الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

نصر أكتوبر.. "بدو سيناء" الجندي المجهول

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحمل سجل بطولات أهالي سيناء الكثير ممن خُلدت ذكراه في صفحات التاريخ، والكثير منها ذهب طي النسيان، ودُفن مع أصحابها، كل ذرة تراب من سيناء رويت بدمائهم الزكية، شاهدة على التضحيات والبطولات.
ولم تقتصر هذه البطولات على قبيلة معينة، لكن أهالي سيناء شاركوا بلا استثناء وقدموا مساعدات للقوات المسلحة، سواء أكانوا رجالا أو نساء وشبابا وأطفالا وشيوخا، ورغم العزلة الإجبارية التي كانت مفروضة عليهم، قبل وأثناء الحرب، ولكنهم استطاعوا اختراق هذه العزلة.
وكان لمنظمة سيناء العربية، دور كبير في معاونة الجيش سواء للحصول على المعلومات أو المشاركة في القتال.. وقد تم تشكيل هذه المنظمة من بدو سيناء بالتعاون مع ضباط المخابرات، عقب هزيمة يونيو ١٩٦٧، وأشرف ضباط المخابرات على تدريب أفرادها. 
وقامت هذه المنظمة بعدة عمليات عسكرية فدائية داخل سيناء المحتلة من جانب الاحتلال الصهيوني، واستقطبت المنظمة عددًا كبيرًا من أبناء قطاع غزة وأُعلن عن وجودها رسميًا في ديسمبر ١٩٦٨م وقد اشتد دور منظمة سيناء العربية إبان حرب الاستنزاف، وانخفض نشاطها بعد إعلان وقف إطلاق النار في أغسطس ١٩٧٠م، بعد موافقة الطرفين على مشروع روجرز؛ ولكن نشاطها العسكري استمر حتى حرب أكتوبر ١٩٧٣م، وبعد الحرب صدرت توجيهات بحلها بصورة نهائية.
وبعد النكسة التي تمت في ٥ يونيو ١٩٦٧، قامت المخابرات المصرية بالاستعانة بجزء كبير من المدنيين قرابة ١١٠٠ بطل مدني، كان معظمهم من بدو سيناء ومن محافظات القناة مثل محافظة بورسعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء، وكان يتم تدريبهم على استخدام السلاح والألغام والمتفجرات والقنابل وأعمال الهجوم ضد إسرائيل. 
كان لهؤلاء الأبطال المدنيين الذين أطلقت عليهم إسرائيل لقب «الأشباح»، دور مهم تجاه الاحتلال الإسرائيلي، حيث كبدوا إسرائيل خسائر كبيرة في الجنود وفي المعدات.

فهد سيناء الأسمر
«حسن علي خلف» الملقب بفهد سيناء الأسمر، وهو شاب من منطقة الجورة في الجنوب من الشيخ زويد، كان حسن وقتها لا يزال طالبًا بالصف الثاني الثانوي عندما احتلت القوات الإسرائيلية سيناء، وقد شهدت منطقة الجورة والشيخ زويد ورفح مجازر حقيقية على يد القوات الإسرائيلية المحتلة التي كانت تقتل كل من يقابلها من المصريين في سيناء سواء من الجنود أو المدنيين رجالا ونساء.
وشاهد حسن كل ذلك أمام عينيه، ولكن أرسله والده إلى بورسعيد عبر الملاحات خوفًا عليه، ولكن بعد أن وصل حسن إلى البر الغربي التحق بأفراد منظمة سيناء العربية التي شكلتها المخابرات الحربية، وبعد تدريبه ذهب في أول مهمة في سيناء خلف الخطوط لتصوير المواقع الإسرائيلية شمال سيناء في مناطق رمانة وبئر العبد والعريش، ونجح حسن وتوالت العمليات الناجحة التي قام بها وأهم عملياته هو ضرب قيادة القوات الإسرائيلية في العريش التي تضم عناصر المخابرات ومبيتًا لطياري الهليكوبتر وكان مقرها مبنى محافظة سيناء القديمة بالعريش.

«الترابين» أبلغت «الدفرسوار»
هى إحدى أهم وأكبر القبائل بسيناء وابنها النجيب هو «عودة صباح الويمي»، وهو الذي أبلغ المخابرات الحربية عام ١٩٧٢ أن القوات الإسرائيلية في سيناء تقوم بالتدريب على عبور مانع مائي عند منطقة سد الروافع بوسط سيناء، وأنه شاهد معدات عبور عبارة عن براطيم فوق ناقلات كبيرة.
وكان هذا الخبر من الأخبار المهمة جدًا والغريبة.. فكيف تقوم إسرائيل بالتدريب على مانع مائي فى هذا الوقت الذي تقوم فيه قواتنا أيضًا بالتدريب على عبور قناة السويس، وقد قام عودة صباح الويمي بإرسال بعض الصور الفوتوغرافية إلى المخابرات الحربية المصرية التى التقطها لمعدات العبور الإسرائيلية، وفي أكتوبر عام ١٩٧٣ وبعد عبور قواتنا المسلحة قناة السويس وقبل حدوث ثغرة الدفرسوار، أبلغ عودة الويمي المخابرات الحربية أن معدات العبور السابق الإشارة إليها تخرج من المخازن وتتجه نحو قناة السويس، وكان ذلك أول بلاغ صحيح عن احتمال عبور العدو لقناة السويس في الدفرسوار.

«ابن سيناء» الذي أرعب إسرائيل
هو شاب من أبناء سيناء المجاهدين، تخصص في زرع الألغام في طريق مدرعات وعربات القوات الإسرائيلية في سيناء، وقام بعدة عمليات ناجحة بعد وضع الألغام في أماكن مختلفة، وإخفائها بطريقة فنية رائعة يصعب على القوات الإسرائيلية اكتشافها، وهو المجاهد «موسى رويشد» مهندس الألغام وذاع صيته في سيناء وبدأت المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان» في البحث عنه فى كل مكان دون جدوى.

«البياضية» تنضم للمنظمة
الشيخ متعب هجرس شيخ قبيلة البياضية وأول شيخ ينضم لمنظمة سيناء العربية وأول من فتح بيته لاستقبال الآلاف من الجنود المصريين المنسحبين من سيناء عام ١٩٦٧ وأول من قام بنفسه ورجاله بتوصيلهم إلى البر الغربي. 
وتم القبض عليه هو ومجموعة من رجاله بواسطة القوات الإسرائيلية عام ١٩٦٨ ووضع بالسجون الإسرائيلية، وهو كذلك أول شهيد يتم دفنه في سيناء بعد عودة جزء منها عام ١٩٧٧.

قبائل جنوب سيناء تزرع الألغام في أبوزنيمة
أحد أبناء سيناء الذي قام بزرع ألغام في منطقة جبل تنكة وأبوزنيمة، وكان معه من أبناء سيناء المجاهدين كل من سليمان سليم وجديع عيد وحسين مبارك سعيد من قبيلة الصوالحة بجنوب سيناء، قبض عليه لأول مرة عام ١٩٦٨ وتم التحقيق معه في سجن صرفند ثم نقل إلى سجن الرملة بتهمة التعامل مع المخابرات المصرية بعد انفجار الألغام، ولكن دون محاكمة حيث لم يثبت عليه شيء، وأفرج عنه بعد عدة أشهر، وقبض عليه مرة أخرى عام ١٩٧٢ مع زميليه سليمان سليم وجديع عيد، وتم التحقيق معهم بتهمة إيواء بعض الجنود المصريين والرائد إبراهيم زياد من القوات المسلحة، ولكنه لم يعترف في الوقت الذي قام شقيقه عبدالله موسى مطير بنقل الرائد إبراهيم ومن معه إلى جبل البتة عند شخص من قبيلة الحويطات، وقد أفرج عن سليمان وعودة، ولم يفرج عن جديع وبعد الإفراج عنه شُرد في الجبال، إلى أن تمكن من الحضور إلى وادي النيل عام ٧٤ واستقبله وزير الدفاع، وتم منحه نوط الامتياز من الدرجة الأولى.

المجاهد شلاش 
وبرزت عدة أسماء في هذه المنظمة، على رأسها المجاهد شلاش خالد عرابي الذي كان يُعتبر من أهم وأنشط مندوبي المخابرات الحربية داخل سيناء، ويعد أيضًا من أبرز رجال المنظمة داخل سيناء العربية، وكان شلاش له دور مهم تجاه المخابرات الإسرائيلية بكل أجهزتها، وأفقدها جزءا كبيرًا من تنظيمها توازنها فى أواخر الستينيات. لذلك قامت أجهزة الأمن الإسرائيلية برصد مبالغ كبيرة من آلاف الدولارات تكون مكافأة لمن يرشد عنه أو يساعد في القبض عليه حيًا أو ميتًا.
وكان شلاش هو المجاهد الذي نُشرت قصته في كتاب للمخابرات السرية العربية للكاتب الإسرائيلي ياكوف كاروز، الذي قال عنه المدعي العام العسكرى الإسرائيلي «عوزي زاك» إن شلاش وشبكته من أخطر شبكات الجاسوسية التي كشفت عنها إسرائيل حتى في سيناء، وذلك أثناء محاكمته أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية، وتم الحكم علية في التهم الأربع التي وُجهت إليه بالسجن لمدة ٣٩ سنة.

ديب سيناء
ومن أبرز المجاهدين أيضًا في سيناء المجاهد عمران سالم عمران الذي كان يلقب بلقب «بديب سيناء»، الذي نفذ الكثير والعديد من العمليات الكبيرة مع أعوانه المجاهدين من أبناء سيناء، الذين دمروا دفاعات العدو في رمانة وبالوظة ومطار العريش وقطعوا جميع خطوط الإمداد، وقاموا بنسف مستعمرة «نحال سيناء» التي كانت مقر قوات الهليكوبتر التي أغارت على جزيرة شدوان، وبالتنسيق مع المخابرات نقل الصواريخ بواسطة الجمال وسيارة نصف نقل قرب المستعمرة، بمعاونة شيخ بدوي من المنطقة، وتم إطلاق ٢٤ صاروخًا على المستعمرة أدت لقتل ٢١ ضابطا وجنديا إسرائيليا وتدمير ١١ طائرة، علاوة على تدمير مستعمرة الشيخ زويد بصواريخ الكاتيوشا وتدمير محطة رادار، وبلغت عملياته الجهادية قرابة ١٥٠ عملية، ومع ذلك لا حس ولا خبر ولا تكريم، وكأنه لم يقدم شيئا لمصر.
ويعلق الشيخ حسن عتيق، أحد أبناء قبيلة الرميلات بسيناء، قائلًا: «إن كل ما فعله أبناء سيناء من أجل مصر ومن أجل كل نقطة تراب في أرض مصر الحبيبة، موضحًا أن كل ما قمنا به هو دورنا تجاه وطننا».