السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"يد فوزية" في "سُك على بناتك"

 الدكتور رأفت
الدكتور رأفت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مسرحية «سُك على بناتك» يحاول الدكتور رأفت الحفاظ على سلامة بناته من العلاقات، فكان يحذرهم من التعامل مع الغرباء، وتوعيتهم حتى لا تلمسهم يد غريبة، وهذا دور إيجابى ينبغى على جميع الآباء تدريب أبنائهم عليه.
لكننا نلحظ وربما تم هذا فى سياق كوميدى ساخر، اختلاف ردود فعل كل بنت من البنات الثلاث، فنجد الصغرى تعتبر أن أباها يتبع موضة قديمة فى الفصل بين الجنسين، فهو يمانع اختلاطها مع ابن الجيران باعتباره شابا يمكن أن يغوى ابنته، فى حين تراه هى ولدا يحتاج أن ينشف ويسترجل حسب تعبيرها، وترى فى والدها النموذج الرجولى الأمثل، فلا ترضى الارتباط بمن هو مناسب لها فى المرحلة العمرية، ولا ترضى أيضا أن يمارس والدها حقه فى الارتباط والزواج، باعتباره أنه هو لها وليس لأخرى.
والابنة الوسطى التى تتبع أسلوبًا رجوليًا فى العلاقات، فهى متحفظة فى ملابسها وطريقة تعاملها حتى مع والدها، وترى أن للمرأة حقوقًا يجب أن تنالها بالمطالبة بالمساواة مع الرجل، ونجد أنها عندما تفكر فى الحب والارتباط، فإنها تخدع من رجل متزوج لديه طفل من زوجة يسيطر عليها بحجة أفضليته الذكورية.
ونأتى للابنة الكبرى، التى تكاد تكون الأقل فى كل شىء من حيث الجمال أو التفكير، لقد تعاملت فوزية مع تعليمات والدها بطريقة التعميم، فعندما حاول خطيبها فى ليلة زفافهما الأخذ بيدها ليعبر بها الشارع، تعاملت معه كشخص متحرش شهرت به ولمت عليه أمة لا إله إلا الله حسب تعبيرها، لقد حفظت فوزية الدرس لكنها لم تفهمه.
التوعيه الأبوية أمر مهم وضرورى فى تربية الأبناء، فنحن نحاول تجنيبهم المرور بخبرات مسيئة قد يكون لها أثر سيئ فى حياتهم، نحاول أن نمنع أمورا نحن وأبناؤنا فى غنى عنها قد تمتد آثارها لبقية عمرهم.
ما نلفت له النظر هنا، طريقة التوعية، هل نسمح لهم بالتمييز بين بعض الأمور، لنمنحهم القدرة على التفكير الناقد فى بعض الأشياء حتى لا يحدث تعميم مخل بالعلاقات؟
موضوع معقد وشائك وليس بالسهل، وخاصة أنه ليس هناك مجال فى التجربة على أبنائنا، فليس لدينا القدرة على تحمل وزر أى أمر يخص حمايتهم وأمنهم، وفى نفس الوقت ليست لدينا القدرة على تتبعهم فى كل مكان يذهبون إليه، ولا توجد طريقة تجعلهم يتجنبون الأشخاص المسيئين، فنحن أنفسنا ما زلنا نخدع فى البعض حتى الآن بخبراتنا وتجاربنا المختلفة.
ليس الحل فى تحفيظ الدرس مثل حالة فوزية، التى عانت فى علاقتها مع زوجها، الذى اختاره لها أبوها ليحافظ عليها ويرضى بها باعتبار أنها كانت معصلجة حبتين، ويكون الزوج أيضا من نفس نوعية فوزية الشخص النمطى محدود الذكاء والتفكير، فقد تمسك بها بعد موقفها من محاولته مسك يديها ليلة زفافهما بعد خمس سنوات خطوبة.
ولا الحل فى أن تسترجل البنت، حتى تحصل على حقوقها فى مجتمع ذكورى يرى أن كل فتاة هى فرصة ليمارس عليها سلطته، والتعددية فى العلاقات باعتبار أنه رجل لا يعيبه شىء.
ليس فى يدينا أى ضمانات فى هذه الحياة تجعلنا نطمئن ونهدأ تجاه مستقبل أبنائنا، لكننا نحتاج أن ندربهم على أن يسلكوا بفهم ووعى قائم على تفكير منطقى، يمكنهم من تحديد أولوياتهم والتروى فى اختياراتهم، ندربهم على الحرية المنضبطة التى تجعلهم يختارون ما يناسبهم وليس المعروض عليهم.
صعب؟.. نعم صعب.. وهل أخبرنا أحد ما، أن التربية سهلة؟ وهل التنشئة فى ظل اختيارات متعددة أمر يسير؟ وهل لدينا القدرة للكشف على أمانة الناس إلا من خلال تعاملنا معهم؟ دعونا نؤهلهم جيدًا ونطلقهم أحرارًا.