الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حرف الواو يهدم تاريخ الإسكندرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كما كل شىء فى مصر، الدولة فى خدمة أصحاب المال والنفوذ ورجال الأعمال، وكالعادة تأتى المحليات بفسادها المعروف لتختم بالعشرة على طلبات مقاولى الهدم، حتى وإن كان لتاريخ العاصمة الأولى وعروس البحر الأبيض المتوسط، الإسكندرية.
هدم الفيلات والقصور الأثرية يجرى يوميا، والقاسم المشترك مجموعة من رجال الأعمال والمحليات والحكم المحلى، مستغلين ثغرة فى القانون سببها حرف الواو.
الحكاية تبدأ بشراء رجال الأعمال للفيلات الأثرية، ثم تطلب هدمها، وتحصل من القضاء الإدارى أول درجة على ما تريد، ورغم كونه حكما غير نهائى، فإن تكية المحليات توافق بسرعة الصاروخ، ويبدأ الهدم بسرعة البرق، لتظهر لنا خلال أشهر قليلة مجموعة أبراج تزيد المشهد تلوثا وقبحا.
يقول محمد توفيق، عضو مؤسس بـ«الحملة الشعبية تراقب الإسكندرية» لموقع «وطنى»: إن بلدوزر الفساد والتحايل على القانون وثغراته ما زال يمارس بالإسكندرية، وما زالت مافيا العقارات وعصابات القبح الخرسانى تنتصر بهدم قيم الجمال والتراث بالثغر المنكوب، وبقانون المحافظة على التراث وثغراته المتعددة وحرف واحد سقط منه سهوا، والتحايل على القانون سهل لتلك العصابات الاستيلاء على المبانى التراثية.
وأوضح أن لائحة قانون التراث العمرانى فى مادته الثانية، والوقوف على وجود حرف «أو» من عدمه، حيث تنص المادة الثانية من القانون سالف الذكر على عبارة «التراث العمرانى المتميز» أو«المرتبط بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية»، وأن كلمة «أو» سقطت سهوا فى القانون بالجريدة الرسمية، ما يتطلب تصحيحه، بتعديل تشريعى عاجل، لأن قوة النص تكمن فى عدم توافر جميع الشروط، وإن سقط منها شرط يحق لهم إقامة الدعوات، وإخراج الفيلات التراثية من مجلد التراث، وبالتالى يسهل التعامل معها والهدم، وبالتالى حرف «الألف» يتيح بالقانون الحفاظ على التراث العمرانى إن وجد أى شرط من شروط إدراج المبانى والفيلل لمجلد التراث.
من جانبها رصدت اليوم السابع فى تحقيق مطول مصور للصحفية جاكلين منير ١٠ فيلات أثرية تم هدمها خلال أسابيع قليلة.. «أجيون» و«شيكوريل» و«أمبرون» أبرزها.. ولجنة التراث ترصد: ١٣٥٠ أثرا مهددا،
وبمباركة الدولة التى سمحت رسميا برفع نحو ٥٠ مبنى وفيلا أثرية بالإسكندرية من مجلد التراث، بما يعطى لمالك المبنى الأثرى حرية التصرف فيه بالهدم أو بالبيع.
قال لجريدة الحياة اللندنية، الدكتور محمد عوض، مدير مركز دراسات البحر المتوسط، التابع لمكتبة الإسكندرية والملقب بـ «حارس تراث الإسكندرية»: إن فيلا أمبرون المعروفة أيضا باسم «فيلا لورانس داريل» هى معلم تاريخى أثرى بنى على الطراز الإيطالى سنة ١٩٢٠، فى قلب مدينة الإسكندرية فى ١٩ شارع المأمون بحى محرم بك فى مصر للمهندس المعمارى «بيل إيبوك»، حظيت الفيلا بشهرة واسعة بعد أن عاش فى سراياها جمع من حظوة مشاهير المجتمع، أهمهم الكاتب والروائى البريطانى لورانس داريل (١٩٢٤ - ١٩٥٦)، أثناء عمله فى مكتب الإعلام البريطانى إبان الحرب العالمية الثانية واستلهم رواية رباعية الإسكندرية المؤلفة من ٤ روايات هى «جوستين»، «بلتازار»، «مونتوليڤ»، و«كليا»، والتى نشرت تباعا من عام ١٩٥٧ حتى ١٩٦٠.
أقام داريل فى فيلا «أمبرون»، بعد فراره من اليونان التى احتلها النازيون، وعاش فى الطابق العلوى من الفيلا مع زوجته السكندرية إيف كوهين، وفيها كتب رباعيته الروائية الشهيرة التى ترجمها إلى العربية فخرى لبيب وتصور الإسكندرية المتعددة الأعراق خلال الحقبة الاستعمارية.
سنة ٢٠١٧ حصل مالك العقار على حكم قانونى بخروجها من مجلد التراث، وهدمها. وشهدت محافظة الإسكندرية واقعة أخرى فى أسبوع هدم فيلا أمبرون نفسه، وهو هدم فيلا «تقلا»، التى كانت مملوكة إلى عائلة (بشارة وسليم تقلا مؤسسى جريدة الأهرام)، الكائنة ب ٥١٠ طريق جمال عبدالناصر «بوكلى» بعد رفعها من مجلد التراث، ليصبح المالك حرا فى بيعها أو هدمها وبناء برج سكنى. وما زالت الدولة مصرة على سياسة الهدم لكل ما هو جميل فى تاريخ مصر والإسكندرية.