلال موسم الصيف المنقضي، بالإضافة لإعلانها أنها لن تتسلم الأرز من المزارعين وأنها تركته لتُجار القطاع الخاص مُقابل أن التُجار تعهدوا لوزارة التموين على توريد أرز الدرجة الثالثة بسعر 6 جنيهات و30 قرشًا، على أن تبيعه الوزارة لبطائق التموين بسعر 6 جنيهات و50 قرشًا.
وأضاف نور الدين: أن "المزارعين لديهم تخوف من أن الدولة قد تتنصل من دورها مستقبلًا في استلام المحاصيل، وزاد من هذا التخوف أننا في منتصف شهر أكتوبر ولم يتبق على زراعة القمح سوى شهر واحد، 15 نوفمبر القادم، ما يطرح التساؤل حول نية الزراعة في أن تترك القمح أيضًا للقطاع الخاص على أن تستورد الدولة من الخارج مقابل إهدار المزيد من العملة الصعبة، لأنه عادة ما يكون تسعير القمح أول أكتوبر من كل عام".
ويُشير أستاذ الزراعة إلى المنافسة الشرسة في الموسم الشتوي بين القمح ومحصول البرسيم والفول والعدس، خاصة بعد ارتفاع أسعار الفول البلدي في الأسواق وتجاوز سعر العدس 30 جنيهًا، مؤكدًا أنه من الضروري على الدولة أن تعلن عن سعر القمح في الموسم الجديد وهل ستتسلمه أم ستتركه للقطاع الخاص، إذا كانت تستشعر أنه محصول استراتيجي، لأنه أيضًا يحتاج المزارع إلي تجهيزات ما قبل زراعة القمح بعد معرفة الأسعار الجديدة، من تجهيز للتقاوي والأسمدة والمبيدات وغيرهم من مدخلات الإنتاج، لأنه قد يتجه المزارع في النهاية إلى زراعة الخضراوات أو الطماطم، خاصة أن هناك نشاطا لموسم التصدير في بعض المحاصيل.

أما فيما يخص زيادة أسعار سكر البنجر من عدمه للعام الحالي، قال "نور الدين" إن مصانع البنجر تتعاقد مباشرة مع المزارعين كل عام، وعندما طالبوا بزيادة أسعار التوريد العام الماضي استجابت لهم الدولة ورفعت أسعار المحصولين معًا، القصب والبنجر، حيث كانت أسعار السُكر في السوق العالمية تجاوزت 12 جنيهًا، لكن تراجعت أسعار السُكر منذ فترة في البورصات العالمية وأصبح سعره لا يتجاوز 4 جنيهات، ما أدى إلى انخفاض أسعار السُكر في السوق المحلية إلى 9 جنيهات في القطاع الخاص، وبالتالي هو نفس السبب الذي يمنع الدولة من زيادة أسعار محصولي القصب والبنجر هذا العام، متسائلًا أنه طالما استجاب المُستهلك إلى زيادة أسعار السُكر من 5 إلى 10 جنيهات، لماذا لم تُخفض الدولة أسعاره؟ 
وأوضح نور الدين: "نتيجة انخفاض أسعار السكر عالميًا هذا الموسم، فبالتأكيد أن الدولة لا تستطيع رفع أسعار محاصيل السكر، لأنه بمنطق الأسواق وآليات العرض والطلب سياسة عدم رفع أسعار القصب والبنجر تُعتبر سليمة، لكن ألوم على وزارة الزراعة أنها أكدت عدم نيتها في رفع أسعارهم دون توضيح سبب ذلك، متمثلًا في انخفاض الأسعار عالميًا".

وعن ارتفاع تكاليف مُدخلات الإنتاج بالنسبة للفلاح في العام الجاري مقارنة بالعام المُنصرم، قال "نور الدين" إنه في زراعة البنجر يتسلم المزارعون "التقاوي" من شركات البنجر، أما فيما يخُص زيادة أسعار الأسمدة، فإن الزيادة كانت 7% فقط باتفاق بين الدولة ومصانع الأسمدة، بعدما طالبت الأخيرة زيادة قدرها 30%، وأنه في محصول مثل البنجر فإن الفدان لا يستهلك أسمدة سوى 5 عبوات، مقارنة بـ13 عبوة بالنسبة لمحصول القصب.
ويُكمل أستاذ الزراعة: "كان سعر العدس 10 جنيهات العام الماضي، وبعد تعويم الجنيه قفز إلى 30 جنيهًا، فأصبحت تجارة العدس مربحة حتى بعدما استقر سعره إلي 24 و22 جنيها، أما الفول البلدي، فكان سعره 8 جنيها فأصبح بـ14 جنيها، إذن تضاعف سعره نتيجة التعويم ودون تدخل الفلاح أو الدولة، وأصبحت ربحية فدان الفول 10 آلاف، بينما العدس حوالي 18 ألف جنيه، وبالتالي إغراء المزارعين بربحية تلك المحاصيل قد يُقلل من الفجوة بين إنتاجها واستهلاكها، حيث إننا نستورد 100% من العدس و70% من الفول، لكن المُخيف أن يكون ذلك على حساب زراعات القمح، بعدما أصبحت المحاصيل الشتوية في منافسة شرسة مع القمح، وعلى رأسها زراعة البرسيم الذي يصل ربح الفدان منه إلى 13 ألف جنيه".
ويرى "نور الدين" أن المطالبات بزيادة أسعار المحاصيل الزراعية غير ضرورية حاليًا، مؤكدًا أنه بعد تعويم العملة المحلية تضاعفت أسعار السلع الغذائية، وهو ما جعل من قطاع الزراعة أكثر المُستفيدين من قرار التعويم، خاصة أن انخفاض أسعار السلع في البورصات العالمية يُجبر الدولة على عدم زيادة أسعار المحاصيل، حتى لا نخلق ما يُسمي "توريد وهمي"، مُختتما: "التعويم ضاعف الأرباح، وأعتقد أن الأسعار تُشجع على الاستثمار في قطاع الزراعة".