الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

آمنة دهشان أكبر معمرة في الإسماعيلية في حوارها لـ"البوابة نيوز": شاركت في المقاومة الشعبية.. وحرب ٧٣ كانت الحل الوحيد للحياة.. و"ناصر" أفضل من حكم مصر

آمنة دهشان أكبر معمرة
آمنة دهشان أكبر معمرة في الإسماعيلية في حوارها البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نادمة على معاصرتي لفترة حكم «الإخوان» وكنت أظنها نهاية حياتي
للتاريخ أوجه كثيرة يحملها المصريون في ذاكرتهم، بطولات صنعوها على مر العصور، وأبطال ورموز حفروا أسماءهم في كتب التاريخ، وآخرون تناساهم التاريخ لكنهم حفروا أسماءهم وبطولاتهم في أذهان ووجدان كل من عرفوهم أو سمعوا عنهم.
التقت «البوابة» بأقدم معمرة في محافظة الإسماعيلية، عاصرت الحرب العالمية الثانية، وكانت شاهدة على أحداث النكسة، ثم انتصارات أكتوبر المجيدة، بل وشاركت في المقاومة الشعبية، وكانت السيدة الوحيدة التي حصلت على تصريح دخول مدن القناة أثناء فترة حرب أكتوبر وما قبلها، ولم يتوقف دورها عند ذلك، بل استكملت مسيرتها من خلال العمل العام والتطوعي، ورُشحت عضو مجلس محلي بالإسماعيلية، كأول ريفية عام 1989 لخدمة أبناء قريتها، تحفر بين طيات ذاكرتها أهم حقبة في تاريخ مصر.
الحاجة آمنة دهشان أو بنت العمدة، كما يطلق عليها الكثير، تجاوزت التسعين عامًا، كما أكدت هويتها الرسمية في الأوراق الحكومية، ومن المحتمل أن يفوق عمرها ذلك بكثير نظرًا؛ لأنه لم يكن هناك شهادات ميلاد أو بطاقات لتحديد الهوية، وكانوا يقومون بتسنين المواطن الذي ليست له شهادة ميلاد بحسب ما يراه طبيب الوحدة الصحية في ذلك الوقت.
هي من أبناء البدو جاءت أسرتها إلى مدينة الإسماعيلية قبل تأسيسها وعاشت وتزوجت وأنجبت فيها، لديها من الأبناء ٨ و٤٥ حفيدًا، ولدت في ١٦ نوفمبر ١٩٢٥، وتعلمت في «كتاب القرية»، أحبت الحياة الريفية وكانت الزراعة عشقها الأول، كانت تبحث عن الأراضي لشرائها واستصلاحها وكانت تشرف بنفسها على أعمال الزراعة وجني المحصول.
تزوجت في ١٩٣٨ بمهر بلغ ٦ جنيهات، وكانت شبكتها برقع من الذهب وأواني نحاس، وتذكر اسم المأذون الذي كتب الكتاب يدعي الشيخ عبدالشكور، وكان زوجها رجلا طيبا لا يجيد القراءة ويعتمد عليها في بيع المحصول وخدمة أبناء القرية، وتوفى في ٢٠٠١ أثناء قضاء مناسك العمرة ودفن في البقيع بالسعودية.

تقول «دهشان»: أنا أول سيدة حصلت على رخصة سلاح في الإسماعيلية للدفاع عن النفس، وكنت أجيد استعماله منذ الصغر، علمني والدي مسك السلاح والتنشين، وهذه كانت من أعراف وتقاليد عائلتي، وكنت أستخدم البندقية أثناء حرب ١٩٧٣، عندما انضممت إلى المقاومة الشعبية، ولم استخدمها طوال حياتي بعد ذلك إلا أثناء أحداث الثورة في ٢٠١١ «هوجة الإخوان»، كما وصفتها، كانوا يقتحمون منازل الفلاحين في القرية وكنت أخرج أطلق النيران لإبعادهم عن منازلنا، وما زلت أجدد رخصة السلاح حتى هذا اليوم.
تذكرت الحاجة «آمنة» كل الحروب التي عاصرتها بدءًا من الحرب العالمية الثانية والعدوان الثلاثي على مصر ثم نكسة ٦٧ وأخيرًا انتصارات أكتوبر، تقول: أتذكر جيدًا غارات الطائرات الألمانية التي كانت تضرب الإنجليز في مصر وكنت وقتها في السابعة من عمري، وأرى الجميع يختبئ خوفًا من أن تصيبهم الغارة، وكان الإنجليز يفرون وسط الزراعات.
وأضافت: كانت الطائرات الألمانية تدك أماكن الإنجليز ونسمع في مكبرات الصوت «يا مصريين ما تخافوش»، وفي إحدى الغارات سقطت طائرة في منزل عائلة «أبو عتيق» واحترق المنزل بالكامل، واضطروا للهجرة إلى بلبيس في الشرقية. أما عن حرب ١٩٦٧، فقالت: كان أسوأ شعور بالنكسة والهزيمة رغم ما أعلنته الحكومة في الإذاعة عن انتصار الجيش لكن عندما شاهدنا الجنود المصريين عائدين في حالة انكسار تأكدت أننا لم ننتصر، وازداد خوفي على الأرض، وتربينا أن الأرض عرض ولم أتخيل لحظة كيف لمصر أن يعيش وأرضه مغتصبة من اليهود الذين كانوا يمارسون كل أنواع الإرهاب ضد المصريين، ويقضون على الأخضر واليابس، وكانت دانات الغارات الإسرائيلية يطلقونها على أراضينا الزارعية تقضى عليها، ورغم كل ما شهدناه أيام الحرب رفضنا الهجرة، وكان لدي ٨ أبناء في مراحل التعليم المختلفة، تركتهم في الهجرة وحصلت على تصريح دخول لمدن القناة من القوات المسلحة لمراعاة الأرض وزراعتها، ولم أستطع يومًا أن أتخلى عن الأرض فقد كانت بالنسبة لي الحياة والمستقبل، وفي يوم ٦ أكتوبر أتذكر أن جنودنا كانوا يعبرون قناة السويس، وكان الفلاحون يحصدون الفول السوداني، وكنا نشاهد الطيران يتجه شرق القناة ونسمع أصوات المدافع، هذا المشهد محفور بذاكرتي كأنه كان أمس، تحركات الجيش المصري والطيران جعلتني أثق في النصر، وكان لسان حالي يقول إحنا مش عايشين ومتهجرين الحرب هي السبيل الوحيد للحياة مهما كانت الخسائر.
واستطردت الحاجة آمنة دهشان: بعد حرب ٧٣ اتجهت للعمل السياسي، وكنت المرأة الوحيدة في الحزب الوطني، ثم عضو مجلس محلي عن قرية أبو صوير في الإسماعيلية كأول سيدة ريفية تخوض الحياة السياسية لمدة ١٥ سنة، والتقيت أثناء أحد المؤتمرات الرئيس محمد أنور السادات، وكان في زيارة إلى الإسماعيلية مع الوزيرة آمال عثمال وزيرة التضامن الاجتماعي، واعترض البعض على جلوسي في الصفوف الأمامية، خاصة أنني دائمًا أرتدي الجلباب الرجالي، وقالت إحدى السيدات إن هذا لا يليق بزيارة رئاسية، على الفور رفعت يدي بكارنيه المجلس المحلي وعضوية الحزب الوطني وجمعية تنمية المجتمع التي كنت رئيستها في ذلك الوقت، وقلت: من يحمل مثل هذه البطاقات يجلس مكاني، ثم توجهت لأصافح الرئيس السادات والوزيرة آمال عثمان.

وأكدت «آمنة» أنها عاصرت تأسيس محافظة الإسماعيلية، وكانت تعاون جميع المحافظين الذين تولوا المحافظة منذ نشأتها بدايةً من اللواء عبدالله غبارة في ١٩٥٩ حتى اللواء عبدالعزيز سلامة في ١٩٩٩، كما ترى أن أفضل رئيس حكم مصر هو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وذلك لاهتمامهما بالبنية التحتية والمشروعات القومية التى تخدم مستقبل مصر؛ فكلاهما يصنع تاريخًا حقيقيًا بعيدًا عن أي مجد شخصي.
ونادمة على معاصرتي لفترة حكم الإخوان الإرهابية، وكنت أظن أنها نهاية حياتي، ولم يتجدد الأمل والأمان بداخلي إلا عندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم مصر، ودخل قلبي عندما سمعته في أحد أحاديثه يقول «أمي وصتني ما أخدش حق حد»، في هذه اللحظة أيقنت أن الله أرسله لنا ليكون طوق النجاة ويعبر بنا من الظلمات إلى النور، أعلم أن هناك الكثير يعارض قراراته ويرى أن المشاريع القومية التي أطلقها فاشلة، لكن أقول لهم «إن هذه الإجراءات الاقتصادية رغم صعوبتها في الوقت الحالي إلا أنكم يا أبنائي ستجنون ثمارها في المستقبل القريب، إحنا عيشنا الحرب وأيام ضنك عشان كده فاهمين ومقدرين يعني إيه استقرار وسلام»، أنا دائمًا أدعو للرئيس السيسي في كل صلاة، وعندما أعلم بسفره خارج البلاد أنتظر عودته لأطمئن عليه وأقول له حمد الله على السلامة.
وأشارت إلى أن اهتمام الرئيس السيسي بالشباب ومشاركتهم في الحياة السياسية هو قرار ذكي وحكيم وغير من ملامح الروتين النمطي الذي كان يسود جميع القطاعات الحكومية، وقالت: «اللي عمله السيسي ماعملوش رئيس حكم مصر»، من حيث البنية التحتية وشبكة الطرق والكباري والأنفاق، وهذا ما سيجذب الاستثمار لإقامة مشروعات ضخمة في مصر توفر ملايين فرص العمل للشباب.
وعن متابعة الأحداث قالت: «أنا حريصة على اقتناء الصحف ومتابعة القنوات التليفزيونية، ومن يبحث عن أي جريدة يحضر إلى منزلي ليحصل عليها»، وتابعت: «أنا لا أنتظر المعلومة من مصادر مجهولة، بل أسعى لأبحث عنها من المسئولين لمعرفة مجريات الأحداث أولًا بأول».
وقالت إنها تركت بصمات إيجابية أثناء تواجدها بالمجلس المحلي، وقامت بمد خطوط المياه والكهرباء في القرى، بالإضافة إلى إنشاء ٤ كباري على المصارف في منطقة «الصولي، وأبو عيدية، وأبو ربيع، وروض الصولي»، مؤكدةً أنها لم تتقاض جنيها واحدًا مقابل جلسات المجلس المحلي، ولم أخدم نفسي أو أولادي في شيء.
وفي ختام حديثها طالبت المسئولين بمد الصرف الصحي في ١٤ عزبة بقرية أبو صوير، وأوضحت أن المنازل تقوم بالصرف في الأراضي الزراعية، وهذا يؤثر في الصحة العامة ويتسبب في الأمراض المزمنة.