السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"التموين" تحارب جشع التجار بكتابة الأسعار على السلع.. الشركات: قرار يعرقل الإنتاج.. وخبير اقتصادي: إيجابي لصالح المصنعين ويمنع فساد التجزئة

الدكتور علي المصيلحي
الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار إعلان قرار وزارة التموين والتجارة الداخلية، إلزام المنتجين بكتابة الأسعار على عبوات المنتجات الغذائية، موجةً واسعةً من الاعتراضات من قبل مصنعي المواد الغذائية.
وأعلنت العديد من كبرى الشركات العاملة في القطاع، رفضها للقرار، واعتبرته معرقلًا للإنتاج، في الوقت الذي قالت الوزارة: إن القرار يهدف إلى كبح جماح التضخم، من خلال توحيد أسعار السلع، وبالتالي حماية المستهلكين من زيادة الأسعار غير المبررة. 
وما بين هذا وذاك، تضاربت الأقوال والتصريحات بين الوزارة والشركات، وما بين مؤيد ومعارض، اختلف خبراء الاقتصاد والمسئولين حول طبيعة ونتائج القرار.

يوم الثلاثاء الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قرارًا للدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، رقم 217 لسنة 2017، بإلزام المنتجين بكتابة الأسعار على عبوات المنتجات الغذائية، وتضمن التزام كافة الجهات والشركات المنتجة والمستوردة "لمنتجات تعبأ محليًا"، والمصنعة والمعبأة والموردة للسلع الغذائية، بتدوين "سعر البيع للمستهلك"، على كل عبوة، باللغة العربية، وبخط واضح، لا يقبل الإزالة والمحو، بالإضافة إلى كافة البيانات الأخرى الواردة بالقرارات الوزارية المنظمة، ومنها القرار الوزاري رقم 107 لسنة 1994. 
وتضمن القرار الجديد، عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، وغرامة مالية ومصادرة المنتجات لمن يخالفه، ومنح القرار مهلة، تنتهي في 31 ديسمبر المقبل، لكافة الجهات التي تتعامل على هذه السلع؛ لتصريف منتجاتها غير المدون عليها سعر البيع للمستهلك أو مواجهة العقوبات.
ويأتي هذا القرار ضمن مجموعة من القرارات، التي تسعى الحكومة لتطبيقها؛ لحماية حقوق المستهلكين والسيطرة على الأسعار، ومنها مقترح تحديد أسعار الخدمات الطبية بالقطاع الخاص، في إطار قانون التأمين الصحي الشامل، الذي لم يقره البرلمان حتى الآن. 
واعتبر منتجو الأغذية القرار محاولة غير مدروسة من الحكومة؛ لإظهار أنها تفعل شيئًا لمكافحة التضخم، لكنها في الواقع تُجرِّد السوق من التنافسية والمرونة اللتين تحتاجهما، ويزيد الضغوط على هذا القطاع، على حد تعبيرهم.

قالت شركة إيديتا للصناعات الغذائية: إن قرار التموين "يتعارض مع طريقة عمل مصانع كثيرة ويؤدي إلى تعقيدات في عملية الإنتاج"، مشددة على أن الإنتاج بالجملة واختلاف أسعار التصدير واختلاف الأماكن، إضافة إلى التكلفة الإضافية لملصقات الأسعار، تشكل تحديات أمام المنتجين الآن.
أما غرفة الصناعات الغذائية، أعلنت اعتزامها تقديم مقترحًا لوزارة التموين، لضمان أن القرار لن يكون له تأثير سلبي على بيئة الاستثمار والتصدير والإنتاج، وأنه لا يخالف القواعد التنظيمية الموضوعة سلفًا من جانب الشركات الأم.

وأوضح ممدوح رمضان المتحدث باسم وزارة التموين، أن الوزارة لا تريد إخافة السوق والموضوع ليس بدعة مصرية، وذلك لأن كل دول العالم تحاول تنظيم أسواقها لحماية (المستهلكين) من جشع بعض التجار، موضحًا أن القرار بعيد كل البعد عن التسعيرة الجبرية. 
وشدد رمضان، على أن التسعيرة الجبرية مختلفة تمامًا عن قرار تدوين أسعار السلع، لافتًا إلى أن تطبيق التسعيرة الجبرية قرار يصعب تنفيذه على أرض الواقع نتيجة لطبيعة السوق المصرية وارتباطها بأسعار الدولار، مشيرًا إلى أن تطبيق التسعيرة الجبرية يعد مخالفة دستورية باعتبار السوق المصرية سوق حرة تعتمد على التنافسية. 

وأكد الدكتور رمضان مقلد، أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية، أن القرار يعد نوعًا من أنواع تداول المعلومات لكي يعلم المواطن أسعار السلع والمنتجات مما يجعل القرار "خطوة إيجابية"؛ لمنع التلاعب بالأسعار، فالمواطن سيكون على علم بالأسعار المحدد مما يقلل من تلاعب تجار التجزئة

واستنكر أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية، اعتراض شركات الأغذية على القرار، موضحًا أن الاعتراضات ما هي إلا "تلاكيك للهروب من تطبيق القرار"، مضيفًا أن الأمر مُتبع في كل دول العالم وواجب على الحكومات لتحقيق حماية المستهلك، وضمان التنافسية.

وأعرب مقلد عن رفضه لعقوبة السجن نتيجة عدم تطبيق القرار واعتبرها قاسية، ورأى أنه من الضروري أن نكتفي بالغرامة أو مصادرة السلع بدلًا من تغليظ العقوبة لتصل إلى السجن، متابعًا: "نريد أن يسير الوطن بمنطق العدل وليس بالعقوبة".

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن القرار "لن يؤثر على الاستثمار"، والقرار في مصلحة الشركات ويمنع تجار التجزئة من التلاعب في الأسعار".