الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"التحرش اللفظي" أكثر أشكال العنف الجنسي ضد أطفال مصر.. نسبته 33% في القاهرة و26% في الإسكندرية و25% في أسيوط

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعد التحرش الجنسي بالأطفال أحد أشكال العنف التى يتعرض لها الأطفال، حيث إن العنف الجنسي يُعتبر واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الأطفال إثارة للقلق، وتتراوح أعمال العنف الجنسي بين الاتصال الجسدي المباشر الذي يُجبر الطفل على أداء الفعل الجنسي، أو ضغط من أجل ممارسة جماع جنسي غير مرغوب فيه من قبل صديق، أو التعرض لتعليقات أو تحرشات جنسية من طرف أحد الزملاء أو الكبار، أو الإجبار على ممارسة الجنس مقابل أموال أو هدايا أو خدمات، أو الإجبار على كشف أعضائها أو أعضاءه الجنسية، سواء بشكل مباشر أو عبر الإنترنت، أو التعرض لمشاهدة أنشطة جنسية، أو أعضاء جنسية بدون موافقة الطفل، أو التعرض للاغتصاب من قبل جماعة من الأشخاص كجزء من طقس ما أو شكل من أشكال العقوبة أو القسوة.

وبحسب استطلاع كمي ودراسة كيفية فى محافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط، أجراها المجلس القومى للطفولة والأمومة بمشاركة يونيسف، فإن أكثر أشكال العنف الجنسي التي ذكرتها الفتيات والفتيان ما بين 13 إلى 17 عاما كانت التحرش اللفظي، بنسبة وصلت 33% في القاهرة، و26% في الإسكندرية، و25% في أسيوط، يليه التلامس الجنسي، بنسبة وصلت إلى 6%، و4%، و2% في المحافظات الثلاثة على الترتيب، ولم يذكر أحد من الأطفال الذين شاركوا في الاستطلاع أنه أُجبر على الجماع الجنسي أو تعرض لأي محاولات إجبار على الجماع الجنسي، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن ذلك لم يحدث نظرًا لما يُحيط بهذا الأمر من سرية وشعور بالعار.
كما ذكرت الدراسة أن القاهرة كانت أكثر المحافظات التي تعرضن فيها الفتيات إلى تحرش جنسي لفظي، بنسبة تخطت 56%، حيث تأثرت فتاتان من بين ثلاثة من التعرض لمثل هذا النوع من العنف، وأكد البحث الكيفي أن الفتيات يتأثرن بدرجة أكبر من الفتيان بالتحرش الجنسي، وأنه كثيرًا ما يوجه لهن اللوم بسبب "تحفيز واستحقاق"، وتعرضت 35% من الفتيات في الإسكندرية إلى تحرش جنسي لفظي، فيما كانت النسبة الأقل في محافظة أسيوط، حيث وصلت إلى 22%، لكنها فى نفس الوقت تصدرت قائمة المحافظات التي تعرض فيها الأطفال الذكور للتحرش الجنسي اللفظي حيث وصلت إلى 28%، بينما كانت في الإسكندرية والقاهرة 17% و9% على الترتيب.

وبسؤال الأطفال عما إذا كانوا قد تعرضوا في الـ12 شهرًا السابقة على الدراسة لموقف تحدث فيه شخص ما إليهم بما يحمل من إيحاءات جنسية، فقال 97% منهم إن من ضايقهم شخص من الأصدقاء أو الجيران أو أحد البلطجية، كما أشار البحث الكيفي إلى أن الجناة يمكن أن يكونوا من الشباب أو الكبار، ومن الذكور أو الإناث وقد يكونوا غرباء أو معارف أو حتى من أفراد الأُسرة، وأنه قد ذُكر "سائقي التوك توك" و"المدرسين" بشكل خاص في هذا الشأن، وهو الأمر الذي أكده بعض المدرسين الذين ذكروا أن مدرسين آخرين غيرهم أحيانًا يتحرشون بالأطفال.
على جانب آخر، فإن بعض الآباء والأمهات المُشاركين في الاستطلاع قالوا إن الفتيات أنفسهن قد يجذبن المتحرشين بأسلوب حديثهن أو ملابسهن، خاصة إذا اعتبر سلوكهن مستفزًا، وقالوا أيضًا إن الأنثى التي ترتدي النقاب لن تتعرض للتحرش، ولكن أي أنثى ترتدي ملابس غير ملائمة تستحق ما يحدث لها، فى حين أن الفتيات في المحافظات الثلاثة قالوا إن حتى من يرتدي الملابس الواسعة والمحتشمة يتعرضن للتحرش اللفظي، وأن التحرش أيضًا يحدث في المدارس.
كما ذكرت الدراسة أن الأطفال ما بين 13 إلى 17 عاما، الذين وجه إليهم تحرش لفظي وكلام يحمل إيماءات جنسية، تعرضوا لمثل هذه الإساءة ثلاث مرات في القاهرة، ومرتين في الإسكندرية وأسيوط في الشهر الأخير فقط، أما في العالم السابق على الاستطلاع، فقد تعرضوا لمثل تلك الإساءة في المتوسط 20 مرة في القاهرة والإسكندرية، حيث كشفت الدراسة أن الفتيان في أسيوط قد تعرضوا للحديث الجنسي في العام السابق على البحث أكثر مما تعرضت له الفتيات.
وفي تقرير آخر للمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، فإن ما يزيد على 230 طفلا تعرض للاستغلال الجنسي في عام 2014، سواء تحرش جسدي أو اغتصاب أثبتتها محاضر وقضايا، ما بين المدرسة أو الأسرة أو دور الأيتام أو الأطفال المتسولين، حيث رصدت المؤسسة 9 حالات استغلال جنسي في تشكيلات عصابية بهدف التسول، فيما تم رصد ما يُقارب 14 حالة استغلال جنسي في الأُسرة، فيما وصلت حالات الاستغلال الجنسي للأطفال حتى النصف الأول من عام 2015 إلى 121 حالة، منها 53% للإناث و47% للذكور، موزعة على محافظات الجمهورية.

أمل جودة، عضو ائتلاف حقوق الطفل، قالت إن التحرش الجنسي بالأطفال مُنتشر لدرجة أنه أصبح ظاهرة في المجتمع المصري، خاصة في المدارس ومؤسسات الرعاية ودوّر الأحداث، مُشيرة إلى أن ائتلاف الطفل يرصد العنف الجنسي ضد الأطفال بأكثر من طريقة، سواء من خلال شكاوى مقدمة للمؤسسة أو حالات محولة من خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة أو من خلال الوحدات القانونية لمؤسسات تعمل على الأطفال في مصر، كما يقوم الائتلاف برصد بعض الحالات المُتعلقة بالعنف الجنسي ضد الأطفال من خلال ما تم نشره أو تداوله في الصحافة ومنصات الإعلام المختلفة.
وتنوّه "جودة" بأن الائتلاف يُقدم للأطفال المُعتدى عليهم جنسيًا الدعم النفسي أو القانوني، بحسب طبيعة كل حالة، فكما يحتاج بعض الأطفال إلى تأهيل نفسي، يحتاج أيضًا البعض الآخر إلى دعم على شكل قانوي بتحريك دعوى قضائية ضد من قام بالعنف الجنسي ضد الطفل، بالإضافة إلى الدور التوعوي المُهم بخطورة ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال واغتصابهم.
وتُكمل جودة: "أغلب حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، سواء اغتصاب أو تحرش لفظي وجسدي متفشية بشكل أكبر في المناطق العشوائية والصعيد، لدرجة أن هناك حالات تصل للائتلاف من أطفال منتهكين من آبائهم وصلت حد الاغتصاب، وهي ظواهر كانت في السابق بعيدة عن عادات وثقافة المجتمع المصري، لكن أعتقد أن سبب انتشارها هو الانحرافات الأخلاقية الناتجة عن تردي الأوضاع الاقتصادية للكثيرين وبالتالي عدم وجود قدر كافٍ من التعليم لتلك الطبقات، لكن يظل الأطفال هم من يدفعون الأطفال الضريبة في نهاية الأمر".

من جانبه، يرى الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن ارتفاع أرقام التحرش الجنسي ضد الأطفال يدل على انحدار ثقافي تعيشه مصر منذ عام 1975، موضحًا أن الانحدار الثقافي يتمثل في ثلاثة صور رئيسية، هي الانحدار الأخلاقي والانحدار الديني وعدم الالتزام بالعلاقات الاجتماعية، كما أن الإعلام المرئي في مصر ساعد في توغل الانحدار الثقافي في المجتمع المصري بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية.
ويُضيف فرويز: "منذ إلغاء دور وزارة الإرشاد القومي المسئولة عن بث الوعى داخل المجتمع ومصر تعاني من انحدار ثقافي وأخلاقي، بالإضافة إلى سوء إدارة المؤسسات التعليمية في مصر، كل ذلك أدى إلى ظهور سلوكيات خاطئة جديدة على الشعب المصري، بداية من ظاهرة أطفال الشوارع، مرورًا بالتحرش بالأطفال واغتصابهم، وصولًا بزنا المحارم، لذا فوزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة، يقع على عاتقهم بث الوعي لدى جموع الشعب المصري للحد والقضاء على السلوكيات الخاطئة وعلى رأسها التحرش الجنسي بالأطفال.