الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الفن القبطي".. من أيقونة "لوقا الرسول" إلى العالمية

«الفن القبطي»
«الفن القبطي»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ماسبيرو» اهتم بجمع الأعمال الفنية القبطية وعُين أول مدير للمتحف القبطي
رسام الكاتدرائية: 200 يوم لرسم قبة المرقسية.. ومرجعيتنا في الرسم «الكتاب المقدس» 
رسومات «أبوسرجة» والدير «الأبيض والأحمر» بسوهاج.. وآثار «باويط» أهم الأعمال الفنية القبطية 
للفن فى الكنيسة تاريخ قديم، فترجع أول صورة إلى القديس «لوقا» أحد تلاميذ المسيح، والذي رسم صورة للسيدة العذراء وهي تحمل المسيح، والتي يعتبرها البعض بداية للفن القبطي.
وكان البطريرك كيرلس الأول، البطريرك الـ24، أول من بدأ في تعليق الأيقونات في المقر البابوي سنة 420م، ومنها انتشرت الأيقونات في كل الكنائس، وازدهر الفن القبطي.
ومن عام 726م وحتى 842م ظهرت جماعة مقاومي الأيقونات، وهي الفترة التي تم فيها حرق وتدمير معظم الأيقونات القبطية في الأديرة والكنائس، إلا أن مجموعة من الرهبان استطاعت تخبئة عدد من الأعمال الفنية الموجودة في دير الأنبا أنطونيوس وكنيسة أبوسيفين بأبي سرجة. يتميز الفن القبطي بأنه «فن شعبي» وليس فنًا ملكيًا أو إمبراطوريًا، إذ كان الشعب يشرف على فنه ويبدعه وينفق عليه من ماله الخاص بعيدًا، وأيضا «فن ارتجالي» بسيط، لأن الرهبان الذين كانوا يشرفون عليه لم تكن لهم دراية تامة من الناحية الفنية، وكانوا يرسمون في جو مشحون بالقلق، كما اتسم باستخدام الهالة على رؤوس القديسين والشهداء أوالتاج أو الاثنين معًا. 
كما يوجد العديد من المتاحف التي تعرض نماذج من الفن القبطي في العالم، منها متحف اللوفر في باريس، متحف برلين في ألمانيا، متحف المتروبوليتان في الولايات المتحدة، متحف لندن في المملكة المتحدة، المتحف الملكي في بلجيكا.
هذا وقد اهتمت جامعات في العالم بإنشاء أقسام متخصصة لدراسة هذا الفن من بينها: قسم تاريخ الفن القبطي في جامعة ليدن في هولندا، قسم الدراسات القبطية في جامعة مونستر في ألمانيا، قسم الفن القبطي في جامعة وارسو في بولندا. 
وحرصت «البوابة» على فتح ملف الفن الذي يُزين كنائس مصر والعالم، والتي تتفاوت في جودتها وزمن رسمها، كما أن هناك العديد من الفنانين الذين تسابقوا على رسم تلك الأيقونات المقدسة، وبعضها في العصر الحديث وغيرها منذ قرون من الزمان، وأصبحت بعض الأديرة والكنائس الأثرية قبلة الوافدين من دول العالم بمختلف دياناتهم.

إيزاك فانوس.. رائد‏ ‏الفن ‏القبطي‏ ‏المعاصر
بابا الفاتيكان اختاره لتزيين أعمال كاتدرائية الكاثوليك في مصر 
من قرية صغيرة تتبع مركز مغاغة بمحافظة المنيا، ولد رائد الفن القبطي المعاصر «إيزاك فانوس»، في عائلة تشجع الفن، فأخوه الأكبر كان يعمل مصورًا فوتوغرافيًا مع مصور الملك فؤاد «رياض شحاتة»، والأخ الثاني درس الفنون ليصبح فيما بعد مدير متحف مختار.
ولد «فانوس» فى ١٩ ديسمبر سنة ١٩١٩، وتخرج في كلية الفنون التطبيقية عام١٩٤١، وكان أول دفعته وحصل على دبلوم المعلمين من معهد التربية الفنية للمعلمين سنة ١٩٤٣، وعمل مدرسًا للرسم في مدارس شبرا.
معرفته بالفنان «راغب عياد» كانت من أهم مراحل حياته، فكان سببا لمعرفته ببطرس باشا سميكة الذي أعطاه فرصة التواجد للعمل بعض ساعات بالمتحف القبطي.
وفي عهد البابا كيرلس، سافر وثلاثة من رفاقه في بعثة إلى فرنسا، بعد أن طلب قداسته من عبدالناصر السماح لطلبة وأساتذة معهد الدراسات القبطية للسفر فى بعثات للخارج، ليعود بعدها، وتبدأ صفحة جديدة في حياته مع الفن القبطي.
اختاره البابا يوحنا، بابا روما لرسم كاتدرائية الكاثوليك بمدينة نصر، كما ساهم في رسامة كنيسة العذراء بالجولف وجاردن سيتي ومزار مار مرقس بالكاتدرائية والأنبا بيشوي بكلوت بك، والكثير من الكنائس والأديرة بأعمال الفريسك والموزاييك والأيقونات القبطية والزجاج المعشق بالرصاص.
‏ رائدًا الفن القبطى الذى ودعته الكنيسة فى ‏صلاة‏ ‏جنائزية‏ ‏مهيبة‏ ‏يوم‏ ‏الاثنين ١٥ ‏يناير ‏٢٠٠٧،‏ ترأس قسم‏ ‏الفن‏ ‏بمعهد‏ ‏الدراسات‏ ‏القبطية لمدة أربعين عامًا، وتتلمذ على يد الفنان الفرنسي القدير ليوند أوسبنسكي‏، ‏وتمكن من ربط الفن بالدراسات اللاهوتية.
وكان كذلك مهتمًا بالحياة وأوجهها المختلفة حتى السياسية منها داخل مصر؛ ففي عام ١٩٧٣ اشترك في معرض «الفن والمعركة» برسومات عن انتصار أكتوبر، وحضر بعد ذلك بعامين مؤتمرا للحفاظ على التراث في فرنسا، وعام ١٩٩٠ شارك في مؤتمر الأديان بسان فرانسيسكو. 

الكليات الإكليريكية تخطط للوصول إلى العالمية
الحفاظ على الفن القبطي أولوية كبرى لدى «الأرثوذكسية»
تضم الكليات الإكليريكية أقسامًا متعددة لدراسة الفن القبطي، هدفها تخريج جيل لديه القدرة على استيعابه ونقله للأجيال القادمة، حيث يعد الحفاظ على الفن القبطي بمثابة أولوية كبرى لدى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
من تلك المعاهد والكليات معهد الدراسات القبطية الذي يدرس فنونا قبطية متنوعة منها، الأيقونات، التصوير، الزخرفة، الفريسكو، الموزاييك، النحت، الخشب، الخزف، الفخار، الزجاج المعشق، المعادن، إضافة إلى دراسة مواد وأدوات الرسم والنحت، وكذلك خصائص النسيج القبطي وطرق تصنيعه. 
الدارسون بالمعهد يدرسون إلى جانب ذلك، التأثير المتبادل بين الفن القبطي وفنون العصور السابقة واللاحقة عليه، وأوجه الشبه والاختلاف بينها، كذاك خصائص مكونات ومحتويات الكنائس القبطية «المذابح، المنجليات، حامل الأيقونات، الملابس الكهنوتية والشماسية، الستور»..إلخ وخصائص فن التصوير الجداري بخاماته وأشكاله المختلفة «الموزاييك، الفريسكو، النحت البارز». 
يضاف إلى ما سبق جانب عقائدى متصل بالمضمون اللاهوتي في الفن القبطي، ودراسة القيم التشكيلية المتوارثة من التراث المصري القديم، وأيضًا الدراسات التشكيلية «الكتلة، الفراغ، الخط، اللون، الأبعاد». 
ولا تقتصر الدراسة بالمعهد على المناهج النظرية، بل تمتد إلى الجانب العملي، بتدريب الطلبة على الإنتاج الفني في مجالاته المتعددة، بما يشمله من عمليات التحضير وأسلوب الأداء في التشكيل والألوان والرموز، إلخ، كما يحرص القسم على الاهتمام بكيفية الحفاظ على نشر نماذج من الفن القبطي القديم والمعاصر محليا وعالميا، والعمل على الوصول بالفن القبطي إلى العالمية.

الفنان التشكيلي أيمن وليم: خامات الرسومات القبطية «فرعونية» 
بداخل كنيسة مارجرجس، في أرض الجنينة، وقف أيمن وليم ممسكًا بفرشاته ليرسم صورة المسيح على سحابة، ويساعده في ذلك ثلاثة فنانين آخرين، والكل يحاول جاهدًا الانتهاء من رسم الأيقونات وقبة الكنيسة في أقصر مدة ممكنة وبمهارة عالية.
«خمسة شهور» متوسط المدة التي يتم فيها رسم أيقونات أي كنيسة، بحسب «وليم»، وذلك بحسب قطر وعمق القبة الموجودة بها، موضحًا أن رسم قبة الكاتدرائية المرقسية استغرق ٢٠٠ يوم، فيما تختلف تكلفة رسم الأيقونة على حسب الحجم والخامات المستخدمة.
ولفت «وليم» إلى وجود نوعين من الخامات، الأولى أكاسيد يتم خلطها بالبيض والخل، وهي تركيبة مأخوذة من أيام الفراعنة، وتوجد ألوان جاهزة «إكليرك» ومتوافرة في المكتبات.
«وليم» يوضح سمات اللوحة الطقسية بقوله «اللوحة الطقسية فى الكنيسة الأرثوذوكسية مثل أيقونة الملكة على يمين الملك مثلما يوضح الكتاب المقدس، فقبل رسم أي صورة لا بد من إجراء دراسة عليها من الكتاب المقدس، فمثلا صورة «جثيماني» تكون السماء ليلا وليس نهارًا لكى تكون طقسية.
وأضاف «وليم» أن هناك اهتمامًا بالفن القبطي، فمثلا خلال عملنا بالكاتدرائية المرقسية كان هناك حرص على أن تكون كل اللوحات «قبطية»، مشيرًا إلى أن الفرق بين الفنون واضح، فالفن البيزنطي يختلف تمامًا عن الإيطالي عن القبطي.
وعن الفرق بين الفنون قال «وليم» الفن الإيطالي هو الفن الواقعي الذي يجسد الواقع بالنسب الواقعية، أما الفن القبطي أو الأيقونة القبطية فله رموز مختلفة الخلفيات فعندما تكون ذهبا ترمز للحياة الأبدية ورداء السيد المسيح والأحمر يرمز للملك، والعذراء ترتدي أزرق يرمز للسماء الثانية، العيون تكون واسعة للنظر للحياة الأبدية، الفم والأنف يكونان صغيرين لأنهما لا ينظران للعالم وشهواته، أما عن الفن البيزنطي، فيقول إنه قريب من الفن القبطي لكنه يختلف في خطوطه، لأن الفن القبطي يوجد به نسبة تكعيبية.
وبحسب «وليم» فإن «إيزاك فانوس» هو رائد الفن القبطي ومؤسس المعهد القبطي في الكاتدرائية في عهد البابا شنودة الثالث، كما أن لوحة «العذراء مريم» التى رسمت بيد القديس لوقا أحد تلاميذ المسيح والموجودة بدير السيدة العذراء المعروف بـ «المحرق» من أقدم الأيقونات القبطية الأثرية.
«وليم» شارك في رسامة عدة كنائس مثل كاتدرائية السمائيين فى شرم الشيخ وكاتدرائية العذراء والملاك فى الإمارات وقبة الكاتدرائية المرقسية وبعض الكنائس فى أمريكا وأستراليا والسويد، وبعض الكنائس فى المحافظات، وحاليا يقوم برسم كنيسة مارجرجس الزاوية الحمراء (أرض الجنينة).
وعن تاريخ الفن القبطى قال: كان الاعتقاد السائد بأنه لا وجود لفن قبطى مستقل، وكانت معظم الآثار المسيحية فى كنائس الأقباط وأديرتهم، هى بيزنطية يونانية، إلا أن العالم الفرنسى «ماسبيرو» أول من لاحظ استقلال الفن القبطى عن غيره من الفنون الأخرى.
وسعى العالم الفرنسى «ماسبيرو» نحو جمع أعمال الفن القبطى وتخصيص قاعة له فى المتحف المصري، وطالب بأن تضم مجموعة الآثار القبطية إلى اهتمامات لجنة حفظ الآثار والفنون، ليعين بعدها أول مدير للمتحف القبطى.
وقد حدد بعض علماء القبطيات بدايات تاريخ الفنون القبطية ما بين القرن الثانى الميلادى وحتى القرن الثانى عشر الميلادي، وتعتبر عمارة كنيسة «أبوسرجة» فى مصر القديمة، من أهم النماذج الغنية بأعمال الزخرفة القبطية المتأثرة بالفن الهيليني.
وفى القرن السابع الميلادى ظهرت الكثير من عمائر الكنائس القبطية، وقد ازدهر فن الإفرسك فى جداريات الدير الأبيض والدير الأحمر، كما تجلى هذا الفن بامتياز فى اكتشافات آثار باويط الشهيرة على إثر حفريات البعثات الفرنسية سنة ١٩٠١.